لن تنتصروا .. غزة كسرت كبرياءكم واليمن يقود المرحلة العربية
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
نبدأ من اليمن، ثم إلى معتقل غزة في خط مستقيم، ثم إلى سوريا في آخر متعرج، ثم نعود إلى حدود النار والدمار في خطٍ متقطع، لا شك أننا نفهم الآن سبب تسمية اليمن السعيد بهذا الاسم التاريخي، ويبدو أيضا أن الموروث لا يغادر وارثه مهما طال الزمان، لم يعد هنالك من شك بأن إطلالة اسم اليمن على شاشات الأخبار وتصدره العناوين أصبح مصدرا لرشفات من السعادة لكل شعوب العرب في سنوات القهر والمكابدة العربية .
كلما هبطت معنوياتنا أو تأرجحت عزيمتنا يعود اليمن ببطولته وتضحياته ليعيد ضبط موازين ومعايير كل الأمـة في الاتجاه الصحيح، لم توجد طيلة الشهور الماضية كلمة تماثل أو تعيد تذخير نفوسنا بمثل ما فعلت كلمة السيد عبد الملك الحوثي وهو يؤكد ثبات اليمن وشعبه البطل على ميثاق الكرامة مهما بلغت التضحيات ومهما اشتد العدوان الغادر، والعظمة في كتاب التاريخ تأتي من تزاوج التضحيات الكبيرة مع استمرار العطـــاء الذي لا ينقطع، وهذا ما يفعله اليمن وشعبه الذي يتصدر اليوم سماء الحرية في سنوات العسرة .
في نفس الوقت الذي تعمل فيه الآلة الإعلامية الأمريكية بشقيها الغربي والعربي على فتح ملفات القتل والتعذيب داخل السجون السورية وتحويلها إلى ترند الموسم لإلهاء وإشغال الوعي العربي والعالمي بما يحاك ضد سوريا والمنطقة، تستمر عمليات القتل الأمريكي داخل غزة غـزة إلى الحد الذي أصبح فيه هذا القتل موضةَ المرحلة وشيئاً مسلما به ولم يعد يثير حتى شفقة المتفرجين أو يستفز إنسانيتهم لأن هذه المشاعر تم نقلها بشاحنات إعلامية إلى مواضع جديدة من الرواية الأمريكية –الصهيونية تستمر عمليات القتل وفصول الإبادة بمسح البيوت ونسف الحياة بكل معالمها على يد أحقر عصابة عرفها العالم المعاصر والماضي
لقد تجاوز العدوان على غزة كل حدود المنطق والعدالة وحتى الأعراف التقليدية للعدوان، لقد دخل إلى نطاق قوننة القتل وترجمته إلى عُرفٍ دولي وإنكار الحياة ومعانيها وإنكار حق الإنسان العربي في الوجود على سجل هذه الحياة، هذه هي الحرب الوحيدة في القرن المعاصر التي يشاهد فيها العالم الكلاب وهي تأكل لحم الموتى لأن جيش القتلة يمنع اقتراب أحد من الشهداء .
لقد تم امتطاء ذريعة هجمات 7 أكتوبر لإطلاق مشروع الشرق الأوسط الإسرائيلي وكسب الزخم الزماني والمكاني لتحقيق هذه الخطط المؤجلة، لقد تحلل الكيان الصهيوني من الاتفاقيات القديمة واخترق كافة العهود والوعود الدولية وفرض الاعتداء دون ردع أو منع، بل على العكس، تتم تغطية هذا التحلل من كل المواثيق بالعبارة الأمريكية الفرط صوتية: حق الدفاع عن النفس! نشاهد هذا الأمر في المطالبة بإسقاط اتفاقية أوسلو والسلطة الفلسطينية على الرغم من خدماتها الجليلة للاحتلال، ونشاهد هذا بالاعتداء على الجولان وجبل الشيخ خلافا لكل الاتفاقيات القديمة الموقعة في العام 1974، ونشاهده في الاعتداء على لبنان وخرق الهدنة بعشرات المرات، لقد أصبح من الواضح أن كل الاتفاقيات من كامب ديفيد إلى وادي عربة واتفاقيات ابراهام صارت مجرد أوراق مستهلكة تنتظر حرقها في التوقيت المناسب، فيما العرب الراكضين وراء أحلام السلام سيحظون في نهاية المطاف بالخسران الكبير.
