تعيش الصحفية سعيدة عبدالغني تجربة مألوفة لدى عديد من النساء اليمنيات، وهي السعي لتحقيق التوازن بين أدوارها الأسرية وطموحاتها المهنية. كأم وصحفية، تواجه تحديات يومية لإدارة وقتها وطاقتها بين مسؤوليات المنزل ومتطلبات العمل، في ظل ظروف تضاعف من الضغوط على النساء العاملات.

توضح سعيدة قائلة: "الوقت هو أكبر تحدٍ بالنسبة لي".

بين رعاية أطفالها والالتزامات المهنية التي تتطلب أحيانًا العمل خارج المنزل لساعات طويلة، تجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة. "أحيانًا أضطر للتضحية بجانب من حياتي لصالح الآخر"، تضيف سعيدة، مشيرة إلى الضغوط النفسية التي ترافق هذه الخيارات.

قصة سعيدة تمثل جانبًا من حياة نساء يمنيات، يكافحن يوميًا لتحقيق طموحاتهن مع الحفاظ على أدوارهن الأسرية.

ضغوط نفسية 

تشير الأخصائية النفسية رقية الذبحاني إلى أن النساء العاملات يعانين من ضغوط نفسية متعددة، أهمها محاولات التوازن بين دور الأم والزوجة من جهة، ومتطلبات العمل المهني من جهة أخرى. وتتابع: "ضيق الوقت والشعور بعدم القدرة على إنجاز المهام بكفاءة يؤدي إلى شعور مستمر بالذنب والتوتر، خاصة مع توقعات المجتمع العالية من النساء العاملات". تضيف أن المرأة قد تواجه أيضاً تحديات مهنية مثل إثبات ذاتها في بيئة العمل التنافسية أو التعامل مع توقعات عائلية لا تتماشى مع طموحاتها.

تطوير مهني 

رغم الصعوبات، تسعى سعيدة باستمرار لتطوير مهاراتها الصحفية. تتحدث عن افتقارها في سنوات دراستها إلى مناهج متقدمة أو تدريب عملي على أنواع الصحافة الحديثة، مثل صحافة البيانات أو الصحافة البيئية. لذلك، تُشارك في دورات تدريبية لتواكب التطورات المهنية وتبقى قادرة على المنافسة في مجالها. تقول: "نحن الخريجون قبل 2015 لم نحصل على تدريب كافٍ، ولهذا أحاول تعويض هذا النقص بالمشاركة في ورش العمل والدورات التدريبية".

دعم أسري 

"زوجي يدعمني كثيراً ويساعدني في المهام الأسرية، خاصة عندما أحتاج إلى وقت لتطوير مهاراتي المهنية". تقول سعيدة، وترى أن العبء لا يزال كبيراً، مما يتطلب تضافر جهود الأسرة بأكملها.

وتشدد الأخصائية النفسية رقية الذبحاني على أن الدعم النفسي من الأسرة أو البيئة الاجتماعية يلعب دوراً كبيراً في تخفيف هذه الضغوط. تضيف: "الدعم العاطفي من الأسرة يمكن أن يكون بمثابة علاج نفسي، لأنه يعزز قدرة المرأة على مواجهة التحديات اليومية".

وتوصي الذبحاني النساء العاملات بالاهتمام بتنظيم الوقت وتحديد الأولويات كخطوة أساسية للتخفيف من الضغوط، "وضع خطة يومية وتقسيم المهام الكبيرة إلى صغيرة يسهم في تخفيف العبء النفسي". كما تنصح بممارسة الرياضة لتفريغ التوتر، واللجوء إلى الدعم الاجتماعي عبر الحديث مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقربين، "فالدعم العاطفي من الأسرة يُعتبر علاجاً نفسياً بحد ذاته، ويساعد المرأة على مواجهة تحدياتها اليومية بثقة أكبر"، حد تعبيرها.

