موقع 24:
2025-04-11@07:02:05 GMT

سوريا في ميزان ترامب

تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT

سوريا في ميزان ترامب

مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تزداد التساؤلات حول تأثير سياساته الخارجية غير التقليدية وبراغماتيته المرتبطة بشعار "أمريكا أولاً" على المشهد السوري الذي يمر بتحولات متسارعة مع نهاية نظام بشار الأسد، وانطلاق سوريا جديدة تتضح ملامحها يومًا بعد يوم.
أثبتت ولاية ترامب الأولى أن توجهه حيال سوريا لا يعتمد على القواعد التقليدية للدبلوماسية أو الالتزامات الدولية، ما يجعلنا نتوقع أن ولايته الثانية ستواصل العمل وفق نهج يتجاهل تعقيدات النظام الدولي الحالي، ويركز على المصالح الأمريكية الآنية دون اعتبارات للتوازنات المحلية، ما يفسر تسارع الأحداث بشكل واضح من القوى الفاعلة في الملف السوري استعدادًا لإدارة ترامب المقبلة.


تركيا تستفيد من الفترة الانتقالية في الولايات المتحدة لتصعيد عملياتها في الشمال السوري، لإنهاء ما تعتبره "الصداع الكردي"، قبل أن تُجبرها إدارة ترامب المقبلة على التفاوض مع الأكراد، وهو سيناريو لا ترغب فيه، خصوصًا بعد التقدم الذي أحرزته في الملف السوري.


ولكن يبقى السؤال: هل ستسمح إدارة ترامب لأنقرة بالتحكم الكامل في مسار الملف السوري، دون النظر إلى الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية،قسد؟ فسياسة ترامب لا تقوم على تقديم الدعم مجانًا، وسيظل التفاوض قائمًا على المكاسب المتبادلة.
ويبقى مصير الأكراد في سوريا نقطة حساسة تُلقي بظلالها على العلاقات الأمريكية التركية. واشنطن دعمت قوات سوريا الديمقراطية في مراحل عديدة، لكنها تواجه الآن ضغوطًا من تركيا لإنهاء الدعم. والتحدي هنا إذا قرر ترامب التخلي عن الشراكة مع الأكراد، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة رسم الخارطة السياسية والعسكرية في شمال شرق سوريا، ممّا يعزز موقف تركيا لكنه يُضعف توازن القوى في المنطقة. ولهذا، فسيناريو توافق أمريكي تركي يضمن لتركيا مساحة أوسع للتحرك في سوريا، مقابل تنازلات تصب في صالح واشنطن، هو الأرجح على الأقل بشكل واقعي.
ومع استمرار الضبابية في تشكيل نظام سوري مستقر، تستغل إسرائيل الفراغ السياسي والأمني لتعزيز مكاسبها في الجولان والمناطق الحدودية الأخرى، وتعتبر ولاية ترامب الثانية فرصة لتعزيز سياساتها في المنطقة، وتتحرك لتوسيع مستوطناتها في الجولان بحجة حماية أمنها القومي، خاصة إذا استمرت الإدارة الأمريكية في دعم سياساتها التوسعية.
تترقب روسيا وإيران تداعيات عودة ترامب وتأثيرها على تحالفاتهما مع القوى الإقليمية. ترامب لم يخفِ إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن السياسة البراغماتية قد تفرض عليه اتخاذ مواقف متشددة إذا تعارضت مصالح واشنطن مع طموحات موسكو التي ترى في ولاية ترامب الثانية فرصة لحسم ملف أوكرانيا، ما يجعلها تعيد صياغة أولوياتها بشكل مرن، والتعامل مع التحولات الراهنة في المشهد السوري بشكل يلائم أولويات المرحلة.


إيران أمام تحديات صعبة مع احتمالية عودة سياسات ترامب المتشددة، خاصة إذا سعى ترامب لتوسيع اتفاقيات إبراهيم للسلام، لإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل نهائي بعد خسارتها الكبيرة في لبنان وسوريا. ولذلك، أتوقع أنها ستلعب بحذر في الساحة السورية، مستغلة الظروف لمحاولة استغلال أيّ فراغ سياسي نتيجة تراجع محتمل في الاهتمام الأميركي بسوريا في عهد ترامب، لاستعادة تأثيرها في الميدان أو المؤسسات، خصوصًا إذا تغيرت موازين القوى نتيجة انسحاب جزئي أو إعادة ترتيب الأولويات الأمريكية.
وعلى صعيد الموقف العربي، قد يفسح ترامب المجال للدور الإقليمي والعربي في التعاطي مع الأزمة السورية، خصوصًا لو علمنا أنه سعى في فترته الأولى إلى تقليص الدور الأمريكي في سوريا، مفضلًا التركيز على "محاربة الإرهاب" دون الالتزام بالتسويات السياسية العميقة. وعودة ترامب بسياسة أكثر ميلًا للمصالح الإستراتيجية قد تدفع العرب إلى المزيد من التنسيق لاحتواء النفوذ التركي.
ستسعى الدول العربية لتبني سياسات مرنة حيال سوريا الجديدة تتماشى مع المتغيرات التي قد تطرأ جراء عودة ترامب وظهور مقاربات جديدة، وستكون بوابة إعادة الإعمار عاملًا حيويًا في الموقف العربي تجاه سوريا سواء عبر المبادرات الإنسانية أو الاستثمارات الاقتصادية، ما سيتطلب كذلك مرونة من الإدارة الجديدة في سوريا لتفهم المخاوف العربية. في نهاية الأمر، ستمثل عودة ترامب إلى السلطة من جديد نقطة تحول في المشهد السوري، لما عرف عن واقعية سياساته التي ترتكز على الاقتصاد والموقف العسكري على الأرض، ما سيتيح للقوى الإقليمية فرصة لإعادة ترتيب أوراقها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد عودة ترامب عودة ترامب فی سوریا

إقرأ أيضاً:

رداً على فتاوى التخذيل .. الجهاد إيمان وعزيمة لا ميزان قوى، أو معادلة رياضية تقاس بعدد الدبابات والطائرات