ما يجب التأكد منه هو أننا أمام مخطط متكامل لا يتوقف ولا يرحم ولا يكتفي، المخطط الذي يجري في المنطقة يحمل في قسطه الأول مرحلة التأديب والتحجيم، وهي المرحلة التي نراها ونعايشها وتتضمن كسر محور المقاومة في مراكزه، يحدث ذلك في غزة ثم لبنان ثم سوريا والدور القادم هو العراق وصولا إلى المركزية الإيرانية، المرحلة الثانية هي مرحلة فرض الشروط الجيوسياسية الجديدة التي ستفضي إلى الترتيب وخلق دويلات جديدة وصناعة أنظمة أشـد بهدلةً من الأنظمة الحالية، المرحلة الثالثة تتمثل في الوصول بكل المنطقة العربية لحالة مشابهة لما تعانيه الضفة الغربية عداً ونقداً، بمعنى ان كل ثروات العرب ستخضع للإشراف الأمريكي -الإسرائيلي، وكل نمط حياتهم سيكون وفقا للمعايير الإسرائيلية لا غير .
إن العقيدة القتالية الأمريكية والصهيونية قائمة على ثلاثة أضلاع أساسية هي : وحشية المبادئ – التضليل الإعلامي – القوة التقنية المستندة إلى الآلة ، هذه التركيبة الحضارية تمثل النموذج الأضعف في سباق البقاء للحضارات والأقصر عمرا في ضمان المستقبل، يمكنها تحقيق إنجازات ولكن ليس انتصارات، لقد حقق الكيان الصهيوني إنجازات ولكن هذه الإنجازات لا يمكنها أن تكون انتصارات وفقا لمسطرة القياس ، بعكس ضربات المقاومة التي حققت إنجازات تتمتع بكونها انتصارات مؤثرة في مستقبل الكيان وداعميه.
ولا زالت ألوية المقاومة تسجل كل يوم ضربات مؤلمة بحق هذه الوحوش .
جميع المشاريع المرسومة للمنطقة ضمن خطة الشرق الأوسط الإسرائيلي هي مجرد أحلام ظرفية مولودة بحالة الموات وغير مضمونة العواقب
مشروع احتلال غزة والتهجير وترحيل سكان الضفة مثلها مثل سائر الأساطير والأوهام الإسرائيلية سيذهب إلى إرشيف المحاولات الفاشلة لأننا أمام شعب من الجبارين، قادة الكيان ومن يقف وراءهم من الغرب والعرب ذاهبون بشكل حتمي إلى المساءلة والمحاكمة والامتهان بين الأمم وهذا ما سيكون عليه الحال حتى لو بعد سنوات طويلة
إن ترامب ووعوده بالتضافر مع تصريحات وأحلام قادة الكيان الصهيوني بإزالة ايران وتغيير نظام الحكم فيها وفرض الهيمنة الصهيونية المطلقة على الإقليم ليس قدرا محتوما للمنطقة، إنها أضغاث أحلام لغزاة جدد مر مثلهم الكثير على بلادنا وشعوبنا، ندرك ان المرحلة القادمة تنطوي على تداعياتٍ هائلة ،لكننا نؤكد بأن إيران ليست دولة مارقة في التاريخ وليست لقمة سائغة، اليمن ليس شعبا يعيش على الحلوى الأمريكية لكي يشعر بالألم أو يطالب بالاستسلام إنه من يقود المرحلة بكل جدارة ، حزب الله لم ينته ولم تطو صفحته من المواجهة، غزة لم ترفع الراية البيضاء وها هي عمليات الأبطال في جباليا تشرق سماء العرب كل يوم، وسترغمون على قبول اتفاقية التبادل استسلاما وخضوعا للمقاومة التي سيخلدها التاريخ، وإن غدا لناظره لقريب .
كاتب فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أسوأ 8 اقتصادات في 2025.. السودان وسوريا واليمن في الصدارة
شمسان بوست / متابعات:
أظهرت قائمة أنجزتها “براند فيجين” (Brand Vision) المتخصصة في رصد العلامات التجارية، أن سورية تتصدر قائمة أسوأ ثمانية اقتصادات في العالم، يليها السودان واليمن، إضافة إلى كل من فنزويلا ولبنان وهايتي وأفغانستان والأرجنتين على التوالي، ما يعني أن الدول العربية المصنفة بين الأفقر عالمياً تشكل 50% من هذه اللائحة.
وفي مشهد عالمي متغير باستمرار، توضح الدول ذات أسوأ الاقتصادات في عام 2025 التأثير المدمر للصراع أو سوء الإدارة أو الأزمات المالية. وبعض هذه الدول مزقتها الحروب وانهار ناتجها الإجمالي بسبب العنف والعقوبات، في وقت إن دولاً أخرى متوسطة الدخل محاصرة في دورات متكررة من التضخم وفشل السياسات.
ورغم الاختلافات الشاسعة في الجغرافيا والسياق، فإن كل حالة تؤكد العواقب الإنسانية للانحدار الاقتصادي الشديد المتمثل بمظاهر الفقر المتزايد والهجرة الجماعية والتضخم المفرط وتفكك الهياكل الاجتماعية.
وتصنف هذه القائمة الصادرة الخميس البلدان ذات أسوأ اقتصادات في عام 2025، من خلال فحص المؤشرات الرئيسية التي تحدد انحدارها، بدءاً من النمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي والتضخم المتصاعد إلى البطالة المزمنة وعدم الاستقرار السياسي.
وبدعم من بيانات صندوق النقد والبنك الدوليين ومصادر أُخرى موثوق بها، يسلط التقرير الضوء على التطورات الاقتصادية الأخيرة والأسباب الجذرية وراء صراعاتها.
ورغم أن بعض الدول تواجه عقبات فريدة مرتبطة بالصراع، فإن دولاً أخرى تشترك في فخاخ مشتركة مثل انهيار العملة أو أعباء الديون غير المستدامة.
1 – سوريا
وفي التقرير أن سورية تأتي في طليعة البلدان ذات أسوأ الاقتصادات بسبب أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية المدمرة التي اندلعت في عام 2011، حيث أدى الصراع إلى تدمير البنية التحتية، وإجبار الملايين على ترك منازلهم، ودفع الإنتاج إلى ما يقرب من التوقف.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 64% منذ بدء الحرب، ولا تزال أي ومضات من النشاط الاقتصادي غير رسمية أو مرتبطة باقتصاد الحرب.
ومع بداية عام 2025، تشير التقارير إلى معدلات نمو سلبية متكررة، مثل انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3.5% في 2022 و3.2% إضافية في عام 2023، مما ترك دخل الفرد عند مستويات منخفضة تاريخياً.
وتعكس هذه الاتجاهات المدمرة تفككاً كاملاً للسوق المحلية النابضة بالحياة في سورية ذات يوم، فقد تحولت المراكز التجارية إلى أنقاض، ويكافح النظام المنهك لاستعادة حتى الحد الأدنى من الحياة الطبيعية.
كما أن العقوبات وسقوط العملة والتضخم المفرط في السلع الأساسية كلها عوامل تغذي انحدار سورية إلى واحد من أسوأ الاقتصادات. وعلى مدى العامين الماضيين، فقدت الليرة السورية نحو ثلثي قيمتها، مما أدى إلى تضخم يقدر بنحو 40% رسمياً، لكن من المرجح أن يكون أعلى في المعاملات اليومية.
وفي الوقت نفسه، لا يزال نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في وقت إن السلع الأساسية من الخبز إلى الدواء بالكاد يمكن تحملها.
يُضاف إلى ذلك أن إحصاءات البطالة غير موثوق بها، رغم أن التقديرات المحلية تضع معدلاتها عند مستويات مرتفعة للغاية. كما لا يوجد أمل يُذكر في إعادة الإعمار الشامل من دون حل سياسي واضح.
2 – السودان
في السودان، أدى انزلاق البلاد إلى الفوضى لدفعها بين البلدان ذات أسوأ الاقتصادات في عام 2025. فبعد عقود من التحولات المضطربة، أدى تجدد القتال بين الفصائل العسكرية المتنافسة في إبريل/ نيسان 2023 إلى تحطيم أي أمل بالاستقرار.
ويرسم البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي صورة قاتمة لهذا البلد، بعدما انكمش الاقتصاد بنسبة غير مسبوقة بلغت 37.5% عام 2023 وحده، حيث سقطت البنية التحتية والإنتاج الزراعي والشركات الصغيرة ضحية للصراع.
ويمحو مثل هذا الانخفاض الحاد علامات التعافي المتواضع السابقة ويدفع دخل الفرد إلى مستويات منخفضة كارثية. وفي ظل غياب هياكل الحكم العاملة في مناطق الصراع، من المرجح أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر عام 2024، بما يجعل اقتصاد السودان المنهك أقل من نصف الحجم المسجل قبل بضع سنوات.
ومن أسوأ المؤشرات ارتفاع التضخم المفرط الذي بلغ نحو 146% عام 2023، مدفوعاً باعتماد الحكومة على طباعة النقود لتغطية عجزها المتضخم. وتعمل العقوبات وهروب رأس المال على تضخيم انهيار العملة، مع تدهور مستمر للجنيه السوداني.
كما ارتفعت معدلات الفقر، ليعتمد أكثر من نصف السكان الآن على المساعدات الإنسانية، وتواجه مجتمعات بأكملها ظروفاً أشبه بالمجاعة. ويظل الدين موضوعاً غامضاً.
وإلى أن تتفق الأطراف المتحاربة على سلام دائم وتبدأ جهود إعادة البناء الحقيقية، تظل آفاق البلاد قاتمة بشكل مثير للقلق، مما يوضح كيف يمكن للصراع أن يحول الأزمة بسرعة إلى واحد من أكثر الانهيارات الاقتصادية حدة في العصر الحديث.
3 – اليمن
منذ عام 2015، دمرت الحرب الأهلية كل قطاع في اليمن تقريباً، ما أدى إلى حالات ركود متكررة وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50%. وقد وفّر وقف إطلاق النار عام 2022 فترة راحة قصيرة، لكن الحصار والتوترات المستمرة تبقي الاقتصاد الرسمي في حالة يرثى لها. فقد انخفضت صادرات النفط التي كانت في السابق تشكل أساساً للإيرادات.
وحتى احتمالات النمو المتواضعة أصبحت ملغاة بسبب تدمير البنية التحتية والحوكمة المتصدعة. وبحلول عام 2025، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل بكثير من أرقام ما قبل الحرب، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية هائلة، حيث أصبح الملايين على شفا المجاعة.
وينبع التضخم في اليمن من تفتت العملة وانقطاع سلسلة التوريد. ورغم أن أرقام التضخم الرسمية تتراوح في خانة العشرات، فإن التجربة المعيشة أكثر قسوة، خاصة بالنسبة للغذاء والوقود.
ومع سيطرة سلطات الحوثيين على البنك المركزي الشمالي وتولي الحكومة المعترف بها دولياً إدارة جهاز العملة الجنوبي، يعاني الريال اليمني من انخفاض مستمر في قيمته.
كما تكابد غالبية السكان البطالة على نطاق واسع، ويعيش نحو 80% منهم تحت خط الفقر. وإلى جانب آفاق إعادة الإعمار الضئيلة والاستثمار الأجنبي المباشر الضئيل، فإن البيئة التي تعاني من الصراع المستمر في اليمن تعزز ترتيبها بين أسوأ الاقتصادات في عام 2025، مع القليل من الأمل في الإغاثة ما لم يتحقق اتفاق سلام شامل وتدفق المساعدات.
4 – فنزويلا
تمثل فنزويلا حالة معقدة من الانهيار الاقتصادي الشديد الناجم عن سوء الإدارة والعقوبات والإفراط في الاعتماد على صادرات النفط. فعلى مدى العقد الماضي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة مذهلة بلغت 70%، بما يمثل أحد أكبر الانكماشات في زمن السلم التي لوحظت على الإطلاق.
وقد أدى التضخم المفرط الذي بلغ ذروته عند 130000% عام 2018، إلى تحطيم القدرة الشرائية للمستهلكين، ما أدى إلى نزوح جماعي لملايين الأشخاص بحثاً عن ظروف معيشية أساسية في أماكن أخرى.
