«الخسارة تشعل نار الندم في قلوبنا، لكنها تعلمنا قيمة اتخاذ القرارات بحكمة» بهذه الحكمة القديمة، نسأل أنفسنا، كيف نرى الحياة بعد أن نفقد شيئا كنا نرتقب حدوثه بنجاح ؟ وهل الخسارة تنمي فينا الشعور بالمسؤولية وترفع شغفنا لتحقيق الفوز؟.
وأخيرا، لماذا نشعر بمرارة الهزائم عندما نخسر معركة كنا على ثقة بأننا سنخرج منها منتصرين؟ الإجابات عن تلك الأسئلة تحتاج منا إلى وعي تام، وإلى دراسة مستفيضة لمعرفة آلية التفكير والتوقع والأمل لدى الإنسان على وجه الأرض، ولهذا يؤكد علماء النفس أن طبيعة النفس البشرية غاية في التعقيد، بمعنى أن البعض منا يركن إلى الخسارة بسهولة تامة، ويعتقد بأنها تشكل نهاية المطاف وربما هي مرحلة النهاية والخلاص من كل محاولة أخرى يمكن أن يجربها أو يخوض معتركها، ولهذا الأمر يجد المحبط سببا أو مبررا يدفعه إلى الاستسلام والتوقف عن أي محاولة مرة أخرى، أو الإقدام على مجازفة جديدة قد يكتب لها النجاح لكن خوفه من الفشل يمنعه عن ذلك، أو حتى التفكير بهذا الأمر خوفا من إحباط يأتي من تجارب أخرى تكون أكثر حدة وقسوة عليه.
بالمقابل هناك من يجد في الخسارة ملاذا، لتحفيز الذات على تحقيق النجاح، وطريقا لطرد الطاقة السلبية التي اكتسبها من فشل سابق، وأصبح لديه القدرة على تحقيق الهدف، إيمانا منه بأن النجاح نسبي والخسارة كذلك، وأن حياة الإنسان لا تختزل في النجاحات فقط، وإنما في نوعية المعارك الصغيرة، التي يخوضها مع نفسه، والمخاوف التي يتخطاها، ولا يعلم بأمرها سواه.
في عالم الاقتصاد والسياسة والاجتماع وغيرها، هناك معارك يخوضها البشر عندما يتنافسون فيما بينهم من أجل إحراز تقدم نفسي ومعنوي، المنتصر لا يشعر بما يختلج في صدور الخاسر، وقد لا يلتفت إلى الوجع الذي تسببه تلك الخسارة وهذا يقودنا إلى تصديق ما قاله البعض وأكدوا عليه وهو «أن الحياة هي مكسب وخسارة في كل شيء ليس في الرياضات والمنافسات فقط، ولذا يجب عليك أن تتحلى بالصبر والاحتساب عند الخسارة في أي عمل تقوم به مثلما تتحلى بالفخر وتشعر باللذة عند الانتصار»، فالمريض مثلا يخوض معركة قاسية مع المرض، قد ينتصر جسده على من يهاجمه، وربما يخسر المريض حياته لأن المرض كان أقوى منه وأشد.
يقول الكاتب عادل المرزوقي في مقال نشره منذ عام تقريبا في صحيفة خليجية: «التعرض للإحباط، وخيبة الأمل ليس بالأمر النادر، والناس في الخيبات سواسية، ولكن الفرق يكمن في طبيعة خطوتنا التالية، ومدى تقبلنا للخسارة وتعاملنا معها، وكذلك مقدار خوفنا من نظرة المجتمع، ومدى قوتنا على النهوض بعد السقوط، وشغفنا لتذوق «عسل الفوز».
ويضيف: الكثير منا يكره الخسارة، ويسعى بكل جهده، لتحقيق الفوز من «الضربة الأولى»، ولكن الحياة لا تسير وفق أهوائنا، وإنما تفرض علينا قواعد محددة يجب الالتزام بها، والفوز والخسارة يمثلان قواعد راسخة فيها، وعلينا القبول بهما، لنتمكن من تحقيق أهدافنا الحقيقية».
