في عالم يسعى فيه الكثيرون للتقرب من الطبيعة والحيوانات، ولدت فكرة "مياو زون"، ذلك الملاذ الدافئ الذي يجمع بين عشاق القطط. بدأ كل شيء عندما قرر محمد عمار وصديقه تحويل حبهما للقطط إلى مشروع في منطقة المنصور وسط العاصمة بغداد، يخدم هذه الكائنات الرقيقة والبشر على حد سواء.
تخيل مكانا هادئا، مليئا بأصوات المواء اللطيفة وألعاب القطط المرحة، حيث يمكنك الاستمتاع بفنجان قهوة ساخن بينما تلعب مع قطط أليفة وودودة، هذا هو "مياو زون" (Meowzone)، المكان الذي وُلد من حلم بتوفير بيئة آمنة ومريحة للقطط، وفرصة للناس للتفاعل معها وتقديم العناية لها، كما يصفه صاحب المقهى محمد عمار خلال حديثه للجزيرة نت.
يقول محمد "أردنا أن نؤسس مكانا يوفر للقطط حياة كريمة، حيث تحظى بالاهتمام والعناية اللازمين، فالكثير من الناس يحبون القطط ولكنهم لا يستطيعون تربيتها في منازلهم لأسباب مختلفة، لذلك، قررنا أن نكون نحن أولئك الذين يتحملون مسؤولية هذه المخلوقات الرائعة".
إدارة المقهى تعلم الأطفال كيفية التعامل مع القطط بلطف (الجزيرة)ويوضح محمد: بدأ المشروع بقطط قليلة تم إنقاذها من الشوارع، أو تلك التي تخلى عنها أصحابها، ومع مرور الوقت، توسع المكان وأصبح ملاذا للعديد من القطط المنزلية التي تحتاج إلى رعاية خاصة، مؤكدا على أهمية توفير بيئة صحية وآمنة للقطط، حيث يتم فحصها بانتظام من قبل طبيب بيطري وتغذيتها بأفضل أنواع الطعام.
لم يكن محمد وحيدا في هذه الرحلة، فقد لقي دعما كبيرا من والده الفنان عمار النعيمي الذي ساهم في تصميم المكان وتزيينه، كما تلقى المشروع اهتماما واسعا من قبل المجتمع، حيث عمل الكثيرون على الترويج له ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد محمد "نحن ملتزمون بتوفير أفضل رعاية ممكنة لقططنا الأليفة، ولدينا فريق متخصص يقدم الرعاية البيطرية الشاملة، بما في ذلك الفحوصات الدورية، والتطعيمات، وتوفير غذاء عالي الجودة، كما نحرص على تعليم زوارنا، وخاصة الأطفال، كيفية التعامل مع القطط بلطف واحترام، لضمان تجربة ممتعة وآمنة للجميع.
المقهى يوفر أفضل رعاية ممكنة للقطط الأليفة (الجزيرة) القطط عالم آخردانيا، موظفة في المقهى، تشرح لنا دورها في هذا المكان الساحر، بقولها إن مهمتها الأساسية تتمثل في العناية بالقطط اللطيفة، فهي تقوم بتنظيف أماكنها وتدريبها على السلوكيات الجيدة وتوفير كل ما تحتاجه من طعام وشراب. بالإضافة إلى ذلك، تشعر دانيا بسعادة كبيرة وهي تعلم الأطفال كيفية التعامل مع القطط بلطف واحترام، لتزرع في نفوسهم حب الحيوانات ورعايتها.
المقهى يزرع في نفوس زبائنه حب الحيوانات ورعايتها (الجزيرة)وتضيف دانيا في حديثها للجزيرة نت أن المقهى مكان هادئ وجميل، يشعر فيه الزوار بالراحة والاسترخاء، مشيرة إلى أن الكثير من زوار المقهى يمتلكون قططا في منازلهم، ويأتون إلينا ليتعلموا المزيد عن كيفية العناية بقططهم وكيفية تعزيز التواصل بين قططهم والقطط الأخرى في المقهى.
إعلانوتختم دانيا حديثها بالتأكيد على أن المقهى هو مكان مميز يجمع بين حب القطط والرغبة في نشر الوعي بأهمية رعاية الحيوانات.
مدرسة لتعلم الرحمة بالحيوانحنين رعد، إحدى زائرات هذا المكان المميز، أوضحت أننا كشعب بحاجة إلى زيادة الوعي بأهمية التعامل اللطيف مع الحيوانات، وخاصة القطط، مؤكدة أن العنف ضد الحيوانات أمر مرفوض تمامًا.
وقالت حنين في حديث للجزيرة نت إن "مياو زون" هو المكان المثالي لنشر ثقافة تقربنا من عالم القطط وفهمه بشكل أفضل، مضيفة أن الفكرة الرائعة لهذا المكان تكمن في توفير بيئة مريحة تسمح لنا بالتعرف على خفايا عالم القطط وعاداتها بطريقة ممتعة ومثيرة للاهتمام.
