هل يجوز للزوجة أن تحضر غسل زوجها عند وفاته؟
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
من الأسئلة التي تثار بعد وفاة الزوج هي مسألة حضور الزوجة لغسل زوجها، إذ يعتري البعض نوع من الحيرة حول حكم ذلك في الشريعة الإسلامية، وقد أثيرت عدة فتاوى ومناقشات حول هذا الموضوع في الفقه الإسلامي، وتختلف آراء العلماء حسب المذهب والمدارس الفقهية، وفي السطور التالية نعرض للقرار الشرعي الصادر عن دار الإفتاء والأزهر الشريف في هذا الشأن.
أوضح علماء الأزهر الشريف أن من الأمور التي يتم التعامل معها بعناية خاصة في حالة الوفاة، هو غسل الميت، حيث يجب أن يكون الشخص الذي يغسل الميت على دراية بكيفية الغسل بشكل صحيح، وفقًا لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الشريفة.
وفيما يتعلق بحضور الزوجة لغسل زوجها، فإن الفقهاء قد اختلفوا في هذا الموضوع بناءً على أن الزوجة قد تكون متأثرة عاطفيًا بحضور الغسل، وقد يتسبب ذلك في إحراج أو صعوبة عليها. لكن من الناحية الشرعية، لا يوجد مانع من أن تحضر الزوجة غسل زوجها إذا كانت في حال من الثبات النفسي وقادرة على تحمل الموقف.
الآراء الفقهيةالفتوى المالكية:
يرى المالكية أنه لا مانع شرعي من أن تحضر الزوجة غسل زوجها، بل قد تكون بحاجة للقيام بذلك في بعض الحالات إذا لم يكن هناك محرم آخر أو شخص مناسب للقيام بهذه المهمة. ومن هنا يمكن أن تكون هناك ضرورة لبعض الحالات الخاصة.
الفتوى الشافعية:
أما الشافعية فيرون أن الزوجة يمكنها أن تحضر غسل زوجها، بشرط أن يكون هذا في حدود الحاجة ولا يؤدي إلى الحرج. ووفقًا لما ورد في كتب الفقه، فإن الشافعية لا يرون موانع شرعية تحظر حضور الزوجة لغسل زوجها، طالما أن ذلك يتم في سياق من الحياء والتقدير.
الفتوى الحنفية:
بالنسبة للحنفية، فقد ذكروا أن الزوجة إذا كانت غير قادرة على تحمل الموقف العاطفي أو كانت هناك خطر من تضررها نفسيًا، فإنه يفضل أن تكون بعيدة عن غسل الزوج بعد وفاته.
الفتوى في مذهب الإمام أحمد بن حنبل:
يذهب الإمام أحمد إلى أنه يمكن للزوجة حضور غسل زوجها في حال كانت تحتاج إلى ذلك ولا يوجد شخص آخر يقوم بالغسل، شرط أن تكون في حالة تمكنها من التعامل مع هذا الموقف دون أن يؤدي إلى فقدان حياء أو أمر غير مناسب.
وقد أكدت دار الإفتاء والأزهر الشريف أنه لا مانع شرعي من حضور الزوجة لغسل زوجها، حيث أن ذلك يعد أمرًا لا يتنافى مع الأحكام الشرعية، طالما أن ذلك يتم في احترام للأحكام المتعلقة بالوفاة، ولا يؤدي إلى ضرر نفسي أو عاطفي لها، ولكن من الأفضل أن يكون هناك محرم آخر يشارك في هذا الإجراء لتخفيف العبء عن الزوجة من الناحية النفسية.
في الختام، تعد مسألة غسل الميت من الأمور التي تحظى باهتمام كبير في الفقه الإسلامي، ويجب على الجميع أن يلتزموا بالتعاليم الشرعية عند التعامل مع متطلبات الوفاة. يمكن للزوجة أن تحضر غسل زوجها إذا لم يكن هناك ما يعيق ذلك من الناحية النفسية أو العملية، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في حدود ما يوافق الأحكام الشرعية، مع مراعاة الجوانب النفسية والإنسانية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الوفاة غسل الميت الزوجة زوجها أن تحضر ذلک فی
إقرأ أيضاً:
هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟
هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين خاصة ممن يتساءلون عن حكم ترك صلاة الجمعة لعذر كالنوم وخلافه، وفي التقرير التالي نوضح هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟
هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟قرَّر جمهور الفقهاء أنَّ صلاة الجمعة واجبة على كلِّ مسلمٍ حرٍّ بالغٍ عاقلٍ مقيم صحيحٍ ليس به علة، -فلا تجب على الصبي، ولا المرأة، ولا المريض، ولا المسافر-، ولا يجوز تركها أو التَّخلف عنها إلَّا لعذرٍ شرعي، وأنَّ من تخلَّف عنها لغير عذر كان آثمًا؛ لما سبق بيانه من الأدلة. ينظر: "الاختيار" لابن مودود الموصلي (1/ 81، ط. مطبعة الحلبي)، و"شرح مختصر خليل" للخرشي (2/ 79-80، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (4/ 483، ط. دار الفكر)، و"الكافي" لابن قدامة المقدسي (1/ 252، ط. مكتبة الرياض).
