من نازلى إلى مى وأجيال الشباب.. 150 عامًا من الصالونات الأدبية فى مصر
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تُعد الصالونات الأدبية نبضًا حيًا للثقافة المصرية، ومنصات تجمع فيها الفكر والإبداع على مر العصور.
فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، شكّل صالون الأميرة نازلي انطلاقة مشهد ثقافي زاهر، حيث اجتمع رواد الفكر والسياسة أمثال سعد زغلول وقاسم أمين ومحمد عبده، ليؤسسوا لحركة ثقافية كانت ولا تزال منارة للإبداع والتنوير.
لكن الصالون الذي يعتبر باكورة الحراك الشعبي الثقافي هو صالون الثلاثاء الذي كانت تعقده مي زيادة في بيتها بوسط القاهرة مطلع القرن العشرين حيث وصفه طه حسين بالصالون الديمقراطي في مقارنة مع صالون الملكة نازلي الذي كان يعتبر صالون النخب الأرستقراطية.
وضم صالون زيادة كلا من طه حسين والعقاد والمازني وشوقي ورشيد رضا وأحمد لطفي السيد وتميز أيضا هذا الصالون بأنه كان يضم الكتاب والمثقفين من الجنسين وكان يضم أيضا كتابا من كل جنسيات الوطن العربي فصاحبته مي زيادة كانت لبنانية وتتقن ٣ لغات أخرى غير العربية.
ومن هذين الصالونين (نازلي وزيادة) تفجرت عددا من الجماعات الأدبية التي تشكل تاريخ الأدب العربي الحديث في مصر كجماعة الإحياء والبعث وأبولو وجماعة الديوان وغيرها.
صالون العقاد ومقالات طه حسين شاهدة على قوة الجماعات الأدبية
من صالون مي، استمد العقاد فكرة صالونه الشهير الذي يعقد صباح كل يوم جمعة وهو صالون العقاد بينما استلهم طه حسين فكرة مقالاته الشهيرة "حديث الأربعاء" من ثقافة الصالونات الثقافية سواء تلك التي تعرض لها في أوروبا أو في مصر.
وكتب أنيس منصور كتابا كاملا عن صالون العقاد، وتيم بفكرة الصالونات الأدبية إذ كان معدا لأولى البرامج التليفزيونية التي أخرجت على الشاشة فكرة الصالون الأدبي حيث قدم حلقة يعتبرها البعض أيقونة للمنتجات الإعلامية الثقافية وهي حلقة قدمتها الإعلامية ليلى رستم مع عميد الأدب العربي طه حسين ونخبة من الجيل الجديد من الأدباء وكان هؤلاء الضيوف الذين يمثلون الجيل الجديد من بينهم عبد الرحمن بدوي ويوسف السباعي وثروت أباظة وعبد الرحمن الشرقاوي ومحمود أمين العالم.
وتكمن أهمية هذه الحلقة في الرمزيات التي تحيل إليها فبدلا من الصالون الأرستقراطي التي مثلته الأميرة نازلي والصالون الديمقراطي الذي مثلته مي زيادة وكان عبارة عن جماعات من جيل واحد، رمزت هذه الحلقة إلى فكرة رعاية الأستاذ الكبير من الجيل القديم إلى الشباب من الجيل الجديد، تلك الحالة التي حافظ عليها نجيب محفوظ في جلساته بمقاهي وسط البلد ففكرة المقهى بالأساس ترمز إلى ذلك المكان الذي يمكن لأي شخص أن يدخله ويجلس به ويستمع لا يشترط السن أو الطبقة الاجتماعية، فليس غريبا إذن أن تجد شخصا من المعاصرين من الجيل الأحدث بكثير من جيل محفوظ لديه صورة مع محفوظ أو ذكريات مع جلسة معه في مقهى.
عصر الثمانينيات والتسعينياتازدهر هذا الشكل الجديد من صالونات أو جلسات رعاية الكبار للصغار أو الأجيال الأقدم للأجيال الأحدث على يد الأحزاب اليسارية في مصر وبالتحديد في الفترة من أواخر السبعينيات وحتى أواخر التسعينيات وقت قرار الرئيس السادات بإعادة النشاط للأحزاب السياسية في مصر.
