سوريون يعيدون اكتشاف دمشق من أعالي قاسيون
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
حين علمت عفاف المحمد بسقوط الرئيس بشار الأسد، قادت سيارتها في الصباح الباكر باتجاه جبل قاسيون المشرف على دمشق، لتعيد اكتشاف مدينتها "من فوق"، وتستمتع بمشهد بانورامي كان ممنوعا على السوريين لأكثر من عقد من الزمن.
تقول طبيبة الأسنان (30 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية والابتسامة تزيّن وجهها "حين بدأت الثورة، كان الصعود إلى قاسيون وأماكن أخرى عامة ممنوعا علينا".
وتضيف "أما الآن وبعدما انتصرنا فالإحساس الذي شعرنا به عندما وصلنا إلى قاسيون كان جميلا للغاية. لا تخشى أن تصادف أحدا في طريقك ويسبب لك أذى، ولا قيود من حولك".
بعد اندلاع الثورة في عام 2011، أغلقت السلطات الطريق المؤدي الى أعالي جبل قاسيون أمام المدنيين، ووضعت نقاطا أمنية على امتداده كونه يوفّر إشرافا استراتيجيا على دمشق وعلى القصور الرئاسية فيها. ونصب الجيش مرابض مدفعية في نقاط عدة، استخدمها خلال سنوات لقصف أحياء في دمشق كانت خارج سلطته ومدنا مجاورة خصوصا في الغوطة الشرقية.
حرم السوريون من هذه الإطلالة طوال 13 عاما (الفرنسية)وبعد الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تشهد الطريق المؤدية إلى جبل قاسيون يوميا زحمة سير، خصوصا في ساعات المساء وعطلة نهاية الأسبوع. وتتقدم السيارات ببطء في طابور طويل صعودا إلى الجبل، حيث تحول شارع بأكمله إلى متنزه تنيره أضواء ملونة ليلا يكتظ برواده وبأكشاك صغيرة تقدم الشاي والقهوة أو عرانيس الذرة والحلويات.
إعلانويوفّر المكان الذي تحول ملتقى للعائلات والأصدقاء ليلا، رغم برودة الطقس، إطلالة استثنائية على دمشق.
وتقول عفاف التي جاءت ليل الخميس للمرة الثانية إلى قاسيون برفقة شقيقتها ملاك "حين جئت للمرة الأولى عند السادسة صباحا.. شعرت بخوف على الطريق، فكرت لوهلة أن ما حصل يمكن أن يكون كذبة، لكن الحمدلله تبيّن أنه حقيقة".
وتضيف السيدة التي وضعت عباءة على كتفيها تقيها البرد "أنا سعيدة الآن بتكرار التجربة، إنه لأمر ممتع بعد ثورة استمرت 13 عاما.. وبعد منعنا من مشوار قاسيون لمدة 13 عاما".
نسترجع بلدناعلى جانبي الطريق، تصطف السيارات الواصلة، بينما تصدح الموسيقى الحماسية من شاحنات صغيرة تقدم المشروبات الساخنة والنرجيلة. ويجلس رواد المكان المكتظ على كراس بلاستيكية تتوسطها طاولات، ويتناوبون على التقاط الصور لدمشق أو لأنفسهم على طريقة "السلفي" بينما تبدو العاصمة خلفهم.
ويعبر بعضهم عن فرحته بالغناء والرقص احتفالا بسقوط الأسد الذي حكمت عائلته البلاد بيد من حديد أكثر من خمسة عقود انتهت بفراره نحو موسكو.
ويتنقل بائع قهوة عربية يرتدي لباسا تقليديا بين الطاولات بحثا عن زبائن، وهو يضع علم الاستقلال ذا النجوم الثلاثة على كتفه، والذي تتخذه السلطة الجديدة علما لها.
وتعرب ملاك المحمد (27 عاما)، شقيقة عفاف، عن سعادتها لزيارة قاسيون الذي لطالما رأته يظلل العاصمة من بعد.
وتضيف على وقع أصوات مفرقعات نارية أطلقت في مكان قريب "أشعر بفرح كبير، ويعتريني في الوقت ذاته شعور غريب. كما لو أننا نسترجع بلدنا، بعدما كنا محرومين من كل شيء".
وتتابع "لم يكن لدينا إلا البقاء في المنزل، أو ارتياد السوق" في أوقات الفراغ.
وتسيّر قوات الأمن دوريات في المكان، ويمكن رؤية عناصر بزيّ عسكري يأخذون استراحة بينما يتناولون الشاي ويلتقطون الصور أحيانا وقربهم أسلحتهم.
بائع قهوة عربية في جبل قاسيون متوشحا العلم السوري (الفرنسية)أمام شاحنته الصغيرة التي وضع في صندوقها ماكينة لصنع القهوة على أنواعها، يجلس محمّد يحيى وبقربه طاولة عليها قوارير مياه وشوكولا وبسكويت للبيع.
إعلانويعرب الرجل عن سعادته للعودة إلى جبل قاسيون الذي ارتاده لكسب قوته اليومي قبل اندلاع الثورة في 2011.
ويقول "رأينا الويلات.. وضاقت الدنيا بنا" خلال السنوات الماضية التي بات فيها غالبية السوريين يعيشون تحت خط الفقر وبالكاد يتمكنون من توفير احتياجاتهم الرئيسية.
ويروي يحيى كيف اصطحب ابنه فور سقوط الأسد إلى قاسيون لرؤية دمشق "من فوق" بعدما تعذر عليه تلبية طلبه خلال السنوات الماضية بسبب الإجراءات الأمنية.
ويضيف الرجل الذي ارتدى سترة من الصوف ووضع قبعة على رأسه "هذه المنطقة هي المتنفس الوحيد لأهل الشام كلهم: منطقة سياحية وإطلالة جميلة جدا".
ويتابع "أشاهد هذا المنظر وأنسى هموم الماضي كلها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى قاسیون جبل قاسیون
إقرأ أيضاً:
اكتشاف قد يغير مفاهيمنا عن التوسع الكوني
#سواليف
قدّم علماء جامعة كانتربري في نيوزيلندا نظرية جديدة تدحض اعتقادا شائعا عن #الطاقة_المظلمة (قوة غامضة تعمل ضد الجاذبية)، التي لطالما اعتُقد أنها مسؤولة عن #التوسع_المتسارع_للكون.
واقترح العلماء نموذجا يسمى “المشهد الزمني” لتفسير ظاهرة التوسع الكوني (عملية طبيعية تحدث منذ #الانفجار_الكبير، وتتمثل في #تمدد_الفضاء وزيادة المسافة بين المجرات. وقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن هذا التوسع ليس ثابتا بل يتسارع بسبب تأثير الطاقة المظلمة، ما يجعل الكون في حالة تغيير مستمر).
وقدموا أدلة تشير إلى أن التفسير الأكثر دقة لهذا التوسع يكمن في طبيعة الزمن نفسه، وليس الطاقة المظلمة.
مقالات ذات صلة مغامرة فلكية غير مسبوقة.. مسبار باركر يدنو أكثر من أي جسم صنعه الإنسان من الشمس 2024/12/25ويستند نموذج “المشهد الزمني” إلى فرضية أن الزمن لا يتدفق بالسرعة نفسها في جميع أنحاء الكون. ففي المناطق ذات الجاذبية العالية مثل الأرض، يسير الزمن ببطء أكثر بنسبة تصل إلى 35% مقارنة بالأماكن ذات الجاذبية الأضعف مثل الفراغات بين المجرات. وهذا الاختلاف في سرعة الزمن يمكن أن يفسر التوسع المتسارع للمجرات.
وفي الدراسة، ركز العلماء على “المستعرات العظمى” البعيدة (النجوم التي تنفجر في نهاية حياتها). وباستخدام البيانات المتعلقة بهذه المستعرات العظمى من النوع الأول A، التي تنتج عن موت الأقزام البيضاء (بقايا النجوم التي كانت في السابق ذات حجم متوسط أو صغير، وتصل إلى هذه المرحلة بعد استنفاد وقودها النووي)، تمكن فريق البحث من قياس المسافات بين المجرات ومن ثم حساب سرعة توسع الكون.
وأظهرت البيانات أن النموذج البديل، “المشهد الزمني”، يفسر التوسع الكوني بشكل أفضل من النموذج التقليدي الذي يعتمد على الطاقة المظلمة.
ويوضح البروفيسور ديفيد ويلتشاير، المعد الرئيسي للدراسة، قائلا: “تظهر نتائجنا أننا لا نحتاج إلى الطاقة المظلمة لتفسير سبب ظهور الكون وكأنه يتوسع بمعدل متسارع. بدلا من ذلك، يعتمد الأمر على كيفية اختلاف تدفق الزمن في مناطق مختلفة من الكون”.
ويضيف: “لقد تمكنا من تقديم دليل قوي يمكن أن يساعد في حل بعض الألغاز الكبرى التي تحيط بتوسع الكون. وباستخدام البيانات الجديدة، يمكننا حل هذا اللغز في نهاية هذا العقد”.
ويُعتقد أن القمر الصناعي “إقليدس” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، الذي أطلق في يوليو 2003، قد يكون الأداة المثالية لاختبار هذا النموذج الجديد. وإذا تم جمع 1000 رصد عالي الجودة للمستعرات العظمى، قد يصبح العلماء قادرين على التأكد من صحة هذه النظرية البديلة وفتح آفاق جديدة في فهم الكون.
ويأتي هذا الاكتشاف في وقت يعاد فيه تقييم الفهم التقليدي للكون. فمنذ عام 1998، أظهرت القياسات التي أجرها تلسكوب هابل الفضائي أن الكون يتوسع بسرعة أكبر من المتوقع. وقد أكد تلسكوب جيمس ويب الفضائي هذا الاكتشاف مؤخرا، حيث أظهرت البيانات أن الفجوات بين المجرات تنمو بمعدل أسرع من التوقعات السابقة، بنسبة تتراوح بين 8 إلى 12%.