الشواني: إنهاء الحرب لا يقوم على الحياد الزائف
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
إنهاء الحرب لا يقوم على الحياد الزائف.
تحاول قوى الحرية والتغيير التي قالت أنها محايدة في موقفها من طرفي النزاع كما تسميهما، تحاول هذه القوى في هذه الحرب نشر تضليل يفترض أن هذا الحياد هو الموقف الذي سيقود لإنهاء الحرب،
والحياد الزائف يظهر في خطابها وفي كافة بياناتها منذ يوم الثالث عشر من إبريل حين دخول مليشيا الدعم السريع واحتلالها لمطار مروي،
هذا الحياد عند هذه القوى السياسية له أسس وثوابت محددة سنوضحها، ثم نوضح إلى أي مدى تمتلك هذه القوى السياسية قابلية لإنهاء الحرب؟
وأن حيادها الحالي هو السبب الرئيس الذي يجعلها جزء من المشكلة لا جزء من الحل.
الحياد عند هذه القوى السياسية يرتكز على شعار (لا للحرب) ويفترض هذا الحياد والشعار أن الحرب كانت خيار من ضمن خيارات، وهذا الافتراض خطأ لأن الحرب قامت أصلا بدون مشاورة أحد، فالحرب تحدث ولها أسباب ومن أهمها تلك العملية السياسية النهائية الخطيرة والتي أنتجت الاتفاق الإطاري، لكن حين تنشب الحرب وينفجر الصراع فإنها تصبح واقعا لا خيارا،
وتصبح تهديدا خطيرا للبلاد ووجودها كله، خصوصا مع هذه الحرب التي تقوم بها مليشيا على درجة عالية من الكراهية لهذه الدولة، وحينها يجب اتخاذ موقف واضح ومنحاز للوطن. فماذا فعلت هذه القوى السياسية؟
أولا: تبنت رواية وخطاب عن الحرب مماثل لرواية وخطاب المليشيا المتمردة. وهذا شيء واضح للجميع.
ثانيا: قامت بمساواة الجيش الوطني بالمليشيا وبدون أي تمييز.
ثالثا: لم تهتم بالانتهاكات المتصلة بالمليشيا بل عزلت نفسها عن هذا الميدان تماما وأصرت على مساواة الجيش والمليشيا في الانتهاكات. وهذا ظهر في آخر بيان لها كذلك.
رابعا: تحول فعلها السياسي للخارج وقامت بجولة مرت فيها بعدد من العواصم ولم تنجح في بلورة موقف عملي حتى الآن. لكنها تتحرك بذات روح وثقافة الاتفاق الإطاري الذي ثبت فشله.
خامسا: في بيانات مواقفها لا تظهر أي نوع من التعلم والتغيير بل تظهر تمسكا شديدا يمنعها من رؤية العيوب.
سادسا: لم تعد تؤمن بالعمل السياسي الجماهيري بل عزلت نفسها تماما عن موجة الغضب الشعبية وتمترست خلف حلول الخارج.
ما سبق هو وصف لطبيعة الموقف الذي تدعيه قوى الحرية والتغيير، والسؤال هنا هل يقود هذا الموقف لإنهاء الحرب؟
نحن نقول إن إنهاء الحرب هدف استراتيجي واجب وأخلاقي من جهة ويقوم على الانحياز لا على الحياد، وكذلك إنهاء الحرب عملية لها مراحل وعناصر مترابطة أشد الترابط؛ لذلك نرفض النظر لها كمجرد مطلب معزول عن السياق الشامل للحرب، فإنهاء الحرب ليس مجرد حدث أو هدنة أثبتت التجارب استحالتها، وقد أثبت تاريخ السودان أن منهج المعالجات الجزئية لا يقود للسلام.
إنهاء الحرب عندنا متصل بخارطة طريق ورؤية شاملة تمتلكها القوى المدنية وتحشد لها التأييد الشعبي، وكذلك الدعم الدولي والإقليمي وتؤسس على مبادئ وثوابت وطنية وغايات أخلاقية تقود للآتي:
١- بقاء الدولة السودانية.
