أيهما أعظم ثوابًا: قراءة القرآن أم سماعه؟
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
طرحت دار الإفتاء المصرية عبر بث مباشر على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك" سؤالًا: "أيهما أكثر ثوابًا: قراءة القرآن أم سماعه؟"، وأجاب الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، موضحًا الفارق بين الأجر المترتب على كل منهما.
ثواب القراءة أعظمأكد الشيخ عبد السميع أن قراءة القرآن الكريم لها أجر أعظم من سماعه؛ لأن القراءة تتضمن النظر في المصحف، وتفعيل العقل والجوارح، مما يضاعف الثواب.
وأشار إلى حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الذي قال:
"قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: اقرأ علي. قلت: آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: فإني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]. قال: أمسك. فإذا عيناه تذرفان".
رواه البخاري.
وفي سياق آخر، أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أنه يجوز شرعًا تشغيل القرآن أثناء العمل، بشرط ألا يتعمد المستمعون الانصراف عن الاستماع أو التسبب في انشغال الآخرين عنه.
واستشهد بقوله تعالى:
"وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" [الأعراف: 204].
بينما ثواب قراءة القرآن يفوق ثواب الاستماع له بسبب التفاعل المباشر مع النص القرآني، فإن سماعه أيضًا عبادة عظيمة، خاصة لمن لا يستطيع القراءة. أما تشغيل القرآن أثناء العمل فهو جائز بشرط احترام النص القرآني وعدم الانصراف عنه عمدًا.
عجائب قيام الليل ودعائه في الشتاء.. فرصة لا تتركها
مع انخفاض درجات الحرارة تبرز روعة قيام الليل وصلاة الفجر في هذا البرد الشديد كعبادة عظيمة وفضل لا يُدركه إلا العابدون، نستعرض في التالي ما ورد عن فضل هذه الأوقات، حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ينادي عباده ويستجيب لدعائهم حتى يؤذن للفجر، فتُرفع أعمال المصلين إليه.
قيام الليل في ليالي الشتاء الباردة
وصف النبي ﷺ الشتاء بأنه "ربيع المؤمن". فقد ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: "الشتاء ربيع المؤمن" (رواه البيهقي). وفي حديث آخر عن الترمذي، قال النبي ﷺ: "الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة".
أما عن فضل قيام الليل في هذا البرد القارس، فقد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إن الله ليضحك إلى رجلين: رجلٌ قام في ليلةٍ باردة من فراشه ولحافه فتوضأ، ثم قام إلى الصلاة. فيقول الله عز وجل لملائكته: ما حمل عبدي هذا على ما صنع؟ فيقولون: ربنا! رجاء ما عندك، وشفقةً مما عندك. فيقول: فإني قد أعطيته ما رجا وأمنته مما يخاف".
فضائل قيام الليل في الشتاء
قيام الليل عبادة عظيمة حثّ عليها الإسلام، كما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا). وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".
ويقول الحافظ ابن رجب: "الليل الطويل في الشتاء يمنح الإنسان وقتًا كافيًا للنوم والقيام معًا. فيمكن للمصلي أن يقرأ ورده من القرآن كاملًا بعدما أخذ حظه من الراحة."
أقوال السلف عن الشتاء وقيام الليل
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "مرحبًا بالشتاء؛ تنزل فيه البركة، يطول ليله للقيام، ويقصر نهاره للصيام."
وقال الحسن البصري: "نِعَم زمان المؤمن الشتاء؛ ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه."
وكان عبيد بن عمير يقول عند دخول الشتاء: "يا أهل القرآن، طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا."
رأي العلماء في فضل الصلاة في البرد الشديد
أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الاستمرار على صلاة الفجر وقيام الليل في البرد القارس يمثل ثباتًا على الطاعة وشعورًا بلذة العبادة. وأضاف خلال حديثه في برنامج لعلهم يفقهون أن الطاعة في جميع فصول السنة هي تعبير عن الالتزام، حيث يقول الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
وأكد أن العبادة تُثبت المؤمن وتمنحه السعادة، بغض النظر عن الأحوال الجوية. فكما نصوم شهر رمضان في جميع فصول السنة، كذلك نقوم الليل في كل الظروف، في إشارة إلى استمرارية الإخلاص والطاعة لله دون الالتفات للعوامل الخارجية.
استثمر ليالي الشتاء الطويلة، واجعل قيام الليل وصلاة الفجر زادًا لك في الدنيا والآخرة، فهذه هي الغنيمة الباردة التي ينالها المؤمن بقليل من الجهد، لكنها تعود عليه بفضل عظيم وأجر كبير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القرآن سماع القرآن ثواب قراءة القرآن الإفتاء قراءة القرآن قیام اللیل فی قراءة القرآن رضی الله عنه فی الشتاء ثواب ا
إقرأ أيضاً:
رمضان.. شهر القرآن
يقبل علينا ضيف مبارك، اختصه الله من بين كل الأشهر ليكون موسم البركات العظيمة، والمنح والجوائز والأعطيات التي يقدمها الله لعباده الصائمين، فهو شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن، وقد أنزل الله جل جلاله في هذا الشهر المبارك قرآنه العظيم، فقال تعالى في سورة البقرة: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ، فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" وجاء إنزال القرآن الكريم في هذا الشهر الفضيل ليبين المولى عز وجل هذا الارتباط الوثيق بين رمضان والقرآن، فهو شهر القرآن، يقبل فيه الصائمون إلى الله عز وجل بقلوب مخلصة، ويقدمون بين يديه أنواع القربات وصنوف الطاعات طمعا في نيل رضاه، ونيل نعيمه في الدنيا والآخرة.
