البوابة نيوز:
2025-03-10@12:52:08 GMT

إبداع|| "سينما".. نورا عثمان – المنصورة

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بكى ألـمًا، ورَدَّ البابَ،

بـابـًا لم يكن مِن خلفِهِ ريحٌ ولا طُـرُقٌ ولا إنـسٌ ولا جنٌّ،

كأنَّ البابَ مِن وهمٍ.

بكى ألـمًا، وقالَ:

شُفِيتُ منكِ، ومن عذابِكِ، ما أعادكِ؟

وارتجى منها جوابـًا، أيَّ حرفٍ عابثٍ يتلوهُ حرفٌ عابثٌ،

وأنا مُسَمَّرَةٌ على التِلْـفازِ أهمسُ:

قَــبــِّليهِ، أو اذهبي.

فى الليلِ يقتتلانِ فى نــَفَقٍ، ويظفَرُ واحدٌ.

وهنيهةً بعدَ النجاةِ، يُثَـبِّتُ السهمَ الحديديَّ الطويلَ بذقــنِهِ، ويُفَجِّرُ الرُّوحَ التى كانت قبيلَ الفجرِ أشبَهَ بالفراشةِ...

ثُمَّ تعلو رنَّةُ النايِ الشَّجـِيَّةُ، مِن دَوِيٍّ، كالصدى.

وأظلُّ أنظرُ للدماءِ، كأنّنى أُمٌّ، فُجِعتُ.

وإنَّهُ لـم يستطع هذا، تخـيّلَ أو تمنَّى فعــلَهُ.

يتبادلانِ الصدَّ. لو قامتْ إليهِ لضمَّها،

أمّا هي، الرئةَ الجريحةَ، لو دنا منها،

وقد عرفتْ عبيرًا ليسَ منها فى ملابسِهِ، لثارت كالزوابعِ..

"كيفَ أَمكَـنَـكَ؟!" استطاعتْ أن تقولَ لهُ.

أجابَ بنظرةٍ أسيانةٍ.

ووجدتُ عينيَّ اللتيـنِ اخضلَّتا تتذكّرانِ خيانةً.

وضعتْ يديها حولَ سيِّدِها، وقالتْ:

أنتَ أجملُ مَن على الأرضِ ابتسامًا.

ثُمَّ فى مكرٍ، وفى شرٍّ،

أرادَ لها المؤلـــِّفُ أن تموتَ عليهِ حُزنًـا؛

فجأةً تصحو فإذ هى فى منامٍ...

والفتى المقتولُ ينزفُ عمرَهُ فى الطَّستِ، فى الحمامِ.

والفرسانُ خلفَ السورِ، فوقَ السورِ،

حولَ حبيـبِها المغدورِ.

تبكي،

بينما أدركتُ أنّ حدادَها سيكونُ أسبوعًا. وقلتُ:

لعلَّ تلكَ الحـيَّةَ الرَّقطاءَ تخلـعُ جلدَها فى نحـوِ أسبوعٍ فقط، وتعاشِرُ الملكَ الجديدَ.

يمرُّ عبرَ حوائطٍ، بَشَرٍ، بناياتٍ، جذوعٍ سامقاتٍ...

بل وعبرَ بهائـها،

وهى السويعاتُ القليلةُ قبلَ ضوءِ الفجرِ:

سَمتٌ هادئٌ، وجمالُ موسيقى الفلوتِ.

وكلّما مرَّ الزمانُ تحـرَّكتْ نحوَ السعادةِ.

كلّما مرَّ الزمانُ توقَّفتْ عن ذكرِهِ.

ومنعتُ نفسى من بكاءٍ حارقٍ

دعها لــِتَهنأَ؛ لن تعودَ، ولن تعودَ.

"أجئتِ وحدَكِ؟ أم أتى ذاكَ القطيعُ من الأيائـلِ خلفَ مشيتــِكِ الخفيفةِ كالندى وَقـعًا على الأعشابِ؟"

يسألــُها.

تقولُ:

"تَـعِـبتُ؛ هل تدرى بأنَّ مسافةً ما بينَ بيـتـيـنا تــُقَـدَّرُ بالقـرونِ؟"

فيفتحُ الشفتيـنِ وحشٌ قائمُ الساقيـنِ، ممشوقٌ، دميمٌ...

لم يكن يدرى بأنّ الموتَ قد أعفاهُ.

ظلَّ يحاولُ الكلماتِ، يفشلُ.

واختنقتُ بدمعةٍ؛ فى وجهِـهِ شيءٌ بريءٌ صادمٌ

لدقائقَ احتشدتْ طيورٌ فوقَ بـحرٍ.

والرياحُ، وزرقةُ البحرِ المثيرةُ للشجونِ، وشاطئٌ...

يتجاوبونَ مع الشعورِ الـحُرِّ للطيرانِ.

ثُمَّ رَصاصةٌ، موتٌ، وجسمٌ أزغبُ ارتعدتَ فرائصُهُ على الزبـَدِ الـمُتاخِمِ للرمالِ.

وإنّنى أسقطتُ قلبى من فمي، وعلتْ عيونى دمعتي.

جسدٌ صفا كالماءِ...

ماءٌ خالصٌ،

ويكادُ فى الخطواتِ يـُشرَبُ.

عندما وجدتْ أخيرًا واحدًا من جنسِها ذابا.

وكنتُ أنا أحدِّقُ فى ابتسامٍ حالـمٍ...

وأظـنُّ أنّ غزالةً فى غُبـرَةِ الصحراءِ يَـبـلُغـُها مع المطرِ الغزيرِ

مذاقُها ومذاقُهُ.

"باللهِ؟"

تشتبكُ العيونُ ولا تقولُ.

جوابــُها: واللهِ.

تشتبكُ العيونُ ولا تقولُ.

وإنّ ذاكَ الصمتَ يظهـرُ للعيونِ كأنَّهُ سورٌ...

وفيهِ منافذُ انفتحتْ تـُطـِلُّ على الخرابِ،

على الفراغِ،

على بيوتٍ كلُّها سقطتْ، وناسٍ كلُّهم ماتوا.

وإنّى كنتُ أبصرُهُ لأوّلِ مرَّةٍ،

وأشكُّ فى لُغـةِ الغرامِ بأسرِها.

قد يسمعُ الخطواتِ فى البهـوِ الطويلِ،

وقد يقولُ أتى بمنجـلِهِ ملاكُ الموتِ.

لكنْ...

كلَّ يومٍ، مَن يجيءُ، صغيرةٌ نزلتْ بذاتِ الموضعِ المعزولِ بالمشفى.

تقولُ لهُ:

أتكملُ لى الحكايـةَ؟ ما جرى؟

ويصيحُ:

هل تـبـغينَ حـقًّا أن تـطـولَ بـلا انـتـهاءٍ؟!

- إنّها ليست تُحِسُّ بما يُحِسُّ مِن المرارةِ.

إنّهُ يـقسو عليها-

يرجفُ القلبُ الصغيـرُ وليسَ يفهـمُ ذنبـَهُ!

وأنا أقولُ:

كفاكَ! لا تفعلْ بها هذا، تمسَّكْ بالحياةِ ولا تــَمُـتْ.

فى هيبـةِ الأربابِ، يمشى تارةً، ويطيـرُ أخرى...

يسحبُ الشمسَ الجميلةَ من أصابـعِها فتتبعُه دلالاً.

كان يـغفو فوقَ نهرِ النيلِ عريانًا، ويصحو صحوةَ المكلومِ؛

"لى ثأرٌ" ويدرِكُهُ.

أقالَ لهُ: إليكَ الآنَ عينى فالتهمها؟!

وقفتُ هُنا.

وقفتُ كأنــّنى أدركتُ سرَّ الرُّوحِ،

أو كُشِفتْ ليَ الأسرارُ شتّى.

قالَ: يا أبتا، إليكَ الآنَ عينى فالتهمها!

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها!

وقعتُ فريسةَ السِّحرِ الخرافـيِّ القديمِ...

وكلّما أبصرتُ شيئًا -أيَّ شيءٍ- قلتُ فلتأخذْ عيوني،

ولتعدْ شيئًا جميلاً لا دميمًا،

ولتعدْ حـيًّا لأجلى أيـُّها الماضى مع الموتى...

كأنّا لم نَـعِشْ إلّا بفيلمٍ. كأنّكَ لم تَمُتْ إلّا بفيلمٍ

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

إليكَ الآنَ عينى فالتهمها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إبداع سينما بكى الباب

إقرأ أيضاً:

نورا ناجى لـ"البوابة نيوز": لا أنزعج بتصنيفي "نسوية".. وهناك نظرة دونية للكاتبات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت الكاتبة نورا ناجى، ان فكرة تصنيف الكتابة لا تزعجها  ولكنها ترى أنه يجب على الشخص الكتابة عن الإنسان بشكل عام، موضحة انها إمرأة وتريد التعبير عن المشاكل التى تواجهها شخصياً.

وقالت نورا ناجى فى تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، إن المرأة تخضع لضغط كبير وقهر أكبر، أكثر من الرجل، نرى ذلك من خلال الحوادث التى تحدث كل يوم إلى درجة أن الواقع أسوأ بكثير من الخيال.

وأضافت: "أنا لا أفضل التصنيفات وفى نفس الوقت تستفزنى ولكن لا أنزعج منها، وهناك اتجاه ما يتعامل مع الفكر النسوى على انه وصمة عار، وأرفض هذا الاتجاه".

وتابعت: "أنا أنتمى للحركة النسوية وأقدرها، فهى أعمق بكثير مما يبدو، وهناك مثقفات كثيرات تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة بمعنى أن المرأة تنتزع من الرجل حقوقه، وهذا لا يُعقل لأن النسوية تعنى أن المرأة والرجل متساويان فى الحقوق والواجبات بشكل عام.".

تُعد نورا ناجى واحدة من أهم الكاتبات المصريات، تميزت أعمالها بالتركيز على قضايا المرأة والهموم الإنسانية، وصنفت ككاتبة نسوية، فهى تسلط الضوء على التحديات التى تواجه النساء فى المجتمع.

مقالات مشابهة

  • حماس: المفاوضات مع مصر وقطر والمبعوث الأمريكي تركز على إنهاء الحرب
  • سينما أونطة، هاتوا فلوسنا !!
  • الكاتبة نورا ناجي لـ "البوابة نيوز": "بيت الجاز" أحداثها واقعية.. وسأظل مخلصة للرواية
  • نورا ناجي: لا أتابع الدراما الرمضانية.. وأتفرغ للقراءة والكتابة فى الشهر الكريم
  • نورا ناجى لـ"البوابة نيوز": لا أنزعج بتصنيفي "نسوية".. وهناك نظرة دونية للكاتبات
  • إبداع من قلب التراث .. افتتاح معرض ببيت السناري باليوم العالمي للمرأة
  • ضحى عاصي: "صالون الأربعاء" مبادرة لتوثيق إبداع المرأة المصرية
  • عرض حكايات من القلب بـ سينما زاوية احتفالًا باليوم العالمي للمرأة
  • دعاء قبل المغرب المستجاب.. بـ10 أدعية تقضي جميع حوائج وتصب عليك الخير صبا
  • أحمد عرفان موهبة في الإنشاد الديني.. شارك في مسابقة إبداع على مستوى الجمهورية