كيف استمال بايدن ومساعديه حلفاء لتقويض أهداف الولايات المتحدة؟
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، أعدّه إدوارد وونغ، قال فيه، إن: "بايدن وكبار مساعديه في السياسة الخارجية، تفاخروا خلال جولة وداعهم الخارجية بكيفية تعزيز إدارتهم للتحالفات الأمريكية خلال فترة من الأزمات العالمية المتصاعدة".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" أبرزوا أن: هذا إنجاز مميّز، نظرا للعلاقات المتوترة التي سادت إدارة ترامب الأولى.
وبعد أسبوع، حضر وزير الخارجية، أنتوني بلينكين، خارج روما، آخر تجمع له مع كبار الدبلوماسيين من مجموعة الدول السبع المتقدمة، وجميعهم حلفاء للولايات المتحدة، وأشار إلى أن المجموعة عزّزت العلاقات مع دول في مختلف أنحاء العالم.
وقال: "لقد حولنا المجموعة إلى لجنة توجيهية للديمقراطيات الرائدة في العالم".
ولكن تحالفات وشراكات أمريكا تحت قيادة بايدن، كانت معقدة. فقد تصرف الشركاء الرئيسيون على نحو يتعارض مع القيم التي تبناها بايدن، وخاصة الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان. وفي بعض الحالات، قوضت تلك البلدان قوة ومكانة الولايات المتحدة في العالم.
وقال زميل بارز في برنامج الحكم الأمريكي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ستيفن ويرثيم: "هذه بالتأكيد واحدة من السمات المميزة للسياسة الخارجية لبايدن؛ الدعم المفرط وغير المشروط في بعض الأحيان للشركاء غير الكاملين الذين يعرضون الولايات المتحدة لمخاطر التصعيد والأعباء المالية والأضرار التي تلحق بسمعتها".
وظهرت مشاكل خطيرة مع القادة في أفغانستان ودولة الاحتلال الإسرائيلي وكوريا الجنوبية والإمارات. وفي كل حالة، فوجئ بايدن ومساعدوه ثم التزموا الصمت عندما فشل هؤلاء القادة في أدوارهم أو رفضوا اقتراحات السياسة والجهود الدبلوماسية من قبل الأمريكيين.
وبحسب التقرير نفسه، كثيرا ما يبرر المسؤولون الأمريكيون خياراتهم بالقول إنهم لا يستطيعون تنفير الشركاء الذين يحتاجون إليهم لموازنة روسيا وإيران وكوريا الشمالية وخاصة الصين.
لقد كان الدعم العلني الثابت الذي قدمه بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في حربها المميتة ضد غزة، مكلفا بشكل خاص من حيث الرأي العام الأمريكي والعالمي.
لقد تفاخر الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بأنه سيجلب الاستقرار إلى عالم يقول إنه خارج عن السيطرة. ولكن في هذا العصر المتعدد الأقطاب، تتصرف الدول بقدر أقل بكثير من الاحترام للولايات المتحدة مما كانت عليه في اللحظة القصيرة من الانتصار الأمريكي بعد الحرب الباردة.
وكان نهج ترامب تجاه التحالفات، خلال إدارته الأولى، سببا في توتر تلك العلاقات، في حين تسبب انسحابه من الاتفاقيات الدولية المهمة واستخدامه للرسوم الجمركية في إحداث اضطرابات.
كانت أول أزمة لبايدن تتعلق بدولة شريكة في أفغانستان في عام 2021، حيث كان ينفذ انسحاب القوات الأمريكية الذي رتّبه ترامب. وافق بايدن على هذه الاستراتيجية، وأيدها معظم الأمريكيين. كان مسؤولو إدارة بايدن قد قدروا في البداية أن حكومة الرئيس، أشرف غني، يمكن أن تصد طالبان لأكثر من عام بعد الانسحاب الأمريكي.
