هو شاعر مشهور في أوساط العشائر السبعاوية، رغم أنه لم ينتهج في شعره اللهجة العامية. غير أنه لم يحِد الولاء لفلسطين والتمسك بهويتها.

حافظ على لباسه التراثي الذي كان يفتخر به، رغم أن الوظيفة كانت تقتضي أن يتركه، إلا أنه لم يكن يفوّت فرصة خارج الوظيفة إلا اغتنمها للتأكيد على جذوره الفلسطينية العشائرية.



كان حفاظه على لباسه التقليدي، هو الجانب المادي لحفاظه على روحه المتمسكة بالهوية الفلسطينية والقضية التي عايشها منذ الولادة حتى الوفاة.

فمن هو شاعرنا؟

هو أبو الوليد جميل بن عيّاد بن محمد بن سعود بن حسين بن رباح بن أحمد ابن سالم بن حسين بن بكر الوحيدي. أو جميل عياد الوحيدي، ولد في عام 1930 في بئر السبع، في أراضي عشيرة الوُحَيدات جنوبي قرية الفالوجة من أعمال غزة.


                                                                  جميل عباد وحيدي

تلقى علومه الابتدائية في مدرسة الفالوجة، وانتقل في أوائل المرحلة الثانوية إلى مدرسة المجدل، لكنه تابعها في الكلية الإبراهيمية بالقدس وأتمّها هناك.

عمل مع حكومة الانتداب البريطاني لعدة شهور في وظيفة Wireless Operator. وترك عمله سريعاً، وشارك في بعض معارك النقب 1948 وجرح في معركة بئر السبع ووقع أسيراً بيد العصابات الصهيونية.

لجأ بعد النكبة عام 1948 إلى الأردن، وعمل معلماً مدرسياً، ثم مساعد مدير وبعده مديراً في مدارس وكالة الغوث الدولية من عام 1950 حتى عام 1990 الذي تقاعد فيه.

تقدم خلال عمله في الأونروا إلى امتحان المعلمين الأدنى عام 1957 وحصل على شهادته، ثم على شهادة امتحان الدراسة الثانوية عام 1962، وعلى شهادة الليسانس في التاريخ عام 1967، من جامعة بيروت العربية، وثمة أخبار غير متواترة من أحد المصادر، قالت: إنه أكمل دراسته العليا حتى الدكتوراه.

أشهر قصائده التي أصدرها إبان الانتفاضة الأولى بعنوان "أين الفوارس؟"، التي نشرها في مجلة أرض الإسراء، ثم ضمّنها في أحد دواوينه لاحقاً. هذه القصيدة بقيت حتى وقت متأخر تًدرّس في مناهج اللغة العربية للصف السابع في الأردن.

العاطفة الجياشة واستدعاء التاريخ الإسلامي وأحداثه وشخصياته في قصائده، تعكس روح المقاومة والصمود والتمسك بالهوية الفلسطينية ومعاني المقاومة في شعره الذي يعتبر مثالاً صادقاً عن النضال الفلسطيني ومعاناة اللجوء التي مر بها شعبنا.

توفي الشاعر جميل الوحيدي في 18 شباط/ فبراير 2005 على أثر تعرُّضه لنوبة قلبية مفاجئة في منزله في الأردن.

مؤلفاته الشعرية

ـ آلام وآمال، 1985.
ـ أعطني سيفاً، 1991.
ـ صدى الحادثات، 1999.



مؤلفاته النثرية:

ـ نظرات في تاريخ عشيرة الوحيدات، 1986، الذي يتحدث عن تاريخ عشيرته ويوثق لجذورها وهويتها.



نماذج من شعره:

يا أمّة غرقت في بحر فُرقتها                    ..                  وفاتَها النّصر لـمّا ضلّت الدّينا
فأيّ دين سوى الإسلام نتبعه                ..                   يزيدُ أمّتنا عزّاً وتمكيناً!
ومن يُعيد لنا منهاجَ أمَّتِنا                        ..                   يجلو نضارته شكلاً ومضموناً؟!
فلا نقلّد في شرقٍ ملاحدةً                     ..                    ولا نقلّد في غرب  قوانينا
فنحن في بلد الإسراء، قِبلَتُنا                  ..                     بيتٌ بمكّة، والقرآن هادينا
ولن ترفرف في الآفاق رايتُنا                  ..                     إن حادَ عن سُبُلِ الإسلامِ حادينا

مختارات قصيدة "أين الفوارس؟"

لا الخيلُ خيلي، ولا الفرسانُ فرسَاني       ..                   فأجملي اللومَ، إنّ اللومَ أعيانِي
فهذه الخيل، في أعصَابها خوَرٌ                ..                    يدبّ فيها دبيبَ اليأسِ في العانِي
الخيلُ، ما الخيلُ! إن كانت مقيّدة            ..                    تمشي الهوينى كوسنانٍ ونشوانِ
والخيلُ إن لم تكن دوماً موحدةً              ..                    تعِشْ فريسةَ إذلالٍ وإذعانِ
أين الفوارسِ! للأقصى تحرّرهُ                   ..                    من قبضةِ الكفر من أعوان شيطانِ؟
قد بات يرسفُ في قيدٍ، لشرذمةٍ             ..                    خسيسةٍ، برعت في كلّ بهتانِ
أين الفوارسُ! للإيوانِ تقحَمُهُ                 ..                    ففي فلسطينَ يعلو ألف إيوانِ؟
أين المثنّى! وأصحابٌ له سلفوا              ..                     قد عاد "هرمزُ" في أثوابِ إيبانِ؟
وأين خالدُ! لليرموكِ يوقِظُها                   ..                    ويوقظُ الفجرَ من أحضانِ وسنانِ؟
وأين عقبةُ! تمضي خيله قدماً                ..                    فلا تهاب بحاراً خلفَ شطآنِ؟
هل طاحتِ الخيلُ! أم طاحت فوارسُها   ..                    أم أردتِ الخيلُ عنها كل مبطانِ؟
أم ولّتِ الخيلُ يومَ الزحفِ واندحرت         ..                    أمام زحفٍ لشارونَ وبيغانِ؟
فانظر لحطين قد سالت مدامعها          ..                     تجرجر القيد في ساحات سجانِ
والسبعُ شاكيةٌ والقدس باكيةٌ               ..                     واللدُّ غارقةٌ في بحرِ طغيانِ
هدمٌ وحرقٌ وتشتيتٌ ومتربةٌ                    ..                     والخيلُ قاعدةٌ عن خوضِ ميدانِ!
وهل سبيلٌ إلى يومٍ تكرّ به                      ..                     على العدو تثير النقع من ثانِي؟
خيلاً موحّدةَ الراياتِ مؤمنةً                     ..                     من مهبطِ الوحي قد تأتي وعمّانِ
ومن دمشقَ وبغدادَ ومن يمنٍ              ..                      من الكويت ومن مصرَ ولبنانِ
فأجملي اللومَ إن أسرفتُ في كلمي     ..                       فنكبة القدسِ أوحت لي بنكرانِ
ومن عذيري! إذا ما شطّ بي قلمي       ..                      ومن يلومُ! وجرحُ القدسِ يلحانِي!
ولا سبيلَ إلى نصرٍ لأمّتنا                          ..                      من غير عودٍ لإسلامٍ وقرآنِ

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير شاعر الفلسطينية فلسطين مسيرة شاعر هوية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

لغة الروح وصوت القلب في بيت الشعر

نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية أمس الثلاثاء شارك فيها كل من الشاعر جعفر حمدي أحمد، والدكتور خليفة بوجادي، والشاعر عمر المقدي، وحضرها رئيس دائرة الثقافة، عبدالله العويس ومدير بيت الشعر محمد عبدالله البريكي، وجمهور من الشعراء والنقاد والباحثين والمهتمين بالشعر.

قدم للأمسية الدكتور أحمد سعد الدين، رافعاً أسمى آيات الشكر لعضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على اهتمامه بالثقافة العربية، وجعله الشارقة عاصمة للثقافة والإبداع وجعل بيت الشعر بيتاً للشعراء، ثم أضاف في افتتاحيته: "الشِّعرُ لُغةُ الرُّوحِ وصَوتُ القَلبِ، والنَّافذةُ التي تُطلُّ على عوالمِنا الداخليةِ".
استهل القراءات الشاعر جعفر حمدي أحمد، الذي توشحت قصائده بالدلالات والصور الشعرية العميقة، فطاف بكلماته بين حالات الشاعر الوجدانية وقضاياه الإنسانية، ورسم بلغة شفيفة ما يختلج في صدره من رؤى وأفكار ومشاعر، فيقول:
هذا الوحيدُ مشىٰ بالنهرِ مُؤتنِسًا،
إنْ حطَّ فِي الماءِ لم يحفَلْ بهِ السَّمكُ
‏‎وإن أشارَ إلى الغيماتِ؛ ظُنَّ بهِ
بعضُ الجنونِ وغاضَ الغيمُ والفَلَكُ
أما في قصيدة "فتى المواجيد" فتظهر صورة الشاعر المشرقة ومكانته في المجتمع، بما يحمله من صدق ونقاء، وبما يراوده من تأملات، فيؤكد بذلك ما ذهبت إليه العرب منذ القدم، حين جعلوا من الشاعر صوت قومه وقدوتهم، فيقول:
قلبي النقيُّ مشىٰ بئرًا لواردِهِ
كما تهيأَ عصفورٌ لصائدِهِ
مشىٰ يُقلِّبُ كَفَّيْ شِعْرِهِ، فغَدَا
يَلُوحُ للشمسِ إذ تزهُو بعائدِهِ
فَمَا تهيأَ طِفلٌ ما لقِبلتِهِ
إلاَّ وأصبحَ ظِلاًّ مِنْ فرائدِهِ
حتَّىٰ تفاخرَ قومٌ حينَ غايرَهُمْ
فتىٰ المواجيدِ، وانصاعُوا لشاردِهِ
وشارك الدكتور خليفة بوجادي بقراءة نص بعنوان "إيراقة الرمل والأحجار" والذي دار حول استذكار العمر وما مضى منه، والتأمل في محطاته، فيقول:
عامٌ تَقضّي فلا كُرّرتَ يا عامُ
كذلكِ العمرُ.. عامٌ بعدَه عامُ

