#تلبيس_ابليس
د. #هاشم_غرايبه
في مثل هذا الوقت من كل عام، وقبيل احتفال الطوائف المسيحية بأعيادهم، تنفذ أعمال عدائية لتوحي بأنها من تدبير المسلمين، لتصويرهم بالمعادين لمعتقدات مخالفيهم، بهدف تأجيج مشاعر التعصب المضاد للإسلام، والهدف واضح، وهو إذكاء جذوة العداء للإسلام، كلما خبى أوارها في النفوس المتحفزة لعدائه.
في هذا العام وقع الاختيار على مدينة ماجديبورغ الألمانية، فكان حادث الدهس المريب الذي قام به شخص سعودي الجنسية.
الذين دبروا هذا العمل الإجرامي، لم يهتموا كثيرا بطبيعة الشخص المنفذ الشخصية، كان همهم الوحيد هو أن يكون مسلما، وحتى لو تبين فيما بعد أنه معاد للإسلام، وما إسلامه الا بسبب جنسيته السعودية، فهذا لا يهم، لأن المستهدف بالتضليل هو الإنسان الأوروبي، الذي يعرفون أنه ضحل الثقافة فلن يبحث في التفاصيل، لذا فهو ساذج سهل التوجيه، فسيكتفي بالعنوان فقط: الربط بين الإسلام والإرهاب، لذلك فلن تغير في العودة عن هذه الفكرة المضللة معرفة الحقيقة التي ستنجلي قريبا وهي أن المنفذ لم يرتكب جريمته بوحي من الدين، فهو معروف انه شخص معتوه غير متزن التفكير، وهو ليس مسلما أصلا إلا بالجنسية ويعلن أنه منشق عن الإسلام، بل ويدعو الى ذلك، بدليل أنه يتبرع الى الهيئات الأوروبية التبشيرية التي تدعم وترعى المنشقين عن الإسلام.
تندرج في ذلك الإطار، عملية محاولة إحراق شجرة عيد الميلاد في منطقة حماه في سوريا، وهي هنا أكثر تأثيرا لأنها تستهدف تخويف الأقلية المسيحية التي تعيش في كنف العالم الإسلامي آمنة مطمئنة على معتقداتها وثقافتها منذ خمسة عشر قرنا، ولم يتعكر صفو ذلك الاطمئنان في أية حقبة تاريخية.
لو تمعنا في تفاصيل هذا الحادث، لوجدنا أن المتهمين ينتمون الى جماعة مسلحة من تلك التي كانت من الدواعش، ذلك يدل على أحد أمرين، إما أن المنفذ عميل لأحد أجهزة الاستخبارات المتحالفة ضد الإسلام (الغربية والأنظمة العربية)، أو أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه بدافع من جهل السلفيين المتشددين بمناطات الدين، واعتقادهم بأن ذلك العمل يرضي الله.
الاحتمال الأول هو المرجح، كونه امتداد للحرب على الإرهاب، وشهدنا أعمالا مشابهة كثيرة نفذت خلالها، مثل الهجوم على الطائفة اليزيدية وكنائس في العراق وعلى الأقباط في مصر، هدفت لشق هذه الطائفةعن الأمة، ودفعها لعداء المسلمين، والاصطفاف مع الغزاة الغربيين، وتصويرهم أنهم المنقذون لهم.
ورغم أن الاحتمال الثاني أضعف إلا أنه غير مستبعد، خاصة مع ما نشهده من تنامي التطرف في المجتمعات الإسلامية، والذي اساسه الجهل بالدين، وأوجده المتنطعون الذين حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الغلاة المتطرفون، ويعتقدون ان العنف فيه منعة للدين، فيما هم لا يعلمون كم هم يصدون عنه ويسيئون له.
يجب أن يعلم هؤلاء أنهم يخالفون ما أمر الله به، فيما هم يظنون أنهم يسعون لمرضاته، فالله لم يكلف أمته إلا بالدعوة الحسنة، سواء مع الكافرين أو أهل الكتاب “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” [النحل:125]، وخص أهل الكتاب بالدعوة وأن اتباعهم الإسلام هوخير لهم: “وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم” [آل عمران:110]، لأن الله بعد أن استوفى رسالاته واستكمل الدين، أصبح الإيمان بالرسالة الخاتمة هو المقبول عنده فقط، فهي ناسخة بديلة لكل ما سبقها، لذلك قال تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” [آل عمران:19]، وقطع الطريق على كل من يرفض دخول الاسلام بحجة أنه مؤمن بالعقائد السابقة، وأنها جميعها مقبولة عند الله: “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” [آل عمران:85]، لذلك وبعد هذا التبيان، فالمسلم مكلف بالدعوة فقط: “وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ” [آل عمران:20]، وليس عليه إكراه أحد على الإيمان، لأن بقاء الناس منقسمين بين مؤمنين وكافرين هي سنة الله في خلقه: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا” [يونس:99].
