حصاد الاقتصاد اليمني خلال 2024.. تدهور قياسي للريال وتوقف المرتبات بالتوازي مع وديعة سعودية جديدة
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
شهد عام 2024، تحديات كبيرة تجاه الاقتصاد اليمني، وتعرض الريال اليمني خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام، إلى تدهور تاريخي مقابل العملات الأجنبية، رافق ذلك توقف صرف المرتبات في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ما خلق تحاملاً كبيراً تجاه الحكومة وزاد من معاناة المواطنين.
التدهور الكبير في العملة الوطنية، أدى لارتفاع غير مسبوق بالأسعار، واحتجاجات شعبية في عدد من المدن، وسط أزمة حادة غير مسبوقة تعاني منها الحكومة، بعد ضغوط إقليمية ودولية، قادت إلى إجبار المركزي اليمني في عدن إلى التراجع عن قرارات الأخيرة ضد البنوك الواقعة تحت نطاق سيطرة الحوثيين.
وأثار إعلان اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين، ضجة كبيرة في الشارع اليمني وتحولت القضية إلى رأي عام في اليمن، واتهم ناشطون المجلس الرئاسي بالعمالة وعدم المصداقية تجاه الشعب بعد أن كانت تلك القرارات قد بدأت مفعولها بإجبار الحوثيين على التراجع إزاء إجراءاتهم التصعيدية بشأن الملف الاقتصادي أبرزها احتكار العملة القديمة ومنع تصدير النفط وبروز للسطح تصريحات لقيادات الجماعة تدعو إلى تحييد ملف الاقتصاد.
تجفيف مصادر دخل الحكومة
تعاني الحكومة اليمنية من أزمة مالية خانقة أدت إلى تجفيف مصادر دخلها، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد. وهناك عدة عوامل أدت أو قادت بشكل أو بآخر إلى تقليص الإيرادات الحكومية بشكل كبير.
منذ أواخر 2022 توقفت الصادرات النفطية في كل من شبوة وحضرموت عقب هجمات الحوثيين على موانئ تصدير النفط، ما أدى إلى تجفيف المصادر الحكومية المستدامة من النقد الأجنبي، ما عرض الحكومة إلى خسائر كبيرة ففقد كانت إيرادات النفط المصدر الرئيسي لتمويل الموازنة العامة.
كما أن تحول مسار السفن التجارية من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة، وإجبار الحوثيين التجار بالتعامل رسمياً عبر الحديدة، وإلزامهم على توقيع تعهدات بذلك، في فبراير 2023 كان له دوره السلبي على الاقتصاد وانهيار العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
كما أن تعطل الإنتاج الزراعي والصناعي بسبب الحرب أثر بشكل كبير على الإيرادات المحلية، فقد أدت الحرب إلى إغلاق العديد من المصانع والشركات، ما زاد من الضغط على الاقتصاد المحلين بالإضافة إلى العجز في الإيرادات الضريبية، وتعذر على الحكومة جمع الضرائب كما كان الحال في فترات ما قبل الحرب.
كل تلك العوامل أدت إلى تدهور الإيرادات الحكومية بشكل حاد، مما أثر سلبًا على قدرة الحكومة اليمنية على دفع المرتبات، توفير الخدمات الأساسية (أبرزها الكهرباء والوقود)، وتمويل مشاريع التنمية.
خسائر اليمن
تشكل إيرادات اليمن نحو 70% من موازنة الدولة في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها البلاد جراء الحرب، مما يجعل توقف تصدير النفط بمثابة خسارة مالية كبيرة للحكومة.
في أكتوبر الماضي، أعلن محافظ المركزي أحمد غالب المعبقي، أن اليمن “خسرت أكثر من 6 مليارات دولار من مواردها الذاتية نتيجة لتوقف صادرات النفط والغاز بسبب هجمات الحوثيين على مرافئ وناقلات النفط، إضافة لاستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر”.
