ابنتي المراهقة تلهث وراء الشهرة..
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيدتي الفاضلة كثيرا ما يعتقد الأولياء أن توفير كل ما يطلبه الأولاد هو سبيل لكسب ثقتهم وضمان حسن سيرتهم، لكن يبدو أنه معتقد خاطئ خاصة في المتغيرات الحالية والفتن التي يعرفها وقتنا الحالي.
أجل سيدتي فأنا أعاني كثيرا معه ابنتي صاحبة الـ17 سنة، حيث أغدقت عليها منذ صغرها بالحنان والدلال، لم نبخل عليها أنا ووالدها بشيء من مترفات الحياة المادية، فأنا أشغل منصبا هاما وكذلك والدها، بدأت تكبر وبدأنا نحاول تفهم كل مرحلة عمرة تمر بها، لم نبخل عليها بشيء، لها الحرية المطلقة في الذهاب حيث تشاء برفقة أخيها طبعا، لكنها كانت تتذمر من أمر فقد كنت حريصة على اختيار صديقاتها، لأنني أعرف شخصيتها جيدا فهي سهلة التأثر بالغير.
إلى هنا كانت حياتنا طبيعية، لكن بمجرد أن طلبت هاتف ذكي بدأ الخوف يتسلل إلى قلبي، فابنتي صرحت لي أنها تريد أن تصبح مشهورة على التطبيقات الإلكترونية، وأنها تريد أن تشارك غيرها حياتها اليومية، فقمت مباشرة بسحب هاتفها الذكي وتغييره بهاتف بسيط، فانقلبت علينا وأبانت كرها شديدا لنا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني معها، فهي ترفض تماما الأمر وتعتبره تدخلا في خصوصياتها، كما انها تجرأت وهددتني بأنها ستترك البيت وتذهب لبيت جدتها حتى تهنأ بالعيش الذي تريده هي وتريباتها من بنات عمتها اللواتي تحيين بلا حسيب أو رقيب.
كلمتها وأوضحت لها أنّ ما تحياه من رفاهية تُحسد عليه، لكن عبثا افعل، فابنتي وعلى ما يبدو حدث لها غسيل مخ من طرف صديقاتها اللواتي يعتبرنها جبانة لأن لا صديق لها، ولا يمكنها أن تعيش بحريتها حسب ما قرأته في بعض المحادثات على هاتفها.
سيدتي أنا جد خائفة على ابنتي من الضياع في غياهب الفتن المحيطة بنا، خاصة أنها تعتقد أنني احرمها من التمتع بالحياة في أجمل مرحلة في عمرها، فكيف أتصرف معها قبل فوات الأوان..؟
أم معاد من الوسط
الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، أختاه، من الواجب أن يكون الأباء حريصين كل الحرص أن ينبتوا أبناءهم (الذكور كما الإناث) نباتا حسنا وفق ما تقتضيه الشريعة والدين، ولست أشك سيدتي في مدى حرصك على صلاح فلذة كبدك، حيث أن ما تقومين به في هذه الفترة بالذات لهو تدخل في الوقت البدل الضائع لتفادي ما لا يحمد عقباه.
تمسكي بقرارك ولا تتركي الحبل على الغالب لفتاة لا تعرف مصلحتها، والدليل أنها ترى في تدخلك في حياتها هتكا لخصوصيتها وكبحا لجماح تحرر تراه هي حقا لكنه أدهى من أن يكون كذلك.
عليك سيدتي أيضا أن تقحمي زوجك بما أنه مسؤول أيضا عن هذه الفتاة وبأن يمارس عليها نوعا من الترهيب الذي قد يثنيها عن قرارها في الهروب إلى حضن جدتها التي ستمكنها من حريتها وستفتح لها أبواب الممنوعات التي أحاطت بها من كل حدب وصوب في بيتكم.
في المقابل، عليك أن تتقربي من أبنتك أكثر فأكثر ومن أن تفهميها أن انتقاد الآخرين من صديقات لها لحياتها ونمط إتيانها الأمور لهو نابع من غيرة وحسد على استقرار كبير تحياه، ومن أن الغالبية العظمى ممن تحثها على الانسلاخ من القيم تردن رؤيتها في الحضيض، وأن مسألة الشهرة والصداقة مع الجنس الآخر لا يعتبران معيارا للتطور والتقدم قط، فهما سبيل للهاوية وليس النجاح.
الصرامة هي أكثر ما يجب أن يكون منك ومن زوجك، كما أنه عليك أن تخبري حماتك من أنك ستكونين ممتنة لها إن هي أخطرت ابنتك بعدم قدرتها على أن تكون رهن إشارتها فيما لا ترضيانه أنت ووالدها وبأن لا تستقبلها في بيتها إن هي لم تكن مطيعة لكما ، حيث أن لكل والدين حرية تربية إبنائهما وفق ما يرونه مناسبا .
