جنبلاط من جمود الداخل إلى حراك الإقليم
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
كتب راغب جابر في " النهار":قال وليد جنبلاط كلمته في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، أياً كانت الخلفيات والأبعاد والمرامي، وانصرف إلى اهتمامات أوسع تاركاً الوسط السياسي اللبناني يجتر مواقف مبهمة ويمارس تقية غامضة محاذراً إعلان مواقف واضحة وصريحة، بانتظار كلمات السر من وراء الحدود أو من كواليس اللقاءات والاتصالات التي يصرّح غالباً بعكس مجرياتها.
يحضر وليد جنبلاط في المحطات الكبرى. الزعيم الدرزي - الاشتراكي لم يستقل من السياسة عندما اعتزل النيابة ورئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي لمصلحة وريثه ابنه تيمور. في الأزمات يعود جنبلاط إلى الواجهة ليقود بنفسه الحزب والطائفة، لكن أيضاً كزعيم وطني مؤثر في السياسة اللبنانية عموماً وفي العلاقات الخارجية للبلد، متسلحاً برصيد كبير من العلاقات مع شخصيات ودول ورث بعضها عن والده الزعيم كمال جنبلاط وبنى بعضها خلال مسيرته السياسية الطويلة
يدرك جنبلاط حجمه وحجم حزبه وطائفته في المعادلة الداخلية ويجيد اللعب على التوازنات وتوظيف بعده الإقليمي والدولي في تعزيز وضعيته الداخلية من دون أوهام.
لم يتأخر جنبلاط في تلقف فرصة سقوط الأسد، ترك الجميع ينتظرون، إما استقرار النظام الجديد في سوريا، أو تعثره، كي يبنوا على الشيء مقتضاه، محاذرين "التورط" في خطوة يرونها مبكرة وغير محسوبة. ذهب الى دمشق للقاء الحكام الجدد لسوريا من دون حسابات معقدة. هذا أمر واقع لا بد من التعامل معه بجرأة وانفتاح. حمل هموم طائفته في سوريا، وأيضا نصائح لأحمد الشرع، ربما تكون نفسها التي حملها للأسد ولم يصغ اليها. وخلافاً لخروجه الخائب من لقاء الأسد خرج مرتاحاً من لقاء الشرع، فالجالس الجديد في قصر الرئاسة السورية استمع وأبدى تجاوباً بحسب ما صدر من كلام ومن تسريبات عن الاجتماع.
قفز جنبلاط إلى واجهة المشهد عندما انتقل بعد زيارة دمشق للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يعكس أهمية تحركه والمساحة الممنوحة له للتحرك لبنانياً وسورياً، ليكرس نفسه لاعباً فاعلاً في المفاصل الحاسمة، فيما يغرق سياسيون لبنانيون آخرون في تفاصيل محلية مملة وممضة وبلا جدوى.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تقرير عبري عن “الشرع” وعما ستفعله إسرائيل في سوريا “عاجلا أم آجلا”
سوريا – نشرت صحيفة “معاريف” العبرية امس الجمعة، تقريرا مطولا سلط الضوء على التطورات الأخيرة في سوريا وتوجه الوفود إلى العاصمة دمشق وعقد لقاءات مع الإدارة الجديدة التي يقودها أحمد الشرع.
وقال كاتب التقرير المحلل السياسي بالصحيفة جاكي هوجي: “في إسرائيل هم على يقين من أن الجولاني جهادي تحت ستار حمامة وينسون أنه في العقد الماضي كانت المؤسسة الأمنية على اتصال مع المنظمات الجهادية في سوريا.. وفي هذه الأثناء تتلمس دول العالم طريقها إليها بقوة”.
وأضاف المحلل السياسي بالصحيفة أنه سيتعين على إسرائيل أن تعترف بالنظام الجديد في دمشق عاجلا أم آجلا.
ويقول جاكي هوجي: “تصعد الوفود واحدا تلو الآخر إلى دمشق لرؤية المعجزة.. ويستقبلهم أحمد الشرع الملقب أبو محمد الجولاني، بحفاوة.. في البداية كان الأتراك.. وقد زار وزير خارجيتها فيدان دمشق مرتين منذ سقوط نظام الأسد”.
