NYT: رئيس النيجر المعزول ركز على الغرب ولم يهتم بانتقادات شعبه له
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده إيليان بيلتير، وديكلان وولش، وعمر حما سالي، قالوا فيه إن رئيس النيجر المعزول محمد بازوم تحول لشخصية محترمة دوليا، لكنه لم يحظ بإجماع من مواطنيه الذين انتقدوه.
فقد عبر بازوم عن خوف من الانقلابات العسكرية التي اجتاحت دول الجوار، وبعد أسابيع حضر جنوده وسجنوه في بيته.
وعندما استولى الجنود المتمردون على السلطة في بوركينا فاسو، غرب أفريقيا العام الماضي، لم يهتم رئيس النيجر، وقال في حديث مع دبلوماسيين غربيين جلسا في مكتبه مع انتشار أخبار الانقلاب "هذه سخافة"، وهذه سخرية أن يقوم الجنود المسؤولون عن أمن بوركينا فاسو بالاستيلاء على السلطة وقلب الحكومة هناك وباسم إعادة الأمن.
ويواجه بازوم نفس المصير، حيث أطاح جنود به في الشهر الماضي ووجهوا له تهمة الفشل بحماية النيجر من الجماعات المسلحة، ولا يزال رهينة في بيته بعد ثلاثة أسابيع من الانقلاب.
ويحاول حلفاء بازوم الغربيين والأفارقة التفاوض بشأن الإفراج عنه.
وتقول الصحيفة إنه تم الاحتفال ببازوم في العواصم الغربية لسجله الديمقراطي وموقفه المتشدد من الجماعات الإسلامية المتطرفة.
ويقول العالم السياسي النيجري رحمن إدريسا "كان بازوم في جزيرة تحيط بها التماسيح وظل ملاحقا بشبح انقلاب محتمل"، وأصبحت النيجر الآن في يد الجنرال عبد الرحمن تياني، قائد وحدة انقلبت على رئيس كان من المفترض أن تحميه.
وكان سقوطا وحشيا لبازوم (63 عاما) الذي عمل مدرسا في الثانوية وخدم كوزير للخارجية والداخلية قبل انتخابه رئيسا عام 2021. ولعب دورا في تحويل النيجر إلى حليفة الغرب المفضلة، حتى في ظل تشكيك النقاد بشرعية انتصاره والإحباط المتزايد من سياساته التي رأى الكثيرون أنها مصممة لإرضاء الغرب.
وتعتبر النيجر واحدة من أفقر دول العالم، وتحولت الصحراء الكبرى إلى مركز للجماعات الإسلامية المتطرفة، رغم عقد من الجهود العسكرية الغربية. وبالنسبة للشركاء الغربيين مثل فرنسا والولايات المتحدة، فقد كان بازوم يمثل أملا بالاستقرار، وخلفهم انقلاب الجيش ضده بلا حليف. وعندما حاصر الجنود مقر إقامته بالعاصمة نيامي في 26 تموز/يوليو فر مع زوجته وابنه إلى غرفة آمنة واتصل مع حلفائه الغربيين، حيث أعلمهم بمأزقه.
واعتقد بازوم أن الوحدات الموالية له في الجيش ستأتي لنجدته وسيعود إلى السلطة مع حلول الظلام بدون أي أذى، حسب قول مسؤول أمريكي سابق تحدث إليه في ذلك اليوم، ووصف الحوار الذي دار بينهما بشرط الكشف عن هويته.
ولم يصل سلاح الفرسان أبدا، وأرسلت الوحدات الموالية لبازوم إلى منطقة نائية من اجل التحضير ليوم الاستقلال في 3 آب/أغسطس، حسب المسؤول السابق، واستطاع الجنود المتمردون بقيادة تياني السيطرة سريعا على الوضع.
وتحصن الحرس داخل بيت بازوم مع أقفال جديدة، حسب واحد من أعضاء حكومته، طلب عدم الكشف عن هويته. ورفض الاستقالة إلا أن النخبة العسكرية الحاكمة حلت حكومته وأعلنت عن أخرى.
