قال الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن داء التعصب ومرض العصبية يعدان داءً اجتماعيًا خطيرًا يورث الكراهية، وينبت العداوة، ويمزق العلاقات، ويزرع الضغائن، ويفرق الجماعات، ويهدد الاستقرار، وينشر القطيعة.

مرض كريه

وأوضح “ بن حميد ” خلال خطبة الجمعة الأخيرة من جمادي الآخر من المسجد الحرام بمكة المكرمة،  أنه مرض كريه، يبني جدارًا صلبًا بين المبتلى به وبين الأخرين، ويمنع التفاهم، ويغلق باب الحوار، يعمم في الأحكام، ويزدري المخالف.

وأضاف أن التعصب داء فتاك، وعلة كل بلاء، وجمود في العقل، وانغلاق في الفكر، يعمي عن الحق، ويصد عن الهدى، ويثير النعرات، ويقود إلى الحروب، ويغذي النزاعات، ويطيل أمد الخلاف.

وأشار إلى أن التعصب عنف، وإقصاء، ويدعو إلى كتم الحق وسَتْرِه، لأن صاحبه يرى في الحق حجةً لمخالفه، كما أنه يقلل من فرص التوصل إلى الحلول الصحيحة، وينشر الظلم، وهضمَ الحقوق، ويضعف الأمة، وينشر الفتن والحروب الداخلية.

وأفاد بأن التعصب يكون غلو في الأشخاص، وفي الأسر، وفي المذاهب، وفي القوم، وفي القبيلة، وفي المنطقة، وفي الفكر، وفي الثقافة، وفي الإعلام، وفي الرياضة، وفي كل شأن اجتماعي، مستدلاً بالموقف النبوي الحازم الصارم.

موقف نبوي صارم

واستشهد بما أخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صل الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين - أي ضرب - رجلًا من الأنصار فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجرون: يا للمهاجرين، فقال النبي صل الله عليه وسلم: ما بالُ دعوى الجاهلية ؟! ثم قال: دعوها فإنها منتنة.

ونبه إلى أن أن التعامل بالرفق مع الحبيب يستديم المودة، و مع الغريب يجلب المحبة، ومع العدو يكف الشر، ومع الغضوب يطفئ الجمر، فيما أن المتعصب ينسُب نقائصه وعيوبه إلى غيره.

وبين أن المتعصب يعرف الحق بالرجال، ولا يعرف الرجال بالحق، المتعصب لا يود أن يكون الحق مع الطرف الآخر، فهو أسير أفكاره ورؤيته الضيقة، همه المراء، والترفع على الأقران، و المتعصب يعتقد أنه على الحق بحجة وبغير حجة.

وتابع: ومن خالفه فهو على الباطل بحجة وبغير حجة، والمتعصب لا يرى إلا ما يريد أن يراه ، فمن صفات المتعصب التشدد في الرأي، والجمود في الفكر، والميل إلى العنف ضد المخالف، حيث إن المتعصب يميز الناس ويقيِّمهم حسب انتماءاتهم الدينية.

وأردف :  والقبلية، والمناطقية، والمذهبية، والطائفية، والسياسية، و المرء لا يولد متعصبًا ، وإنما يكتسب التعصب من أسرته، ومن أقرانه، ومن مدرسته، ومن الوسط المحيط به، منوهًا بأنه من أجل علاج التعصب فلا بد من تقرير المساواة بين الناس.

وواصل: ، ونشر ثقافة الحوار، والتعايش، وقبول الآخر، والمحبة، والاعتذار، وبذل المعروف لمن عرفت ومن لمن تعرف، لأنه يقي من التعصب - بإذن الله - الاعتقاد الجازم، واليقين الصادق، أنه لا عصمة لغير كتاب الله، ولا لبشر غير رسول الله صل الله عليه وسلم، والنظر إلى العلماء والشيوخ على أنهم أدلاء على الحق، مبلغون عن الله بحسب اجتهادهم وطاقتهم غير معصومين، ولا مبرأين من الأخطاء والأغلاط ، وكذلك القوة والعزيمة في نبذ العادات والأعراف الخاطئة ، والتقاليد المجافية للحق والعدل.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام المزيد

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد النبوي: الفرحة بالعيد من شعائر الدين فانشروا السعادة والبهجة