وفقا للتقرير، كان إيمانهم في غير محله: فقد انهار الجيش الأفغاني خلال هجوم لطالبان في صيف عام 2021، وهرب غني. وانتهى الانسحاب الأمريكي بالفوضى وإراقة الدماء.
هذا الشهر، أعلن زعيم حليف آخر أشاد به بايدن، الرئيس، يون سوك يول، من كوريا الجنوبية، الأحكام العرفية، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في ذلك البلد منذ عقود. وتدفق المتظاهرون على الفور إلى شوارع الأمة الديمقراطية، وصوت المجلس التشريعي على إلغاء الإعلان.
أعربت إدارة بايدن عن قلقها، لكنها امتنعت عن إدانة يون، المحافظ، على الرغم من حقيقة أن تحركه كان صدى لجهود ترامب للاحتفاظ بالسلطة، بعد فوز بايدن في الانتخابات عام 2020.
كان بايدن قد استثمر بشكل كبير في يون، حيث كرّمه في عشاء رسمي في واشنطن العام الماضي. غنى يون الذي كان يرتدي بدلة رسمية أغنية "فطيرة أمريكية" أمام حشد من الحاضرين. حتى أن بايدن اختار كوريا الجنوبية، لاستضافة أحد مشاريعه المفضلة، وهو قمة الديمقراطية، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز المرونة الديمقراطية العالمية. ترأس يون الدورة الثالثة في سيول في آذار/ مارس.
لننتقل سريعا إلى 14 كانون الأول/ ديسمبر: صوّت المجلس التشريعي الكوري الجنوبي لصالح عزل يون، بعد فشله في الاستيلاء على السلطة، وإزالة زعيم كان بايدن يرعاه.
قالت زميلة بارزة في مركز ستيمسون، وهي مجموعة بحثية غير حزبية، إيما أشفورد: "المشكلة هي أن الاضطرابات الأخيرة في بعض حلفاء الولايات المتحدة تسلط الضوء على أن الديمقراطيات غير كاملة، في نفس الوقت الذي جعل فيه بايدن الديمقراطية الضوء الهادي لسياساته الخارجية -يمكن للمرء أن يزعم- في سياسته الداخلية".
وأضافت أن: "المشكلة الحقيقية تكمن في الرسائل والنفاق. لقد أصبحت قمة بايدن للديمقراطية قضية مثيرة للجدل لأن العديد من حلفاء الولايات المتحدة أو شركائها ليسوا ديمقراطيين كاملين. نحن نعلم ذلك جميعا، لكن تسليط الضوء عليها باعتبارها مركز سياستك الخارجية يجعلك تبدو إما منافقا أو ساذجا".
هذا الشهر، حثّت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين بايدن على اتخاذ إجراءات ضد الإمارات، وهي شريك آخر للولايات المتحدة، وقوى أجنبية أخرى غذت الحرب المدمرة في السودان من خلال شحن الأسلحة إلى المقاتلين.
وردّ البيت الأبيض، عبر رسالة، تقول: إن الإمارات كانت "مساهمة إنسانية" طوال الحرب وأنها أخبرت المسؤولين الأميركيين أنها لم تعد تزودهم بالأسلحة.
كذلك، تساءل أعضاء مجلس الشيوخ عن مغازلة بايدن الأخيرة للسعودية، التي تعهد ذات يوم بجعلها "منبوذة" بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
ولم تكن أي قضية في السياسة الخارجية أكثر إثارة للانقسام بالنسبة لبايدن من دعمه لدولة الاحتلال الإسرائيلي طوال حربها على غزة. وقالت أشفورد إن نفاق الإدارة قد انكشف من خلال "الشاشة المنقسمة التي يراها الكثير من العالم بشأن غزة وأوكرانيا، مع إدارة تقول إن أحد الصراعين جريمة حرب غير مقبولة، والآخر دفاع عن النفس".