وعندما هددت مجموعة غرب أفريقيا الاقتصادية بالتدخل العسكري وإعادته بالقوة إلى السلطة، هدد الجيش بقتله حالة حدوث هذا، كما هدد قادة الانقلاب بأنه سيحاكم بتهمة الخيانة العظمى.
وفي البداية لم يتفق بازوم مع واشنطن، ففي أول رحلة له كوزير للخارجية عام 2011 انتقد التدخل الغربي في ليبيا، حيث توقع أنه سيطلق العنان لموجة من عدم الاستقرار، وذلك حسب جي بيتر فام، المبعوث الأمريكي السابق لمنطقة الساحل والذي استضاف بازوم أثناء الزيارة.
وجاءت نبوءة بازوم من خلال توسع الجماعات الإسلامية في منطقة الساحل واستخدموا الأسلحة التي قام بعض الأطراف بتهريبها بسبب الفوضى في ليبيا. ونشرت فرنسا آلافا من جنودها بمنطقة الساحل وأنشأت واشنطن قاعدة للمسيرات كجزء من عملية مكافحة للإرهاب.
وكوزير للداخلية أصبح الوجه العام للعلاقات في النيجر. وفي مقابلة مع نيويورك تايمز عام 2018 قال "كل ما أعرفه أنهم أمريكيون"، حيث كان يعلق على قاعدة المسيرات الأمريكية في شمال- شرق البلاد.
وكرئيس دافع عن سياسات قربته من القوى الغربية، فقد وعد ببناء مئة مدرسة داخلية لتعليم الفتيات وتخفيض معدلات الزواج المبكرة، وكان هدفه تخفيض معدل الولادة للمرأة النيجرية.
وبدعم من القوى العسكرية الغربية وبرامج المساعدات بالملايين من الدولارات، كثف من الحملات ضد الجماعات الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. وتبنى كذلك الحوار مع المسلحين وإقناعهم على تسليم أسلحتهم مقابل الدعم الاقتصادي والتدريب المهني.
ومع تقاربه مع الغرب، تقرب بازوم من القوى الأجنبية الأخرى في القارة، فقد اشترى مسيرات قتالية من تركيا ودعم بناء خط أنبوب النفط الذي تشرف عليه الصين، ويمكن أن يؤدي لازدهار اقتصاد النيجر. وأثمرت جهوده ثمارا على ما يبدو، فبحسب مشروع بيانات مكان النزاع والحدث، انخفضت الهجمات ضد المدنيين في النيجر، خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام إلى 39%، مقارنة مع مالي وبوركينا فاسو، حيث استولى الجيش على السلطة في 2021 و 2022 ساء الوضع.
لكن الدعم الحماسي لبازوم في الغرب لم ينعكس على الداخل، حيث اتهم نقاده بأن انتخابه كان مزورا، مع أن المراقبين من الإتحاد الأفريقي أكدوا النتائج.
وحاول الخروج من ظل سلفه الرئيس محمدو يوسفو، وزار ضحايا الهجمات الإرهابية ومحاكمة عدد من المسؤولين بتهمة الفساد، وهو نهج أظهر العناية والشدة أكثر من يوسفو. لكنه لم ينجح باستخدام قدراته التعليمية لإقناع الرأي العام بخططه لتعليم البنات.
ويقول إدريسا، الباحث الآن في المركز الأفريقي في جامعة لايدن بهولندا: "فرض أساليبه بنهج أبوي مخبرا النيجريين ما هو صالح لهم". ومع زيادة السخط على تقارب النيجر مع فرنسا، المستعمر السابق، لم يظهر بازوم تسامحا مع المعارضة.
وزاد التوتر داخل الجيش، حيث عبر بعض الضباط عن السخط من قرارات بازوم الإفراج عن إسلاميين قتلوا جنودا. ودعا بعض الجنرالات لعلاقات مع مالي التي أقام حكامها العسكريون علاقات مع شركة فاغنر الروسية للمرتزقة، وهو ما لم يرده بازوم.
وكان ينوي عزل تياني، قائد الحرس الرئاسي المكون من 700 جنديا في لقاء الحكومة يوم 27 تموز/يوليو، وذلك حسب مستشارين طلبا عدم الكشف عن هويتهما، لكن تياني تحرك أولا في 26 تموز/يوليو وأطاح بالرئيس.
