د. نوال المحيجرية: يجب التوعية بكيفية استخدام الألعاب بطريقة متوازنة وصحية -

د. هيثم المحروقي: الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤدي إلى مشكلات طويلة المدى في الرؤية -

نبراس بوشحام: إدمان اللعبة يتحكم في حياة المستخدم ويقلل قدرته على الفصل بينها وبين الواقع -

على مرمى البصر، في كل زاوية وركن، تتنقل العيون بين الشاشات، وجوه غارقة في عالم رقمي، أطفال يطاردون وحوشًا افتراضية، وشباب يخوضون معارك ملحمية ضد أعداء خياليين، وآخرون يزرعون مزارع رقمية في عالم لا وجود له.

أصبحت هذه المشاهد جزءًا من حياتنا اليومية، حيث تحوّلت الألعاب الإلكترونية من مجرد وسيلة للترفيه إلى ظاهرة ثقافية تؤثر في الوقت والطاقة والصحة.

في عالم الألعاب الإلكترونية، لا تقتصر الإثارة على قتل الأعداء أو التنافس في معارك، بل تمتد إلى إنشاء عوالم افتراضية تُتيح للمستخدمين بناء إمبراطوريات أو مجتمعات رقمية، وتحقيق نجاحات شخصية موازية للواقع، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن فعلًا ندرك ثمن هذه الرحلة الرقمية؟ وهل هناك حدود لهذا الهروب من الواقع؟

سلوك مهيمن

يرى نبراس عبدالجليل بوشحام، أحد اللاعبين المتمرسين في هذا المجال، أن العلاقة بين الأفراد وألعاب الهواتف الذكية قد تغيّرت بشكل جذري، ويقول بوشحام: «في البداية كانت الألعاب وسيلة للترفيه، لكن مع تطور التكنولوجيا، أصبحت جزءًا من حياة الجميع، تجذب من مختلف الأعمار والأهداف».

ويضيف: الهواتف المحمولة التي كانت في البداية مجرد وسيلة للتواصل أصبحت الآن بوابة مفتوحة إلى عوالم افتراضية تُتيح اللعب في أي مكان وزمان.

وفيما يعترف بوشحام بفوائد الألعاب، مثل تعزيز سرعة رد الفعل وتنمية التفكير الاستراتيجي، إلا أن التحذير الواضح يظل قائمًا، «المشكلة تبدأ عندما يتحول اللعب إلى إدمان، فتبدأ اللعبة بالتحكم في حياتك وتقل القدرة على الفصل بينها وبين الواقع»، هذه الملحوظة تشير إلى تحول تدريجي في العلاقة مع الألعاب، من نشاط مسلٍ إلى سلوك مهيمن قد يهدد التوازن الشخصي.

إدمان ألعاب الهواتف الذكية

لا يقتصر تأثير الألعاب على قضاء الوقت أو تحقيق المتعة، بل يمتد إلى التأثيرات النفسية والعقلية التي قد تشبه إلى حد بعيد إدمان المخدرات، وتفسر الدكتورة نوال المحيجرية، استشارية الطب النفسي، تأثير الألعاب على الدماغ، قائلة: «إدمان الألعاب الذكية يؤثر على المواد الكيميائية نفسها التي تُحفز عند تعاطي المخدرات، مثل الدوبامين»، وتشير المحيجرية إلى أن الألعاب قد تسبب تحفيزًا عاطفيًا مؤقتًا، يتبعه شعور بالفراغ، مما يجعل الشخص يبحث عن المزيد من الإثارة.

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ فالإفراط في اللعب قد يؤدي إلى تأثيرات أعمق على الصحة العقلية، «المدمنون على الألعاب يصبحون أقل قدرة على اتخاذ قرارات منطقية في حياتهم اليومية، كما يزداد تعرضهم للقلق والاكتئاب»، وتشير المحيجرية إلى أن القدرة على التحكم في هذا السلوك تصبح شبه مستحيلة رغم الوعي بتأثيراته السلبية.

