السودان: عنف النخبة – قراءة في جذور التكوين والامتياز
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
يُعد كتاب "السودان: عنف النخبة - قراءة في جذور التكوين والامتياز" للباحث والكاتب السوداني غسان علي عثمان، الذي صدر عن هيئة الأعمال الفكرية في عام 2018، دراسة عميقة تتناول جذور التكوين الاجتماعي والسياسي للنخبة السودانية. يسلط الكتاب الضوء على دور العنف والتمييز الاجتماعي في تشكيل الامتيازات التاريخية التي استفادت منها النخب السودانية عبر مختلف الفترات التاريخية.
الفترات التاريخية المحورية
يستعرض الكتاب ثلاث مراحل أساسية ساهمت في تكوين النخب وتأثيرها على المجتمع السوداني:
الحكم التركي
يوضح الكاتب كيف أسهمت هذه الفترة في ظهور نخبة اجتماعية استفادت من الامتيازات الاقتصادية والسياسية التي أتاحها الاستعمار.
الثورة المهدية
يبرز الكتاب دور النخبة الدينية والسياسية في استغلال السلطة لتحقيق أهدافها، مشيرًا إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت عن ذلك.
فترة الخريجين
يناقش الكاتب نشأة مؤتمر الخريجين ودور المثقفين والسياسيين في تشكيل الهوية الوطنية، مع تحليل انعكاسات هذه المرحلة على الديناميكيات الاجتماعية والطبقية.
تحليل نقدي للنخب السودانية
يعتمد الكتاب على منهجيات تحليلية متعددة تشمل التاريخية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية السياسية. يقدم الكاتب قراءة نقدية لتاريخ التعليم في السودان ودوره في تكوين النخب، مبينًا أن السياسات التعليمية الاستعمارية والوطنية ساعدت في تمكين الطبقات العليا، بينما تركت الطبقات المهمشة خارج دائرة الامتيازات.
يشير المؤلف إلى أن النخب استخدمت التعليم كوسيلة للهيمنة الثقافية والاجتماعية، مما أدى إلى تكريس التفاوت الطبقي. يُظهر الكتاب كيف وظفت النخب موارد الدولة لتعزيز سلطتها، مع التركيز على استراتيجياتها في استخدام العنف كأداة لتحقيق الهيمنة السياسية والاقتصادية.
نقاط القوة
التحليل العميق: يقدم الكتاب قراءة شاملة للفترات التاريخية المختلفة، مما يعزز فهم جذور التكوين الاجتماعي والسياسي للسودان.
التنوع المنهجي: يجمع بين مناهج تحليلية مختلفة، مما يضفي عمقًا على الطرح.
التوثيق الجيد: يدعم الكتاب محتواه بمصادر تاريخية موثوقة.
التركيز على النخبة: يبرز الكتاب بشكل نقدي دور النخب في تشكيل المجتمع وتأثيرها على مختلف طبقاته.
نقاط الضعف
التركيز المفرط على النخبة: قد يغفل الكتاب بعض الجوانب الأخرى للمجتمع السوداني وتفاعلاته.
الطابع الأكاديمي: التعقيد في الطرح قد يحد من انتشاره بين القراء غير المتخصصين.
غياب التركيز على المعاصر: رغم تحليل الفترات التاريخية بشكل موسع، يغيب النقاش عن القضايا الحديثة وتأثيرات النخب على الواقع الراهن.
الأهمية والأثر
يمثل كتاب "السودان: عنف النخبة" إضافة نوعية للمكتبة السودانية والإفريقية، حيث يعالج بعمق القضايا الهيكلية التي واجهت السودان منذ تكوينه. من خلال رؤيته النقدية، يقدم الكتاب أداة تحليلية لفهم العلاقة بين السلطة، العنف، والامتيازات الاجتماعية. يُعد مرجعًا مهمًا للباحثين في الدراسات السودانية والإفريقية، حيث يسهم في توسيع النقاش حول دور النخب في المجتمعات التاريخية والمعاصرة.