عبد الفتاح الجمل.. الأب الروحي للكتاب الشباب
قبل الخوض في صالونات هذه الفترة ينبغي الإشارة إلى الصالون المؤسس والرائد الذي أسسه الكاتب والصحفي عبد الفتاح الجمل في جريدة المساء عام ١٩٦٢ وكان الجمل يرأس الملحق الثقافي بجريدة المساء التى أسسها وكان يرأس تحريرها خالد محيى الدين، وحول الجمل هذا الملحق ليكون منافسا لملحق جريدة الأهرام الثقافي الذي كان يرأسه لويس عوض ويضم كبار أدباء مصر أمثال محفوظ وإدريس والحكيم بينما كان الكتاب الشباب غير المعروفين هم عماد صالون الجمل ما جعل صالونه يأخذ طابعا شعبيا ويحدث ضجيجا شعبيا فقد خرج من هذا الصالون الكتابات الأولى لمحمد البساطي ويحيى الطاهر عبد الله ومحمد حافظ رجب وإبراهيم أصلان وغيرهم.
من الإسكندرية لأسوان.. محمد جبريل محطة مصر الأدبيةيقول الروائي المصري أشرف الصباغ لـ"البوابة"، إن الروائي محمد جبريل تسلم في منتصف الثمانينيات الراية من عبد الفتاح الجمل وغير سياسة ورشة المساء الأدبية لتشمل عددا ضخما من الكتاب الشباب من كل المحافظات وركز جبريل على المحافظات بالتحديد، وخرجت الورشة من مقر جريدة المساء إلى مقر نقابة الصحفيين الجديدة بالأزبكية حينذاك ثم انتقلت للمقر الحالي.
الزيتون.. ورشة الشعب
يضيف "الصباغ" أنه كان شاهدا في أواسط الثمانينيات على أنشطة ورشة الزيتون وهي إحدى الورش الأدبية التى ما زالت مستمرة فى مقر حزب التجمع بالزيتون، ويصفها الصباغ بالورشة الشعبية، إذ كانت تنفذ برامج مكثفة لمحو أمية فئات ضخمة من المجتمع، وكان من ينجح في تلك البرامج يسهل له الحصول على وظيفة في أي من مصانع الغزل والنسيج، موضحا أن الاحتكاك بالطبقات الشعبية مكن تلك الورشة من اكتشاف عدد ضخم من المبدعين، اختفت تلك الأنشطة حاليا رغم بقاء الورشة حتى الوقت الراهن تحت إدارة الكاتب والشاعر شعبان يوسف وما زالت تعقد أسبوعيًا الأمسيات الأدبية والثقافية للكتاب والمثقفين.
إبراهيم فتحي وعبدالمنعم تليمة راهبان في محراب الأدب
ويقول "الصباغ": في منتصف الثمانينيات بدأت أحضر ندوة من الندوات التي كان ينظمها الناقد إبراهيم فتحي في قهوة فينيكس بشارع عماد الدين كان يجلس بها في الصفوف الأولى كل من إبراهيم عبد المجيد وإبراهيم أصلان وكتاب من مجموعة إضاءة وكانت بالتزامن مع ندوة جبريل.
ويضيف أنه في منتصف التسعينيات حضر ندوات الدكتورعبد المنعم تليمة الذي كان يعقد صالونا كل أربعاء في منزله بحي الدقي وكان يحضره قامات كبيرة بالإضافة إلى الشباب.
ويقدم "الصباغ" ملحوظة حول سمات هذا الجيل من رعاة الكتاب الشباب، فيقول: "كان كل هؤلاء الناس يناقشون النصوص دون أن يشعروا الشباب بشيء من الأستاذية أو التعالي بل يناقشون النص بأسلوب يولد مزيدا من الرؤى ويحافظ على تدفق الإبداع وتطوره وكان لديهم هم عام بالكتابة فلا يوجد مصلحة فردية من أجل تنجيم الذات، ورغم أنهم كان لديهم شعارات كبرى لكنها كانت شعارات حقيقية تتماشى مع الواقع وطموحات الأجيال".
ويشير أيضا إلى أنه كان هناك ظاهرة في تلك الفترة لجماعات الشباب التي كانت ترفض الكبار ويتقابلون بمفردهم على المقاهي وفي بيوت بعضهم البعض من أجل تبادل الآراء حول نصوصهم، مضيفا أن هذه الظاهر تتجلى بقوة عند الأجيال الجديدة في الفضاء الإلكتروني في الوقت الراهن.