العلاج.. بين الواقع والخيال

ما هو الحل إذًا؟ ترى الدكتورة نوال المحيجرية أن العلاج الإيحائي قد يكون وسيلة فعّالة في معالجة إدمان الألعاب، وهو يعتمد على تقنيات تعديل العقل الباطن ليتحول سلوك الفرد تجاه الألعاب إلى علاقة صحية، وفق المحيجرية، التي ترى أن العلاج يهدف إلى تغيير الطريقة التي يرتبط بها الشخص مع اللعبة، مما يساعد في الحد من تأثيراتها السلبية.

لكن المحيجرية تشدد على أهمية الوقاية أكثر من العلاج قائلة: «الوقاية تبدأ من سن مبكر، من خلال التوعية في المدارس والعائلة حول كيفية استخدام الألعاب بطريقة متوازنة وصحية»، مؤكدة أن المشاركة الأسرية تسهم بشكل كبير في تقليل مخاطر الإدمان الرقمي.

القيد غير المرئي

قد يغيب عن الكثيرين أن الهاتف الذكي، الذي كان في البداية وسيلة للاتصال والترفيه، أصبح في الوقت الحالي قيدًا غير مرئي، وهذه الأجهزة، التي تسهل التواصل والترفيه، يمكن أن تزرع فينا سلوكيات قد تهدد صحتنا العقلية والجسدية إذا ما أفرطنا في استخدامها.

ويسلط الدكتور هيثم المحروقي، اختصاصي جراحة القرنية، الضوء على مشكلة أخرى ترتبط بتأثير الأجهزة الذكية، وهي تأثير الضوء الأزرق على العين قائلًا: «الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يسبب إجهادًا للعين، وقد يؤدي إلى مشكلات طويلة المدى في الرؤية»، ورغم أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى أدلة قاطعة حول تأثير الضوء الأزرق، إلا أن المحروقي يشير إلى أنه قد يسبب مشكلات صحية تتفاقم مع الاستخدام المستمر لهذه الأجهزة.

العودة إلى الواقع

بينما تزداد تعلقاتنا بالأجهزة المحمولة والعوالم الافتراضية، يبقى السؤال: هل نحن نغرق في بحر من الألعاب الرقمية؟ وهل نحن على وشك فقدان الاتصال بالواقع؟

في الحلقة القادمة، سنتناول تأثير هذه الألعاب على المجتمع ككل، وكيف يمكننا الوقاية من الوقوع في فخ الإدمان الرقمي، هل سيكون الوعي هو الحل؟ أم أن مستقبلنا الرقمي يحمل تحديات أكبر مما نتوقع؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الضوء الأزرق

إقرأ أيضاً:

هجوم تصيّد جديد يستغل Google Sites وتوقيع DKIM لخداع المستخدمين وسرقة بياناتهم

في تطور خطير وصف بأنه "هجوم تصيد احتيالي بالغ التعقيد"، نجح قراصنة في استغلال بنية جوجل التحتية لإرسال رسائل بريد إلكتروني تبدو حقيقية، توجه الضحايا إلى مواقع مزيفة مصممة لسرقة بيانات اعتمادهم.

وأكد نيك جونسون، المطور الرئيسي في مشروع Ethereum Name Service (ENS)، عبر سلسلة منشورات على منصة X، أن "أول ما يجب ملاحظته هو أن هذه الرسالة مُوقّعة فعليًا من بريد [email protected]، أي أنها صادرة فعلًا من جوجل." وأضاف: “تجتاز الرسالة فحص توقيع DKIM، وتعرضها Gmail دون أي تحذيرات، بل وتُدرجها ضمن نفس سلسلة المحادثة مع التنبيهات الأمنية الحقيقية”.