أجد فيما ذهب إليه الكاتب المرزوقي سببا في التفاؤل وعدم ترسيخ الأفكار السوداء في الذهن حتى لا تتعقد الأمور بذواتنا، وبذلك نحن من نصنع الفشل بأيدينا دون أن نعلم ذلك، فهذا الخوف يصبح رهابا يسيطر على أدمغتنا ويمنعنا من مواجهة الحياة بكل ما فيه من نتائج إيجابية أو سلبية.
استوقفتني بعض الكلمات التي كتبها مغرد عبر صفحته في منصة «ميتا» حيث يعبر عن رأيه فيقول: «الخسارة لا تعني الفشل، بعض الخسارة ربح من حيث لا تدري، من يفقد ثقته بنفسه لحظة ستتضاعف خسارته، وفي بعض الأحيان تتعلم من الخسارة أكثر من الفوز فهي التي ستجبرك على إعادة تأهيل نفسك والعمل من جديد، لذا إياك أن تجعل الخوف من الخسارة يدفعك لعدم العمل حتى وإن كانت الخسارة صعبة ومذاقها مرّا !! ولكن..ربما تجعلك قويا ذات يوم أكثر من الأول».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جارسيا يصف الخسارة أمام منتخبنا بالقاسية والصعبة
الكويت «د.ب.أ»: عبر الإسباني لويس جارسيا مدرب المنتخب القطري الأول لكرة القدم عن حزنه الشديد للخسارة التي تعرض الفريق أمام منتخبنا الوطني بهدفين مقابل هدف في الجولة الثانية من منافسات دور المجموعات لبطولة كأس الخليج العربي خليجي 26 المقامة بالكويت، ووصف جارسيا في المؤتمر الصحفي بعد المواجهة الخسارة بالقاسية والصعبة جداً في ظل الآداء الجيد الذي قدمه الفريق القطري .
وقال المدرب :"في بداية المباراة لعبنا بطريقة جيدة وتقدمنا في النتيجة، ولكن لم نحافظ على تقدمنا واحتسب حكم المباراة ضربة جزاء عدل منها المنتخب العماني النتيجة قبل نهاية الشوط الأول". وأضاف: "في الشوط الثاني حاولنا ان نضاعف النتيجة ونسجل الهدف الثاني ولكننا لم نتمكن من ذلك قبل ان يسجل المنتخب العماني ثاني الأهداف ويصعب المهمة بعض الشيء، وخلال دقائق المباراة المتبقية كنا قادرين على التسجيل ومعادلة النتيجة على الأقل لكن الحظ عاندنا في الكثير من الفرص التي اتيحت لنا وهو ماجعلنا نضيع النقاط الثلاث ".
أما عن رأيه في الآداء والمستوى العام للمنتخب القطري قال: "انا راضٍ على ما قدمه اللاعبون رغم الخسارة أمام عُمان ولعبنا بطريقتنا وحاولنا ان نخرج بنتيجة إيجابية ولكن هذا هو حال كرة القدم هناك الفوز والخسارة". وتابع "سنحاول تحسين المستوى والآداء حتى بعد الخسارة لأنه في كرة القدم عليك أن تحاول دائماً حتى تصل".
وبسؤاله عن مستوى أكرم عفيف وعما إذا كانت طريقة لعبه سلبية نوعا ما في اللقاء قال : "بالعكس أنا لا أوافق على هذا الطرح، أكرم عفيف لاعب كبير ويبقى الأفضل على المستوى الآسيوي والخليجي ودائما مايقدم الإضافة المطلوبة للمنتخب القطري حتى في أصعب الظروف، واليوم حاول تقديم كل مالديه من أجل الخروج بنتيجة مرضية رغم ظروفه العائلية الخاصة".
وعن طريقة لعبه والإعتماد على الكرات العرضية قال :"حاولنا التنويع في طريقة اللعب وتوفير مساحات من أجل الوصول لمنطقة الخصم ولكن في النهاية لم نوفق في تحقيق هدف الفوز ".
واختتم المدرب قائلا : "الخسارة كانت قاسية وصعبة علينا لأننا كنا قادرين على الخروج على الأقل بنتيجة التعادل من المباراة الهامة بالجولة الثانية، ولكن سنعمل دائما على التصحيح وتحسين المستوى مستقبلا".