من جانبه يشير اخصائي علم الاجتماع؛ الدكتور محمود البكاري إلى أن المرأة اليمنية تعيش صراعاً يومياً لتحقيق التوازن بين العمل والأسرة، وسط تحديات اجتماعية ومهنية ونفسية كبيرة. ومع ذلك، يمكن للدعم الأسري والمجتمعي أن يكون مفتاحاً للتغلب على هذه التحديات، مما يُمكّن المرأة من تحقيق طموحاتها دون التضحية بحياتها الشخصية أو المهنية، حد قوله.

دور المجتمع 

تؤكد سعيدة على ضرورة تغيير نظرة المجتمع تجاه النساء العاملات، خاصة الصحفيات، وتسهيل حصولهن على المعلومات ودعمهن مهنياً.

من جانبه، يسلط اخصائي علم اجتماع الدكتور البكاري، الضوء على التحديات الاجتماعية التي تعيق النساء في اليمن. يقول البكاري: "المرأة اليمنية تتحمل أعباء مضاعفة بسبب التقاليد والأدوار المجتمعية التي تفرض عليها مسؤوليات أكبر مقارنة بالرجل". ويرى أن النظرة التقليدية تجاه المرأة ومهنتها تُضيف المزيد من الصعوبات.

ويؤكد البكاري على ضرورة تغيير هذه النظرة المجتمعية ودعم النساء في سعيهن لتحقيق طموحاتهن، ويضيف: "يجب على المجتمع أن يُدرك أن تمكين المرأة ليس خياراً، بل ضرورة تنموية تُسهم في تحسين حياة الجميع".

بيئة العمل 

فيما تؤكد الذبحاني على أهمية دور المؤسسات والمجتمع في دعم المرأة العاملة، وتتابع: "خلق بيئة عمل مرنة تراعي احتياجات النساء، كتقديم إجازات مرنة وتوفير دعم نفسي في بيئة العمل، من شأنه أن يعزز من إنتاجية النساء وصحتهن النفسية". وتشدد على أهمية تمكين النساء من شغل المناصب القيادية وتقديم فرص متساوية لهن، مشيرة إلى أن الإعلام له دور حيوي في نشر قصص نجاح النساء العاملات لإلهام وتحفيز أخريات

وتوصي الذبحاني بتوفير استشارات نفسية وبرامج دعم داخل المؤسسات لدعم النساء العاملات. "الدعم النفسي من المتخصصين يساعد النساء على التعامل مع مشاعر التوتر والإرهاق، ويمنحهن استراتيجيات للتكيف مع التحديات اليومية".

نماذج نجحن 

رغم كل التحديات، هناك نماذج لنساء يمنيات نجحن في تحقيق توازن بين حياتهن المهنية والأسرية. الصحفية سعيدة عبدالغني تمثل مثالاً حياً على ذلك، حيث استطاعت مواصلة تطوير ذاتها مهنياً، مستفيدة من دعم أسرتها، ومستخدمة استراتيجيات تنظيم الوقت للتغلب على العقبات.

*تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: النساء العاملات

إقرأ أيضاً:

عناية المملكة بقضية السلامة والصحة المهنية تأتي انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه الإنسان

المناطق_واس

اعتنت المملكة العربية السعودية في ظل “رؤية 2030″ بقضية السلامة والصحة المهنية، بما يتوافق مع المعايير والأنظمة المحلية، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها انطلاقًا من مسؤوليتها الإنسانية تجاه العاملين في سوق العمل بمختلف جنسياتهم.

إذ تحرص المملكة على تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال السلامة والصحة المهنية، وهو ما يعد ضرورة لمواكبة ما تشهده من نهضة تنموية وتطور اقتصادي واجتماعي.

أخبار قد تهمك المملكة تشارك في جلسة محكمة العدل الدولية بشأن الوضع الإنساني في فلسطين 29 أبريل 2025 - 7:20 مساءً مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة “طريق مكة” من جمهورية تركيا متجهة إلى المملكة عبر صالة المبادرة في مطار إسطنبول الدولي 29 أبريل 2025 - 5:33 مساءً

وفي ظل تزايد التحديات في مجال السلامة والصحة المهنية على المستوى العالمي، حرصت المملكة على اتخاذ سياسات فعّالة واتباع معايير تضمن حماية صحة الإنسان والحفاظ عليها والحد من مخاطر إصابات العمل، وهو ما عزز الصورة الذهنية الإيجابية عن المملكة إقليميًا ودوليًا، وفي هذا الإطار أشادت منظمة العمل الدولية في وقتٍ سابق بإنجازات المملكة في مجال السلامة والصحة المهنية.

إذ أشارت المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية الدكتورة رُبا جرادات، بما حققته المملكة خلال السنوات القليلة الماضية من إنجازات في مجال السلامة والصحة المهنية وتطويرها على المستوى الوطني، وبتعاونها الوثيق مع منظمة العمل الدولية في هذا المجال.

وقالت” نتابع باهتمام التطورات المستمرة في المملكة التي قطعت خطوات واسعة وحققت إنجازات ملحوظة لتحسين وتطوير السلامة والصحة المهنية والحد من حوادث وإصابات العمل على المستوى الوطني”.

وأكدت أن منظمة العمل الدولية تقدّر عاليًا جهود المملكة في مجال السلامة والصحة المهنية، وتأمل أن تقتدي بقية دول المنطقة بها في هذا المجال، خاصة في ظل موافقة مؤتمر العمل الدولي هذا العام على اعتماد.

ونظرًا لأنّ السلامة والصحة المهنية تمثل أولوية ومسؤولية وطنية، حرصت المملكة على إصدار العديد من الأنظمة والتشريعات التي تتطلع منها إلى تحقيق الأهداف المرجوة في هذا المجال بما يسهم في نمو الاقتصاد الوطني عبر زيادة نسبة امتثال المنشآت بتأمين بيئات العمل للعاملين من ناحيتي السلامة والصحة المهنية، وحرصت “رؤية المملكة 2030” التي جعلت برامجها ومشاريعها من الإنسان محورها الرئيس، على مراجعة وتطوير الأنظمة والقوانين والتشريعات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية في مكان العمل، ومن ذلك تنظيم المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية، والسياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، وغيرها من التدابير التنظيمية والمؤسسة والإصلاح التي تمت على نظام العمل فيما يتعلق بمجال السلامة والصحة المهنية.

وشهد واقع السلامة والصحة المهنية في ظل هذه الرؤية الطموحة وبرامجها المتخصصة نقلة نوعية تبعًا للتطور الواسع الذي شهدته المملكة في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية منذ صدور الرؤية.

ويهدف المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية الذي وافق عليه مجلس الوزراء في العام 1443هـ إلى تطبيق حوكمة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني، وتحديد وتنسيق الأدوار بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومتابعة تنفيذ السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، وله -في سبيل تحقيق ذلك- مراجعة التشريعات والأنظمة واللوائح والبرامج وأي أدوات تنظيمية أخرى متعلقة بالسلامة والصحة المهنية، واقتراح التعديلات اللازمة في شأنها وفق الإجراءات النظامية، والعمل على إنشاء نظام مراقبة وتقييم فعّال وشامل للسلامة والصحة المهنية، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتطوير برنامج وطني شامل للتبليغ عن حوادث وإصابات العمل والأمراض المرتبطة بالمهن وتوثيق البلاغات ونتائج التحقيقات المتعلقة بها، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

وكذلك تقديم الاستشارات والدعم الفني فيما يتعلق بمجال السلامة والصحة المهنية، والعمل على تطوير واعتماد هيكل حوكمة محدد وواضح للسلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني؛ لضمان وجود نظام فعَّال ومرن في تطبيق أحكام السلامة والصحة المهنية في مكان العمل، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتنسيق الأدوار والمسؤوليات بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية؛ لتفادي ازدواجية الجهود، واعتماد البرامج والمبادرات الوطنية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.