تحذير جديد من Gmail.. لا تفتح هذا البريد الإلكتروني حتى لو كان من جوجلجوجل توضح : ميزة إعادة التشغيل التلقائي للحماية على أندرويد لم تبدأأخبار التكنولوجيا| xAI تضيف ميزة الذاكرة لتحسين التفاعل الشخصي.. حكم قضائي يمهد لتفكيك إمبراطورية جوجلضربة مدوية لـ جوجل.. حكم قضائي يمهد لتفكيك إمبراطورية الإعلاناتبداية نهاية هيمنة عملاق التكنولوجيا.. القضاء الأمريكي يدين جوجل باحتكار سوق الإعلانات الرقمية4 مزايا مخفية في خرائط جوجل.. إليك كيفية استخدامهاجوجل تتيح ميزة مشاركة الشاشة والكاميرا في Gemini مجاناجوجل تطلق نموذج Veo 2 لتحويل النصوص إلى فيديوهات سينمائيةDolphinGemma .. الذكاء الاصطناعي من جوجل يحاول فك شيفرة لغة الدلافينحيلة قانونية وهمية للإيقاع بالضحايا

تزعم الرسالة الاحتيالية صدورها عن جهة قانونية تطلب الاطلاع على محتوى غير محدد في حساب جوجل الخاص بالمستخدم، وتحثه على الضغط على رابط من نوع sites.google[.]com لـ "مراجعة ملفات القضية أو تقديم اعتراض".

لكن عند فتح الرابط، يُعرض للمستخدم صفحة مزيفة تُقلّد تصميم صفحة الدعم الفني الرسمية لجوجل، وتضم أزرارًا مثل "تحميل مستندات إضافية" أو "عرض تفاصيل القضية".  

كما يبدو الضغط على أي من هذه الخيارات ينقل المستخدم إلى صفحة تسجيل دخول حقيقية، لكنها في الواقع مستضافة عبر Google Sites، وهو منتج قديم لا يفرض قيودًا أمنية كافية.

وأشار جونسون إلى أن: "خدمة sites.google.com هي منتج قديم يعود إلى ما قبل تشديد جوجل لإجراءاتها الأمنية، وتسمح باستضافة محتوى عبر نطاق google.com الفرعي، بما في ذلك السكربتات البرمجية المخصصة، ما يسهل إنشاء مواقع لسرقة بيانات الدخول."

تجاوز أدوات الحماية بخدعة "إعادة استخدام توقيع DKIM"

واحدة من أكثر جوانب الهجوم خداعًا هي أن رأس الرسالة المسمى "Signed by" يظهر كـ accounts.google[.]com، على الرغم من أن رأس "Mailed by" يشير إلى نطاق مختلف تمامًا: fwd-04-1.fwd.privateemail[.]com.

ووفقًا لتحليل نشره خبراء في منصة EasyDMARC، فإن هذا الهجوم يعتمد على تقنية تُعرف باسم "إعادة استخدام توقيع DKIM" (DKIM Replay Attack). حيث يقوم المهاجم أولًا بإنشاء حساب جوجل جديد من نوع "me@domai"، ومن ثم يطور تطبيق OAuth يحمل اسمًا يتضمن الرسالة الاحتيالية كاملة. عند منح التطبيق صلاحيات لحساب "me@"، تقوم جوجل بإرسال تنبيه أمني إلى العنوان نفسه ، وتكون هذه الرسالة موقّعة فعليًا بمفتاح DKIM الخاص بجوجل.

بعد ذلك، يقوم المهاجم بإعادة توجيه نفس الرسالة عبر حساب على Outlook مع الحفاظ على توقيع DKIM، ما يمكنه من تجاوز فلاتر البريد الإلكتروني.

 وترسل الرسالة بعد ذلك عبر خدمة SMTP مخصصة تُدعى Jellyfish، وتصل إلى بنية Namecheap PrivateEmail، حيث يتم تمريرها إلى بريد الضحية في Gmail.