وكما أن الإنسان مطالب بتأدية العبادات إلى الله والتقرب إليه في جميع شهور السنة، إلا أن هذا الشهر افترضه الله علينا، ليعيد بوصلة القلوب إلى بارئها، ويهيئ لها موسما يكون العبد فيها في عبادة دائمة فهو منذ طلوع الفجر يدخل في عبادة الصيام، ويرصع هذه العبادة ويحليها بمجموعة من العبادات والقربات وأولها قراءة القرآن والصلاة والصدقة، وبذل وجوه الخير، حتى ترتاح النفوس وتصفو القلوب، وصفاء هذه القلوب لا يحصل إلا بقراءة النور الإلهي المتمثل في هذا الدستور العظيم، الذي أنزله الله هداية للناس.
فالقرآن الكريم يزيل صدأ القلوب ويجعلها صافية نقية تستقبل الأنوار الإلهية، وتحيا بها، ولك أن تتصور أن جبريل عليه السلام كان ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم كل ليلة يدارسه القرآن ويعرض عليه هذا الكتاب الكريم، ففي الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ"، فهذا الاقتران بين إنزال القرآن في هذا الشهر، وفي مدارسة القرآن من قبل جبريل عليه السلام لمحمد صلى الله عليه وسلم، لهو دلالة واضحة بأن شهر الصيام هو شهر القرآن.
وفي الحديث السابق الذي رواه ابن عباس دلالات عظيمة لخصال الخير التي يتصف بها خير البرية، فوصفه عليه الصلاة والسلام بأنه كان أجود الناس بالخير، فهو أجود الناس قاطبة، وكان أجود من الريح المرسلة في سرعتها وعموم خيرها وعد تقطعها، فكان عليه الصلاة والسلام جوادا كريما لا يباريه أحد في هذا الأمر، وهذا يدلل على فضل الصدقة في رمضان، فهو شهر تضاعف فيه الحسنات وتغفر فيه السيئات، وتغل فيه الشياطين، وتفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، فهو خير محض، وموسم لمضاعفة الأجور.
وقد اختص الله عز وجل هذا الشهر العظيم بأن جعل فيه ليلة "القدر" التي هي خير من ألف شهر، وقد أنزل الله عز وجل فيها القرآن الكريم مكتملا من اللوح المحفوظ إلى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة، وهي ليلة خير من ألف شهر، ففيها فضل العبادة في الأجر يعدل ما يقوم به العابد في ألف شهر، ولو قمنا بحساب ألف شهر فهو يوازي أكثر من 83 سنة من العبادة، فلك أن تتصور لو وفقت إلى قيامها وتلاوة القرآن فيها وحرصت على لزوم أنواع العبادات فيها حتى طلوع الفجر، فإنك تنال بها أجر عبادة أكثر من 83 سنة، فالخاسر من يفوت على نفسه فرصة هذه الليلة، وخاصة أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حصرها في الليالي الوترية من العشر الأواخر من شهر رمضان، فعلى المسلم أن ينتهز هذه الفرص ويسعى لنيل أجرها، فهو لا يدري هل يصادف رمضان في العام القادم، أم يعاجله ريب المنون؟
فعلى الإنسان أن يكون له ورد يومي من قراءة القرآن وتدبر معانيه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأن يتمثله في حياته كلها، وقد فهم الصحابة والصالحون ارتباط القرآن الكريم بشهر الصيام، فكانوا يقضون أيام رمضان ولياليه وهم بصحبة القرآن الكريم لا يكاد يفارقهم، فرويت عنه القصص العجيبة، فقد كان الصحابي الجليل أبو النورين عثمان بن عفان يقرأ القرآن كاملا في ركعة واحدة، وكان بعض الصحابة والتابعين يقرؤه في ركعتين، فكانوا يختمون القرآن 30 ختمة في شهر رمضان، وذلك لما علموه من تنزل الرحمات والبركات والأجر العظيم من خلال هذه العبادة العظيمة.
كما ينبغي عليه أن يضع خططا له ولعائلته وأقلها أن يضع خطة لحفظ سورة البقرة في رمضان، بالإضافة إلى الورد اليومي من القراءة، ولو حفظ 10 آيات يوميا من هذه السورة المباركة، فإنه لن ينقضي رمضان إلى وقد أتم حفظها، فلو قسمنا عدد آيات سورة البقرة التي هي 286 آية على عدد أيام رمضان فإنه يستطيع حفظ السورة في 29 يوما، وسيكون هذا الحفظ بمثابة الدافع والحافز لإتمام حفظ القرآن الكريم كاملا، فمن استطاع أن يحفظ أطول سورة في القرآن يستطيع أن يحفظ ما سواها، وذلك يحصل بالتخطيط والإقدام على العمل، ومداومته، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل قراءة القرآن والحث على قراءة البقرة وآل عمران وحفظهما وبركة سورة البقرة في الحديث الصحيح الذي قال فيه وورد في روايات متعددة قال: "اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ".