ألقى خطبة الجمعة اليوم، بالجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول «كيف نستقبل عاما جديدا؟».

وقال الدكتور ربيع الغفير: إن المؤمن بين مخافتين، بين أجل قد مضى، لا يدري ما الله صانع فيه، وبين أجل قد بقى، لا يدري ما الله تعالى قاض عليه فيه، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت «فوالذى نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار، إلا الجنة أو النار».

وعلينا جميعا أن نتهيأ بالنية الصالحة لاستقبال الأيام، لأننا محاسبون على الوقت الذي أمهلنا الله فيه الأجل وسنسأل ماذا قدمنا في هذا الوقت وفي كل لحظة مرت علينا.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن قلب المؤمن دائماً خائف من الله، يراقب ربه في كل لحظة من لحظات حياته، لأنه يعلم قيمة الوقت،  وكان صحابة رسول الله ﷺ يسألون الله أن يجعل يومهم خيراً من أمسهم في القرب إلى الله والسعي نحوه، مشيراً إلى أن قضية الوقت قضية مهمة في حياة الإنسان، وفي هذا يقول الحسن البصري: "يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك، وإذا ذهب البعض يوشك أن يذهب الكل". فعلى المؤمن أن يتفكر دائماً في وقته وإلى كيفية التعامل معه
 

وأضاف خطيب الجامع الأزهر: إن الإنسان منذ قَدِم إلى الحياة وأيامه معدودة وفرصته محدودة، وعليه أن يتفكر في كل خطوة يخطوها، لأنه محاسب عليها، وعليه أن يغتنم كل يوم تشرق شمسه وينشق فجره، فعن الحسن البصري قال: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة". ومما يسيل الكبد مرارة ويملأ النفس حسرة حينما يقول بعض الشباب: إنني أضيع الوقت. إنني أقتل الوقت. فالوقت من ذهب والليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.

حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة.. الإفتاء تجيبحكم صلاة الجمعة بخطبة واحدة بغير العربية .. الإفتاء تجيب

وأوصى خطيب الأزهر الشباب، بضرورة استغلال أوقاتهم قبل أن يأتي وقت عليهم ويتمنون عودة هذه الأوقات، كما حكى القرآن الكريم عن ذلك في موضعين. الأول: إذا حضر الأجل الإنسان، يقول تعالى: «وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ»، والموضع الثاني: في جهنم حينما يصرخ أهلها من العذاب. يقول تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾، فيامن تهدر وقتك ستندم على ذلك لأنك ستحاسب عليه وسوف تُسأل عنه سؤالا دقيقا. يقول ﷺ: «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ».

وبيّن أستاذ اللغويات، أن الإنسان المسلم يجب أن يتعامل مع قضية الوقت بالنظر فيه والعبرة منه، يقول تعالى: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا»،  فتعاقب الوقت عبرة ونعمة لأنك حينما تنظر في هذا الوقت وهذا التعاقب بهذا النظام البديع فتفكر في جنبات الكون، فترى الذي أبدع هذا الكون وسيره تسييرا محكما، وجعله بهذا الإبداع والإتقان لا خلل فيه ولا اختلال. فتعاقب الليل والنهار واختلافهما عبرة تحتاج إلى تفكر، ونعمة تحتاج إلى شكر، يقول تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ». 

وتابع: فرغم ظلم العبد إذا عاد إلى ربه، وشكره بعد جحوده، ووصله بعد جفاء، يغفر الله له. فاختلاف الليل والنهار رحمة ونعمة عظيمة. فلو كان الكون كله ليلاً، كيف سيتصرف الإنسان ويقضي حوائجه؟ وإن كان كله نهارا، كيف يستريح ويهدأ ويخلد إلى النوم؟ مشيراً إلى أن العرب أدركوا ذلك قبل الإسلام فكانوا يقسمون النوم في النهار إلى ثلاثة أقسام، الأول: من الفجر إلى الظهر وتسمى الحيلولة لأنه وقت يؤدي إلى الفقر، فهي تفقر الإنسان، لأن هذا الوقت يقسم الله فيه أرزاق العباد والخلائق. والثاني: من الظهر إلى العصر ويسمى القيلولة وهو نوم مبارك فهي قيلولة مطلوبة. وكان الشيطان لا يقيل. والثالث: من العصر إلى المغرب ويسمى الغيلولة وهي من الغيل وهو القتل فهو يغتال النشاط والحركة وكل شيء. كل هذا يدل على قدرة ونعمه الله على عباده.

وحث خطيب الجامع الأزهر المسلمين، إلى أن يقف كل واحد منهم مع نفسه وقفة حساب، ماذا عمل في يومه وماذا قدم لربه ولأهله ومجتمعه وطنه! وأن يبدأ بالنية إلى الخير والمبادرة إليه، وأن يصل الأرحام، وأن يرد المظالم إلى أهلها، حتى يرفع الله عنا وعن أمتنا البلاء ويرضى عنا، مشدداً على بناء جسور التواصل مع الله في استقبال العام الجديد حتى يرفع الله عن أمتنا البلاء ويرد إليها عزها ومجدها فهذه هي البداية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر خطيب الجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير الجامع الأزهر المزيد یقول تعالى

إقرأ أيضاً:

نشأت الديهي: لا وقت للراحة للمحارب في أيام الأعياد

وجه الإعلامي نشأت الديهي، التهنئة إلى المصريين بمناسبة عيد شم النسيم، قائلًا "لا وقت للراحة أو الاستراحة للمحارب في أيام الأعياد".

نشأت الديهي: اجتماع الرئيس السيسي بالمجموعة الاقتصادية ثورة تصحيحنشأت الديهي يشن هجوما على مشروع ميدان الإخواني


وأضاف "الديهي" خلال تقديم برنامجه "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الإثنين، "شم النسيم عيد فرعوني بامتياز يؤكد أن المصريين والطبيعة والزراعة واحد، كنت بفكر مع فريق البرنامج نشم النسيم، ولكن العالم لا يتوقف والأحداث لا تتوقف".


وتابع "الإعلام والصحافة والورقة والقلم لا يجب أن يتوقفوا، في الوقت الذي يظن البعض أنه يجب أن يستريح هناك عالم يتشكل ويتابع الأحداث لحظة بلحظة في عالم لا يعرف إلا الأقوياء، لأن اليوم فيه تغييرات وتقسيم لا يجب أن نغيب عما يحدث في العالم دولة ملتهبة في عالم يُعاد تشكيله انتبهوا العالم يُعاد تشكيله يحتم عليا أكون جزء فاعل ومسؤول".


وفي ذات السياق، وجه المسؤولين بضرورة الرد على ما ينشره الإعلام الإسرائيلي لمحاولة تشويه الدولة المصرية والطبيب المصري، لأن أنا مش عايز أسيب حاجة زي كده تفوت ولازم أقول أن هذه القناة مدلسة ومزورة".

مقالات مشابهة

  • كلمة واحدة وصف بها رسول الله من يحافظ على صلاة الضحى.. اغتنمها ولا تتركها
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية
  • عالم فيزياء يحذر من سياسات ترامب تجاه البحث العلمي: طر على العالم
  • ما الوقت المناسب لارتداء البنت الحجاب؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • نشأت الديهي: لا وقت للراحة للمحارب في أيام الأعياد
  • أزهري يوضح حكم الشرع في قتل وتعذيب الحيوانات
  • عالم أزهري يعلق على قـ.تل طبيب لكلب عمدًا: لايجوز إيذاء أي كائن حي
  • وزير الأوقاف يكتب: الإمام الطيب قائد الأزهر في زمن التحديات وصوت الحكمة في عالم مضطرب
  • مفاهيم إسلامية: الكتاب والقرآن