بين الحلم والواقع.. تحديات تواجه المؤلفين الشباب في عصر الطباعة الرقمية.. والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي غيرت الخريطة
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
النشر هو الحلم الذي يراود كل كاتب شاب يحمل في قلبه شغفا بالكلمة ورغبة في أن ترى أعماله النور، لكن هذا الحلم يصطدم بواقع مليء بالتحديات والعقبات، بدء من التصنيف الأدبي ووصولا إلى اختيار دار النشر المناسبة. في هذا التقرير، تستعرض «البوابة» تلك التحديات من خلال شهادات خبراء وناشرين وشعراء، بالإضافة إلى تقديم حلول عملية للمؤلفين الشباب الذين يسعون لتجاوز تلك العقبات.
في البداية، يشير الكاتب والشاعر جرجس شكري، الذي عمل بمنصب أمين عام للنشر بقصور الثقافة، إلى أن الارتفاع المستمر في أسعار الورق أثر بشكل مباشر على جودة الطباعة وعدد النسخ المتاحة من الأعمال الجديدة وهذا الأمر دفع العديد من دور النشر إلى تقليل أعداد النسخ المطبوعة، ما يقلل من فرص انتشار الكاتب.
ويقول الشاعر جرجس شكري علينا إن نفرق بين نوعين من النشر الحكومي والخاص، فكل منهما يحمل تحدياته ومميزاته. فالنشر الحكومي يُعد الخيار الأول للمؤلفين الجدد، فهو يوفر لهم فرصة جيدة لنشر أعمالهم بأسعار في متناول الجميع، مع توزيع واسع النطاق يصل إلى كافة أرجاء البلاد، لكنه يحمل في طياته صعوبات كبيرة، أبرزها: قائمة الانتظار الطويلة حيث يتطلب النشر الحكومي المرور بإجراءات دقيقة تشمل تقارير لجان متخصصة تقيّم الأعمال وهذه العملية قد تستغرق شهورا أو حتى سنوات إلى جانب عدم انتظام الصدور فالعديد من الإصدارات الحكومية لا تصدر بانتظام، ما يزيد من معاناة المؤلفين.
ورغم هذه الصعوبات، يعتبر النشر الحكومي بمثابة الرئة التي يتنفس بها الشباب المبدعون، حيث يتيح لهم فرصة الانطلاق بأعمالهم إلى النور دون تكاليف باهظة ومن الحلول التي يمكن أن تسهم في تقليل قائمة الانتظار، النشر الإقليمي حيث تُتاح الفرصة لنشر الكتب التي فازت في مسابقات المحافظات والمشاركة في سلسلة "الفائزون" التي تُخصص لنشر الأعمال التي تفوز في المسابقات الإبداعية.
وأوضح “شكري” أن النشر الخاص على الجانب الآخر يبدو خيارا أفضل من حيث الشكل والجودة، حيث تتيح دور النشر الخاصة طباعة الأعمال بشكل احترافي وسريع، لكن العقبة الأساسية تكمن في التكاليف المالية فيتعين على المؤلف دفع مبالغ كبيرة لتغطية تكاليف النشر، وهو ما يمثل عائقًا كبيرًا للشباب، إلى جانب التوزيع المحدود وتعتمد دور النشر الخاصة غالبا على طباعة نسخ محدودة، مع قلة في قنوات التوزيع، ما يقلل من فرص انتشار الأعمال.
ويشير "شكري" إلى أن المؤلفين في العاصمة يواجهون صعوبات أقل مقارنة بنظرائهم في المناطق النائية، ففي العاصمة، تتوفر دور نشر أكثر وخيارات متعددة للنشر، بينما يعاني المؤلفون في الأقاليم من قلة فرص النشر وانعدام الدعم الكافي.
التحديات الاقتصادية وتأثيرها على النشر
يبين “شكري” أيضا أن الصعوبات في النشر التي تواجه المؤلفين لا تقتصر فقط على الشباب، بل تشمل حتى أصحاب الخبرة، ويشير إلى أن ارتفاع أسعار الورق والأحبار أدى إلى ارتفاع تكلفة النشر بشكل كبير، كما أثرت الأزمات الاقتصادية على قدرة دور النشر على طباعة الأعمال الجديدة بكميات كافية، ما دفع بعضها إلى تقليل الإنتاج أو رفع أسعار الكتب، وهو ما يضع المؤلفين والقراء في مأزق.
النشر الإلكتروني: نافذة بديلة
في ظل التحديات التي تواجه النشر التقليدي، أصبح العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي حلا بديلا وفعالا للمؤلفين الشباب الذين يواجهون صعوبات في النشر التقليدي.
ويقول “شكري” إن العالم الافتراضي غيّر مفهوم النشر بالكامل، حيث يمكن للمؤلف نشر أعماله إلكترونيًا والوصول إلى جمهور واسع دون تكاليف مادية كبيرة.
لكن، رغم سهولة النشر الإلكتروني، تظل هناك صعوبات، منها التسويق، حيث يحتاج المؤلف إلى بذل جهد كبير للترويج لأعماله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه يرى أيضا أن الإنترنت أتاح منصات مجانية ومتخصصة لنشر الأعمال الأدبية مما يمنح المؤلف فرصة للوصول إلى جمهور عالمي دون تكاليف مالية كبيرة.
دور الذكاء الاصطناعي في الكتابة والنشر
مع تطور التكنولوجيا، دخل الذكاء الاصطناعي عالم الكتابة والنشر، لكن “شكري” يرى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون بديلا حقيقيا للإبداع البشري، فيرى أنه مهما بلغ تطور الذكاء الاصطناعي، فهو محدود يتم تغذيته بمجموعة من المعلومات، لكنه لا يمتلك روح الإبداع.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يستخدم في إنتاج روايات ومسرحيات، لكن الأعمال الناتجة تظل محدودة الإبداع لأنها تعمل ضمن سياق معين بينما يبقى الإبداع البشري هو الأساس في تقديم أعمال أدبية تحمل روحا ومشاعر حقيقية.
قيمة العمل الأدبى
ولكن هل العمل الأدبي يستحق النشر؟ يرى الناشر شريف بكر، في تصريحاته لـ"البوابة" أن أول تحدٍ يواجه المؤلف الشاب هو التساؤل عن قيمة ما كتبه فهل يستحق العمل النشر؟ وهل هو مصنف بشكل صحيح ضمن فئة أدبية واضحة؟
وأوضح بكر أن العديد من المؤلفين الجدد يكتبون نصوصا غير مصنفة، مثل الخواطر أو السير الذاتية أو حتى النصوص التأملية، ويعتبرونها أعمالا أدبية تستحق النشر، رغم أنها في كثير من الأحيان قد لا تكون كذلك.
وأضاف أن التصنيف الأدبي مهم لأنه يساعد الكاتب على اختيار دار النشر المناسبة لعمله. فدور النشر لا تتعامل مع كل الأعمال بنفس الطريقة، ولها أولوياتها بناءً على طبيعة العمل، فعلى سبيل المثال، الأعمال الأدبية مثل الرواية تأتي في مقدمة اهتمامات دور النشر، يليها الشعر، ثم المسرح، بينما تظل الأعمال الشخصية مثل السير الذاتية والخواطر غالبا في ذيل القائمة لأن الجمهور لا يقبل على شراء السير الذاتية بشكل كبير الا إذا كان كاتبها شخصية مشهورة تلقى اهتمام من القراء.
وأكد “بكر” أن بعض دور النشر الصغيرة قد تستغل هذا الوضع من خلال تحفيز المؤلفين الشباب على نشر أعمالهم بمقابل مادي كبير، دون النظر إلى جودة العمل نفسه أو فرصه في السوق.
التحديات المالية
أحد أكثر العقبات التي يواجهها المؤلف الشاب هي التكلفة المالية للنشر ففي كثير من الأحيان، تطلب دور النشر مساهمات مالية من المؤلفين الجدد، خاصة إذا كانت أعمالهم ليست ضمن أولويات السوق.
وأشار شريف بكر إلى أن المؤلفين الذين يرغبون في نشر سير ذاتية أو خواطر يتحملون عادة تكاليف النشر بالكامل، لأن جمهور هذه الفئات الأدبية محدود، خاصة إذا كان المؤلف غير معروف.
لكن المشكلة لا تتوقف عند التكاليف فقط، فالمؤلف الجديد غالبا ما يكون غير مدرك لما إذا كانت المبالغ المطلوبة عادلة أم مبالغ فيها، وفي ظل ارتفاع تكاليف الطباعة بسبب زيادة أسعار الورق والأحبار، أصبحت التكاليف تمثل حاجزا حقيقياً أمام الكثيرين.
رحلة شاقة محبطة
هنا يرى الناشر شريف بكر أن التواصل مع دور النشر يمثل تحديا كبيرا للمؤلفين الشباب، فالكثير منهم يواجهون صعوبة في الحصول على ردود من دور النشر، أو يتلقون ردودا غير مشجعة وفي بعض الأحيان، يوافق الناشر على نشر العمل لكنه يفرض شروطا تجعل العملية معقدة، مثل تحديد عدد نسخ قليل أو فرض تغييرات كبيرة على العمل.
يبين شريف بكر أن المؤلفين الجدد عادة ما يفتقرون إلى خبرة كافية لفهم السوق، وهو ما يؤدي إلى عدم اختيارهم لدور النشر المناسبة. فعلى سبيل المثال، دار نشر متخصصة في الأدب العلمي لن تكون الخيار المثالي لنشر مجموعة شعرية.
وأشار إلى أن الخطأ الأكثر شيوعا هو إرسال العمل نفسه إلى عدة دور نشر في الوقت نفسه فهذا التصرف يخلق انطباعا سلبيا لدى الناشرين، حيث يُظهر المؤلف كشخص غير جاد.
أزمة سوق الشعر
فيما يتعلق بالشعراء الشباب، أكد الشاعر عبدالله وليد أن تراجع ثقافة الشعر في المجتمع أدى إلى تقليل فرص نشر الأعمال الشعرية.
وأوضح أن دور النشر أصبحت تركز على الروايات بسبب العائد المادي الأكبر، ما جعل الشعر في ذيل أولوياتها.
وأشار “وليد” إلى أن الشعراء يواجهون عقبات إضافية، مثل صعوبة العثور على منصة تحتضن مواهبهم، سواء في النشر أو حتى في الترويج. وأكد أن وسائل الإعلام، التي كانت تُخصص مساحات للشعراء، باتت تركز على أنواع أخرى من الفنون.
كما أوضح أن اللغة تلعب دورا كبيرا في تعقيد المهمة ففي حين يكتب بعض الشعراء باللهجات العامية، يواجهون انتقادات بسبب عدم التزامهم بقواعد الشعر التقليدي أما من يكتبون بالفصحى، فيواجهون صعوبة في جذب جمهور واسع.
عقبات اجتماعية
العقبات الاجتماعية تشكل تحديا كبيرا للمؤلفين الجدد فالمجتمع غالبا ما ينظر إلى الكاتب المبتدئ بعين الشك، خصوصا إذا كان في مقتبل العمر أو لم يحقق شهرة بعد.
وأشار عبد الله وليد إلى أن هذه العقبات تزداد إذا كان الكاتب ينتمي إلى بيئة اجتماعية لا تهتم بالأدب، حيث يُنظر إلى الكتابة كترف لا جدوى منه مؤكدا أن التحدي يكمن في إقناع الناس بأن الكتابة مهنة تستحق الاحترام، وليست مجرد هواية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أزمة النشر شريف بكر النشر دور النشر الذکاء الاصطناعی دور النشر شریف بکر إذا کان إلى أن
إقرأ أيضاً:
محافظ الشرقية: المُشاركة المُجتمعية هي السبيل لحل المشكلات التي تواجه المواطنين
قام المهندس حازم الأشموني محافظ الشرقية يرافقه الدكتور هاني مصطفى جميعة وكيل وزارة الصحة بالشرقية، بجولة تفقدية بمستشفى الأربعين الخيري، التابع لمؤسسة حكيم للتنمية بالعاشر من رمضان والتي تقدم مختلف الخدمات الصحية والعلاجية بالمجان لأبناء المدينة، وذلك للوقوف على مستوى الخدمة المقدمة للمرضى، والمترددين على المستشفى، في حضور أحمد حمدي عبد المتجلي وكيل وزارة التضامن الإجتماعي، وأحمد عبد الهادي وكيل وزارة العمل، والحاج أحمد عبدالحكيم هاشم رئيس مجلس إدارة مؤسسة حكيم للتنمية بالعاشر من رمضان، والدكتور حسن البنا مدير عام المستشفى.
بدأ محافظ الشرقية جولته بتفقد أقسام المستشفى، والتي تضم عيادات خارجية تشمل كافة التخصصات الطبية وقسم الحضانات الذي يضم ١٥ حضانة للأطفال المبتسرين، وقسم الغسيل الكلوي والذي يضم ١٥ ماكينة غسيل كلوي، بالإضافة إلى تفقد قسم الأشعة والتي تشمل منظومة أشعة متكاملة (عادية – ديجيتال – مموجرام – سونار – مقطعية – رنين)، موجهاً مدير إدارة المستشفى بإستمرار إجراء أعمال الصيانة للأجهزة المستخدمة بصفة منتظمة، حفاظاً على أرواح المرضى متمنياً للمرضى الشفاء العاجل.
حرص المحافظ على تفقد قسم العناية المركزة والذي يضم ١١ سرير عناية وجهاز تفتيت الحصوات وقسطرة القلب واطلع على السجل المرضي للحالات بالقسم، وأدار حواراً مع ذويهم للتأكد من جودة الخدمة الطبية المقدمة لمرضاهم، متمنياً لهم الشفاء العاجل ومغادرة المستشفى في أقرب وقت بعد تماثلهم للشفاء.
وفي نهاية زيارته للمستشفى، تم الإتفاق على التوسع في حجم الخدمات المقدمة بقسم الغسيل الكلوي من خلال تزويد القسم بعد 5 ماكينات جديدة لتمثل إضافة قوية لقسم الغسيل الكلوي بالمستشفى، بالإضافة إلى زيادة نوبتجيات العمل بالقسم لتصبح 3 فترات بدلاً من فترتين، ليؤكد المحافظ إستعداد المحافظة الدائم لتذليل أي عقبات أمام التوسع في إقامة المستشفيات الخيرية للإرتقاء بالخدمات الصحية المؤداه لأبناء المحافظة.
وأشاد المحافظ بالدور الكبير الذي تقوم به مستشفى الأربعين الخيري في توفير الرعاية الطبية والعلاجية لأبناء مدينة العاشر من رمضان، والجهود المبذولة من قبل طاقم المستشفى الطبي والإداري لتقديم أفضل الخدمات للمرضى، وكذلك المستوى الراقي للمستشفى من حيث البنية التحتية والتجهيزات الطبية مؤكداً دعمه الكامل للمستشفى لتحقيق رسالتها في توفير الرعاية الصحية والعلاجية لأبناء المدينة.
أكد محافظ الشرقية؛ حرص الدولة على مساندة ودعم مختلف المؤسسات التي تقدم خدماتها الطبية والعلاجية بالمجان وفقا لأحدث المعايير العالمية، لاسيما المشروعات التي تستهدف الحفاظ على صحة وسلامة الانسان، وبما يتماشى مع جهود الحكومة للإرتقاء بجودة ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
وعلى هامش زيارته لمستشفى الأربعين الخيري، تفقد محافظ الشرقية يرافقه وكيل وزارة الصحة مخزن مؤسسة حكيم للتنمية بالعاشر من رمضان والذي يضم كراتين مواد غذائية جافه تحتوي على (أرز – سكر – عدس – فول – سمن – فاصوليا)، بالإضافة إلى البطاطين والملابس الجاهزة ليتم توزيعها على الجمعيات الأهلية بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان المعظم وتحت إشراف مديرية التضامن الإجتماعي، لتُقدم للمواطنين المستحقين بمختلف قرى ومراكز ومدن المحافظة وأشقاؤنا في غزة.
وثمن محافظ الشرقية، دور جمعية حكيم للتنمية وتعاونها مع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة في تخفيف العبء عن كاهل المواطنين البسطاء، وتحسين الخدمات المقدمة لهم ، مٌشيرًا إلى أن المشاركة المجتمعية هي السبيل لحل المشكلات التي تواجة المواطنين، والقضاء على أي أزمات وحل جميع القضايا المعلقة في جميع القطاعات سواء الطبية والخدمية بنطاق المحافظة.
أكد محافظ الشرقية، أن مثل هذه المبادرات النبيلة تجسد نموذجًا للشراكة الناجحة بين الأجهزة التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني، مؤكداً أن المحافظة لا تدخر جهدًا في تقديم كافة أوجه الدعم والمساندة للفئات الأكثر إحتياجاً بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال والجمعيات الأهلية التي تهدف إلى خدمة المواطن البسيط وتسهيل سُبل المعيشة له.