ومن بعده جاء الفرنسيون ومن بعدهم وصل الأمريكيون كما وصل ممثلون عن الحكومة الإيطالية تبعهم الأردنيون والقطريون.
ويضيف المحلل السياسي: “هذه ليست مجرد زيارات مجاملة.. الجميع يريد أن يتساءل عن الرئيس الجديد ويقيم علاقة معه.. كل حكومة وقضيتها”.
ويتابع قائلا: “سوريا دولة مفككة مثل الشركة المفلسة وعلى الرغم من أن وضعها قاتم، وقد حصل الشرع بالفعل على مدينة خراب بخدمات أساسية معطلة، واقتصاد مدمر، وشعب مرعوب، ومزيج طائفي متشابك، إلا أنها تمثل فرصة اقتصادية هائلة للحكومات والمستثمرين”.
ويوضح جاكي هوجي أن مهمة الشرع الرئيسية هي استعادة الاقتصاد وهذه هي النقطة الرئيسية في اتصالاته مع الضيوف الأجانب وهو يحاول تسخيرها لإلغاء العقوبات الدولية المفروضة على سوريا وعلى رأسها تلك التي فرضتها الولايات المتحدة كما يحظر القانون الأمريكي التعامل مع البنك المركزي السوري وبالتالي عزله فعليا عن الاقتصاد العالمي.
ويبين كاتب التقرير أن الشرع أكد لضيوفه أن الجلاد غادر ولا يصح الاستمرار في معاقبة الضحية أيضا.
ومضى المحلل السياسي الإسرائيلي قائلا: “وفي الوقت نفسه، يسعى إلى جمع المجموعات العرقية معا وتحويل المجتمع السوري المصاب إلى وحدة متماسكة قدر الإمكان.. ويشير الشرع في كل خطاباته إلى ضرورة وحدة سوريا ووحدة أراضيها وهذا يعني عدم التقسيم إلى كانتونات”.
كما تحدث المحلل السياسي عن اللقاء الذي جمع الشرع بقادة التنظيمات الجهادية وأعلن عن حلهم وضمهم إلى الجيش الوطني السوري ولم يستجب الجميع لطلبه الأكراد على سبيل المثال يرفضون ذلك، لكن الشرع ورجاله يعرفون أن الرحلة قد بدأت للتو.
ويذكر جاكي هوجي في تحليله المعمق، أنه في تل أبيب يعتقد أن أحمد الشرع نجح في أسر ضيوفه بسحره ومن ناحية أخرى لا ينبغي الاستهانة بالأمريكيين الذين يميلون إلى منحه الفرصة خاصة وأن جيشهم رابض هناك في سوريا منذ عدة سنوات ليحارب الإرهاب، وفق قول الكاتب.
ويشير في السياق إلى أن الأمريكيين ودودون مع الأكراد ومن الممكن أنهم يعرفون شيئا لا نعرفه أو لا نجيد رؤيته.
ويقول الكاتب إنه وفي إجراء سريع، ألغت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يأتي بمعلومات عن الشرع وبذلك “طهرت” الجولاني من “صورة الإرهابي” وأعطته نعمة الطريق ويبدو أن جميع الأشخاص الآخرين الذين زاروا دمشق قد أعطوه الكوشير، وهذه هي البداية فقط.
ومقارنة بالتهديدات فإن مسألة الفرص الكامنة في التغيير في سوريا لا تناقش في الخطاب الإسرائيلي وفي دول الجوار وأيضا في عواصم الغرب ستجد في الخطاب العام سؤالين من هو الشرع وإلى أين يأخذ سوريا وهل يمكن إقامة علاقات معه، وفق ما ذكره الكاتب.
