واصلت دولة الإمارات مسيرتها خلال 2024 نحو توطين مجموعة من الصناعات الاستراتيجية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات، مستندةً إلى رؤية مستقبلية واستراتيجيات محكمة وبنية تحتية متطورة لتعزيز الاقتصاد الوطني أبرزها: الصناعات الدفاعية والفضائية ومكونات الطائرات والدواء والغذاء والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والإنشاءات فضلا عن الصناعات التكنولوجية بما فيها السيارات الكهربائية والمركبات ذاتية القيادة.


ووضعت الإمارات العديد من الآليات لتوطين هذه الصناعات تمثلت في: المناطق الحرة الصناعية: مثل مدينة خليفة الصناعية (كيزاد) و”جبل علي” وغيرها من عشرات المناطق في الدولة بجانب التحفيز الحكومي عبر توفير إعفاءات ضريبية وحوافز للمستثمرين والشركات المحلية والتركيز على الكفاءات الوطنية من خلال توفير برامج تدريب وتأهيل لتوظيف الكفاءات المحلية في هذه الصناعات ومن خلال هذه الجهود، تسعى الإمارات إلى تحقيق الأمن الاقتصادي وتعزيز الابتكار وتطوير بنية تحتية صناعية قوية لدعم التنمية المستدامة.
وقال مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي: شهدت دولة الإمارات خلال 2024 تقدمًا ملحوظًا في توطين وتطوير الصناعات الاستراتيجية، مدعومة برؤية مستقبلية واستراتيجيات محكمة لتعزيز الاقتصاد الوطني فيما أقرت فرق العمل خلال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات منظومات متكاملة لتسريع الإنجاز في الملفات الاستراتيجية، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز القدرات الوطنية.
وأضاف المركز أن الإمارات حققت خلال العام 2024 العديد من الإنجازات في العديد من المجالات أهمها: تعزيز تقنيات المستقبل وبالأخص في الذكاء الاصطناعي حيث تواصل الدولة ضخ استثمارات كبيرة في القطاع لاسيما في البحوث وفي قطاع الفضاء مع إطلاق مشاريع تهدف إلى توطين الصناعات المتطورة ودمجها في الاقتصاد الوطني، ضمن “الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة”.
وأشارت التقارير إلى أن القطاع الصناعي يسهم حاليًا بـ 17% من الناتج المحلي غير النفطي و 9% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس نجاح مبادرات الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة وتُبرز هذه الإنجازات التزام دولة الإمارات بتعزيز وتوطين الصناعات الاستراتيجية، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا.
وأكد “إنترريجونال” أن نهضة دولة الإمارات في تطوير الصناعات الاستراتيجية جاءت نتيجة رؤية طموحة وتخطيط استراتيجي شامل يهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز مكانتها العالمية وفق رؤية الإمارات 2021 و”مشروع 300 مليار الذي يستهدف رفع مساهمة القطاع الصناعي إلى 300 مليار درهم بحلول 2031.
وركزت رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 ودبي الصناعية 2030 على تنويع الاقتصاد عبر دعم قطاعات مثل الطيران، الدفاع، الطاقة المتجددة، والصناعات الدوائية من خلال تطوير البنية التحتية الصناعية وإنشاء مناطق صناعية متخصصة وتطوير شبكات النقل واللوجستيات والاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا ودمج الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات في عمليات التصنيع وغيرها من العوامل التي جعلت من الإمارات نموذجًا يحتذى به في تطوير الصناعات الاستراتيجية.
وقال “إنترريجونال”: إن دولة الإمارات لديها سياسات وبرامج حكومية واضحة لاستقطاب القطاع الخاص لاسيما الشركات العالمية متعددة الجنسيات التي تشجعها على إنشاء مصانع محلية ونقل التكنولوجيا فضلاً عن تقديم كافة أشكال الدعم للشركات المحلية الرائدة في الصناعات الاستراتيجية.
وأضاف المركز أن دولة الإمارات تحتضن عددًا من الشركات الكبرى التي تقود جهود تطوير الصناعات الاستراتيجية، وتلعب دورًا رئيسيًا في تحقيق الاستدامة الاقتصادية وتعزيز الاكتفاء الذاتي أهمها: شركة إيدج المتخصصة في الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة وستراتا لصناعة مكونات الطائرات ومصدر بقطاع الطاقة المتجددة والاستدامة وأدنوك بقطاع النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية ومجموعة 42 في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والإمارات العالمية للألمنيوم وتوازن القابضة والوطنية للصناعة الدوائية “جلفار” والاتحاد للقطارات ودبي للصناعات البحرية والخدمات البحرية والإمارات للأغذية والمياه المعدنية “أغذية” وشركة “أمستيل لمواد البناء” و”ياه سات” و”الفوعة” وغيرها من الشركات الكبرى التي تعكس التزام الإمارات بتطوير الصناعات الاستراتيجية وتعزيز الاكتفاء الذاتي، مما يساهم في تنويع الاقتصاد الوطني وترسيخ مكانة الدولة كمركز صناعي عالمي.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: والتکنولوجیا المتقدمة الاقتصاد الوطنی دولة الإمارات