عشرون عاماً وخمسٌ فوق راحلتي
غادرتُ فيها صِباً تحدوهُ أحلامُ

عشرون عاماً وخمسٌ يا مهنّئَتي
والنّفسُ يعكسُها دهرٌ وأقزَامُ
ثم قرأ قصيدة أخرى بعنوان " هذي الحال" تناولت موضوع رثاء الأم، وما يخلفه فقدها من ألم ومرارة ويتم، فيقول:
أطْللتِ في وجَع التذكُّر بلسَمَا
وزرعتِ في جدْب القصائد موسمَا
من بعد ما لبسَ الفؤادُ شحوبَه
وضياءُ عُمْري بعد غمضكِ أظلمَا
لمّا وقفتِ بمَحْجر العَين التي
مُذ غبتِ عنها، غالبتْ دمعي الدّمَا

وختم القراءات الشاعر عمر حسين المقدي بنصه المعنون "الخزف الشفاف" لوحة فنية متقنة، تتداخل فيها ألوان المعاني الرقيقة بقوة البلاغة واتساع القاموس اللغوي، فيقول :
لَمْ يَعْرِفِ النَّاسُ عَنْهُمْ عِنْدَمَا عُرِفُوا
فَخَبَّأُوا السِّرَّ فِي الأَرْوَاحِ وَانْصَرَفُوا
وَمِثْلَمَا تُكْمِلُ الأَقْمَارُ رِحْلَتَهَا
نَحْوَ البِدَايَةِ مَا بَانُوا وَمَا ازْدَلَفُوا
العَائِدُونَ مِنَ الغَيْبِ البَعِيدِ مَدًى
الذَّاهِبُونِ إِلَى الغَايَاتِ مَا انْحَرَفُوا
مَرُّوا عَلَى اللَّوْنِ شَفَّافِينَ تَحْمِلُهُمْ
دُمُوعُهُمْ إِنَّمَا أَوْجَانُهُمْ ضِفَفُ
أما في نصه "حديث جانبي" فقد استطاع الشاعر أن يدير ببراعة حواراً داخلياً مجازياً مع الروح الشاعرة وتطلعاتها وارتباطها باللغة وبحثها عن الجمال، فيقول:
قَرِيبٌ أَنْتَ مِنْ تَحْقِيقِ ذَاتِكْ
تُسَاوِمُكَ الطَّرِيقُ عَلَى جِهَاتِكْ
تَسِيرُ إِلَى الأَمَامِ بِكِبْرِيَاءٍ
وَيَحْلُمُ كُلُّ شَكٍّ بِالتِفَاتِكْ
تَهُزُّكَ نَسْمَةٌ خَجْلَى وَلَمَّا
يُشَاهَدْ أَيُّ شَيءٍ فِي ثَبَاتِكِ
مَجَازِيًّا تَطِيرُ لِأَلْفِ مَعْنًى
تُدَافِعُ بِالقَصَائِدِ عَنْ لُغَاتِكْ
ثم كرّم عبدالله العويس بحضور الشاعر محمد البريكي المشاركين في الأمسية.

مقالات مشابهة

  • جميل عفيفي: العالم عاجز أمام غطرسة إسرائيل ومصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين
  • شهد الشمري تستمر بالتسوق على الخيل وتثير الجدل .. فيديو
  • اتحاد العاصمة يعلن تعاقده مع بن عياد
  • بطولة الشراع الدولية لجمال الخيل العربية تنطلق الخميس في أبوظبي
  • نظير عياد : الفتوى مهمة عظيمة وجليلة وجزء أساسي من الأمن القومي للمجتمعات
  • لغة الروح وصوت القلب في بيت الشعر
  • رامي صبري لـ مدين : فنان حقيقي وبني آدم جميل
  • محافظ ريف دمشق يلتقي ممثلي الغوطة الشرقية لمناقشة التحديات التي تواجه العمل وسبل تحسين الخدمات للمواطنين
  • السوداني يعزي بوفاة المخرج السينمائي الكبير محمد شكري جميل
  • محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خالدا