وبفضل التحليل العميق والتوثيق الدقيق، يقدم الكتاب فهمًا متعدد الأبعاد للعلاقة بين النخب والمجتمع السوداني، مما يجعله مرجعًا أساسيًا لفهم التحولات التاريخية والاجتماعية. ورغم بعض نقاط الضعف، يظل الكتاب أحد أهم الأعمال الفكرية التي تلقي الضوء على جذور العنف والامتياز في تاريخ السودان.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الشهادة السودانية تحت وطأة الحرب.. إمتحان حياة أو موت البرهان يبث تطمينات وعقار يتحدث عن ظروف استثنائية ويتأسف
تاق برس – في مشهد تاريخي غير مسبوق، بدأت السبت إمتحانات الشهادة السودانية في ظل ظروف قاسية تكاد تتجاوز التصور.
طالبة تقطع آلاف الأميال من تشاد، وآخرون يغامرون بحياتهم في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر قوارب بدائية، فقط للوصول إلى مراكز الامتحانات. جلسات تُعقد في مواقيت غير تقليدية، والانقطاع المستمر للإنترنت يُضيف عبئًا ثقيلًا على كاهل الطلاب. في خضم هذه الفوضى، يتصاعد الغضب وتنذر الاحتجاجات بعواقب وخيمة وسط انقسام حاد في صفوف الطلاب وأسرهم.
امتحانات على حافة الموت
ووسط دخان المعارك، حيث تصطف قاعات الامتحانات جنبًا إلى جنب مع ميادين القتال، جلس نحو 343,644 طالبًا لخوض امتحانات مصيرية في 2300 مركز امتحاني، يحيط بها الخوف والتشرد والدمار.
وبين هؤلاء، يقف 120,724 طالبًا يحملون قصصًا من الشتات، هربوا من الجحيم إلى واقع أقل قسوة، فقط ليجدوا أنفسهم في مواجهة اختبار لا يختبر المعرفة فحسب، بل يختبر أيضًا قدرتهم على الصمود.
ومع ذلك، تصر وزارة التربية والتعليم على إقامة الامتحانات رغم الانتقادات، وكأنها تصارع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أملٍ يتلاشى.
الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الانتقالي ونائبه مالك عقار وعدد من المسؤولين في الحكومة بثوا تطمينات في نفوس الطلاب والطالبات الممتحنين اثناء تفقد مراكز الامتحانات.
واطمأن رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان السبت على سير امتحانات الشهادة السودانية وجاهزية المراكز في إستقبال الطلاب لآداء الامتحانات.
وتفقد المراكز الرئيسية للامتحانات بمحلية سواكن بولاية البحر الأحمر ـــ شرقي السودان.
كما تفقد أيضاً المراكز الخاصة بالطلاب النازحين من الولايات الأخرى. ووقف على مستوي الخدمات المقدمة لهم.
وأمتدح رئيس مجلس السيادة الدور الذي ظلت تضطلع به وزارة التربية والتعليم في توفير الإحتياجات الفنية واللوجستية من أجل إنجاح امتحانات الشهادة السودانية.
وأشار إلى دور سفارات السودان بالخارج في تهيئة وتنظيم مراكز الامتحانات للطلاب خارج السودان.
و أمتدح البرهان دور الأجهزة الأمنية في تأمين الامتحانات في ظل الظروف الماثلة حالياً في البلاد .
في الاثناء ،قرع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار اير بمدرسة كسلا الثانوية بنات، بولاية كسلا جرس إنطلاق امتحانات الشهادة السودانية ، بحضور والي ولاية كسلا ووزير التربية والتعليم د .أحمد خليفة، والأستاذة سلوى آدم بنيه مفوض عام العون الإنساني، والمدير العام لوزارة التربية والتعليم بكسلا وإدارات المراحل التعليمية بالولاية..