إقرأ أيضاً:

قرار ترامب … حماية للصناعة الوطنية أم عبء على الاقتصاد الأمريكي

بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط ..

في الثالث من أبريل 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض حزمة جديدة من التعريفات الجمركية تشمل ضريبة بنسبة 10% على جميع الواردات، مع زيادات إضافية تستهدف دولاً بعينها مثل الصين (34%)، وأوروبا (20%)، واليابان (24%)، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 25% على السيارات الأجنبية.
يأتي هذا القرار في إطار سياسة ترامب الحمائية الرامية إلى “حماية الصناعات الأمريكية”، لكنه يثير تساؤلات حول تداعياته الحقيقية على الاقتصاد والأسر الأمريكية.
فهل هذه الخطوة ستُحقق النتائج المرجوة، أم أنها ستزيد من أعباء التضخم والركود؟

الأثر المباشر: – ارتفاع التكاليف والتضخم
تشير التقديرات الأولية إلى أن القرار سيؤدي إلى ارتفاع فوري في أسعار السلع المستوردة، بدءاً من الإلكترونيات والملابس وحتى مواد البناء.
ووفقاً لتحليلات اقتصادية، قد يرتفع معدل التضخم بنسبة 1% ليصل إلى 4.8% بنهاية العام، مما يزيد الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي الذي قد يُضطر إلى رفع الفائدة مجدداً.

الأسر الأمريكية هي الأكثر تضرراً، حيث يُتوقع أن تتحمل تكاليف إضافية تصل إلى ( 3,800 دولار سنوياً ) بسبب ارتفاع الأسعار، وفقاً لتقديرات مستوحاة من تأثيرات التعريفات السابقة في عهد ترامب (2018-2019).
كما أن صناعة السيارات ستواجه صعوبات، إذ أن 25% من السيارات المباعة في السوق الأمريكي مستوردة، ما قد يرفع أسعارها بنسبة 10-15%.

تباطؤ النمو وتراجع الأسواق
بينما تهدف الإدارة الأمريكية إلى تقليل العجز التجاري ودعم الصناعات المحلية، يحذر خبراء الاقتصاد من أن القرار قد يُبطئ النمو بسبب: – انخفاض الاستهلاك نتيجة ارتفاع الأسعار. تراجع الاستثمارات الأجنبية خوفاً من سياسات حمائية متزايدة. ردود فعل انتقامية من الصين وأوروبا، مثل فرض رسوم على الصادرات الأمريكية (كمنتجات الزراعة أو التكنولوجيا).

وقد بدأت الأسواق المالية برد فعل فوري، حيث انخفض مؤشر ( S&P 500 بنحو 4.9% ) في يوم الإعلان، مما يعكس مخاوف المستثمرين من حرب تجارية جديدة.