قال خطيب المسجد النبوي الشريف، إن الفرح بالعيد شريعة من شعائر الدين، وشعار يتميز به كل المسلمين، يودعون فيه موسم قد كللوه بحلل الطاعات، وألوان العبادات ، وجميع الدعوات (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) و(لِلصَّائمِ فَرحتانِ: فَرحةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحةٌ يَومَ القيامةِ).
وأضاف في خطبة عيد الفطر المبارك: شرع الله للمسلمين عيدين كل عام، عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد أتى كل منهما بعد ركن من أركان الإسلام، فعيد الفطر بعد صيام رمضان، وعيد الأضحى يأتي بعد حج بيت الله الحرام، فأسعد الله صباحكم بالعيد، وأكرمكم بالحسنى، وأعاده عليكم بالفرح والحبور.انشروا معالم الأفراحوأضاف خطيب المسجد النبوي: أشرف عليكم عيد الفطر بنسماته، وشُرع لكم أن تفرحوا فيه بجوده وهباته، فانشروا معالم الأفراح والسعادة والبهجة، جددوا روح الأخوة والصلة والود والحب والبر، خذوا زينتكم، والبسوا لعيدكم الجديد واشكروا الله العزيز الحميد.
أخبار متعلقة 12 خدمة لتسهيل تفرغ المعتكفين لأداء العبادات في المسجد النبويالمسجد النبوي.. 10 مآذن تمثل معلمًا إسلاميًا وإرثًا تاريخيًاأجواء روحانية.. جموع المصلين يشهدون ختم القرآن في المسجد النبوياحمدوا الله على تمام عدة شهركم، وأداء زكاة فطركم، والزموا طاعة ربكم، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، وإياكم والانتكاس، وإياكم أن تزل قدم بعد ثبوتها، فاسألوا الله الثبات حتى الممات، واسألوا مقلب القلوب أن يثبت قلوبكم على دينه، واسألوا مصرف القلوب أن يصرف قلوبكم إلى طاعته، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، قالَ: "قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } صلاة عيد الفكر المبارك في المسجد النبوي الشريف - اليوم
فطوبى لمن كان من عتقاء رمضان، طوبى للفائزين المقبولين فيه، طوبى لمن رضي عنه ربه وغُفر ذنبه وطهر قلبه، فتغير واستقام حالة، وصلح بال، قد زال التعب وثبت الأجر، فبشراكم أيها الصائمون القائمون، (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) و(مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
فأحسنوا الظن بالله وأبشروا، فإن الله عليم بكم، رحيم بحالكم، لن يضيع أعمالكم، ولم يخيب آمالكم.يوم عفو وصفحوأضاف خطيب المسجد النبوي: أيها الناس، اتقوا الله، فاليوم يوم عفو وصفح وبر وعطاء، لا مجال فيه للشحناء والقطيعة والبغضاء، اليوم يوم عفو وتجاوز وعطف، وتسامح ولطف، فأصلحوا ذات بينكم، فالله الله في المودة والصفاء والمحبة وصلة الرحم وزيارة الأقرباء، ومواساة المساكين والفقراء، والعطف واللطف بالضعفاء.
والرحمة الرحمة عباد الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وإنما يرحم الرحماء، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، واصفحوا عمن زل وأخطأ، واعفوا عمن ظلم وأساء، (وَسَارِعُوٓا۟ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ)

مقالات مشابهة

  • خطيب المسجد النبوي: أشرق عيد الفطر بنوره فانشروا الفرح والبسوا الجديد واشكروا الله
  • خطيب المسجد النبوي: عيد الفطر والأضحى هبة إلهية جاء كلا منهما بعد ركن من أركان الإسلام
  • لا تكونوا كالتي نقضت غزلها.. خطيب المسجد النبوي يحذر من 3 أفعال بعد رمضان
  • خطيب المسجد النبوي يحذر المسلمين من الانتكاس بعد الطاعة والحور بعد الكور
  • خطيب المسجد الحرام: أنعم الله على بلاد الحرمين الشريفين بالأمن والعقيدة أصلها ثابت وفرعها في السماء
  • خطيب المسجد النبوي: عيد الفطر فرحة صيام وعبادة ودعوة للاستقامة
  • أتى كل منهما بعد ركن .. خطيب المسجد النبوي: شرع الله لكم عيدين كل عام
  • خطيب المسجد الحرام: بددوا غيمة الأحزان فالفرح بالعيد سُنة المسلمين
  • خطيب المسجد النبوي: الفرحة بالعيد من شعائر الدين فانشروا السعادة والبهجة
  • خطيب المسجد النبوي: الفرحة بالعيد شريعة من شعائر الدين