لقد قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي، المزود بأسلحة أمريكية، أكثر من 45000 فلسطيني ودمّر معظم غزة، وفقا لمسؤولين في القطاع وصور الأقمار الصناعية. حاول بايدن إقناع نتنياهو بتعديل بعض أفعاله واستخدم حتى كلمات بذيئة لوصف الزعيم الإسرائيلي في السر. لكن إدارته لم تحجب أبدا كميات كبيرة من الأسلحة.
يقول المنتقدون إن: بايدن فشل في استخدام النفوذ الحقيقي الوحيد الذي كان لديه لتشكيل تصرفات دولة الاحتلال الإسرائيلي، لذلك تجاهله نتنياهو.
وقال نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية والمستشار السابق للسيناتور بيرني ساندرز، السيناتور المستقل عن ولاية فيرمونت، مات داس: "لقد وقف إلى جانب إسرائيل دون قيد أو شرط، حتى عندما فعلت إسرائيل نفس الأشياء التي فعلتها روسيا في أوكرانيا".
وأضاف داس: "أما الضرر الذي ألحقه بايدن بالنظام القائم على القواعد.. فلم نبدأ حتى في تخيل مدى هذا الضرر بعد". مردفا: "بايدن ألحق ضررا أكبر بأسس القانون الدولي مما فعله ترامب".
ولأن بايدن، على عكس ترامب، كان يُنظر إليه لعقود من الزمان على أنه بطل للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة "كاهن أعظم في الكنيسة"، فقد أظهرت أفعاله على وجه الخصوص أن القواعد الدولية "جوفاء".
يزعم بايدن ومساعدوه أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لها الحق في الدفاع عن النفس، ويزعمون بأن حماس وشركاءها بدأوا الحرب بقتل حوالي 1200 إسرائيلي واحتجاز أكثر من 250 أسير في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، متجاهلين بذلك سنوات طويلة من العدوان الإسرائيلي ضد غزة خصيصا.
بحسب التقرير، كان من الأسهل على إدارة بايدن الدفاع عن تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا لصد الغزو الروسي الكامل الذي بدأ في فبراير 2022. وفي الغالب، أبقى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، العمليات العسكرية ضمن الحدود التي حددتها واشنطن.
وتابع: "إذا كان هناك أي شيء، فقد تعرض بايدن لانتقادات في هذه الحالة لعدم ثقته في شريك بدرجة كافية ووضع الكثير من القيود. وأجبر ذلك زيلينسكي على الضغط على واشنطن، مرارا وتكرارا، لرفع بعض القيود مع استمرار القوات الروسية في هجومها".
كما نجح بايدن، أيضا، في دفع جهد واسع النطاق بين حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا لتنظيم المساعدات العسكرية لأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية ضد روسيا في أوائل عام 2022. ومع ذلك، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الحرب، فإن الشراكات تفشل.
الواقع أن الدول الأوروبية غير قادرة أو غير راغبة في فرض عقوبات صارمة على روسيا. كما يستورد شركاء آخرون للولايات المتحدة، ولا سيما الهند ودول الخليج العربية، النفط الروسي بأحجام قياسية، لتمويل آلة الحرب الروسية.
والأمر الأكثر أهمية هو أن الديمقراطيات الكبرى في أوروبا فشلت في زيادة إنتاج الأسلحة إلى المستوى الذي قد يعوض عن أي خفض مستقبلي للمساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا.
وهذا يعدّ مشكلة خاصة بالنظر إلى أن ترامب وبعض مساعديه المعينين أعربوا عن تشكك عميق في خط أنابيب الأسلحة الأميركي إلى أوكرانيا. وتثبت الشراكات التي روج لها بايدن ليس فقط خلال فترة رئاسته ولكن طوال حياته السياسية عدم قدرتها على الصمود في وجه التحديات الجديدة خلال إدارة ترامب الثانية.
ولكن الأحداث الأخيرة أظهرت أن التحالفات كانت دائما أكثر اهتزازا وإثارة للجدال من الرؤية التي رسمها بايدن وغيره من المؤيدين في واشنطن.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية بايدن ترامب الولايات المتحدة الولايات المتحدة اوكرانيا بايدن ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة للولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كاتبة بريطانية: الولايات المتحدة بحاجة لمعارضة حقيقية
أوضح مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الديمقراطيين إذا ما أرادوا تقديم معارضة فعالة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فعليهم التعبير عن قيمهم ورؤيتهم وحلولهم المقترحة لمشاكل البلاد بحزم وقوة، وتجنب سيل الحيل والتلاعب وأساليب الاحتجاج البدائية ضد الرئيس.
وأكدت كاتبة العمود بالصحيفة جيميما كيلي أن معارضة الديمقراطيين ضعيفة وغير فعالة خصوصا أمام خصم مثل ترامب يبرع بالتواصل مع جمهوره وإيصال أفكاره لهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز تنشر تفاصيل كمين روسي لجنود أوكرانيين باستخدام خط أنابيب غازlist 2 of 2معهد سويدي: حرب أوكرانيا عززت هيمنة أميركا على تجارة الأسلحةend of listوعبرت الكاتبة عن استيائها جراء تصرفات الديمقراطيين المثيرة للإحراج أثناء خطاب ترامب أمام الكونغرس، مشبهة إياهم بطلاب متظاهرين مشاكسين، إذ رفع العديد منهم لافتات كتب عليها شعارات مثل "هذا كذب" و"ماسك يسرق" بينما ارتدى آخرون سترات بألوان رمزية، فالأسود لـ"الكآبة" والوردي لـ"الاحتجاج والقوة والإصرار".
سخريةوسخرت الكاتبة من ذلك باعتباره عملا استعراضيا، خاصة تأكيد عضوة مجلس النواب الديمقراطية تيريزا ليجر فرنانديز أن ارتداء السترات الملونة "إحياء للمعارضة".
كما انخرط الديمقراطيون أيضا بمسرحية سياسية "تقشعر لها الأبدان" على وسائل التواصل ردا على خطاب ترامب، وظهروا على الشاشة الواحد تلو الآخر يقولون "هراء خاطئ، هذا هو ما شاهدتموه للتو" حسب المقال.
إعلانوفي الوقت نفسه، قوبل مقطع على تطبيق تيك توك -يظهر عضوات بمجلس النواب على هيئة شخصيات ألعاب فيديو مع تعليق "اختر مقاتلك"- بالسخرية من اليمين الأميركي، وترى الكاتبة أن مثل هذه التصرفات الغريبة لا تؤدي إلا إلى إضعاف الديمقراطيين، وجعلهم محطا للسخرية.
غياب الكاريزماومما يفاقم هذه المشكلة -وفق المقال- افتقار الديمقراطيين إلى زعيم معارض قوي ومعروف، فعلى عكس ترامب الذي يهيمن على المشهد السياسي ويحافظ على تفاعل جمهوره برسائل واضحة ومتسقة، لا يملك الديمقراطيون شخصية واحدة قادرة على حشد الدعم ومواجهة نفوذ الرئيس بفعالية.
ويظهر استطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك تراجعا بشعبية الديمقراطيين، إذ انخفض رضا الناخبين عن أداء الديمقراطيين بالكونغرس إلى أدنى مستوى له على الإطلاق بنسبة 21%، بينما ارتفعت نسبة تأييد الجمهوريين إلى 40%، حسب المقال.
وتشير شركة تحليلات البيانات يوغوف إلى أن شعبية الحزب الديمقراطي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/كانون الثاني 2017 على الأقل.
وخلصت الكاتبة إلى أنه على الديمقراطيين تقديم بديل جاد لحركة ماغا الجمهورية، مؤكدة أن إستراتيجيات مثل ارتداء ألوان متشابهة واستخدام مقاطع تيك توك لا تماثل جدية اللحظة السياسية التي يشهدها العالم الآن في ظل حكم ترامب.