الجانب الإيجابي ( فرص للصناعة المحلية )
رغم المخاوف، يرى مؤيدو القرار أنه قد يحقق فوائد مثل:- إحياء صناعات محلية خاصة في قطاعات الصلب والسيارات والطاقة المتجددة. زيادة إيرادات الحكومة من الرسوم الجمركية، والتي قد تُستثمر في البنية التحتية. إجبار الشركاء التجاريين على التفاوض لصالح أمريكا، كما حدث في الاتفاق التجاري مع الصين عام 2020.

لكن هذه الإيجابيات تعتمد على شروط يصعب ضمانها، مثل قدرة الصناعات الأمريكية على سد الفجوة بسرعة، وعدم تصعيد الشركاء التجاريين للنزاع.

مخاطر التصعيد التجاري والسياسي
التعريفات ليست مجرد أداة اقتصادية، بل لها أبعاد جيوسياسية. فقد تدفع الصين إلى: تقييد صادرات المعادن النادرة الضرورية للصناعات التكنولوجية الأمريكية. دعم شركاتها الوطنية بشكل أكبر، مما يقلل فاعلية الرسوم.

أما الاتحاد الأوروبي، فقد يرد بفرض رسوم على شركات مثل “تسلا” أو “آبل”، مما يهدد أرباحها العالمية.

مكاسب قصيرة الأجل أم خسائر دائمة
القرار يمثل مقامرة اقتصادية: إذا نجح في إعادة التفاوض على شروط التجارة أو زيادة الإنتاج المحلي، فقد يُعتبر انتصاراً لسياسة “أمريكا أولاً”. لكن إذا أدى إلى تضخم مستمر وحرب تجارية شاملة، فقد يُذكر كأحد أسباب الركود المحتمل في 2025-2026.

التاريخ يُظهر أن التعريفات نادراً ما تكون حلاً سحرياً، إذ أن ضررها على المستهلكين والعلاقات الدولية غالباً ما يفوق فوائدها.
والاقتصاد الأمريكي اليوم أكثر هشاشة مما كان عليه في 2018 بسبب الديون المرتفعة وتحديات سلسلة التوريد، مما يجعل هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر.

ان السياسة الحمائية قد تُرضي القاعدة الشعبية لترامب، لكن ثمنها سيدفعه المواطن الأمريكي عبر فواتير أعلى ونمو أبطأ.
ومع تصاعد التوترات التجارية، قد تكون أمريكا على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة… أكثر اضطراباً.

حيدر عبد الجبار البطاط

مقالات مشابهة

  • بو عاصي: عودة نغمة الاستراتيجية الدفاعية تعيدنا إلى دولة إخراجات القيد
  • الإمارات تصدر قرار صناديق الاستثمار والشراكات المؤهلة لأغراض قانون ضريبة الشركات
  • الإمارات تواصل تقدمها في سباق التنافسية العالمية خلال 2025
  • قطاع التعدين .. ركيزة أساسية لتعزيز الاقتصاد المحلي ودعم التنمية المستدامة
  • الإمارات الأولى عالمياً في ريادة الأعمال والأمان ومؤشرات الهوية الوطنية
  • وزارة المالية تُعلن عن صدور قرار مجلس الوزراء في شأن صناديق الاستثمار المؤهلة والشراكات المحدودة المؤهلة لأغراض قانون ضريبة الشركات
  • قرار ترامب … حماية للصناعة الوطنية أم عبء على الاقتصاد الأمريكي
  • إيرادات “تكافل الإمارات” تقفز 84% إلى 420.3 مليون درهم خلال 2024
  • فتح باب الترشح لتنظيم جائزة الثقافة الأمازيغية أمام الجمعيات الوطنية
  • «كهرباء دبي» تحقق جميع المؤشرات الاستراتيجية في دمج وتمكين أصحاب الهمم