السوريون يشاركون في جمعة الحداد ويطالبون بمحاسبة نظام الأسد
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
شهدت مدن عدة في سوريا وقفات في "جمعة الحداد"، للترحم على ضحايا نظام المخلوع بشار الأسد، فيما أعلنت وزارة الداخلية بدء استقبال طلبات المنشقين الراغبين في العودة للعمل بالوزارة.
وخرجت مظاهرة في العاصمة السورية، دمشق، اليوم الجمعة، حيث تجمع المتظاهرون في ساحة الأمويين تحت عنوان "جمعة الحداد" على أرواح ضحايا النظام المخلوع خلال السنوات الماضية.
وشهد حي المزة – الشيخ سعد في دمشق تجمعا للأهالي تكريما للضحايا الذين قتلهم النظام المخلوع في الحي.
وأقام الحاضرون صلاة الغائب على ضحايا النظام السابق ووضعوا لافتات سجلت عليها أسماء الضحايا، كما رددوا هتافات داعمة للإدارة السورية الجديدة.
كما شهدت مدن سورية مظاهرات مماثلة، حدادا على ضحايا النظام المخلوع.
وخرجت مظاهرة في ساحة الساعة وسط مدينة حمص للتعبير عن دعم الأهالي لجهود إدارة العمليات العسكرية في توطيد الأمن بالمحافظة، وذلك في الجمعة الثالثة من سقوط نظام الأسد.
وشدد المتظاهرون على ضرورة محاسبة من وصفوهم بالمجرمين التابعين لنظام المخلوع بشار الأسد.
وفي درعا جنوب البلاد شارك الآلاف من أهالي المدينة في مهرجان أطلقوا عليه "مهرجان النصر" احتفاء بسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
إعلانوردد المحتفلون في "ساحة 18 آذار" هتافات تدعم حكومة تصريف الأعمال وتنبذ الطائفية، وطالبوا بمحاسبة رموز النظام السابق.
وعد بتحقيق العدالةوفي السياق نفسه، نظمت نقابة الأطباء وقفة أمام مبنى النقابة بحمص تخليدا لذكرى الشهداء وللمطالبة بمحاسبة رموز النظام السابق.
وتفيد تقارير دولية بأن آلاف المعتقلين قتلوا بشكل منظّم وسرّي داخل السجن، حيث نفذ النظام المخلوع إعدامات جماعية دون محاكمات بين عامي 2011 و2015، بمعدل إعدام 50 شخصا في الأسبوع.
من جهته، توعّد وزير الخارجية بالإدارة السورية أسعد الشيباني، اليوم الجمعة، بتقديم المتورطين بتعذيب آلاف السوريين خلال حكم النظام المخلوع إلى العدالة.
وجاء ذلك في منشور على منصة إكس، بعد إقامته صلاة الغائب مع آلاف السوريين على ضحايا التعذيب في "مسالخ الأسد".
شاركت اليوم صلاة الغائب على آلاف الشهداء الذين استشهدوا تحت التعذيب في مسالخ نظام الأسد البائد، عزاؤنا لذويهم ونعدهم بأننا لن نتوانى عن تقديم من تورط بذلك للعدالة.
— أسعد حسن الشيباني (@Asaad_Shaibani) December 27, 2024
وقال الشيباني "شاركت اليوم (الجمعة) صلاة الغائب على آلاف الشهداء الذين استشهدوا تحت التعذيب في مسالخ نظام الأسد البائد".
وأضاف "عزاؤنا لذويهم، ونعدهم بأننا لن نتوانى عن تقديم من تورط بذلك للعدالة".
من جهة أخرى، قالت وزارة الداخلية السورية إنها بدأت باستقبال طلبات المنشقين عن النظام المخلوع بين عامي 2011 و2021، الراغبين في العودة للعمل بالوزارة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات النظام المخلوع نظام المخلوع صلاة الغائب نظام الأسد على ضحایا
إقرأ أيضاً:
يمنيون معتقلون في سجون الأسد: حقائق مفقودة خلف جدران الظلام
في الثاني والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الفائت، أعلنت وسائل إعلام يمنية وعربية أن مواطنين سوريين عثروا على شخص يدعى حسن محمد الوهيب، وهو طالب يمني يُعتقد أنه معتقل في سجون نظام الأسد في سوريا منذ 12 عامًا.
حينها، وصل الخبر إلى عائلته التي تعيش في مدينة إب وسط اليمن، ولم تتمالك زوجته وأولاده الفرحة، ليتم إبلاغ السفارة اليمنية في الأردن بالخبر لمتابعة إجراءات ترحيله إلى اليمن. لكن سرعان ما تبددت الفرحة، بعدما أكدت امرأة من مدينة درعا السورية أن الشاب الذي ظهرت صورته في وسائل التواصل الاجتماعي هو نجلها المختطف في سجن صيدنايا العسكري، وهو شاب سوري لا صلة له باليمن.
