الاقتصاد الثقافي، أو “الاقتصاد البنفسجي”، هو حقل جديد من حقول علم الاقتصاد، يُعنى بإضفاء الطابع الإنساني على العولمة والاقتصاد من خلال استخدام الثقافة كمساعد في ترسيخ أبعاد التنمية المستدامة، أي إنه تحالفٌ بين الاقتصاد والثقافة للتوفيق بين التنمية الاقتصادية والاستدامة، وقد ظهر لأول مرة في فرنسا عام 2011.
إن الوسط الثقافي السوداني بحاجة إلى مشروع صناعي ينقل المحتوى الثقافي الوطني للعالمية، ويدرُّ أرباحًا تُشجِّع رؤوس الأموال على الاستثمار فيه.
لا بد من إعداد استراتيجية وطنية موجهة لإنشاء اقتصاد حقيقي في قطاع الثقافة، من أجل استغلال طاقات القطاع الثقافي التي تسمح له بإنتاج موارد لفائدة الدولة، حتى لا يكون قطاعاً مستهلكاً للميزانية فقط.
على أن يكون هناك استغلال لجميع القدرات التي يزخر بها السودان في القطاع الثقافي، من أجل استحداث اقتصاد حقيقي لهذا القطاع، مما يسمح له بإنتاج موارد جديدة لصالح تنميته الذاتية ولصالح الدولة، وحتى لا يكون مجرَّد مستهلك للميزانية.
فكيف لنا استغلال كل موارد القطاع الثقافي التي يمكن تثمينها وتقييمها اقتصادياً، عبر اقتصاد ثقافي حقيقي يضم صناعة الكتاب والسينما والمسرح وصناعة المعارض الفنية والأدبية المحلية والسياحة الثقافية؟
لابد من ضرورة الاستثمار في العلاقة الوثيقة بين الثقافة وتطوير السياحة، من خلال إعطاء محتوى ثقافي يثمن التراث والمواقع الأثرية والمتاحف والمدن السياحية (الطبيعية، الأثرية) من خلال إعداد مشروع اقتصادي للثقافة السودانية في تنوّعها وثرائها، باستعمال آليات ترقية على غرار الدبلوماسية الثقافية والسياحة الثقافية والمشاركة في التظاهرات الدولية.
فالسودان يمكن له من خلال إمكاناته السياحية وثروته الثقافية والدينية أن يصبح وجهة ثقافية بامتياز ولا بد من خطة عمل ورعاية الدولة لجعل التراث الثقافي مورداً اقتصادياً.
فالاقتصاد البنفسجي هو حقل جديد من حقول علم الاقتصاد يستخدم الثقافة كعامل مساعد على ترسيخ أبعاد التنمية المستدامة وهو يعني أن تكون الثقافة هي القوة الناعمة ذات الأثر البالغ في تنمية الاقتصاد وتحقيق أهداف الرفاه والتنمية.
وبالرغم من حداثته فإن الاقتصاد البنفسجي لا يزال يحتاج إلى المزيد من الدراسات النظرية والتطبيقية العميقة لفهم آليات تأثيره في الاقتصاد ودوره في تحقيق الاستدامة، في ظل مناخ عالمي يتسم بتعدد الثقافات وتنوعها.
القطاع الثقافي السوداني يستطيع أن يكون جاذباً للاستثمارات الداخلية والخارجية، إذا قام بتطوير خدماته وبرامجه، حتى لا يكون تقليدياً ونمطياً.
إن الاهتمام بالصناعات الثقافية وتطويرها، فضلًا عمّا تسهم به في الارتقاء بقيم المجتمع، وفضلًا عن أهميتها في مجال استخدام القوة الناعمة في علاقاتنا بالعالم، يشكِّل إضافة مهمة للاقتصاد القومي، ويتيح فرص عمل جديدة، كما أن المنتج الثقافي السوداني الحديث والتراثي يمتلك ميزة تنافسية لا تتوفر لكثير من منتجاتنا في المجالات الأخرى.
إن المهمة الأساسية الملقاة على عاتق مجتمعنا هي توفير الشروط الملائمة لقيام صناعات إبداعية ثقافية قوية، والسعي إلى تشجيع الصناعات القائمة بالفعل والعمل على تدعيمها وحل مشكلاتها، والسير في اتجاه إنشاء مواقع جديدة للإنتاج الثقافي، سواء كانت مواقع حكومية أو خاصة أو أهلية أو مشتركة، واقعية أو افتراضية؛ فكل موقع جديد إضافة إلى قوتنا الثقافية ولقدرتنا على المنافسة، فكلما تعددت مواقع الإنتاج وتنوَّعت واختلفت، ازدادت الحياة الثقافية ثراءً، وتحول الإنتاج الثقافي إلى ميزة تنافسية تضيف للاقتصاد القومي وتسهم في التنمية المستدامة.
د. هيثم محمد فتحي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القطاع الثقافی من خلال
إقرأ أيضاً:
وزيرا الثقافة المصري والقطري يبحثان تعزيز التعاون استعداداً للعام الثقافي 2027
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقى الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، في إطار زيارته الرسمية إلى دولة قطر، بالشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة القطري، وذلك بحضور السفير عمرو الشربيني، سفير مصر لدى الدوحة.
الروابط الثقافية بين مصر وقطروبحث الجانبان خلال اللقاء سبل تعزيز وتكثيف التعاون الثقافي بين البلدين الشقيقين خلال المرحلة المقبلة، مؤكدين على عمق الروابط الثقافية التي تجمع بين مصر وقطر، وحرص القيادتين في البلدين على دعم المبادرات المشتركة التي تسهم في تعزيز التبادل الثقافي والفني.
وأشاد الوزيران بالنجاح الكبير الذي حققته الأيام الثقافية المصرية في قطر، والتي شهدت إقبالاً واسعاً من الجمهور المصري والعربي المقيم، لما تضمنته من عروض فنية وموسيقية ومسرحية عكست ثراء وتنوع المشهد الثقافي المصري.
كما ناقش اللقاء آفاق التعاون في مجال المسرح، من خلال تبادل الفرق والعروض المسرحية، إلى جانب إطلاق برامج تدريبية مشتركة تهدف إلى تطوير الكوادر المسرحية في كلا البلدين.
وتناول اللقاء كذلك سبل الإعداد المبكر للعام الثقافي المصري القطري 2027، بما يليق بخصوصية العلاقات الثنائية، ويعكس عمق الروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين الشقيقين.
وخلال اللقاء، أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو عن سعادته بهذا الحوار الثقافي البنّاء مع الأشقاء في قطر، مؤكداً تطلع مصر إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الثقافي الذي يعكس ريادتها في هذا المجال، ويعزز جسور التواصل مع الثقافة القطرية الثرية، مشيراً إلى أن العام الثقافي 2027 سيكون محطة مهمة لتجسيد هذه العلاقات بصورة تليق بمكانة البلدين.
من جانبه، قال الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني: “نعتز بالعلاقات الثقافية مع مصر، ونعتبر التعاون مع وزارة الثقافة المصرية إضافة نوعية للجهود المشتركة في دعم الفنون والإبداع”، مشيراً إلى أن الأيام الثقافية المصرية في قطر كانت نموذجاً ناجحاً، ونتطلع إلى تعاون مثمر في التحضير للعام الثقافي 2027.