وحول حكم صلاة الجمعة، فإن صلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، أوجب الشرع السعي إليها والاجتماع فيها والاحتشاد لها؛ توخِّيًا لمعنى الترابط والائتلاف بين المسلمين؛ قال الإمام التقي السبكي في "فتاويه" (1/ 174، ط. دار المعارف): [والمقصود بالجمعة: اجتماعُ المؤمنين كلِّهم، وموعظتُهم، وأكملُ وجوه ذلك: أن يكون في مكانٍ واحدٍ؛ لتجتمع كلمتهم، وتحصل الألفة بينهم] اهـ.
ولذلك افترضها الله تعالى جماعةً؛ بحيث لا تصح مِن المكلَّف وحدَه مُنفرِدًا؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].
وهاتان الآيتان تدلان على وجوب شهودها وحضورها على كلِّ مَنْ لزمه فرضُها، من وجوه:
الأول: أنهما وردتا بصيغة الجمع؛ خطابًا وأمرًا بالسعي؛ فالتكليف فيهما جماعي، وأحكامهما متعلقة بالمجموع.
الثاني: أن النداء للصلاة مقصودُه الدعاء إلى مكان الاجتماع إليها؛ كما جزم به الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (30/ 542، ط. دار إحياء التراث العربي).
الثالث: أن "ذكر الله" المأمور بالسعي إليه: هو الصلاة والخطبة بإجماع العلماء؛ كما نقله الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 60، ط. دار الكتب العلمية).
الرابع: أنَّ مقصود السعي هو: حضور الجمعة؛ كما في "تفسير الإمام الرازي" (30/ 541-542)، والأمر به: يقتضي الوجوب؛ ولذلك أجمع العلماء على أن حضور الجمعة وشهودها واجب على مَن تلزمه، ولو كان أداؤها في البيوت كافيًا لما كان لإيجاب السعي معنى.
قال الإمام ابن جُزَيّ في "التسهيل لعلوم التنزيل" (2/ 374، ط. دار الأرقم): [حضور الجمعة واجب؛ لحمل الأمر الذي في الآية على الوجوب باتفاق] اهـ.
وهو ما دلت عليه السنة النبوية المشرفة؛ فعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» رواه النسائي في "سننه".
وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟من الأعذار المبيحة التي ترفع المؤاخذة على ترك صلاة الجمعة: غلبة النوم؛ الذي يُعجَز عن دفعه، على ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة.
قال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (2 / 276، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ومن أعذارِها أيضًا: نحو زلزلةٍ وغلبة نُعَاسٍ] اهـ.
وقال العلامة الشبراملسي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (1/ 372، ط. دار الفكر): «ولا يكره النوم قبل دخول الوقت. رملي. وهو شامل للعشاء، فلا يكره النوم قبل دخول وقتها، وشامل للجمعة أيضًا، فلا يكره النوم قبله، وإن خاف فوت الجمعة؛ لأنه ليس مخاطبًا بها قبل دخول الوقت] اهـ.
وقال العلامة الحضرمي الشافعي في "شرح المقدمة الحضرمية" (ص: 332، ط. دار المنهاج): [وفي الجمعة فلا رخصة في تركها تمنع الإثم، أو الكراهة إلا لعذر عامٍّ، نحو:.. (وغلبة النوم) والنعاس بأن يعجز عن دفعهما؛ لمشقة الانتظار حينئذٍ] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 252، ط. مكتبة القاهرة): [وتسقط الجمعة بكلِّ عذرٍ يُسقط الجماعة، وقد ذكرنا الأعذار في آخر صفة الصلاة] اهـ.
والموضع المشار إليه هو قوله في (1/ 452): [ويعذر في تركهما.. من يخاف غلبة النعاس حتى يفوتاه فيصلِّي وحده وينصرف] اهـ.
ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟! ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا..» رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
وما أخرجه الشيخان -واللفظ للبخاري- من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».
فإذا كان النوم عذرًا لمن هو في صلاته، فبالأولى يكون عذرًا لمَن يريد الدخول فيها. ينظر: "فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان" للإمام الرملي (ص: 352، ط. دار المنهاج).