وأضاف -في تصريح نشره موقع المركزي- أن توقف تصدير النفط “أدى لزيادة معاناة الشعب وتدهور متسارع في الأوضاع وانعدام الأمن الغذائي، وانعدام القدرة على توفير الخدمات الأساسية وزيادة معدلات الفقر لتتجاوز أكثر من 80%”.
توقف المرتبات
ونتيجة لتلك العوامل المذكورة آنفاً، يعاني موظفو القطاع الحكومي في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا من توقف مستمر في صرف المرتبات منذ عدة أشهر، حيث توقفت الحكومة عن دفع الرواتب بشكل منتظم بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، فالعديد من الموظفين الحكوميين، خاصة في القطاع المدني والعسكري، لم يتلقوا رواتبهم لأشهر، مما يزيد من معاناتهم.
وعجزت الحكومة اليمنية عن صرف مرتبات شهري أكتوبر ونوفمبر بانتظامٍ لموظفي القطاع العام في الجهاز الإداري للدولة في مناطق سيطرتها، ما أوصل قطاعات حكومية للتوقف عن العمل، وذلك المرة الأولى التي تتوقف فيها مرتبات القطاع المدني لشهرين متتاليين منذ ما قبل بدء دوامة الحرب في عام 2015.
وأدى توقف صرف المرتبات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في مناطق الحكومة اليمنية، إذ تواجه العديد من العائلات صعوبة في تأمين احتياجاتها الأساسية مثل الغذاء والدواء، كما يعاني الموظفون من تدهور أوضاعهم المعيشية، مما يزيد من حالة الاستياء الشعبي و الاحتجاجات في بعض المناطق.
ومع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، وعجز الحكومة عن معالجة وإيقاف تدهور العملة الوطنية، تصاعدت الاحتجاجات الشعبية في بعض الحافظات، حيث خرج الناس إلى الشوارع مطالبين بتحسين الأوضاع الاقتصادية وصرف الرواتب، ومعالجة انهيار العملة.
وعلى إثر ذلك، أكد مجلس القيادة الرئاسي بداية الشهر الجاري التزامه باستمرار دفع رواتب الموظفين، والعمل بأدوات السياسة النقدية والمالية الفاعلة لكبح التضخم، وتعزيز موقف العملة الوطنية والسلع الأساسية.
الوديعة السعودية
ومع تعثر الحكومة اليمنية في مواجهة الأزمة الاقتصادية، وتدهور انهيار العملة، يبدأ الحديث في السوط الإعلامي عن الوديعة السعودية، وفيما يلي نستعرض معكم سلسة تسليم الوديعة السعودية وتأخر استلامة الدفعة الأخيرة ومنحة مالية أخيرة ارتبط الإعلان عنها مقابل تراجع المركزي اليمني في عدن عن إجراءاته الأخيرة تجاه البنوك الواقعة تحت نطاق سيطرة الحوثي.
في أغسطس/آب 2023م، أعلنت السعودية عن تقديم دعم اقتصادي جديد لليمن بقيمة 1.2 مليار دولار لسد عجز الموازنة الخاصة بالحكومة اليمنية، نتيجة قصف الحوثيين لموانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة.
وفي الشهر ذاته، أعلن البنك المركزي اليمني دخول الدفعة الأولى من الدعم الاقتصادي السعودي وقدره مليار ريال سعودي بما يعادل 250 مليون دولار.
وفي 16 يناير/ 2024، أعلن البنك المركزي اليمني، تحويل 250 مليون دولار أمريكي، كدفعة ثانية من الوديعة السعودية، التي أعلنتها المملكة مطلع أغسطس/آب من العام المنصرم، لدعم الإقتصاد اليمني.
في يوم الجمعة 14 يونيو/ 2024م، تم تحويل الدفعة الثالثة من الوديعة السعودية إلى البنك المركزي اليمني في عدن؛ لدعم الموازنة العامة لمواجهة العجز ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل والأمن الغذائي في اليمن،.
في 13/ يونيو/ وصلت دفعة رابعة من المنحة السعودية إلى حسابات البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن وقدرها 300 مليون دولار من المنحة السعودية البالغة، 1.2 مليار دولار ومدتها عام.
