هل الاحتفال برأس السنة الميلادية، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال كتعليق الزينة حرام شرعًا أم حلال .

قالت دار الإفتاء، في فتوى لها ، إن الاحتفال برأس السنة الميلادية المؤرخ بيوم ميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم على نبينا وعليه السلام، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال والتهنئة به: جائز شرعًا، ولا حرمة فيه؛ لاشتماله على مقاصد اجتماعية ودينية ووطنية معتدٍّ بها شرعًا وعرفًا.

وأضافت الدار في فتوى لها، أن من تذكر نعم الله تعالى في تداول الأزمنة وتجدد الأعوام، وقد أقرت الشريعة الناس على أعيادهم لحاجتهم إلى الترويح عن نفوسهم، ونص العلماء على مشروعية استغلال هذه المواسم في فعل الخير وصلة الرحم والمنافع الاقتصادية والمشاركة المجتمعية، وأن صورة المشابهة لا تضر إذا تعلق بها صالح العباد، ما لم يلزم من ذلك الإقرار على عقائد مخالفة للإسلام، فضلًا عن موافقة ذلك للمولد المعجز لسيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، الذي خلّده القرآن الكريم وأمر بالتذكير به على جهة العموم بوصفه من أيام الله، وعلى جهة الخصوص بوصفه يوم سلام على البشرية.

وأكملت: والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أَوْلَى الناس بسيدنا المسيح صاحب هذا المولد المبارك، مع ما في ذلك من تعظيم المشترك بين أهل الأديان السماوية، فضلًا عن عقد المواطنة الذي تتساوى فيه الحقوق والواجبات، وكلما ازدادت الروابط الإنسانية تأكدت الحقوق الشرعية؛ فالمسلمون مأمورون أن يتعايشوا بحسن الخلق وطيب المعشر وسلامة القصد مع إخوانهم في الدين والوطن والقرابة والجوار والإنسانية ليُشعِروا مَن حولهم بالسلام والأمان، وأن يشاركوا مواطنيهم في أفراحهم ويهنئوهم في احتفالاتهم، ما دام أن ذلك لا يُلزِمهم بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات عبادية تخالف عقائد الإسلام.

معنى الاحتفال برأس السنة الميلادية وما حكمه؟

قالت دار الإفتاء إن الاحتفال برأس السنة الميلادية مناسبة تتناولها مقاصد: اجتماعية، ودينية، ووطنية؛ فإنَّ الناس يودِّعون عامًا ماضيًا ويستقبلون عامًا آتيًا حسب التقويم الميلادي الـمُؤَرَّخ بميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، والاختلاف في تحديد مولده عليه السلام لا يُنَافي صحَّة الاحتفال به؛ فإنَّ المقصودَ إظهار الفرح بمضي عام وحلول عام، وإحياء ذكرى المولد المعجز لسيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، مع ما في ذلك من إظهار التعايش والمواطنة وحسن المعاملة بين المسلمين وغيرهم من أبناء الوطن الواحد، ومن هنا كان للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عدة مقاصد، وكلُّها غيرُ بعيد عن قوانين الشريعة وأحكامها.

فأما المقصد الاجتماعي: فهو استشعار نعمة الله في تداول الأيام والسنين؛ ذلك أنَّ تجدُّد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها؛ فإن الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، وذلك مما يشترك فيه المجتمع الإنساني ككلّ، فكان ذلك داعيًا لإبراز معاني التهنئة والسرور بين الناس، ولا يخفى أن التهنئة إنما تكون بما هو محلّ للسرور؛ وقد نص الفقهاء على استحباب التهنئة بقدوم الأعوام والشهور؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 283، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال القمولي: لم أر لأحد من أصحابنا كلامًا في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك: بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه: أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة. انتهى] اهـ.