٢- تماسك القوات المسلحة والتأكيد على أنها الجيش الوطني.
٣- حل معضلة وجود مليشيا الدعم السريع وتمردها.
٤- وقف نزيف الدم السوداني.
٥- وضع خارطة طريق عملية تخاطب واقع ما بعد الحرب وتمهد لاستعادة المسار السياسي
كل من يؤمن بتلك الأسس الوطنية فإنه سينظر لعملية إنهاء كعملية في حقيقتها لا تُبنى على حياد زائف، بل تقوم أساسا على الانحياز، فالانحياز يكون لبقاء الدولة الوطنية ولوجود جيش وطني واحد هو القوات المسلحة ومنع أي تشكيل عسكري خارج منظومتها، وكذلك الانحياز لوقف نزيف الدم السوداني وإعادة الإعمار والبناء ومن ثم استعادة المسار السياسي بأسس نتلافى فيها عيوب كل المراحل السابقة.
ستظل قوى الحرية والتغيير هي تلك القوى التي لا تتفق مع كل ما سبق ذكره، فمقدماتها عن الحرب لن تقودها لتبني رؤية صحيحة حول إنهاء الحرب، وحيادها الزائف لا يؤهلها لموقف وطني، وعنادها وغطرستها وتقويها بالخارج وعزلتها عن الشارع يفقدها مصداقية وتمثيل، ثم تطابق خطابها وخطاب المليشيا وتساهلها البائن مع الانتهاكات وعدائها الواضح للجيش كل ذلك سيمنعها من تبني موقف وطني يدعم وينحاز لبقاء الدولة السودانية ومستقبلها.
الخلاصة:
إذا لم تُراجع قوى الحرية والتغيير مقدماتها ومرتكزات خطابها، وإذا أصرت على عدم الانحياز لخيار بقاء الدولة وتماسك قواتها المسلحة وإذا لم تعترف بالخلل البنيوي في وجود المليشيا فإنها في الحقيقة تموضع نفسها كجزء من الحرب، وكداعم سياسي للمليشيا وكقوى سياسية مُساندة للتمرد ومُساهمة في حصار وإضعاف السودان، وبالتالي فإنها ليست جديرة بالحديث عن عملية إنهاء الحرب.
هشام عثمان الشواني
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر هذه القوى السیاسیة إنهاء الحرب
إقرأ أيضاً:
ندوة في بروكسل حول مستقبل الأحزاب في اليمن بمشاركة قادة الاحزاب
دشن المنتدى اليمني الأوروبي، أولى فعالياته في العاصمة البلجيكية بروكسل بندوة حضرها قادة الأحزاب اليمنية وخبراء سياسيون، لمناقشة مستقبل الحياة الحزبية في ظل تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة في البلاد.
وقال رئيس المنتدى، خليل مثنى العمري، في كلمته الافتتاحية إن الندوة تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في اليمن، وسبل استعادة دورها في الحياة العامة.
وشارك في الندوة قادة أحزاب الموتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري والمجلس السياسي للمقاومة الوطنية
السقاف: الشعبوية تهدد الوعي السياسي
انتقد عبد الرحمن السقاف، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ما وصفه بـ”اختلال موازين القوى في البلاد”، مشددًا على ضرورة احتكار الدولة للقوة العسكرية.
وأضاف أن “الشعبوية المنتشرة في البلاد تؤدي إلى تخريب الوعي السياسي العقلاني، وتحوّل الأكاذيب إلى حقائق، مما يفاقم الأزمات ويؤجج الصراعات الإعلامية”، لافتًا إلى أن “هناك فرقًا كبيرًا بين النقد العقلاني للأحزاب وبين تدمير الوعي السياسي”.
نعمان: اللقاء المشترك تجربة مهمة لكن حكومة الوفاق أضرت بالأحزاب
من جانبه، قال عبد الله نعمان، الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري، إن تجربة “اللقاء المشترك” بين الأحزاب السياسية اليمنية كانت نموذجًا سياسيًا ناجحًا، لكنه انتقد مشاركتها في حكومة الوفاق الوطني، معتبرًا أنها “أخطأت بقبول تقاسم الوظائف العامة على حساب الكفاءة”، مما أتاح لجماعة الحوثي استغلال الوضع لإسقاط الدولة.