سيكون الأمر متعبا مرهقا في البداية لتقويم سلوك ابنتك الخاطئ، لكن بالمقارنة مع النتيجة المبتغاة فكل شيء يهون.في الأخير ،أختاه لا تنسي ابنتك من صالح دعائك بالهداية والعودة إلى جادة الصواب ، وحتما سيكون الله معك في مسعاك هذا لأنك في الأول والأخير تبتغين مرضاته.
ردت: بوزيدي س
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
هل يكون ملف التهجير إلى سيناء المسمار الأخير في نعش النظام المصري؟
تسببت تصريحات ترامب حول التهجير القسري لـ1.5 مليون فلسطيني من غزة إلى سيناء أو الأردن بحجة تدمير القطاع خلال الحرب التي استمرت أكثر من 15 شهرا؛ في زوبعة سياسية كبيرة خلال الفترة الماضية.
لم يكتف ترامب بهذا الطلب، بل وصف ترامب اقتراحه بـ"تطهير غزة"، وبالتالي هو لا يستحي من الحديث عن تطهير عرقي في سياق دعمه للإبادة الجماعية، وكلها جرائم أخلاقية وإنسانية ومجرمة دوليا، ولكنه يضرب عرض الحائط بكل شيء.
ترامب لم يكتف بالتصريحات والمطالبات، بل بدأ في اتخاذ إجراءات عملية توضح كم هو جاد في الدعم المطلق للكيان الصهيوني، وأنّ حديثه عن التهجير في الأسبوع الأول من رئاسته لن تكون زوبعة إعلامية سرعان ما تهدئ أو تتوقف.
فترامب ألغى قرار الرئيس السابق جو بايدن بتعليق إمداد إسرائيل بقنابل "إم كيه 84" الفتاكة والتي تزن طن على الأقل، والتي استخدمت في اجتياح رفح بغزة في أيار/ مايو 2023.
كما رفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وهدد بمهاجمة المحكمة الجنائية الدولية لإصدارها أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت.
هذه التصريحات والمواقف ليست جديدة تماما، بل تمثل جزءا من استراتيجية طويلة لإعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يخدم المصالح الإسرائيلية
في الحقيقة هذه التصريحات والمواقف ليست جديدة تماما، بل تمثل جزءا من استراتيجية طويلة لإعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يخدم المصالح الإسرائيلية، فترامب في فترته الأولى اعترف بالقدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية لها واعترف بالسيادة الصهيونية على الجولان، وأخيرا سعى لتنفيذ صفقة القرن في فترة رئاسته الأولى وتجاوب معها السيسي وقتها إعلاميا على الأقل. وكانت تقضي في جزء منها بتبادل أراضٍ بين مصر والكيان الصهيوني، والجزء الذي ستحصل عليه إسرائيل من سيناء يتم توطين فلسطينيي قطاع غزة به.
ثم تحدث ترامب عن الموضوع ثانية أثناء حملته الانتخابية الأخيرة، عندما قال إن مساحة إسرائيل على الخريطة تبدو صغيرة وتحتاج إلى زيادتها، ولا تحتاج إلى أن تكون ذكيا لتفهم أنَّه يقصد التهجير إلى سيناء والأردن، ثم أخيرا هذه التصريحات بعد توليه الرئاسة.
هذه المقدمة كانت ضرورية لفهم أنّ ترامب جاد في تنفيذ مخطط التهجير، وأنّه سيكون أهم ملف له في الشرق الأوسط خلال فترة رئاسته الثانية والأخيرة.
وهذا الملف يضع السيسي فعليا في مأزق حقيقي بين ثلاثة أطراف رئيسية:
غضب الشعب المصري المعروف بدعمه التاريخي للقضية الفلسطينية، ورفض أي محاولات لتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها، فالحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعيد للأذهان مخططات إسرائيلية قديمة مثل "مشروع ألون" الذي ظهر بعد احتلال سيناء عام 1967.
أي موافقة ضمنية على هذا المخطط ستعتبر خيانة كبرى للضمير الوطني المصري والإسلامي، وسوف تزيد حجم الغضب الشعبي على السيسي مما يهدد باستقرار حكمه.
من ناحية المؤسسة العسكرية فهي تعتبر ملف التهجير خطا أحمر حقيقيا بالنسبة إليها، وليس دافع الأمن القومي هو سبب ذلك؛ وإلا لكنا رأينا شيئا مختلفا من المؤسسة العسكرية في ملف التنازل عن تيران وصنافير أو سد النهضة أو غيرها من ملفات الأمن القومي الحيوية.