واليوم هناك قلة تدعم علنا بازوم، فقد اعتقلت النخبة العسكرية الكثير من حلفائه، فيما فر آخرون إلى الخارج.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة النيجر بازوم الانقلابات الغربيين انقلاب النيجر روسيا الغرب بازوم صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أستاذ علاقات دولية: تضارب مصالح الغرب وراء عرقلة انتهاء الأزمة في السودان
قال أستاذ العلاقات الدولية، حامد عارف، إنه بغض النظر عن تعقيدات المشهد السياسي السوداني وارتباطها بالأوضاع الميدانية وتوزع مناطق النفوذ، فإن كثيرا من المراقبين يعتقدون بأن ما تشهده البلاد منذ عدّة أعوام هو نتيجة طبيعية للتدخلات الخارجية وتعدد الأطراف الدولية المتداخلة في الصراع وارتهان بعض القوى السياسية في السودان للخارج.
وأضاف، أن تشكيل التحالف السياسي الجديد برئاسة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، ألقى بظلاله على الأوساط السياسية والمدنية في السودان في فبراير الماضي، فـ بعد إعلان قوى سياسية وشخصيات سودانية عن تشكيل التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة صمود، بعد إعلان تنسيقية تقدم حل نفسها توجهت الأنظار نحو تحالف السودان التأسيسي الجديد، وبدأت التساؤلات والانتقادات تتوالى من ممثلي الأحزاب والمراقبين والكتاب حول أسباب تشكيل هذا التحالف والداعمين له وأهداف تشكله.
وتابع أنه ما بين "صمود" و"التأسيسي" ومخرجاتهم يأتي مؤتمر لندن ليثبت بأن هناك قوى خارجية تتحكم بالوضع السياسي السوداني، وأن صمود والتأسيسي وغيرها ما هي إلا ممثل لتلك القوى الغربية وبعيدة عن مصالح الشعب السوداني.
وأوضح عارف أنه كان قد عقد مؤتمر دولي في العاصمة البريطانية لندن حول السودان في 16 أبريل الماضي، بدعوة من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحادين الأفريقي والأوروبي، إذ شارك في المؤتمر وزراء من 14 دولة، بالإضافة إلى ممثلين عن هيئات دولية والأمم المتحدة وسط غياب الحكومة السودانية عن المؤتمر ما طرح إشارات استفهام كبيرة حول سبب عدم دعوتها.
واستطرد : "يأتي هذا المؤتمر بالتزامن مع الذكرى الثانية للحرب الدائرة في السودان، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 14 مليوناً"، موضحا أنه نشبت خلافات بين عدة دول عربية وقوى سياسية سودانية خلال الاجتماع بشأن قضايا تتعلق بحكم السودان، في الوقت الذي عول كل من الجيش السوداني والدعم السريع شبه العسكرية على دعم دول المنطقة، لإنهاء الصراع.
وأكد أن الدبلوماسية الإماراتية، لانا نسيبة، أوضحت أن بلادها تشعر بخيبة أمل بسبب عدم التوصل إلى توافق في مؤتمر لندن حول إنهاء الحرب الدائرة في السودان، وهي تلقي باللوم على خلافات الدول المشاركة، مشيرا إلى أن الواقع يُؤكد أنه ليس من مصلحة الغرب التوصل لحل سياسي في السودان، لذا فإن مؤتمر لندن ما هو إلا مسرحية ضمن سلسلة من المسرحيات التي تنفذها القوى الغربية إعلامياً للتظاهر بدعم السودان والرغبة في إنهاء الصراع.
وأكد عارف أنه في الوقت الذي تغذي فيه الدول الغربية الصراع من تحت الطاولة ومن وراء الكواليس، إذ يجري ذلك بالتواطؤ مع قوى سياسية سودانية محلية وعلى رأسها حمدوك في الحقل السياسي، ومحمد حمدان دقلو حميدتي في الحقل العسكري عبر دعم الغرب لقوات الدعم السريع بالسلاح والتكنولوجيا الغربية والمرتزقة الأوكران والأجانب، حيث تم تأكيد ذلك باعتراف مسؤولين رسميين أوكرانيين بمشاركة قوات أوكرانية في القتال بالسودان، إلى عشرات التقارير الإعلامية التي تؤكد الدعم الغربي لقوات حميدتي.