وفي عامي 2023 و2024، استمر التضخم في الارتفاع بمستويات مرتفعة للغاية مراوحاً بين 190% و230%. ورغم أن التضخم المفرط الإجمالي قد تراجع قليلاً، إلا أن البوليفار الفنزويلي لا يزال منخفض القيمة بقوة.
وفي خضم هذه الاضطرابات، تفاقمت معدلات البطالة والفقر. وفي حين سجلت البلاد نمواً إيجابياً صغيراً عام 2023 بسبب زيادة طفيفة في إنتاج النفط، فإن هذا التحسن بالكاد يُسجل مقارنة بالسقوط الاقتصادي الهائل.
كما يظل الدين العام هماً كبيراً مع تخلف البلاد عن السداد، إذ تفتقر فنزويلا إلى بلوغ قنوات الإقراض العالمية منذ عام 2017. ويستمر الجمود السياسي الذي تفاقم بسبب العقوبات الدولية التي تستهدف نظام نيكولاس مادورو، في خنق أي إصلاح شامل. وحتى لو ارتفعت أسعار النفط، فإن نقاط الضعف البنيوية تجعل التعافي الحقيقي بعيد المنال.
5 – لبنان
دفع الانهيار المالي الدرامي منذ أواخر عام 2019 لبنان إلى صفوف الدول ذات أسوأ الاقتصادات في العالم. وبعدما كان لبنان مشهوراً بقطاع الخدمات والسياحة النابض بالحياة، يعاني الآن من انهيار غير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي، حيث خسر أكثر من 50% من ناتجه الاقتصادي في أقل من خمس سنوات، لدرجة أن البنك الدولي صنف أزمة لبنان بين أشد ثلاثة انهيارات اقتصادية على مستوى العالم منذ القرن التاسع عشر. كما لا تزال ودائع الناس في المصارف مقيدة وخسرت الكثير من قيمتها بسبب انهيار الليرة اللبنانية.
وأحد الأعراض الرئيسية لسقوط الاقتصاد اللبناني هو أزمة العملة. فقد تم ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي عند سعر صرف ناهز متوسطه 1507.5 ليرات لعقود من الزمان، لكن بحلول عام 2023، ارتفع سعر الدولار إلى ما يزيد عن 90 ألف ليرة في الأسواق الموازية، ما أدى إلى زيادة التضخم بثلاثة أرقام.
وقد لجأ المواطنون اللبنانيون، الذين فقدوا ثقتهم في النظام المصرفي، إلى التعامل بالدولار من أجل البقاء. ونتيجة لهذا الواقع، ارتفعت معدلات الفقر من نحو 14% قبل الأزمة إلى نحو 44%، حيث يكسب أكثر من نصف السكان أجوراً لا تكفي لتغطية حتى السلع الأساسية.
والواقع أن المزيج القاتل من الشلل السياسي الذي سبق انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام، إضافة إلى الفساد المستشري، لطالما شكل رادعاً لأي خطة إنقاذ أو إصلاح.
6 – هايتي
تعاني هايتي من حلقة مفرغة من الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي. ورغم تاريخ الكوارث الطبيعية والهشاشة البنيوية، فإن الارتفاع الأخير في عنف العصابات وانهيار الحكم أدى إلى تسريع السقوط.
وقد انكمش الاقتصاد لمدة ست سنوات متتالية حتى عام 2024، حيث أظهرت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل -1.9% عام 2023 و-4.2% عام 2024، في وقت إن المناطق التجارية بأكملها في بورت أو برنس مشلولة فعلياً بسبب الجماعات المسلحة، ما أدى إلى توقف أي تجارة أو نشاط طبيعي.
وما يزيد من تفاقم الأزمة الفقر المستشري وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع. ويحتاج أكثر من نصف السكان إلى مساعدات عاجلة، ويؤدي الانهيار شبه الكامل في التوظيف الرسمي إلى تعزيز الهجرة الجماعية. وارتفع التضخم إلى ما يزيد عن 49% عام 2023، قبل أن ينخفض قليلاً بسبب انحسار الطلب، بما يعكس أن العديد من الأسر تفتقر إلى المال لأي شيء يتجاوز الضروريات الأساسية.
كذلك، فإن قدرة الحكومة ضئيلة، لأن الإيرادات الضريبية لا تذكر، والمساعدات الأجنبية تقوم بمعظم العمل الشاق رغم أن المخاطر الأمنية المتزايدة تعوق توزيع الإغاثة. ويؤكد عجز هايتي عن إجراء الانتخابات أو الحفاظ على برلمان فعال، الفراغ السياسي الذي يغذي الأزمة، وكل ذلك في ظل النمو السلبي المستمر والفقر المدقع والضعف المؤسساتي حتى عام 2025.
7 – أفغانستان
دفع التحوّل الهش لأفغانستان، في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021، البلد إلى قائمة الدول ذات أسوأ الاقتصادات. وسريعاً ما اختفت المساعدات الخارجية التي كانت تمثل سابقاً 40% من الناتج المحلي الإجمالي، ما أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% إلى 30% بين عامي 2021 و2022.
وبحلول عام 2023، استقر اقتصاد البلاد قليلاً، ليسجل انتعاشاً بنحو 2.7%، لكن الناتج الإجمالي يظل محدوداً. كما أدى عدم القدرة على الوصول إلى احتياطيات البنك المركزي، إلى جانب العقوبات والقيود المفروضة على توظيف النساء، إلى خنق الإنتاجية بشكل أكبر.
ورغم تجنب التضخم المفرط منذ انهيار الطلب وبقاء المعروض النقدي المحدود، فإن أزمة أفغانستان تظل راسخة، إذ يعيش أكثر من 90% من الأسر في فقر، ويعتمد نحو نصف السكان على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. ويواصل المهنيون الماهرون الفرار من البلاد، ما يؤدي إلى استنزاف القدرة على إدارة الخدمات الصحية أو التعليمية الأساسية.
ومن الناحية السياسية، يعمل الحكم الاستبدادي لطالبان والعزلة الدولية على ردع الدعم أو الاستثمار الخارجي على نطاق واسع، مما يؤدي إلى إدامة اقتصاد الكفاف. وحتى التحسينات الطفيفة في الزراعة غير كافية لتعويض الانخفاض الهائل في الخدمات والصناعة.
8 – الأرجنتين
تعاني الأرجنتين بسبب سوء الإدارة المزمن وارتفاع التضخم وضائقة الديون. وعلى مدى العقد الماضي، قوّضت الأزمات المتكررة ما كان ذات يوم اقتصاداً مزدهراً للدخل المتوسط في أميركا اللاتينية.
وبين عامي 2023 و2024، ارتفع التضخم إلى 211%، مسجلاً أعلى مستوى منذ أوائل التسعينيات، حيث فقد البيزو الأرجنتيني الكثير من قيمته في أسواق الصرف الموازية.
وانخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 2-3% عام 2023 و3.5% عام 2024، بسبب الجفاف الشديد الذي ضرب الصادرات الزراعية وموجة من عدم الاستقرار النقدي. ويعيش أكثر من نصف الأرجنتينيين الآن تحت خط الفقر، وهو مؤشر صارخ على الانهيار في القدرة الشرائية.
ويكمن وراء هذه المصاعب عجز الأرجنتين المتكرر عن كبح جماح العجز والحد من إصدار العملات، ما يؤدي إلى دورة من تخفيض قيمة العملة. كما أن التقلبات السياسية التي تضخمت بسبب انتخابات عام 2023 المثيرة للاستقطاب، تؤدي إلى تفاقم الأزمة. وتشير بعض التوقعات إلى إمكانية حدوث انتعاش قوي إذا ترسخت الإصلاحات الجذرية، مثل الدولرة الكاملة.
ومع ذلك، فإن سجل الأرجنتين الحافل بالتدابير التي لم يتم تنفيذها بالكامل والانعكاسات السياسية المفاجئة يحد من التوقعات الإيجابية. وإلى أن يتم احتواء التضخم بشكل حاسم وتنفّذ الإصلاحات الهيكلية، تظل الأرجنتين أحد البلدان ذات أسوأ الاقتصادات في عام 2025، حيث تعاني من صدمات العملة المتكررة، والفقر المتصاعد، والتهديد المستمر بالتخلف عن سداد ديونها.
المصدر: العربي الجديد