المشكلة لدى الجيش الذي يعمل كشركة قابضة كبيرة حاليا أن التهجير لا يعني فقط انتقال مواطني غزة لسيناء، ولكن انتقال المقاومة الفلسطينية كذلك معها إلى سيناء، مما يعني أن تتحول سيناء إلى نقطة انطلاق للمقاومة ضد الصهاينة مع احتمالية كبيرة لتشكل حاضنة شعبية مصرية كبيرة لها. وبالتالي يفقد الجيش سيطرته على سيناء وربما يكون ذلك إيذانا بثورة شعبية ضده لن يستطيع صدها أو استيعابها هذه المرة، فضلا عن خسائره الاقتصادية المتوقعة.
كما أن المقاومة التي أعجزت وأفشلت واحدا من أقوى الجيوش في العالم ويحظى بدعم أقوى جيوش العالم؛ بكل تأكيد لن يستطيع الجيش المصري السيطرة عليها وستكون معركة خاسرة له بكل المقاييس.
لذلك القبول بفكرة التهجير يعد تهديدا مباشرا لاستقرار نظام السيسي أمام المؤسسة العسكرية، خاصة في ظل إزاحة قيادات بارزة مثل الفريق أسامة عسكر، وهو ما قد يُضعف ولاء الجيش له وقد ينقلب عليه.
ضغوط ترامب وإسرائيل ستزداد على السيسي كثيرا في الفترة القادمة، فالأوضاع من وجهة نظر صهيونية مثالية للخلاص من صداع غزة والضفة ولن يجدوا فرصة كهذه مرة أخرى. هكذا يفكرون، لذلك سيستمر الضغط الاقتصادي والسياسي على مصر، وهو ما سيجعل السيسي أمام خيارات كلها كارثية بالنسبة له
لذلك أعتقد أن ضغوط ترامب وإسرائيل ستزداد على السيسي كثيرا في الفترة القادمة، فالأوضاع من وجهة نظر صهيونية مثالية للخلاص من صداع غزة والضفة ولن يجدوا فرصة كهذه مرة أخرى. هكذا يفكرون، لذلك سيستمر الضغط الاقتصادي والسياسي على مصر، وهو ما سيجعل السيسي أمام خيارات كلها كارثية بالنسبة له.
فالموافقة على التهجير تعني صداما مع الجيش، وقد تكون فرصة للجيش لخلعه وتحميله لأخطاء وكوارث الفترة الماضية.
وإذا افترضنا أنه استطاع تطويع الجيش وتقليم أظافره للقبول بالصفقة بضغوط أمريكية صهيونية فستنتقل المقاومة إلى سيناء، وسيحصل تواصل طبيعي بينها وبين الشعب المصري ويلتحمان معا، وتلتهب سيناء فضلا عما إذا قام الجيش بقمع الشعب الفلسطيني أو مقاومته فسيكون سببا إضافيا لغليان الشعب المصري وانفجار الأوضاع داخليا، وهي تحتاج إشارة فقط لاشتعالها بسبب الضغوط الاقتصادية المتزايدة والقمع السياسي المتصاعد.
وإذا رفض السيسي التهجير فقد يتم الضغط اقتصاديا عليه لأقصى درجة، مما قد يؤدي إلى انهيار الأوضاع واشتعال ثورة ضده، كذلك ويمكن كذلك -وهذا سيناريو وارد- أن تقوم واشنطن وتل أبيب بالبحث عن بديل من داخل الجيش يمكنه تمرير التهجير واستخدامه لعزل السيسي وتحميله كل أخطاء الماضي، مع ثمن جيد في صورة مساعدات اقتصادية لتهدئة الشارع وتمرير التهجير في نفس الوقت.
بعض السيناريوهات المطروحة تقول إن التهجير قد لا يتم إلى سيناء، لعدم مهاجمة الكيان عبرها، وأنه سيكون من خلال دمجهم في الشعب المصري في المحافظات الداخلية، ولكن ذلك ستكون له مخاطر أمنية لا تنتهي كذلك، وقد تتحول مصر إلى حاضنة كبيرة للمقاومة ويعيش النظام نفس الورطة وربما أسوأ.
بكل تأكيد مثّل المشهد المهيب والتاريخي لعودة النازحين الفلسطينيين من جنوب غزة إلى شمالها إفشالا عمليا لمخطط التهجير، وهذا ما نتمناه، لكن ما يهمنا هو أنه لا ترامب ولا نتنياهو وحكومته سيتوقفون عن ممارسة الضغوط على مصر لتمرير المخطط بشكل كلي وجزئي.
هذه الضغوط هي التي ستجعل وعد السنوار الكبير بأنّ الطوفان سيغير الشرق الأوسط سيتحقق، فهذه الضغوط المتوقعة على النظام المصري والأردني ستجعل تأثير معركة طوفان الأقصى لا تتوقف عند غزة ولبنان وسوريا فحسب، ولكنه سيمتد قريبا إلى مصر وربما الأردن كذلك، وعلى الشعوب العربية ونخبها أن تتهيأ لاقتناص الفرص، فالفرص لا تتكرر كثيرا والتاريخ يحترم فقط من يدرك فقه زمانه ومكانه.