المسلمون مكلفون بالدعوة الى الإسلام بالحسنى أي بالإقناع العقلي، ولا تكون بالعنف أو الإكراه. مقالات ذات صلة الفريق العدوان … حذارِ أن ينامَ الأردنّ والخطرُ مستيقظٌ . . ! 2024/12/27
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تلبيس ابليس هاشم غرايبه آل عمران
إقرأ أيضاً:
دفاع عن السنة المشرفة: رد شبهة حول علاقة الرجال بالنساء في الإسلام
تكثر الشبهات التي يروجها البعض حول تعاليم الإسلام، وتستهدف التشكيك في مكانة المرأة في الدين، خاصة ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة.
قال الدكتور مختار مرزوق عميد كلية أصول الدين السابق في جامعة الأزهر أن أحد الأحاديث التي تم تداولها بشكل خاطئ هو الحديث القائل: "شاوروهنَّ وخالفوهنَّ - يعني النساء"، الذي يُزعم أنه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا الحديث لا أصل له في السنة النبوية، ولهذا نقدم في هذا الموضوع ردًا علميًا مدعومًا بالأدلة على هذه الشبهة.
1. لا أصل لهذا الحديث في كتب الحديثأولًا، يجب التأكيد على أنه لا يوجد دليل من كتب الحديث المعتمدة على صحة هذا الحديث. في كتاب "الفوائد المجموعة"، جاء النص الذي يذكر هذا الحديث تحت عنوان "لا أصل له" (رقم ٧٦)، ما يعني أن هذا القول لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما جاء في كتاب "المصنوع في الحديث الموضوع" أنه لا يثبت بهذا اللفظ. وهذا يؤكد أن الحديث غير صحيح وأنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2. التحليل العلمي للحديثأيضًا، في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (رقم 430)، ورد أنه لا أصل لهذا الحديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن معناه ليس صحيحًا. وأوضح العلماء أنه لا يُعقل أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم كلام يخالف ما ثبت من تصرفاته في المواقف الحقيقية مع نسائه. ومن أبرز هذه المواقف مشورة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية، حيث أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه ليشجعهم على متابعة تنفيذ أمره، فاستجاب لها وأظهر احترامًا كبيرًا لمشورتها. في هذه الحادثة، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف زوجته، بل كان يقدر رأيها ويسعى للتفاعل معه بحكمة.
3. التأثير السلبي للشبهات على صورة الإسلاممن المهم أن نلفت الانتباه إلى أن هذه الروايات التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يتم استخدامها من قبل أعداء الإسلام للتشويه والتضليل، وخاصة لخلق صورة مغلوطة عن الدين في ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة. فالإسلام، في جوهره، يعترف بالمرأة ويُعلي من شأنها، ويعزز من دورها في المجتمع، وهذا ما يظهر في العديد من المواقف التي أثبتت من خلال السنة النبوية.
4. التنبيه على بعض الدعاةللأسف، نجد أن بعض الدعاة أو المتحدثين يرددون مثل هذه الأحاديث دون التحقق من صحتها، وهو ما يشوّه الفهم الصحيح للدين.
وقد لفتنا نظر أحدهم إلى هذا الخطأ بعد سماعه هذا الحديث، ونحن اليوم نعيد التنبيه على ضرورة التحقق من الأحاديث والرجوع إلى المصادر العلمية الموثوقة التي تدرس الأحاديث الثابتة والمتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
5. الرجوع إلى المصادر الموثوقةإننا ندعو كل من يرغب في فهم أعمق لهذه المواضيع، ومعرفة ما يتعلق بالأحاديث المتعلقة بالمرأة في الإسلام، إلى الرجوع إلى المصادر المعتمدة، مثل صفحتنا العامة أو المواقع التي تنشر معلومات علمية مستندة إلى الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية. سنواصل نشر المزيد من التوضيحات حول هذه الشبهات بإذن الله تعالى.
في النهاية، من المهم أن نؤكد أن الإسلام يعلي من شأن المرأة ويمنحها حقوقها كاملة وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية. وعلى المسلم أن يتحرى الدقة في نقل الأحاديث وتفسيرها بما يتوافق مع النصوص الثابتة والموثوقة من القرآن والسنة. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.