واعتادت مجلة “أدب ونقد” التي كان يرأس تحريرها الشاعر الراحل حلمي سالم في السنوات قبيل اندلاع ثورة يناير إعداد ملفات عن شباب الأقاليم المبدعين، وكانت المجلة تعقد ندوات أدبية في المحافظات يستمع فيها مدير تحريرها آنذاك الشاعر عيد عبد الحليم رئيس التحرير الحالى لأصوات الشباب ويختار منها مجموعة قصائد للنشر في المجلة.
سيد الوكيل ونادي أدب بهتيمينقل الكاتب والناقد وائل سعيد دفة الحديث ليتجه صوب شخصية أخرى أثرت كثيرا في جيل شباب الأدباء مطلع الألفية وهو الروائي والناقد سيد الوكيل، فيقول سعيد لـ «البوابة»: "تعرفت عليه من أحد الأصدقاء قال إذا أردت ان تجد من يقيم قصصك عليك بالذهاب إلى نادي أدب بهتيم وبالفعل ذهبت هناك ووجدت الوكيل كان يستمع إلى النص باهتمام شديد وكأنه نصه ويغوص في تحليله كأنه يشاركك وأنت تكتب، وتعرفت في جلسته على كل من أدباء جيلي أمثال محمد عبد النبي وياسر شعبان وجرجس سعد ولطفي السيد منصور وسيد عبد الخالق الذي ترجم حينها حصار لشبونة لسراماجو" ويتابع: "ساعدنا الوكيل في نشر أعمالنا الأولى فهو من عرفنا على سلاسل النشر في الهيئة العامة لقصور الثقافة كان أيضا يقف جوارنا في أدق أزماتنا مع الكتابة والإبداع وكنا نشعر أن اكتشاف المواهب ودعم الشباب هي أساس إبداعه والهدف الذي يعيش من أجله" مؤكدا أن دور الوكيل في دعم الشباب يمتد ليشمل كل جيل الشباب في كافة محافظات مصر فيزياراته وتواصله مع كل المحافظات لا ينقطع وجلساته مع شباب الكتاب خارج المؤسسات في المقاهي أيضا تمتد ولا تنقطع".
من جانبه يشير الروائي الطبيب إبراهيم بجلاتي إلى أهمية هذا الموضوع رغم أنه لم يجد خلال مسيرته من يحتضنه موضحا أنه أجاب عن ذلك بالتفصيل في كتابه سيندروم الذي كان يدور عن فترة الجامعة وكيف أنهم ككتاب بدأوا من الصفر في فترته في الجامعة بسبب هجرة المزيد من المثقفين والكتاب في التسعينيات إلى أوروبا والخليج.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصالونات الثقافية الذی کان من الجیل طه حسین فی مصر
إقرأ أيضاً:
الحمد لله الذي جعلنا يمنيين
قد يقول قائل، أو يتساءل متسائل لماذا اخترت هذا العنوان لموضوع المقال هذا؟
أقول له مجيبا: لأسباب عديدة ووجيهة سوف أحاول قدر الإمكان أن أسردها في عدة نقاط
أولا: إن اليمن متمسك بدينه وأخلاقه ومروءته وإيمانه متمسك بالقرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وهو أيضا متمسك بالسنة الصحيحة التي تتفق مع القرآن
واليمن قد اختاره الله سبحانه وأثنى عليه، وقال عن رجاله الثابتين على الموقف الحق في مرحلة التراجع والارتداد عن خط الإسلام الأصيل، ومسار القرآن الصحيح قال تعالى : فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ .وهم أهل اليمن
والرسول صلوات الله وسلامه عليه قد وضع لأهل اليمن وسام عز ومنحهم شهادة فخر ستبقى موضع اعتزاز إلى يوم القيامة وذلك عندما قال: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
فحق لي وعمر قد ناهز على المائة عام أن أعتز باليمن وأن أحمد الله أن جعلني يمنيا وكيف لا أعتز بنسبتي لليمن، وقد أخبر رسول الله عما يجول في خلدي، ويجيش في صدري من مشاعر فياضة عندما قال عن أهل اليمن ودورهم الإيماني، وشجاعتهم المذهلة التي أغاظت العدو وأسرت الصديق، وساندت المستضعفين في غزة فقد قال رسول الله: الأَزْدُ أَزْدُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُرِيدُ النَّاسُ أَنْ يَضَعُوهُمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَهُمْ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُولُ الرَّجُلُ: يَا لَيْتَ أَبِي كَانَ أَزْدِيًّا يَا لَيْتَ أُمِّي كَانَتْ أَزْدِيَّةً « أي يمنية ونسبتي أو نسبة أي يمني لليمن مصدر الاعتزاز بهذه النسبة مقترن أو مرتبط بمستوى التمسك بما يريده الله من عباده،
ثانيا: إن اليمن هو الوحيد الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وبتعاطف مع المظلومين وعلى رأسهم فلسطين وغزة، والناس والعالم كله يتفرج على هذه المذبحة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة، وشهرا بعد شهر، وعاما يتلوه عام، والعالم كأنه في غيبوبة، أو كأنه ميت لا حياة له وبالأخص الأعراب من العالم العربي والعالم الإسلامي الذين هم معنيون قبل غيرهم في الدرجة الأولى إذ أن القتلى مسلمون وأبناؤهم الذين يذبحون كل يوم هم أبناؤهم وما كان يحق لأحد أن يتفرج على هذه المذبحة التي يرتكبها اليهود الكفرة الفجرة الظلمة أحفاد القردة والخنازير، ما كان ينبغي ولا يجوز لأحد أن يتفرج على كل هذه المآسي والجرائم والمجازر في غزة
وأنا أعتقد- والله أعلم- أن هؤلاء المتفرجين قد ألبسوا أنفسهم العار الأبدي إلى أبد الآبدين والعياذ بالله.
ثالثا: إن اليمن لا يؤمن بما يؤمن به الآخرون بوجوب طاعة ولي الأمر إذا كان فاسقا كافرا جاحدا ظالما فاسقا يبدد أموال المسلمين، ويبذر بها شرقا وغربا، ويتفرج على المؤمنين المسلمين وهم يذبحون من الوريد إلى الوريد كل يوم، هذه الزعامة أو الرئاسة التي تقلدها هؤلاء الظالمون الفاسقون لو كان لها لسان تنطق لنطقت بلعنهم، ووجوب الخروج عليهم، ولرفعت شكواها، وعبرت عن ألمها إلى الجن قبل الإنس، الجن الذين قالوا بعد سماع القرآن: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ. ومن لا يكون راشدا وهو في موقع الحكم فلا شرعية له، ولا طاعة، لأنه سفيه في رأيه، وتصرفه، وسياسته وكفى بقول الجن حجة على الإنس الذين يؤمنون بطاعة ولي الأمر السفيه والأشد كفرا ونفاقا، فالزعامات المتفرجة على غزة، والتي لا تتحرك مشاعرها، ولا يؤنبها ضميرها ولا تقوم بواجبها كما أرادا الله لا يجب طاعتها بل يجب الخروج عليها وقتالها وهذا ما سطره، وأسسه الإمام الحسين رضوان الله عليه، وقام به، وعمده بدمه وروحه حتى لا تبقى للحكام الظالمين شرعية، وهو المبدأ الذي أحياه الإمام زيد بن علي رضوان الله عليه من بعد كربلاء بسنوات قليلة فسنوا سنة حسنة ومباركة لا يعرف قيمتها إلا المؤمنون الأحرار، أما عبيد الدنيا، وأسرى الخوف فهم على دين ملوكهم ورؤساءهم حتى لو كانوا من أظلم الظالمين، وأفسق الفاسقين، ولو كانوا يشربون الخمر في جوف الكعبة، أو على صعيد عرفة كما هو معروف من فتاوى الوهابية، وثقافة السلفية وفي كتبهم التي أوصلت الأمة أن هذا المستوى من الذل والقهر والخزي والجبن أمام حفنة من اليهود الذين كتب الله عليهم الذلة والمسكنة.