وأضاف: “الأحزاب السياسية تلعب أدوارًا مختلفة في زمن الحرب مقارنة بأوقات السلم، حيث يصبح الشعب كله جبهة واحدة لمواجهة الأخطار”، مشيرًا إلى أن “الحرب شوهت صورة الأحزاب السياسية”، وأنه “عندما تتحدث المدافع، تصمت السياسة”.
الهجري: تشرذم القوى السياسية يضعف الجميع
أما عبد الرزاق الهجري، القائم بأعمال الأمين العام لحزب الإصلاح، فأكد أن الأحزاب اليمنية تأثرت بالوضع السياسي الراهن، لكنها تشهد “انفتاحًا ونقاشًا داخليًا إيجابيًا بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي”.
وقال: “ليس من مصلحة المنظومة السياسية أن تغيب القوى المؤثرة عن المشهد”، مشددًا على ضرورة أن “تتنافس الأحزاب وهي قوية، بدلًا من أن تتصارع وهي ضعيفة”، مضيفًا أن “الشرذمة السياسية تُضعف الجميع”.
معوضة: الحوثيون صادروا الدولة بالكامل
وأكد القيادي في المؤتمر الشعبي العام رئيس كتلته البرلمانية عبد الوهاب معوضة أن جماعة الحوثي نفذت “انقلابًا شاملًا” واستولت على مؤسسات الدولة.
وأضاف: “يحاول الحوثيون تصوير العمل السياسي كجريمة، ويروجون لفكرة أن الحل الوحيد لليمن هو حكم الولي الفقيه”، مشيرًا إلى أن “الأحزاب بحاجة إلى إعادة تنظيم جهودها من خلال التكتل الوطني لتوحيد القوى السياسية”.
أبو حورية: استعادة الدولة أولوية
من جهته، قال عبد الله أبو حورية، الأمين المساعد للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، إن القوى السياسية اليمنية يجب أن تتوحد لاستعادة الدولة.
وأضاف: “إذا ظللنا نبكي على اللبن المسكوب، فلن نبني بلدًا”، مشيرًا إلى أن “المؤتمر الشعبي العام نجح في تأسيس تجربة ديمقراطية، لكن الصراعات السياسية أضعفت الجميع، وأتاحت للحوثيين الفرصة للتمدد”.
وأوضح أن “المقاومة الوطنية قدمت 1,500 شهيد، ووصلت إلى مشارف الحديدة، لكن اتفاق ستوكهولم جاء ليعرقل تقدمها”، مؤكدًا أن “الخلاف مع الحوثيين وجودي، لأنهم يرون أنفسهم أصحاب حق إلهي في الحكم”.
أبو أصبع: الحوار والشراكة ضرورة لاستعادة الدولة
وقالت بلقيس أبو أصبع، عضو هيئة التشاور الوطني، إن على القوى السياسية “تعزيز الحوار والشراكة”، مشددة على أهمية التوافق حول شكل الدولة المستقبلية، سواء كانت مركزية أو فيدرالية.
وأضافت: “هناك ظرف دولي مناسب، حيث تم تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، ويجب على الحكومة استغلال هذه اللحظة والعمل بشكل جاد بدلًا من انتظار حلول خارجية”.
كما أكدت أن الأحزاب بحاجة إلى “إصلاح داخلي، وتعزيز مشاركة النساء والشباب، لأن التنظيم الحزبي القوي هو الذي ينتج قيادات سياسية قادرة على صناعة القرار”.
تحذير من تجريف الحياة السياسية
واختتمت الندوة بورقة بحثية قدمها الباحث في علم الاجتماع السياسي مصطفى الجبزي، تناول فيها “خطورة تجريف الحياة السياسية في اليمن”، محذرًا من استمرار تهميش دور الأحزاب، وتأثير ذلك على مستقبل البلاد.