وأما المقصد الديني: فهو يوافق مولد نبي من أنبياء الله تعالى وهو سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، ولمولده منزلة وقدسية خاصة في الإسلام؛ فإنه المولد المعجز الذي لا مثيل له في البشر؛ حيث خُلِقَ من أم بلا أب، قال تعالى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، وقد صاحب مولدَه من الآيات الكونية والمعجزات الإلهية ما لم يتكرر في غيره؛ حتى ذكروا أن الله تعالى أجرى النهر في المحراب للسيدة البتول مريم عليها السلام، وأوجد لها التمر في الحال من جذعٍ يابس في الشتاء في غير وقت بدوِّ ثمره؛ كي يطمئن قلبها وتطيب نفسها وتَقَرَّ عينها، بعد ما ألجأها ألم الولادة والطلق إلى جذع النخلة تستند إليه وتستتر به، وبهذا يُرَدُّ على منكري الاحتفال بمولد سيدنا عيسى عليه السلام متعلِّلين بأنه في غير وقته؛ لأن بدوَّ التمر إنما يكون في الصيف وهو وقت تأبير النخل، لا في الشتاء، متناسين أن الإعجاز الإلهي قد احتف بهذا المولد المبارك المجيد في زمانه وأوانه، كما حف به في ملابساته وأحواله.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاحتفال برأس السنة رأس السنة الميلادية المزيد الاحتفال برأس السنة المیلادیة علیه السلام الله تعالى سیدنا عیسى

إقرأ أيضاً:

رد أمين الإفتاء على سيدة تريد الذهاب إلى الحج بتأشيرة زيارة

أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن أداء فريضة الحج باستخدام تأشيرة عمل أو تأشيرة زيارة يعد غير جائز شرعًا، مشددًا على ضرورة الالتزام بالأنظمة المنظمة لمناسك الحج.

وخلال لقائه مع الإعلامية زينب سعد الدين في برنامج "فتاوى الناس" على قناة الناس، أوضح أمين الفتوى أن "من شروط أداء الحج أن يكون الشخص قادرًا ماليًا وجسديًا، كما قال الله تعالى: 'ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا'.

 وإذا لم يكن المسلم قادرًا على دفع تكاليف الحج عبر القرعة الرسمية أو الحج السياحي، فلا يجوز له اللجوء إلى تأشيرات غير مخصصة لهذا الغرض."

وأشار إلى أن استخدام تأشيرة عمل أو زيارة لأداء الحج يعد مخالفة للأنظمة التي وضعتها الجهات المختصة لتنظيم المناسك، مؤكدًا أن هذه الممارسات تؤدي إلى زيادة غير محسوبة في أعداد الحجاج، مما يتسبب في ازدحام شديد قد يؤدي إلى حوادث خطيرة، كما حدث في السنوات الماضية.

وأضاف: "إذا لم يكن لدى المسلم القدرة المالية أو لم تتح له الفرصة لأداء الحج بطريقة مشروعة، فإن الله سبحانه وتعالى يعلم نيته، ولا ينبغي له محاولة الوصول للحج بطرق غير قانونية قد تعرضه وغيره للخطر."

وشدد على أهمية الالتزام بالطرق الرسمية لأداء الفريضة، مشيرًا إلى أن من لم يتمكن هذا العام، يمكنه الاستمرار في التقديم للقرعة أو الحج السياحي في السنوات القادمة، داعيًا الجميع إلى التحلي بالصبر وانتظار الفرصة المشروعة للحج.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز صيام أول شعبان؟.. اعرف حكم الشرع ورأي السنة النبوية
  • حكم الإيمان بالغيبيات بالشرع الشريف والسنة
  • رد أمين الإفتاء على سيدة تريد الذهاب إلى الحج بتأشيرة زيارة
  • دار الإفتاء: بعد غد الجمعة أول أيام شهر شعبان 1446 هـ 2025 م
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
  • حكم الصيام في شعبان.. دار الإفتاء تجيب
  • ضوابط رؤية الهلال وهل تصلح بالعين المجردة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • لماذا خلق الله البعض فقراء والآخر أغنياء؟.. الأطفال يسألون الإمام بمعرض الكتاب
  • هل راجع النبي الله في عدد الصلوات برحلة الإسراء والمعراج.. الإفتاء تجيب
  • ما معنى الظلم في دعاء سيدنا يونس عليه السلام؟ تعرف عليه