وحيا المعلمين والمعلمات الذين بذلوا جهدهم من أجل بلوغ هذه المرحلة مبينا أن الطلاب والطالبات الذين يخوضون هذه الامتحانات هم أمل ومستقبل السودان.
وقال إن هذه الامتحانات تأتي في ظل ظروف إستثنائية تمر بها البلاد. واشار الى المجهودات الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية في تأمين امتحانات الشهادة السودانية.
وأشاد عقار بدور سفارات السودان بالخارج في تنظيم مراكز الامتحانات وتهيئتها للطلاب بالخارج واثنى على إستضافة الدول الشقيقة والصديقة للطلاب السودانيين لآداء هذه الامتحانات.
واعرب عن أسفه لقرار السلطات التشادية حرمان الطلاب السودانيين المتواجدين في تشاد من آداء الامتحانات.
وأعرب نائب رئيس المجلس السيادي عن أمنياته لكل الطلاب داخل السودان وخارجه بالتوفيق والنجاح.
انتفاضة في الدلنج
ففي الدلنج بولاية جنوب كردفان، لم يكن الغضب مجرد كلمات، بل تحول إلى صرخات احتجاج مدوية. الطلاب هناك، المحرومون من الجلوس للامتحانات، يواجهون واقعًا مريرًا، حيث فشلت السلطات في توفير أبسط متطلبات العملية التعليمية.
هذا الفشل امتد ليشمل 60% من الطلاب على مستوى البلاد، وفقًا لبيان لجنة المعلمين السودانيين، مع حرمان تام في 8 ولايات، وحرمان جزئي في 3 ولايات أخرى. إنه مشهد يعكس حجم التصدع الذي أصاب جسد السودان التعليمي.
أبطال في زمن الانكسار
ومع كل هذا الظلام، تبرز قصص مضيئة تُعيد الأمل إلى النفوس وفق العربية نت.
الطالبة شمس الحافظ عبد الله، التي قطعت 2662 كيلومترًا من أبشي التشادية إلى الدامر السودانية، أصبحت رمزًا للجرأة والتحدي.
قصتها ليست مجرد رحلة، بل شهادة على أن التعليم في السودان لا يزال يقاوم، حتى في زمن الانكسار.
معارك على النيل
لكن قصة شمس ليست الوحيدة. ففي القطينة، قرر طلاب تحدي الطبيعة والحرب معًا، فركبوا قوارب بدائية لعبور مياه النيل الأبيض الهائجة، متحدين خطر الغرق للوصول إلى الدويم وأداء امتحاناتهم.
وعلى مدار يومين، كانت رحلتهم مغامرة أشبه بفصول من ملحمة بطولية، حيث اختلطت مشاعر الخوف بالأمل في مستقبل أفضل.
قرارات مثيرة للجدل
وفي خطوة تحمل أبعادًا غير مألوفة، قررت وزارة التربية والتعليم تعديل توقيت الامتحانات لتبدأ عند الساعة الثانية والنصف ظهرًا وتنتهي في الخامسة مساءً. هذا التغيير، الذي جاء في ظروف استثنائية، رافقه قرار آخر بقطع الإنترنت يوميًا في وقت الامتحانات، مما زاد من تعقيد حياة الطلاب وأسرهم، وأثار موجة من التساؤلات حول تأثيره على المشهد التعليمي برمته.
سؤال بلا إجابة
ومع كل هذا الصخب، يبقى سؤال واحد بلا إجابة:
هل يمكن لطلاب السودان أن يكتبوا مستقبلهم وسط هذه الكارثة؟
أم أن هذه الامتحانات ستظل مجرد فصل آخر في ملحمة الألم والمعاناة، حيث يواجه التعليم حربًا لا تُرحم؟.
إمتحانات الشهادة السودانيةالبرهانحرب السودان