الرابعة تواليا.. لبنان يوافق على تجديد عقد شراء الفيول من العراق
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
للمرة الرابعة على التوالي خلال 3 سنوات، يوافق مجلس الوزراء اللبناني على تجديد عقد شراء الفيول من الدولة العراقية، وبموجبه تشتري الدولة اللبنانية كميات من الوقود لتشغيل معامل مؤسسة كهرباء لبنان لتوليد الكهرباء، على أن تورّد الحكومة العراقية 1.5 مليون طن متري من الفيول الثقيل إلى لبنان في المدة الممتدة من نهاية كانون الثاني عام 2025 حتى نهاية الشهر نفسه من عام 2026.
وفي المقابل، ستدفع الحكومة اللبنانية بواسطة الاعتماد المستندي غير المعزّز، أو ما يعرف بـ"stand by letter of credit"، لشركة تسويق النفط العراقية "SOMO"، وتحديداً في حسابها لدى مصرف لبنان، مبلغ مليار و27 مليون دولار قابلاً للزيادة أو النقصان بنسبة 10%، تبعاً لتقلبات الأسعار في سوق النفط العالمية، علماً بأن هذا المبلغ يعبّر عن كلفة عقد توريد الفيول بصيغته المجدّدة للمرة الرابعة، أي لا علاقة له بالعقود الماضية في السنوات السابقة، بحسب صحيفة الاخبار اللبنانية.
وفيما ستحدّد "SOMO"، لاحقاً، كلفة العقد النهائية، ستؤدي وزارة الطاقة والمياه في لبنان دور "المزوّد بالوقود" لمصلحة مؤسسة الكهرباء. فكميات "الفيول أويل الثقيل" المحمّلة من العراق لا يمكن الاستفادة منها مباشرةً في معامل توليد الكهرباء اللبنانية، لا في الجية والذوق، ولا في دير عمار والزهراني. وبالتالي، ستعمل وزارة الطاقة خلال عام 2025، وطوال مدة العقد، على تبديل كميات "زيت الوقود الثقيل HSFO" الذي يحتوي كمية عالية من الكبريت، بكميات من مادة "الغاز أويل" لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار، ومن مادة "الفيول أويل" من الدرجة "A" و"B" لتشغيل المحركات العكسية في معملي الذوق والجية، أي المولدات الجديدة فيهما لا المجموعات القديمة، وفقا للصحيفة.
بالمقارنة مع العقود الثلاثة السابقة الموقعة بين الدولتين اللبنانية والعراقية، تمكنت وزارة الطاقة من رفع كمية زيت الوقود الثقيل في العقد المجدّد، بنسبة تراوح بين 50% و100% مقارنة مع الكميات التي نصّت عليها العقود الموقعة بين الطرفين في الأعوام 2021 و2022 و2023 إذ كانت تتضمن بيع لبنان مليون طن من الفيول سنوياً. أما بموجب العقد الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء وفقاً للقرار 19 في جلسته الأخيرة، فسيبلغ حجم الكميات الموردة من مليون ونصف مليون طن، وصولاً إلى مليوني طن من الفيول سنوياً.
وتابعت الصحيفة، ولا تضمن هذه العقود خطر عدم الوقوع في العتمة الشاملة. فلو افترضنا أنّ الدولة العراقية نفّذت الجزء المتعلق بها من العقد من دون أيّ عراقيل، ستبقى مسألة تحويل الأموال لحساب المركزي العراقي في لبنان عالقة. إذ لا يزال المصرف المركزي اللبناني يطالب بإبرام الاتفاقية مع الجانب العراقي في مجلس النواب. بمعنى آخر، يطالب المركزي اللبناني بتغطية صرف المبالغ المدفوعة بدل الفيول العراقي بقوانين، لا بقرارات حكومية كما هو سائد الآن. علماً بأنّ القوانين لم تغطِ من العقود الثلاثة السابقة سوى العقد الأساسي الأول، والذي أمّن الوقود لمعامل الكهرباء من أيلول عام 2021، حتى تشرين الثاني عام 2022. ثمّ أصدرت 6 قرارات حكومية لتغطية العقدين الثاني والثالث، إلا أنّ المركزي لم ينفذها. وبالتالي لم تصل مستحقات الدولة العراقية لحسابها في لبنان، ما أدّى إلى عرقلة إمدادات الوقود العراقي عام 2024.