وتضمنت اختصاصاته تعزيز التعاون بين أصحاب العمل والعاملين وممثليهم؛ لتعزيز السلامة والصحة المهنية، وتقويم ومتابعة أثر واستدامة أنشطة السلامة والصحة المهنية على بيئة العمل، ونشر التوعية بأهمية السلامة والصحة المهنية، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتنمية الموارد والقدرات في مجال السلامة والصحة المهنية، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وكذلك مراجعة التقارير الدولية ذات الصلة بالسلامة والصحة المهنية.

وتهدف السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية التي أصدرتها المملكة في العام 1442هـ إلى تعزيز سلامة وصحة العاملين في مكان العمل وذلك بتنسيق الجهود التكاملية من خلال إطلاق سياسة قابلة للقياس والتنفيذ والتحسين المستمر بمشاركة الأطراف الثلاثة، وهم: (الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية، وممثلون لأصحاب العمل، وممثلون للعاملين)، وذلك لتقييم الأخطار ومنعها من مصادرها للحد من الإصابات والأمراض المهنية، وبناء ثقافة وطنية للسلامة والصحة المهنية تقوم على المعلومات والمشورة والتدريب.

وكذلك تطوير التشريعات والأنظمة واللوائح والبرامج وأي أدوات تنظيمية أخرى متعلقة بالسلامة والصحة المهنية، وإنشاء هيكل حوكمة محدد وواضح للسلامة والصحة المهنية، وتطوير آليات لمراقبة الالتزام بالتشريعات والأنظمة بشكل فعال.

وتضمنت أهداف السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية تحديد أدوار ومسؤوليات الجهات الحكومية ذات العلاقة ببرامج السلامة والصحة المهنية بشكل واضح وشفاف، وتفادي الازدواجية وتضارب الجهود، وإيجاد آليات للتعاون بين أصحاب العمل والعاملين من خلال ممثليهم لتعزيز السلامة والصحة المهنية، وتوفير نظام معلومات شامل لإحصائيات السلامة والصحة المهنية، وكذلك متابعة أثر أنشطة السلامة والصحة المهنية على بيئة عمل المنشآت على المستوى الوطني ومدى استدامتها، من خلال التفتيش والتقويم وقياس نسبة الامتثال، وتنفيذ البرامج والمبادرات الوطنية بالتنسيق بين الجهات الحكومية ذات العلاقة للإسهام في الحد من مخاطر العمل، وتنمية العنصر البشري من خلال التدريب والتأهيل، مما يعزز من حماية العاملين واستقرار الأيدي العاملة، ودعم البحوث والدراسات الاستقصائية ذات الصلة بمجال السلامة والصحة المهنية.

مقالات مشابهة

  • بطالة قياسية بـ21.4% تعكس أزمة سوق العمل الأردني
  • عناية المملكة بقضية السلامة والصحة المهنية تأتي انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه الإنسان
  • إطلاق جلسات تشاورية لتطوير آليات «حماية المرأة من العنف» بالانتخابات
  • الأربعاء.. انطلاق ملتقى السلامة والصحة المهنية بصحار
  • هل الرجل أفضل من المرأة؟
  • الإعلامية روان أبوالعينين تشارك في المؤتمر الدولي لدور المرأة في التعليم والقيادة
  • بلدية أبوظبي توعي بالسلامة المهنية في المواقع الإنشائية
  • «السلامة والصحة المهنية» في ندوة تثقيفية للإدارة الصحية بدلنجات البحيرة
  • في اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية؛ إصابة عمل كل ( 35 ) دقيقة في المملكة.!
  • هل يمكن فصل الهوية المهنية عن الشخصية؟ دراسة توضح