الدفعة الأخيرة
وفي 27 ديسمبر الجاري 2024، قدمت السعودية دعماً اقتصادياً جديداً إلى اليمن بقيمة 500 مليون دولار، تعزيزاً لميزانية الحكومة اليمنية، ودعم بنكها المركزي في عدن، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وحسب الوكالة، فإن هذا الدعم الجديد يتضمّن وديعة بقيمة 300 مليون دولار في البنك المركزي اليمني، تحسيناً للوضعين الاقتصادي والمالي، و200 مليون دولار دعماً لمعالجة عجز الموازنة اليمنية من إجمالي 1.2 مليار دولار، عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل، ومساعدة الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية.
وأشارت إلى أن الدعم الاقتصادي يهدف إلى “إرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في اليمن، وتعزيز وضعية المالية العامة، وتنمية وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، وتعزيز حوكمتها وشفافيتها، وتمكين القطاع الخاص من دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام، وخلق فرص العمل، بما يؤدي إلى وضع الاقتصاد الوطني في مسار أكثر استدامة، ودفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
وتسبب التأخير في تسليم الدفعة الأخيرة من الوديعة السعودية، إلى تأزيم الوضع الاقتصادي في اليمن، ونتيجة لذلك، تعرض الريال اليمني، لإنهيار تاريخي وغير مسبوق، حيث بلغ 2065 ريالاً لبيع الدولار الواحد و2054 ريالاً للشراء، ما انعكس على أسعار السلع الغذائية والتموينية التي شهدت ارتفاعاً غير مسبوق.
ويأمل اليمنيون، في أن تساهم الوديعة السعودية الأخيرة، في استقرار العملة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتحسن قيمة الريال اليمني، كما يتطلعون من الحكومة اليمنية، إلى تأدية مهامها والإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه دفع رواتب الموظفين، وتأمين استيراد السلع الغذائية والضرورية، إضافة إلى وقف كافة الصرفيات والنفقات العبثية التي رافقت أداء المؤسسات الحكومية.
ورغم التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية، في استغلال الأمثل للوديعة الجديدة، تبقى آمال اليمنيين آمال مشروعة في استعادة الاستقرار المالي، لكنها تتطلب خطوات عملية لضمان توزيع عادل للموارد، وتحقيق إصلاحات شاملة في القطاع الاقتصادي، لكنها في ذات الوقت تظل هذه الآمال مشوبة بالحذر في ظل الواقع السياسي و الاقتصادي الصعب الذي يعيشه اليمن.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الريال اليمني الملف الاقتصادي الوديعة السعودية الوديعة اليمنية اليمن اليمن في 2024 حصاد البنک المرکزی الیمنی الودیعة السعودیة الحکومة الیمنیة ملیون دولار تصدیر النفط فی مناطق فی الیمن فی عدن
إقرأ أيضاً:
الحكومة اليمنية ترحب بتوقيع اتفاقية مع اليابان لدعم التعليم بتعز بـ4.2 مليون دولار
رحبت الحكومة اليمنية بتوقيع سفارة اليابان ومنظمة اليونيسيف على المشروع الجديد الخاص بتحسين التعليم بمحافظة تعز والهادف لتحسين بيئة التعلم في المجتمعات والمدارس وتوفير فرص تعليمية عالية الجودة للأطفال بمافي ذلك من هم خارج المدرسة، وثمنت الشراكة بينها والحكومة اليابانية واليونيسيف لتحقيق الأهداف الوطنية لرفع مستوى التعليم وضمان حصول جميع الأطفال على فرص متكافئة للتعلم والنمو.
وقال محافظ محافظة تعز, نبيل عبده شمسان, خلال حفل التوقيع الذي أقيم في سفارة اليابان بالرياض، اليوم الاثنين، بحضور نائب وزير الخارجية السفير مصطفى نعمان, وسفير اليابان لدى اليمن ناكاشيما يويتشي, وممثل منظمة اليونيسيف، بيتر هوكينز، ان الحكومة اليمنية تقدر عاليا دعم اليابان المستمر وجهود الأمم المتحدة لايجاد حل سياسي في اليمن والمساعدات الإنسانية المقدمة خاصة في المجال التنموي والإنساني ومنها المنحة اليابانية التي تم التوقيع عليها وقدرها 4,2 مليون دولار لدعم التعليم من خلال توفير خدمات تعليمية مستدامة في محافظة تعز.