ويقول في تقريره: “في بلد مجاور كنا نظن أننا نعرف كل شيء عنه تم عزل الرئيس بين عشية وضحاها تقريبا، وحل محله شخص لا يعرف عنه سوى القليل.. هذه هي حرب النهضة السورية.. دولة جديدة تظهر أمام أعيننا.. للأفضل أو للأسوأ يعتمد ذلك على قباطنتها.. لكن ذلك يعتمد أيضا على ما سيفعله الجيران ومدى مساعدتهم لهم على الوقوف على أقدامهم مرة أخرى”.
رسائل الشرعيتابع الكاتب قائلا: “وجه الشرع رسائل مصالحة علنية وقال إنه لا ينوي مهاجمة إسرائيل وأن سوريا منهكة وأنه لا يريد الحروب، ولماذا يريد ذلك مع الميراث الدموي الذي تلقاه.. لقد مر سكان سوريا بكارثة.. إن سوريا تتوقع منه أن يصنع السلام ويعيد بناءها.. إنها تأمل في الحصول على بعض المساعدة من الجيران.. نحن الإسرائيليون نستطيع أن نفهم الرغبة في الشفاء بعد المذبحة”.
ويردف بالقول: “صحيح أنه جهادي، لكن هذه ليست صفته الوحيدة، إنه شخصية مفاجئة ومثيرة للاهتمام، وحتى نتفحصه بعمق لن نعرف ما إذا كان يخفي لنا فرصة وما نوعها.. إنه وطني سوري ذكي وبليغ وله صفة بديهية نادرة بين زعماء المنطقة فهو كثيرا ما يتحدث إلى الجمهور ويتحدث مطولا عن نواياه خاصة وأنه مر خلال حياته بتحولات عديدة وفي العقد الأخير على وجه الخصوص”.
ويوضح المحلل السياسي: “من الممكن الخوض في ماضيه الجهادي دون الاستسلام والتشهير به طوال اليوم وتجنب أي اتصال معه.. إن العلاقات مع الدروز في سوريا ومع الأقلية الكردية مهمة لكن هذين الاثنين لا يحكمان في دمشق اليوم.. لقد أصبحت دول المنطقة متطورة وفي منطقتنا الجميع يتحدث مع الجميع.. ودمشق الشرع طردت الإيرانيين وأعوانهم وتنادي جيرانها.. ولا تملك إسرائيل ترف التنازل عن دراسة الجدوى.. هذه ليست مهمة معقدة لقد عرف المسؤولون الحكوميون في إسرائيل كيفية إيجاد الطريق إلى هؤلاء المتمردين في الماضي حتى بالنسبة للأقصى تطرفا”.
ويؤكد جاكي أن الدين ليس عائقا أمام العلاقات بين الشركات أو الدول طالما لم يتم تعبئتها لاحتياجات سياسية.
تهديدات بينيتهذا، وتطرق المحلل في صحيفة “معاريف” العبرية إلى مقال نشره رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت على أعمدة صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية هذا الأسبوع خصصه للوضع في سوريا.
وفي بداية المقال ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن إسرائيل تواجه لحظة حاسمة من الخطر والفرصة.
وأضاف نفتالي بينيت أن “أي تغيير يحدث من الآن فصاعدا سيؤثر على الأرجح على المنطقة لعقود من الزمن ونحن جميعا نعرف المخاطر”.
واستعرض الوزير السابق بالتفصيل الوضع في سوريا وتعدد تنظيمات وفصائل المتمردين و”الماضي المقلق للرئيس االجديد” مشككا في صورة الشرع المعتدلة، مشيرا إلى أن “تحوله من جهادي إلى محب للبدلات كان تمرينا محسوبا وليس أكثر”، حيث كتب رئيس الوزراء الأسبق: “على الأرجح أن الشرع سيظل سلفيا جهاديا، وتبقى عقيدته الأساسية كما كانت”.
وفي نهاية المقال وجه بينيت تهديدا لحكام دمشق الجدد، حيث شدد على أنهم لن ينتظروا لمشاهدة ما إذا كانت منظمة مثل “منظمة الجولاني” معتدلة، لكنهم سيعملون على تحييد التهديدات قبل أن تظهر.
المصدر: صحيفة “معاريف” العبرية