لجريدة عمان:
2025-04-24@15:00:44 GMT

من يفتقد الإدراك

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

يُتَصَوَّر -وفق إدراك الكثيرين- أن الكل في هذه الحياة عقلاء، ولا ينفك عن صفة العقلاء إلا الاستثناء، والاستثناء هنا محدود جدًا، لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في أي تجمع بشري، بمعنى أن غير العقلاء لا يشكلون ظاهرة اجتماعية تبعث على القلق، ولذا فالناس كلهم في مأمن نفسي بأن لا يتطاول عليهم أحد ما، امتثالًا لهذه الـ«عقلاء»، لأنه بخلاف ذلك تتلبس الحالة الاجتماعية الكثير من القلق والتوتر، فيكفي أن يسمع أبناء القرية الواحدة أن فيها إنسانًا غير عاقل، فتستنفر النفوس استعدادًا لمواجهة هذا المارد القادم إليهم من أي جهة كانت، ولذلك لما كنا صغارًا وقعنا تحت مأزق الخوف من هذا غير العاقل الذي ترويه الأمهات سواء على هيئة إنسان، أو حيوان، أو شيء من مخيلة الذاكرة، حيث تخمد النفوس تحت أغطيتها الداكنة حتى لا يصل إليها هذا المارد غير العاقل فينقض عليها، كل ذلك تشيعه الأمهات حتى ينام هذا الطفل، فلا ينبس بكلمة إلى طلوع الشمس، لكنني أتوقع أن أطفال اليوم أكثر ذكاءً من حالنا، وأكثر جرأة، وأكثر وعيًا، فلن تنطلي حيل الأمهات على أبنائهم، هذا إذا كانت هناك أمهات يهمهن أن ينمن بعد أطفالهن.

يأتي ذلك انعكاسًا لتطور الحالة الذهنية التي تتلقى مغذياتها المعرفية من كل حدب وصوب، على خلاف ما كنا عليه قبل أكثر من خمسين عامًا، حيث شح المعرفة، وقلة مصادرها، وإدمان الذاكرة على صور القرية النمطية (حقل، وضاحية، ومسجد، ومجلس، وبيت العائلة، وسكك الحارة ودروبها، وبعض الألعاب التقليدية البسيطة) وفقط، ولذلك لعبت «الجدات» دورًا محوريًا في تغذية الذاكرة الطفولية بقصص خيالية -غير واقعية طبعًا- بعضها تستعذبها الطفولة في ذلك العمر الصغير، حيث تترك للخيال التحليق بعيدًا بعيدًا، وبعضها تجنح بالمخيلة إلى التوجس والانكماش «الخوف»، ولأن الذاكرة المستهدفة غير واعية وغير مدركة، بمعنى غير ناقدة، فإنها كانت تتقبل كل ما يشحن به ذاكرتها، وكفى. هذه المقدمة لا تبعدنا كثيرًا عن المسألة الإدراكية، ونقيضها، ولعل نقيضها هو الذي يهمنا هنا في هذه المناقشة، فعدم الإدراك مصيبة من مصائب الحياة، وهي حالة نعيش صيرورتها الدائمة، وتجثم على المخيلة على أنها صورة نمطية مقبولة اجتماعيًا إلى حد كبير، وذلك من خلال تجاوز المدرك لنتائج سوء أعماله التي يقوم بها، ومع قبولها بهذا التسليم الذي يبدو في ظاهره، إلا أن البعض يجدها فرصة للخروج عن كثير من الحدود الفاصلة بين مختلف الأشياء، ونتيجة لذلك ترتكب الأخطاء المتعمدة، التي قد تجر إلى مآسٍ، ليس فقط للشخص المتعمد على ارتكاب ما يرتكب، ولكن على المجتمع ككل، كل ذلك تحت ذريعة واهية، وهي الحرية الشخصية، فتحت هذه الذريعة «الحرية الشخصية» يقسو الإنسان على نفسه، أكثر بأضعاف مما يعود بنتائج هذه القسوة على الآخرين من حوله، فارتكاب المعاصي -صغيرها وكبيرها- وتجاوز القيم والنظم، وما تعارف عليه أبناء المجتمع، كل ذلك يقع تحت بند الإدراك من قبل الفرد الذي يقوم بها، فهو يمارس ذلك مع «سبق الإصرار والترصد» وهو في الوقت نفسه مدرك مجمل النتائج السلبية المترتبة على ممارساته هذه، سواء أضر بالآخرين من حوله، أو لم يضر، مع اليقين التام، أنه واقع من رأسه حتى أخمص قدميه في الضرر على نفسه، ومدرك لذلك، وبكل تأكيد، وإذا كانت مصيبته في حياته كبيرة، فإن مصيبته -إذا لم يتب ويندم- في آخرته أكبر الكبائر، والسؤال هنا، هل يمكن تصنيف هؤلاء الناس من العقلاء؟

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«شخبوط الطبية» تقدم خدمات متعددة لمرضى اضطرابات الذاكرة

 هدى الطنيجي (أبوظبي)
افتتحت مدينة الشيخ شخبوط الطبية، و«سكينة»، التابعتان لمجموعة «بيورهيلث»، مؤخراً، عيادة شاملة لعلاج اضطرابات الذاكرة، التي تختص في علاج فقدان الذاكرة والأمراض التنكسية العصبية المتقدمة، مع التركيز على الاضطرابات الإدراكية، لتحسين وظيفة الذاكرة وجودة حياة المرضى.
وتقدم العيادة الجديدة خدمات صحية لتحقيق تطورات هامة في طرق تشخيص وعلاج ضعف الذاكرة والاضطرابات الإدراكية، لمختلف اضطرابات الذاكرة، منها مرض الزهايمر والخرف، والأضرار الناجمة عن إصابات الدماغ الرضحية.

أخبار ذات صلة «الجليلة»: توقيع 5 مذكرات تفاهم لدعم الرعاية الصحية والعمل الخيري «الإمارات الصحية» تنظم مؤتمراً لأمراض القلب والأوعية الدموية

وقال الدكتور ناصر الزبيدي، استشاري الطب النفسي والأعصاب في «سكينة» ومدينة الشيخ شخبوط الطبية: تقدم العيادة الجديدة التي تم افتتاحها مؤخراً رعاية تخصصية لتقديم الرعاية الصحية لمرضى الخرف واضطرابات الإدراك، عبر خطط علاجية للتشخيص المبكر والرعاية المتخصصة وعلاج الاضطرابات الإدراكية على المدى الطويل، من خلال نهج متعدد التخصصات يعتمد على البحث العلمي لتعزيز الصحة الإدراكية واستكشاف التقنيات الناشئة، مثل العلاجات الرقمية، وأدوات الفحص المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ودمج التصوير العصبي المتقدم والتشخيص القائم على التحليل الجيني والطبي الدقيق، والمراجعات متعددة التخصصات للحالات.
وذكر أن العيادة تقدم خدمات علاجية متطورة لرعاية مرضى الخرف واضطرابات الإدراك في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تجمع بين خدمات التشخيص المتقدمة والنهج متعدد التخصصات لتعزيز الكشف المبكر والدعم الشامل لتغطية كافة جوانب الصحة الطبية والنفسية والاجتماعية وتقديم رعاية ممكنة مخصصة لتلبية احتياجات المرضى. وأشار إلى أن هناك فرقاً طبية لتقديم خدمات الرعاية المطلوبة لتلك الفئة من المرضى منهم اختصاصي الطب النفسي العصبي وأخصائي العلاج الوظيفي وأخصائي علم النفس، فضلاً عن التعاون بين تلك الفرق مع اختصاصي الباطني وطب الأعصاب وأخصائي الأشعة العصبية لضمان تقديم تقييم شامل وخطط رعاية مصممة وفقاً للحالة المرضية.
وأضاف: إن العيادة تقدم علاجات منها الطب النفسي للشيخوخة، والطب النفسي العصبي الإدراكي، وعلم النفس العصبي، والأشعة العصبية، إلى جانب توفير مسار علاجي منظم لمرض الزهايمر، كما تقدم العيادة رعاية صحية شاملة متمركزة حول المريض، تشمل إعادة التأهيل الإدراكي، والعلاجات السلوكية والنفسية، ودعم مقدمي الرعاية، والتثقيف الصحي، بالإضافة إلى إدارة العلاج الدوائي.
وقال: تشكل الاضطرابات الإدراكية، والتي تشمل اضطرابات في التركيز، والذاكرة، والقدرات التنفيذية، والطلاقة اللفظية، والسلوك، والقدرات البصرية والتصور البصري المكاني، في تدهور ملحوظ في هذه القدرات، لا سيما الخرف، الذي يعد تحدياً صحياً في دولة الإمارات؛ نظراً لتزايد نسبة كبار المواطنين نتيجة ارتفاع معدلات الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم.

مقالات مشابهة

  • مضغ المواد الصلبة يعزز الذاكرة
  • نقابة CDT ترفض قانون الإضراب لأنه يفتقد للشرعية مطالبة بإعادته إلى مؤسسة الحوار الاجتماعي
  • العلم وحروب الإدراك
  • دراسة علمية تربط بين قوة الذاكرة والدهون في منطقة البطن
  • «شخبوط الطبية» تقدم خدمات متعددة لمرضى اضطرابات الذاكرة
  • الأهلي يفتقد نجمه أمام صن داونز.. وكولر يجهز البديل
  • عيد القوات الخاصة في الذاكرة الوطنية . . !
  • أفضل 3 مشروبات طبيعية لتحسين الذاكرة
  • 3 مشروبات طبيعية تعزز الذاكرة.. الشاي الأخضر في المقدمة!
  • إريكسن: مانشستر يونايتد يفتقد الروح