المقهى مكان هادئ، يشعر فيه الزوار بالراحة والاسترخاء (الجزيرة)وشددت حنين على أهمية هذا المكان في تعليم الأطفال كيفية التعامل مع القطط بشكل صحيح، وغرس حب الحيوانات في نفوسهم، مما يساهم في نشر رسالة قوية ضد العنف الموجه للقطط، خاصة في الشوارع.
وتختتم حنين حديثها بالقول إن هذا المكان يقدم لمن يرغب في تربية قطة كل المعلومات والنصائح التي يحتاجها حول التغذية والعناية بالقطط بطريقة صحية وسليمة، وبأسلوب بسيط وسهل الفهم.
المكان يقدم لمن يرغب في تربية قطة كل المعلومات والنصائح التي يحتاجها حول التغذية والعناية بالقطط (الجزيرة) مكان لتقريب المسافات بين الإنسان والحيوانمالك مثنى أحد زوار المقهى يصف المكان بأنه مريح ومرتب وهادئ، ويعتبره فكرة رائعة تتيح الفرصة للتقرب من القطط.
يقول مالك في حديثه للجزيرة نت إنه يشعر بسعادة كبيرة وهو يجلس يتناول القهوة والقطط تلعب حوله، مما يجعله يشعر بالألفة والتقارب مع هذه المخلوقات الرقيقة.
وهو يرى أن وجود مدربين متخصصين في المقهى لتدريب القطط والعناية بها أمر مهم للغاية، حيث يعلّم الزوار كيفية التعامل مع القطط بشكل صحيح وكيفية توفير الرعاية المناسبة لها، مشددا على أهمية هذا المكان في توعية الأطفال وتعليمهم كيفية التعامل مع القطط بلطف وحب، مما يساهم في بناء علاقة إيجابية بين الأطفال والحيوانات.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت هذا المکان
إقرأ أيضاً:
سعد الدين حسن .. الكاتب الذي حادثه الوزير على تليفون المقهى
داخل قرية لا يتأتى اسمها على مسمع الكثير من أبناء الوطن ، كان يسكن كاتبنا رحمه الله ، منزلا صغيرا تخيره بعيدا عن العمار متوسطا جسرا يمر على شريط القطار وارضا زراعية على يساره ،مع اختين لم يتزوجا وكأنهما صاحبوا جميعا الوحدة والعزلة ،وكنت أنا الشاهد على هذا اللقاء الذي مر عليه عقدان ونصف من الزمن ، إذ ذهبت قاصدا تلك القرية "شبشير الحصة " محاولا البحث عنه بسبب تغيبه عن حضور جلسات نادي الأدب بقصر ثقافة طنطا .وقد سولت لي نفسي أني بمجرد السؤال عن اسم كاتبنا سيدلني أول شخص ألتقيه،لكن الواقع كان مناقضا لما ظننت وتوهمت ،فلم يكن أحدا من أهل القرية يعرفه أو يسمع عنه ،دلني بعض الأهالي على شخص يعمل في صحيفة ورقية تهتم بحوادث المحافظة ،قالوا أن هذا هو الكاتب الأشهر في بلدتنا ...ولم نسمع عن كاتب اسمه سعد الدين حسن .
كانت نهاية التسعينيات ومطلع الألفية هي الرواج الفعلي للثقافة داخل الأقاليم التي تبعد عن العاصمة ،فكانت نوادي الأدب هي المقصد الأهم لكل من يبحث عن ري لموهبة الكتابة الإبداعية بمختلف مجالاتها ،شعرية أو نثرية ،حيث كانت هذه الفترة هي الأكثر خصوبة للقصة القصيرة وكتابات أجيال جديدة تعبر عن هموم قضايا لم يكن يحملها كتاب الستينيات أو السبعينيات أو الثمانيينيات ،لم تكن أجهزة الجوال قد ظهرت بعد ولم يكن هناك ثمة عوالم افتراضية لنشر الإبداع الشبابي ،فكانت نوافذ الإبداع التي تفتح لمن هم في مثل حالتي هي نوادي الأدب بقصور الثقافة داخل المحافظات في ربوع الوطن .وحيث كان مقعده مبتعدا أيضا عن الجموع التي تستقبل المنصة والصدارة وجالسا في ركن يجاوره شاب قد أتى لأول مرة ،كان يجلس كاتبنا راهب القصة المصرية القصيرة سعد الدين حسن ،متواضع في جلسته ،مقل في حديثه ،يتدافع الجميع للإدلاء بأرائهم بينما هو يظل صامتا لأن تنتهي الندوة ثم يرحل منصرفا في صمت ،وعقب الندوة تجد الجالسين على المنصة يتدافعون لمصافحته فكانت هذه هي النبضة الأولى بداخلي للتساؤل عن هذا الرجل ،من هذا الرجل .....؟ فكان الجواب من الشاعر طارق بركة :"ده الأستاذ الكبير سعد الدين حسن ،وكان صديق نجيب محفوظ ،وتربطه صلة كبيرة بالوزير فاروق حسني " ..وربما لأمر بساطة مظهر الكاتب ظننت أن الشاعر طارق بركة بالغ في الأمر ونسيت أن بعض الظن إثم .
ودفعني تواضع الرجل للتقرب منه لمحاولة فهمه وايجاد اسباب ترفعه وابتعاده عن الوسط ،مقلا لا زال في حديثه يأتي اسبوع ثم يتغيب عدة أشهر ،لأواصل البحث عنه لعلي أرضى شغف فضولي واكتشافه ،ثم كان اللقاء فطلب مني ان نلتقي صبيحة اليوم الثاني بمقهى بسيط في شارع البورصة بمدينة طنطا ..
مقهى بسيط ، يتعاملون مع الكاتب كونه شخصا وافدا من عالم آخر ، اقتربت من منضدته وكانت الساعة لم تقر بالعاشرة بعد من صباح هذا اليوم ،كان بيده كتاب الفتوحات المكية وقد تلصصت على الكتاب من عنوانه الذي كان باديا جليا . سحبت مقعدا وفي يدي عملي الأدبي الذي سيعرض على الكاتب ، وإذ بصاحب المقهي يأتي مسرعا لكاتبنا ويتحدث بلهجة متعثرة :"يا أستاذ تلفون لسعادتك بيوقولوا مكتب وزير الثقافة ..." قام كاتبنا في فتور ، متوجها لموضع الهاتف ليرد ، وإذ بصاحب المقهي يسألني هو مين الأستاذ :"فأجابته انه كاتب كبير زي يوسف ادريس ونجيب محفوظ لكنه متواضع بزيادة "..عاد كاتبنا ،فسألته ،هل الأمور خير :فأجاب مافيش كان فيه ميعاد بس اعتذرت عنه ..فسألته ميعاد مهم ؟...قالي وزير الثقافة فاروق حسني ..فكانت اجابته كفيلة بصمتي .
بضعة أشهر مرت على رحيل الكاتب سعد الدين حسن رحمه الله ،الكاتب الذي دون الوزير فاروق حسني في خانة المهنة لديه "كاتب قصة قصيرة " وكان يعتز ويخلص لهذا الفن الأدبي لم يحد عنه ولم يتخطاه أو يتعداه لكتابة الرواية إلا محاولة واحدة من اصدارات اتحاد الكتاب بل كانت كتابته أشبه بقصاصات متوسطة الحجم تحمل لغة شاعرية ،الامر الذي دفع الأستاذ الدكتور أسامة البحيري رئيس قسم اللغة العربية بآداب طنطا لأن يبادر ويشجع باحثا لعمل أطروحة للماجستير تتولى وتكشف عن ابداع سعد الدين حسن .
الندوة التي أقامها فرع اتحاد الكتاب بالغربية لتأبين سعد الدين حسن ،جمعت رفاقه الذين كانوا بصحبته ،الكاتب محمد حمزة العزوني ،الذي تحدث عن كاتبنا الراحل موضحا أنه كان مكتفيا بوظيفة كاتب القصة القصيرة ، ورغم محاولات الوزير فاروق حسني في توظيفه بأكثر من إصدار ينتمي لوزارة الثقافة ليكفل قوت يومه ، كان سعد رحمه الله يتحجج ولا يستمر إلا شهرين ثم يعتذر ، عائدا إلى بيته غير مخالط لأحد ولا يتحدث مع أحد .
بينما أوضح الشاعر طارق بركة أن سعدا كان مقربا له متداخلا معه في مشكلاته الروحية والحياتية ،فهو الدرويش سعد الدين حسن وهو الزاهد سعد الدين حسن الذي كانت كرامته وكبريائه فوق رأسه ، لدرجة أنه طلب من الشاعر أن يشيع إشاعة أن سعد الدين حسن قد ورث إرثا ماليا كبيرا حتى لا يعرض أحد مساعدة مادية عليه تخدش من كرامته أو تنال من اعتزازه بنفسه ، فلم يكن سعد يتاجر بصدافته لوزير الثقافة السابق بل كان يتأخر عن المنصة ويقدم غيره ، كان متيما بكتابات كبار المتصوفة وربما كان واحدا منهم دون أن نعلم .
وهو بتعبير الناقد صبري قنديل حالة الكاتب الذي يمسك بعين القاريء لا يتركها حتى ينتهي مما يكتب سعد الدين حسن ، فعلي الرغم من صداقته وعلاقته الطيبة بالكاتب الراحل يحيي الطاهر عبد الله إلا أن سعد الدين حسن كان ينتمي لمدرسة القصة التلغرافية وموسيقى الفظ التي تظن لوهلة أنك امام قصيدة نثر لا قصة قصيرة من عذوبة ما يكتب سعد الدين حسن .