قال جيراسيم هوفهانيسيان، المدير التنفيذي لـ EasyDMARC: "في هذه المرحلة، تصل الرسالة إلى صندوق الضحية وتبدو وكأنها صادرة فعليًا من جوجل، كما أن جميع اختبارات المصادقة مثل SPF وDKIM وDMARC تجتاز بنجاح."

وأضاف جونسون: "نظرًا لأن الحساب المُستخدم باسم 'me@'، فإن Gmail يعرض الرسالة وكأنها مرسلة إلى 'me'، وهو الاختصار الذي يستخدمه Gmail عند إرسال الرسائل إلى البريد الشخصي للمستخدم، ما يقلل من مؤشرات التحذير."

جوجل تتحرك وتغلق المسار

ردًا على استفسارات موقع The Hacker News، أكدت جوجل أنها أغلقت المسار الذي استُغل في الهجوم، مشددة على أن الشركة لا تطلب من المستخدمين مطلقًا مشاركة كلمات المرور أو رموز التحقق المؤقتة، ولا تتصل بهم مباشرة.

وقال متحدث باسم الشركة: "نحن على علم بهذا النوع من الهجمات الموجهة من جهة تهديد محددة، وقد طبقنا إجراءات حماية لإغلاق هذا المسار. في الوقت نفسه، نشجع المستخدمين على تفعيل التحقق الثنائي واستخدام مفاتيح المرور Passkeys، لما توفره من حماية قوية ضد هجمات التصيد."

  هجمات تصيد وتجاوز أدوات الحماية

وتأتي هذه الواقعة بعد تسعة أشهر من كشف شركة Guardio Labs عن ثغرة في إعدادات الأمان الخاصة بشركة Proofpoint، استخدمها قراصنة لإرسال ملايين الرسائل المنسوبة زورًا إلى شركات كبرى مثل Best Buy وIBM وNike وDisney، وتجاوزوا بذلك تدابير المصادقة.

بالتزامن، رُصدت مؤخرًا زيادة في هجمات التصيّد التي تعتمد على مرفقات من نوع SVG (Scalable Vector Graphics)، حيث تُستخدم هذه الملفات لتضمين شيفرات HTML وJavaScript تؤدي بالمستخدم إلى صفحات تسجيل دخول مزيفة لمايكروسوفت أو جوجل فويس.

وأفادت شركة Kaspersky الروسية بأنها رصدت أكثر من 4,100 رسالة تصيّد تحتوي على مرفقات SVG منذ بداية عام 2025.

وقالت الشركة: "المهاجمون لا يكلون عن تجربة تقنيات جديدة لتفادي الكشف. فهم يتنوعون بين استخدام التحويل التلقائي للروابط أو تشويش النصوص، وأحيانًا يعتمدون على تنسيقات مرفقات غير تقليدية مثل SVG، الذي يتيح تضمين أكواد HTML وJavaScript داخل الصور."

مقالات مشابهة

  • إطلاق منصة ألعاب سحابية جديدة تم تطويرها بالكامل في دبي
  • على غرار ‏FBC‏.. تجديد حبس المتهمين بإدارة 3 ‏منصات للنصب الإلكتروني بالقاهرة
  • تجديد حبس 39 متهمًا بالنصب والاحتيال على المواطنين بالقاهرة
  • اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس
  • دراسة: الدارجة تهيمن والفصحى تتوسع عند المغاربة
  • ألعاب نارية أونلاين.. «الداخلية» تضبط شخصًا بحوزته أكثر من 600 قطعة
  • "سناب شات" في ورطة.. دعوى واتهام بـ"إدمان الأطفال والتضليل"
  • ماسك: قيود الصين على المعادن النادرة تعرقل إنتاج "أوبتيموس"
  • هجوم تصيّد جديد يستغل Google Sites وتوقيع DKIM لخداع المستخدمين وسرقة بياناتهم
  • رسوم ترامب تهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي