لجريدة عمان:
2025-01-29@02:50:46 GMT

النفس البشرية مليئة بالاضطراب والتخيل

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

النفس البشرية مليئة بالاضطراب والتخيل

يقول الطبيب النفسي النمساوي سيجموند فرويد: «الضمير هو دائمًا أشبه بالرجل اليقظ تحدوه الحكمة والروية، أما النفس -والنفس أمارة بالسوء- فميّالة دائمًا إلى التهور وتذوق الجيفة دون تفكير في النتائج السيئة».

بعض الأمور نتجه إليها بسذاجة رغم أننا ندرك خطورتها، ولا يجوز لنا الاقتراب منها، ولكن عامل الشد النفسي هو من يدفعنا نحو هذه المناطق السوداء، كلما تزدحم أدمغتنا بالتفكير في النصف الممتلئ من الكأس نجد خطوتنا تتسارع أكثر نحو الاقتراب من المحظور.

وما أن تلمس حرقة الخطأ جلدتنا، ولظى الاختيار الخاطئ أجسادنا، نشعر بتأنيب الضمير، ومع الوقت يصبح البكاء لزامًا على الأطلال خاصة عندما لا نجد طريقا للعودة أو تلاشي الوقوع في الخطأ مهما كانت جسامته وشدته على مصير حياتنا المقبلة.

لذا أصبح من الواجب أني يعي كل إنسان منا حدود إمكانياته التي بين يديه، فالأرزاق مقسمة بين الناس ما بين فقير وغني، بمعنى أن بعض الأمور نتجاوز حدودها بسبب أهواء شخصية، وبعض الأماكن نرتادها ونقبل على الدخول فيها ثم نجد أنفسنا ندفع ثمنا باهظًا من حياتنا وقوت يومنا، فنصاب بالندم الذي لا يجدي.

لكل إنسان منا له طاقة محددة وقدر محدود من الإمكانيات التي منحها الله له ولعل أبرزها هي الجوانب المادية، وهذا الأمر هو الذي يجعلنا نلهث وراء الرزق والمال من أجل التمتع بالحياة والتأقلم والتعايش مع الأوضاع المعيشية، فمثلا هناك أماكن متواضعة يمكن للإنسان البسيط أن يدخل إليها، ويطلب ما يريد؛ لأنه قادر على دفع فاتورته بنفسه دون الحاجة إلى مساعدة من الآخرين.

وبالمقابل، ثمة أماكن أخرى لا تناسبه؛ لأن إمكانياته محدودة لا تتناسب من المتطلبات التي يرغب القيام بها، وليس الأكل والشرب واللبس وغيرها من الضروريات هي المشكلة ولكن أصبح موضوع «السفر» والتنقل من مكان إلى آخر معضلة تلقي بظلالها على بعض الحالمين بالعيش فوق المستوى الذي هم فيه.

وكما قال فرويد: «إن النفس البشرية مليئة بالاضطراب والتخيل.. وإن الكثيرين الذين يعيشون في أوهام إذا لم تنقذهم العناية الإلهية من أوهامهم ينحدر بهم الطريق إلى الجريمة والجنون».

بعض العائلات تحمّل عائلها الكثير من الأعباء المالية رغم معرفتها التامة بعدم مقدرته على توفير نفس الخيارات المتاحة أمام الآخرين سواء وجهات السفر في كل مكان أو أماكن السكن ذات الرفاهية العالية، وحتى في أمور الإعاشة وغيرها.

المشكلة لدى «العائل» ليست في عدم رغبته في إدخال السرور في قلوبهم، لكن هناك حدود معنية للإمكانيات المادية، فهو ينظر إلى أبعد من قدميه، ويرى ما لا يراه غيره من صعوبات قد يترتب عليها آثار مدمرة تزلزل كيان الأسرة وتجعلها تعيش في ضائقة مادية ونفسية صعبة.

بعض الناس لا يجد مفرا من الهروب، ولذا يلجأ إلى «الاقتراض» كحل أخير لتحقيق رغبات أسرته، والبعض الآخر يضحّي ببعض ما يملكه من أشياء فيبيعها بثمن بخس فقط لأنه يريد أن يرفه عن عائلته، ولا يجعلهم أقل مستوى من غيرهم.

من الناحية العقلية، الحسابات لا تكون بهذه الطريقة أبدا، فـ«رحم الله عبدًا عرف قدر نفسه»، فلكل منا سعة من الرزق يستطيع من خلالها توفير الأشياء ويعجز عن الحصول على أشياء أخرى، والبعض لديه مجال ضيق يتحرك فيه، وفي أغلب الأحيان لا يستطيع أن يتجاوزه فقط من أجل مجاراة من أعطاهم الله الخير والرزق الوفير.

لو ذهبنا إلى الجانب المظلم لما ترغبه النفس وتشتهيه لوصلنا إلى حافة الإفلاس، ومن ثم الدخول في دوامة المطالبات، وربما يصل الأمر إلى أكثر من ذلك بكثير، فكم من أشخاص وصل بهم الأمر إلى ساحة القضاء ثم إلى السجن بسبب عدم مقدرته على الوفاء بما اقترضه سواء من البنوك أو من الأفراد.

إذن، «النفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع»، نحن بشر ولسنا بملائكة لكي لا نخطئ، ولكن علينا أن نزن الأمور وأن نعي العواقب، فليس من المعقول أن نسعد أنفسنا شهرا ونعيش في تعاسة دائمة دهرا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف السابق: من يشتكي دينا يفعل هذا الأمر

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، إن من يؤمن بقدرة الله لن يشكك في معجزة الإسراء والمعراج، مستدلا بقوله تعالى: "مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".

وأشار جمعة، خلال لقاء خاص مع الإعلامي نشأت الديهي برنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأحد، إلى أن بعض أهل العلم قالوا إن من اشتكى من دينا فليقرأ آخر آيتين من سورة الإسراء، مستدلا بقوله: "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا".

وأضاف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، أن الأمر العجيب في عقل البشر ليس عجيبا عند الله، مستدلا بقول الله تعالى: "قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ".

مقالات مشابهة

  • مثل الشهيد مازن كمثل الصحابي الجليل عمرو بن ثابت الذي حفظ الله جسده من الأعداء
  • لماذا خلق الله بعضنا فقراء وآخرون أغنياء؟.. الأطفال يسألون شيخ الأزهر بمعرض الكتاب
  • الانتصار للنفس
  • أذكار الصباح وفوائدها: نور لروحك طوال اليوم
  • الأمين العام لحزب الله: نشكر العراق على الدعم الذي قدمه إلى لبنان
  • وزير الأوقاف السابق: من يشتكي دينا يفعل هذا الأمر
  • قصة الإسراء والمعراج مختصرة.. رحلة إعجازية مليئة بالدروس العظيمة
  • رد حاسم على التشكيك في الإسراء والمعراح وحكم ناكرها
  • وصف البراق الذي صعد به النبي إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج؟ معجزات الرحلة المباركة
  • اليوم التالي في غزة بين نرجسية الاحتلال وداعميه وقوة الأمر الواقع الذي فرضته المقاومة!