وفي حال تنفيذ هذا العقد كاملاً، سترتفع المبالغ المستحقة على لبنان، بدل الفيول العراقي، إلى مليارين و700 مليون دولار. ومع رفض الدولة اللبنانية إجراء أيّ مناقصات لتزويد مؤسسة كهرباء لبنان بحاجاتها من الوقود اللازم لتشغيل المعامل الحرارية لتوليد الطاقة، سواء "الديزل أويل"، أو "الفيول أويل"، سترتفع الفاتورة الواجب تسديدها للجهات العراقية، وسيبقى مفتاح تشغيل معامل الكهرباء بيد العراق فقط، مع ما يحمله الأمر من مخاطر، ليس أقلها الوقوع في العتمة الشاملة أو التقنين القاسي في حال تأخر الشحنات في الوصول، فضلاً عن إبقاء التوليد عند حدّه الأدنى، أي 4 ساعات من التغذية يومياً، بحسب الصحيفة.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
السوريون يحزمون حقائبهم.. هل تجد السوق العراقية بديلا؟
الاقتصاد نيوز - متابعة
بمزيد من القلق واللهفة، ينتظر إبراهيم، وهو عامل سوري بأحد المطاعم في أربيل عاصمة إقليم كردستان، إكمال العام الدراسي الحالي، لأن اثنين من أطفاله ما زالا يواصلان دراستهما الابتدائية بمدرسة عربية في أربيل، وهو ينتظر إكمال السنة الدراسية للعودة إلى مدينته دمشق، كونه موظفا، ومفصولا من الخدمة هناك، كون السلطات الجديدة ألغت أمر الفصل عنه أسوة بكثيرين.
إبراهيم واحد من مئات السوريين الهاربين من الظروف غير المريحة في زمن النظام السابق، إلى العراق، ممن تقدموا بطلب العودة، بحسب عضو اتحاد اللاجئين السوريين في أربيل رياض مصطفى.
ويشرح مصطفى، تلك الظروف بقوله، إن “مئات السوريين غير إبراهيم باتوا يسجلون في الاتحاد، لغرض العودة إلى بلادهم، فبعضهم ما زال ينتظر افتتاح خط الطيران بين العراق وسوريا، والبعض الآخر قاموا بتقديم طلب إلى حكومة إقليم كردستان، لغرض السماح لهم بالعبور من منفذ سيمالكا، الذي يرتبط مع مناطق شمال سوريا (التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية- قسد)”.
ويبين أن “العائق الذي قد يؤجل عودة مجموعة من السوريين في الوقت الحالي، هي العائلات التي تمتلك طلابا في المدارس، لأن هؤلاء يريدون إنهاء العام الدراسي، ومن ثم العودة”.
ويستثني مصطفى “المواطنين السوريين الكرد الذين قد يتأخرون بالعودة في الوقت الحالي، وذلك لأن الوضع في مناطقهم ما زال مجهولا، نتيجة التهديدات التركية، لكن أهالي الشام وباقي المناطق السورية، سيعودون بأقرب فرصة”.
وبشأن تفضيل العمال السوريين في العراق، يؤكد أن “أصحاب الأعمال في العراق غالبا ما يرغبون بالعامل السوري لتحمله المسؤولية وتفرغه وقدرته على الإنجاز بالرغم من ضغوط العمل، خصوصا وأن أجره أقل مقارنة بنظيره العراقي”.
وبعد سقوط نظام الأسد، يترقب العراق، الذي يتواجد فيه حوالي 400 آلاف لاجئ سوري، يعيش حوالي 231 ألفا منهم داخل مدن إقليم كردستان، ما سيؤول إليه مصير آلاف العمال السوريين بعد أن حجزوا مكانهم في السوق كعامل حيوي ومؤثر.
واستطاع اللاجئون السوريون في العراق تكوين سوق عمل كبيرة، فالمئات من أصحاب المصالح من مطاعم وفنادق ومصايف ومعامل وشركات، صاروا يعتمدون على العمالة السورية بشكل كبير، كما أن الكثير من السوريين فتحوا مصالح خاصة بهم لاسيما في إقليم كردستان والعاصمة بغداد.
من جهته، يفيد أستاذ الاقتصاد في جامعة جيهان بدهوك نوار السعدي، بأن “سوق العمل العراقية تعتمد منذ سنوات على العمالة الأجنبية، وخاصة ذات الأجور المنخفضة، وعلى رأس هذه العمالة هم السوريون الذين لعبوا دورا محوريا في قطاعات مختلفة مثل البناء، الزراعة، والخدمات”.
ويضيف السعدي، “في حال عودة السوريين إلى بلادهم، نتيجة لاستقرار الأوضاع هناك، سيتركون فراغا في السوق العراقية، خاصة في المجالات التي تتطلب العمالة اليدوية الماهرة، والتي عادة ما تكون غير مكلفة”.