وجدد شمسان التاكيد على موقف الحكومة اليمنية الثابت الرافضة لجرائم الاختطاف التي طالت موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية والذين كانوا يقومون باعمال إنسانية لخدمة المواطنين اليمنيين في مناطق سيطرة المليشيا مع المطالبة بسرعة الافراج عنهم من سجون المليشيا.
وأوضح محافظ تعز ان قطاع التعليم في اليمن يواجه تحديات كبيرة نتيجة الانقلاب الذي نفذته المليشيا الحوثية عام 2014، ومنذ ذلك الحين يمر قطاع التعليم بمرحلة صعبة للغاية ويعاني من تدهور شديد في البنية التحتية للمؤسسات التعليمية بمافي ذلك المدارس والمجمعات التعليمية التي تعرضت للكثير من الدمار والاضرار , منوهاً الى ان وثيقة الاحتياجات الإنسانية في اليمن لعام 2024 تشير الى وجود 4,5 مليون طفل يمني خارج المدرسة وبحاجة الى الوصول الى التعليم مايرسم صورة قاتمة للوضع ويهدد بان يكون الجيل القادم اميا، إضافة الى الأطفال في مناطق تضم النازحين ويعانون من صعوبة الوصول الى التعليم الرسمي.
وأشار شمسان في كلمته التي القاها في حفل التوقيع الى ان تحسين مخرجات التعليم في محافظة تعز واليمن ككل يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف مشددا على أهمية الجهود المبذولة من قبل منظمة اليونيسيف التي تواصل دعمها المستمر لقطاع التعليم في اليمن من خلال مشروع استعادة التعليم والتعلم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم في اكثر من 1100 مدرسة في 7 محافظات بهدف الوصول الى التعليم الأساسي وتحسين ظروف التعلم وتحسين قدرات قطاع التعليم.
وجدد محافظ تعز التأكيد على ان الحكومة اليمنية ستواصل العمل على تحسين بيئة التعليم وتطوير النظام التعليمي في كافة المناطق اليمنية بالشراكة مع المنظمات الدولية والمانحين.
وعبر سفير اليابان لدى اليمن، ناكاشيما يويتشي، عن سروره بالاحتفال بتوقيع المنحة المقدمة من الحكومة اليابانية للشغب اليمني، مؤكدا انه سيعمل كسفير جديد لبلاده لدى اليمن بشكل دؤوب لاجل التنمية والسلام والاستقرار في كل ربوع اليمن.
وأوضح السفير الياباني ان الحرب المستمرة في اليمن منذ 10 سنوات حرمت ملايين الأطفال اليمنيين من؛ الالتحاق بالمدارس ومايؤكد ان الامية والجهل لا تهدد فقط حاضرهم ولكن أيضا مستقبلهم، مايستدعي العمل لانقاذهم من الجهل وإنقاذ مستقبلهم ومستقبل اليمن عامة.
وتحدث السفير عن أهمية المنحة المقدمة عبر منظمة اليونيسيف في رفع مستوى معايير العليم في محافظة تعز المستهدفة بالمشروع وتحسين مستوى تعليم الأطفال في المدارس والتنمية في مدارس تعز وسيكون لها تأثير ليست فقط في اطار قطاع التعليم واوساط الطلاب ولكنها ستتجاوز ذلك الى المجتمع بشكل عام, مشيرا الى ما لمحافظة تعز من أهمية تاريخية وتنموية على مستوى اليمن ككل.
واستعرض ممثل منظمة اليونيسيف في اليمن، بيتر هوكينز، أهمية المشروع بالنسبة لقطاع التعليم في اليمن واختيار محافظة تعز كنموذج يمكن التنفيذ فيه وما تنفذه المنظمة من مشاريع أخرى في كافة المناطق اليمنية في قطاع التعليم.