ونوه إلى أن حمدوك وتحالفه صمود بوصفه ممثل لمصالح القوى الغربية لعب دوراً أساسياً في فشل مؤتمر لندن وزيادة الانقسام بين القوى السياسية في السودان، مضيفا أن المعطيات الميدانية من ناحية تقدم الجيش عسكرياً في عدّة مناطق، وتراجع قوات الدعم السريع المدعومة من بعض الدول العربية والدول الغربية، بالإضافة للاتهامات الدولية التي تلاحق قوات "الدعم السريع" بارتكاب انتهاكات ضد الإنسانية، لعبت دوراً كبيراً بالانقسام السياسي الحاصل في السودان وظهور تحالف صمود الذي يترأسه حمدوك.
وأشار إلى أنه لا تزال رغبة بعض القوى السياسية في تقدم بتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع- وهو السبب الأساسي وراء انقسام تقدم، الأمر الذي يعتبر دليلا واضحا على التحالف السري بين تنسيقية "تقدم" وقوات "الدعم السريع" بإشراف بعض البلدان العربية والدول الغربية، مضيفا أن التحالف المستقبل السياسي لـ "تقدم" وسمعتها أصبح في مهب الريح، إذ يضاف إلى ذلك الخسائر العسكرية المتتالية التي تلقتها قوات "الدعم السريع" في الميدان، كل ذلك جعل من "تقدم" ورقة خاسرة حتماً بالنسبة لفرنسا وبريطانيا بالرهان السياسي، وهذا ما دفعهم للبحث عن بديل جديد "نظيف السمعة سياسياً"، ومن هنا ظهرت فكرة تحالف "صمود" التي عززت الانقسام السياسي.
ولفت إلى أنه قد أتت الأوامر من قوى غربية لحمدوك المعروف بارتباطاته بالدول الغربية لتشكيل التحالف الجديد، مضيفاً بأن الوضع السياسي في السودان ليس على ما يرام، كما أن التحالف الجديد وتوقيت تشكيله ومكوناته، تعزز الشكوك بالولاء الوطني للقوى والمكونات السياسية المنضوية تحت مظلته، وانتمائها الوطني، لأن "صمود" لم تأت بأي شيء جديد، حيث نشأ التحالف من غالبية قوى تنسيقية تقدم السياسية، مضيفا ان الوجوه ذاتها ومجموعات مهنية ونقابية دون برنامج واضح لإنهاء الحرب، كما أن مواقف التحالف، حسب بيانه، لا يعترف بالجيش وشرعية مؤسسات الدولة ويتعامل مع المؤسسة العسكرية كفصيل سياسي، وهذا ما يدفع باتجاه زيادة الفجوة والانقسام بين أبناء البلد بدلاً من تقريب وجهات النظر.
كما لفت إلى أن قوى سياسية وشخصيات سودانية أعلنت في فبراير الماضي، عن تشكيل التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة صمود، برئاسة حمدوك، وذلك بعد أن أعلنت تنسيقية تقدم حل نفسها، نتيجة خلافات بين أعضائها إثر تبني فصائل الجبهة الثورية، مقترحا بتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع هدفه انتزاع الشرعية عن الحكومة السودانية في بورتسودان.
واختتم بأن هذا الخلاف أتى لوجود موقفين استعصى الجمع بينهما، إذ تم إقرار فك الارتباط السياسي والتنظيمي بين الموقفين وتم الإعلان في بيان رسمي عن تشكيل تحالف صمود، حيث في المقابل، اختارت القوى التي تؤيد تشكيل حكومة موازية، إطلاق اسم تحالف السودان التأسيسي على تنظيمها الذي يشكل الحكومة المرتقبة المعنية بوحدة السودان وإثبات عدم شرعية حكومة البرهان في بورتسودان، حسب ميثاق التحالف.