ويلفت إلى أن “ملء هذا الفراغ لن يكون مهمة سهلة، إذ أن أرباب العمل العراقيين يفضلون العمالة الأجنبية بشكل عام بسبب عدة عوامل، منها انخفاض الأجور مقارنة بالعمال المحليين، فضلا عن استعداد العمال الأجانب للعمل في ظروف صعبة ولساعات طويلة دون اعتراض، فضلا عن أن العمال السوريين كانوا يتميزون بمهاراتهم العالية وتكلفتهم المقبولة، مما جعلهم خيارا مفضلا لأصحاب العمل”.
وبالنسبة للعمالة المحلية، يرى أستاذ الاقتصاد أن “هناك تحديات تواجه العراقيين في شغل هذا الفراغ، فالعمال المحليون غالبا ما يطالبون بأجور تتناسب مع تكاليف المعيشة، وهي غالبا أعلى مما يطلبه العمال الأجانب، بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الوظائف التي قد لا يقبل عليها العامل العراقي، إما لكونها مرهقة بدنيا أو لأن ساعات العمل فيها طويلة وغير مغرية بالتأكيد”.
ويعتقد أن “خروج العمالة السورية من السوق العراقي قد يفتح نافذة لتحفيز العمالة المحلية على المشاركة بشكل أكبر، وهذا التحفيز يحتاج إلى سياسات داعمة من الحكومة العراقية، مثل تحسين ظروف العمل والأجور وتعديل قانون الضمان الاجتماعي، وتوفير تدريب للعمال المحليين لتأهيلهم لشغل الوظائف الشاغرة، وتطوير بيئة العمل لتكون أكثر جذبا للعامل العراقي وهذا سيساعد على تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية في المستقبل”.
لكن إذا ما بقي الوضع الحالي على ما هو قائم، يرجح السعدي أن “يتم سد الفجوة الناتجة عن مغادرة السوريين من خلال استقدام عمالة أجنبية أخرى، مثل العمالة الآسيوية التي تعتبر بديلا مقبولا لأصحاب العمل، بسبب انخفاض تكلفتها واستعدادها للعمل في ظروف مشابهة لتلك التي كان يعمل فيها السوريون، لذا، إذا استمرت الحكومة العراقية في إهمال تنمية المهارات المحلية وتحسين بيئة العمل، فقد يستمر التحدي المتمثل في تفضيل العمالة الأجنبية على المحلية، ما يعيق نمو واستدامة سوق العمل المحلي”.
ولجأ كثير من السوريين إلى إقليم كردستان وانتقل قسم منهم لاحقا من الإقليم إلى بقية محافظات العراق، وحسب قرارات مجلس الوزراء في كردستان يجب أن لا تقل نسبة العاملين المحليين في أي شركة عن 75 بالمئة، وأن لا تزيد نسبة العاملين من غير العراقيين سواء كانوا سوريين أو غيرهم عن 25 بالمئة.
وتنشط العمالة السورية بعدد من القطاعات، أبرزها الأفران والمطاعم، ويحتل السوريون مراتب متقدمة في عدد العمالة غير الشرعية في العراق، ولا توجد إحصائية دقيقة تخصهم، بينما يشير العدد العام للعمال الأجانب غير المسجلين لدى الحكومة العراقية، إلى زهاء المليون عامل.
من جهته، يشير الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، إلى أن “عدد العمالة السورية في العراق تجاوز 350 ألف عامل، وهم عمالة عضلية، 98 بالمئة من أعمالهم خدماتية إلى تحتاج إلى قوة عضلية، وأن عددا كبيرا منهم الآن بانتظار فتح المطارات والحدود بشكل رسمي بين العراق وسوريا، لغرض عودتهم إلى بلدهم”.
ويوضح أن “السوق العراقية تقبلت العمال السوريين، فهناك روابط ومواقف معهم في عام 2006، عندما استقبلوا العراقيين، لذا لم تكن ثمة مشكلة في وجودهم، كجزء من رد الدين، والمطالبات بإيقاف العمالة الأجنبية لم تشملهم، والمقصود هو عمالة شرق آسيا، على اعتبار وجودهم ماليا وليس إنسانيا”.
ويتابع حنتوش، أن “الرحلة العكسية وعودتهم إلى سوريا، ستضع وزارة العمل العراقية أمام تحد، وهو تدريب العامل العراقي، للعمل في المطاعم والفنادق وغيرها، حتى يصبح عاملا بمهارة حقيقية”، لافتا إلى أن “دور وزارة العمل لتعويض العمالة السورية كبير جدا، لذا يجب أن تضع خطة، وتقوم بإسناد المهمة إلى مديرياتها المنتشرة في بغداد والمحافظات، لإعداد خطة تنضم العمالة العراقية وتؤهلها”.
وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت الخميس الماضي إعادة 1905 من الضباط والمنتسبين وتسليمهم بشكل أصولي إلى الجانب السوري.