يمانيون ـ  مبارك حزام العسالي*

يا دار الإفتاء “المصرية”، بوركت جهودكم في التنظير والتفصيل، كأنكم تجلسون على شواطئ النيل تتأملون خريطة العالم! فبدلًا من أن تكونوا “دار فتوى” للمستضعفين، أصبحتم “دار تخذيل” للمؤمنين.
تتحدثون عن “مفهوم شرعي دقيق” للجهاد وشروط وأركان، وكأن نصرة المسلمين المحاصرين في غزة تحتاج إلى تأشيرة دخول وقواعد بيانات!
عجيب أمركم، تستنبطون من الشريعة ما يخدم “أمن المجتمعات واستقرار الدول الإسلامية” قبل أن يخدم “أمن واستقرار” إخواننا الذين تُقطع أوصالهم..!
وتؤكدون أن دعم الفلسطينيين “واجب شرعي وإنساني وأخلاقي”، ولكن بشرط أن يكون “في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني”! يا له من قيد ذهبي..!
وهل مصلحة الشعب الفلسطيني الآن هي البقاء تحت القصف والحصار حتى يرضى عنهم المحتل؟!
يبدو أن “مصلحة الفلسطينيين” في نظركم هي عدم إغضاب الكيان الغاصب وحلفائه! أهكذا تُقاس المصالح؟!
أما عن “راية الدولة الشرعية والقيادة السياسية”، فنذكركم أن هذه “الراية” غائبة أو مغيبة في كثير من بقاع أمتنا، أو أنها مشغولة بـ”استقرارها” أكثر من انشغالها بتحرير المقدسات. وحتى في غياب هذه الراية الواضحة لنصرة الحق، فإن ذلك لا يعفي الأفراد والجماعات من مسؤولية نصرة المظلومين بكل الوسائل المتاحة والمستطاعة.
فهل ننتظر إذًا حتى تجتمع “القيادات السياسية” على مائدة المفاوضات مع المحتل ليعلنوا “الجهاد”؟!
يا له من جهاد مبارك مؤجل إلى يوم غير معلوم!
وتقولون “الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة لقدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي -هي دعوة غير مسؤولة”!
نسيتم أو تناسيتم قول الحق تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [الأنفال: 65].
فالله تعالى يحث على القتال ويعد بالنصر حتى مع قلة العدد، لأن المعيار الحقيقي ليس في ميزان القوى المادي وحده.
فالجهاد يا سادة الإفتاء ليس معادلة رياضية تقاس بعدد الدبابات والطائرات؛ إنه إيمان بالله، ونصرة للحق، ورفض للظلم، ولو بأضعف الإمكانيات؛ التحريض على القتال ليس دعوة إلى “مغامرات غير محسوبة”، بل هو إيقاظ للضمائر النائمة، وبث لروح العزة في أمة خارت قواها تحت وطأة التخاذل! وكما قال تعالى: ﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، فبالإيمان الحق يمكن للمؤمنين أن يتغلبوا على كيد الأعداء مهما بلغت قوتهم الظاهرية.
أما عن “من يدعو إلى الجهاد يجب عليه أولًا أن يتقدم الصفوف بنفسه”، فنقول: وهل قادة الأمة الذين تتحدثون عنهم قد تقدموا الصفوف للدفاع عن كرامة الأمة وحقوقها المسلوبة..؟!
بدلًا من مطالبة الداعين بالتقدم، طالبوا القادة بالتحرك..
وأخيرًا، نصيحتكم بـ”توجيه جهود الأمة نحو العمل الجاد من أجل إيقاف التصعيد ومنع التهجير” تبدو كمن ينصح الغريق بعدم البلل؛ وهل إيقاف التصعيد والتهجير سيتحقق بالتنديد والشجب والبيانات، أم بالقوة التي تردع الظالم وتمنعه من التمادي في غيه؟!
وكما قال تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249]، فالعبرة ليست بالكثرة العددية أو القوة المادية، بل بنصر الله وتأييده للصابرين والمجاهدين.
ونحن اليمنيون من موقعنا التاريخي والجغرافي والديمغرافي الذي اختارنا الله أن نكون فيه لأمراً أراده، ونرى أن نصرة غزة من أوامر الله، ويتردد صدى القول المأثور: “إذا وضعك الله في مكان تستطيع من خلاله نصرة المظلومين فكن لائقاً بالمكان الذي وضعك الله فيه.. وكن درعاً للمظلومين وسيفاً مسلطاً على الظالمين وحقق عدالة الله في الأرض”. فاليمن، رغم التحديات الكبيرة والصعاب والعقبات والخذلان ممن حوله، بل الخيانة التي تجلت في أنصع صورها خلال العدوان الأمريكي المستمر عليه حتى لحظة كتابة هذه السطور، يجسد هذا المعنى بكل إباء وشموخ، مقدمًا أغلى التضحيات ليكون درعًا لإخوانه في غزة وسيفًا في وجه العدوان الإسرائيلي، مؤكدًا بذلك أنه جدير بهذا الموقف المشرف الذي اختاره لنفسه -بصدق النية والتوكل على الله- في سبيل تحقيق العدل الإلهي ونصرة الحق، واختاره الله في هذا المكان لمثل هذه الأيام.
ختامًا: إن “الحكمة والمقاصد الشرعية” الحقيقية تقتضي نصرة المظلوم بكل ما أوتينا من قوة، ولو كانت قليلة في نظركم؛ فالله ينصر من نصره، ولا ينظر إلى قلة العدد والعتاد، بل إلى صدق النية وعزيمة الإيمان؛ فليتق الله كل امرئ وليراجع فتاواه في ميزان الحق والعدل؛
والله المستعان على ما تصفون.

• المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب

مقالات مشابهة

  • رسوم ترامب سترفع أسعار هواتف آيفون بشكل هائل
  • تقرير: عودة ترامب للبيت الأبيض خففت القيود المفروضة على نتنياهو بشأن غزة
  • القوات الأمريكية تخلي قواعدها في سوريا وتنقل قوافل عسكرية الى العراق
  • الخارجية الأمريكية: نأمل أن يمثل تشكيل الحكومة الانتقالية خطوة إيجابيّة نحو سوريا شاملة
  • منها 5 دول عربية.. مصدر يكشف لـCNN عودة عمل الوكالة الأمريكية للتنمية بعدد من العقود في دول
  • إندونيسيا تبدي استعدادها لاستقبال مصابين وجرحى من غزة بشكل مؤقت
  • ‎بدء تطبيق رسوم ترامب الجمركية مع استهداف الصين بشكل خاص
  • أبرزها الألغام.. الدفاع المدني السوري يحدد لشفق نيوز 3 أسباب تعرقل عودة المهجرين
  • رداً على فتاوى التخذيل .. الجهاد إيمان وعزيمة لا ميزان قوى، أو معادلة رياضية تقاس بعدد الدبابات والطائرات
  • اليابان تسجل فائضا في ميزان الحساب الجاري خلال فبراير