إن هؤلاء الرؤساء والزعماء والملوك هم أظلم وأطغى من ملوك وزعامات الأمس والواجب بل أوجب الواجبات هو الخروج عليهم لا طاعتهم، ومن يجب طاعته هو ولي الأمر المؤمن المسلم المجاهد الذي يأمر المعروف وينهى عن المنكر الصادق في أقواله وأفعاله الشجاع المقدام الغيور على حرمات الله عندما تنتهك، والمجيش للجيوش عندما يعربد اليهود، ويرتبكون المجازر هذا هو الذي يحق له أن يتولى أمر الإسلام والمسلمين ويستحق أن يسمى بولي الأمر ومن تنطبق عليه الأوصاف المذكورة في هذه المرحلة هو المتولي للأمر في اليمن وهو القائد التقي الحيدري/ عبد الملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله ونصره، ولأنه يحمل المؤهلات القرآنية والإيمانية يجب على كل فرد من أهل اليمن أن يطيعه ويسانده، ولا أقصد بكلامي هذا كل اليمنيين، ولا أوجهه لتلك المجموعة التي خرجت من تلقاء نفسها التي أخرجها حقدها، وكبرها، وذنوبها، وركونها إلى الظالمين من أعراب نجد ووقعوا في شر أعمالهم في أحضان الطغاة، وفي أحضان عبيد العبيد، ويدرك الكيسون الفطناء جيدا أنه لا زالت بعض الخلايا الخبيثة والخيوط الشيطانية، والنفوس المريضة والجاحدة في الداخل وهؤلاء غير معول عليهم، إنما المعول على من عرفوا كلمة الحق والصدق، وحملوا لواءها بجد، وتحركوا في الساحة ولهم تأثير وحضور في إحقاق الحق، ونصرة المظلومين، والوقوف في وجه الظالمين هؤلاء هم من تجب مولاتهم واحترامهم ومن يعول عليهم، ويجب الاعتزاز بهم.
رابعا: إن اليمن بقيادته العظيمة الشجاعة المباركة هو الشعب الوحيد الذي تصدى لأطغى طغاة العالم وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل ومن دار في فلكهما لقد قال قائد اليمن بالحرف الوحد: لأمريكا وإسرائيل قفا عند حدكما وإلا فسوف تأتي إليكم الصواريخ المحمدية والعلوية.
خامسا: إن اليمن بقيادته هو الوحيد الذي برز إلى حيز الوجود وتظاهر لما يقارب العامين وهو يتحدى العالم بكله ويؤيد المظلومين ويناصرهم ويساندهم بكل ما يستطيع ويحتج على الظلمة الفجرة ولا يبالي بهم ولقد سمع العالم كله مظاهراتهم الأسبوعية التي استمرت 22 اثنين وعشرين شهرا هذا هو الشعب اليمني وهذه هي قيادته القيادة المخلصة المؤمنة الصادقة.
سادسا: إن اليمن هو الوحيد الذي لا يكل ولا يمل ومستمر دائما وأبدا في المظاهرات وفي التصدي للظلم ولا يبالي بالاعتداءات عليه ولا يعرف الهزيمة ولا يعرف الخوف بل كأنه شرب الموت شهدا عسلا مصفى، اليمن هو الذي برز إلى حيز الوجود وأخاف أكابر الظلمة في الدنيا بكلها ذلك هو اليمن وما أدراك ما اليمن؟ ولهذا آثرت واخترت أن يكون عنوان مقالي وموضوعي هو اليمن وأفتخر وأعتز بأنني يمني للأسباب الوجيه التي أوردتها وسيعجب بهذا الكلام من يعجب ممن لازالت فطرتهم سليمة، وقلوبهم نقية، وستضيق الأرض بما رحبت بتلك القلوب المقلوبة، والصدور المتكبرة التي لا يعجبها إلا ما يعجب الحكام الجائرين، ولا ترتاح إلا لما ينشرح له صدور أكابر المجرمين والمنافقين المتفرجين على غزة وفلسطين والله المستعان.
سابعا: إن الصواريخ اليمنية هي التي أخرست اليهود ومضاداتهم وأسكتتهم وتجاوزت كل تقنياتهم، ومرت من فوق رؤوسهم وهم ينظرون إليها نظر المغشي عليه من الرعب والرهبة والموت، هذه اليمن وما أدراك ما اليمن الذي لم يتفرج قائدها وشعبها وجيشها كما تفرج الأخرون، وقعدوا مع القاعدين من الخوالف والجبناء والمثبطين.
اليمن لم ولن يتفرج على الظلم مع المتفرجين، ولن يهدأ له بال وهو يرى الظلم في الأرض وسيكون شوكة في حلوق الظالمين والمستكبرين، وسيكون ضد الفجرة والكفرة وضد المنافقين واليهود والنصارى هذا هو اليمن.
فعلى كل إنسان أن يعرف من هو اليمن وإلا فسوف يموت قهرا وكمدا.
ثامنا: إن اليمن وجيشه وقيادته قد التحموا وشكلوا جبهة واحدة أمام العدو وأمام الظلمة وأمام الطغاة، ولهذا فلن تستطيعوا ولن يستطيع العدو أن ينفذ إلى اليمن حتى لو حشر الجن والإنس لن يقدر على اليمن بحال من الأحوال بإذن الله.
هـذا هو اليمن الذي بوأه الله هذه المكانة، وشرفه بهذا الموقف التاريخي وعلى الظلمة وعلى القتلة أن يموتوا بغيظهم، والذين يسارعون إلى جهنم عليهم أن يصمتوا إلى الأبد فأمامهم اليمن الذي لا يخاف في الله والحق لومة لائم كما وصف الله رجاله الذين وعد بالإتيان بهم عندما يرتد المسارعون المطبعون في هوى وهاوية التولي لليهود والنصارى، اليمن الذي ترعاه عناية الله، وهو معتصم بالله لن يتزحزح ولن يخاف من أحد إلا من الله.
ويجب أن يفهم الجميع أن قدرة الله فوق قدرة الظلمة والطغاة ولن يستطيع أحد أن يغالب الله، ويقف أمام قدرته القاهر، وقوته الغالبة، وسننه الماضية واليمن مع الله والله معه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء الله.
تاسعا: أن اليمن هو الوحيد الذي علماؤه لم يكونوا مرتبطين بالسلطة، إنما ارتباطهم بالله الذي بيده كل شيء وهو على كل شيء قدير ولعلكم قد سمعتم وشاهدتم علماء السلطة في السعودية وغيرها الذين ينتاب المسلم الخجل عند سماعهم ورؤية وجوههم المنافقة المكفهرة التي تتزيا بزي العلماء، وتظهر بمظهر العلم ويسميهم الناس بالعلماء وهم بحق كما وصفهم الإمام زيد بعلماء السوء، وأقول في الأخير حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا أدري كيف سيكون موقفهم وجوابهم بين يدي الله، وبأي وجه سيلقونه، والحجة عليهم أعظم، وهم عند الله ألوم.
عاشرا : الشعب اليمني هو الشعب الوحيد الذي يأس من مجلس الأمن والأمم المتحدة ومن الجامعة العربية ومن كل التجمعات، لأن هذه التجمعات هي من صنع أمريكا، ولهذا لم يعرها الشعب اليمني اهتماما، ولم يقتنع بشعاراتها البراقة، ولم تنطل عليها، عناوينها الكذابة، ووضع تقاريرها تحت قدميه هـــــــــااااااااذا هو الشعب اليمني.
وأخيرا: اتجه إلى السعودية والإمارات وأقول لهم: إذا بقي فيكم ذرة من الذوق، أو مثقال خردلة من الفهم فيجب أن تفهموا أن الأمن يجب أن يكون للجميع، والحرب يجب أن تكون على الجميع والقتال آت بدون قيد ولا شرط، وإن كنتم تعتقدون أو تظنون بأن الشعب اليمني سيرضخ للضغوط الاقتصادية التي تمارسونها أو أنه سيجوع كما هو الحال في غزة فإن الشعب اليمني سيجعلها ثورة عارمة، وسيتحول إلى بركان جارف يكتسحكم، ويقلب الأمور على رؤوسكم الزجاجية، فيجب أن تفهوا أن السن بالسن والعين بالعين والجروح قصاص هذا ما يجب أن تفهموه ويكون في حسبانكم وكفاكم حصارا وتآمرا وخرابا في اليمن فقد قتلتم أبناءه، وخربتم بيوته وطرقاته، والآن أتظنون أنكم في سلامة وأمان لا وألف لا، لن تكونوا في سلامة وأمان ومنأى من غضب اليمنيين هذا ما يجب أن تفهموه الفهم الصحيح قبل فوات الأوان، وقبل أن تذوقوا وبال جرائمكم بحق الشعب اليمني، والعاقبة للمتقين وصدق الله أحكم الحاكمين القائل: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.