في حديثه لـ “نون بوست”، يقول صالح الوهيب، شقيق الشاب المختطف حسن الوهيب، إنه على الرغم من حزنه الشديد هو وعائلته لعدم اكتمال فرحتهم بظهور شقيقه، إلا أنهم لم ييأسوا ولم يفقدوا الأمل، وما زالوا متفائلين بأنه سيأتي يوم ويسمعون فيه خبرًا مشابهًا، خصوصًا مع ورود أنباء بين فترة وأخرى بخروج معتقلين من السجون التي كان يديرها نظام الأسد في سوريا أو معرفة مصيرهم على الأقل إن كانوا على قيد الحياة أو قد توفوا.
نقطة الصفر
قصة اختطاف الوهيب تعود إلى مطلع سبتمبر/أيلول 2014، حيث كان هو وأربعة طلاب يمنيين: “علي حسن سلامة، وهاني نزال، ومحمد عبده المليكي، وأحمد علي ردمان”، على وشك التخرج من تخصص العلوم والاتصالات من أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية في حلب، مبتعثين من الحكومة اليمنية آنذاك.
بحسب مصادر متطابقة تحدثت مع “نون بوست”، فإن طريقة اختطاف الطلاب اليمنيين الخمسة كانت مشابهة رغم تفرقهم. فالطالب حسن الوهيب تم اختطافه وهو في طريقه إلى مطار حلب، حيث اعترضته مجموعة مسلحة وقامت باختطافه.
حينها، بثت وسائل إعلام فيديو يظهر الطلاب المختطفين، الذين هم في الأساس يعملون ضباطًا في وزارة الدفاع اليمنية. يقول صالح الوهيب: “بالفعل شاهدنا الفيديو الذي ظهر فيه أخي حسن ورفاقه من الطلاب اليمنيين، لكننا لم نعرف ماذا يريد الخاطفون منهم، وكيف يمكننا المساهمة في مطالبتهم بإطلاق سراحهم”.
نظم أهالي المعتقلين عددًا من الوقفات الاحتجاجية، أبرزها كانت أمام منزل الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي في صنعاء. وتحرك ملف هؤلاء ليصل إلى وزارة الخارجية اليمنية، التي تابعت الملف بالتعاون مع منظمة “هود” المحلية المعنية بحقوق الإنسان، والصليب الأحمر، ووسطاء داخل اليمن وخارجه، بهدف إطلاق سراح أولئك الطلاب، ولكن دون جدوى.
وحينما اندلعت الحرب في اليمن، أصبح ملف أولئك الطلاب طي النسيان، قبل أن يعود إلى الواجهة حينما سقط نظام حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الفائت.
في حديثه لـ “نون بوست”، يرى المحامي عبدالرحمن برمان، رئيس المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، أنه كلما ظُنّ أن قضية الطلاب اليمنيين المختطفين في سوريا قد وصلت إلى النهاية، تعود إلى نقطة الصفر للأسف.
يقول برمان: “على سبيل المثال، تواصلنا مع عائلة المختطف الوهيب وأرسلنا لهم فيديو يظهر صورته، وأكدت عائلته أنه هو، وسعدنا لذلك، وبكى عدد من أفراد العائلة، لكن بعد أن تم إبلاغنا من قبل حقوقيين سوريين أنه شخص سوري وليس يمني، انصدمنا”.
وأضاف برمان: “لا يزال حتى الآن مصير الطلاب اليمنيين المبتعثين إلى سوريا مجهولًا، حتى الجهة التي خطفتهم ما زالت مجهولة. صحيح أنه تم الإعلان في الفيديو المتداول عام 2012 بأن جبهة النصرة هي التي اعتقلتهم، ولكن جبهة النصرة لم تعلن بشكل رسمي مسؤوليتها عن ذلك. وأنا سافرت إلى سوريا عام 2012، وتحريت وقابلت شخصيات قبلية في سوريا من أجل التوسط في صفقة للعثور عليهم والإفراج عنهم لدواعٍ إنسانية، ولكن تلك الجهود لم تؤتِ ثمارها للأسف”.
فقدان الأمل
رياض أحمد العميسي، طالب يمني آخر، تم اختطافه خلال التحاقه بالدراسات العليا في الطب البشري في سوريا بعد اندلاع الثورة من قبل نظام الأسد أثناء علاجه للمصابين في مشفى الهلال بمدينة دمشق، من قبل فرع المخابرات الجوية، بحسب تأكيد أحد المقربين من العميسي خلال حديثه مع “نون بوست”.
في فبراير/شباط عام 2013، اجتمع عدد من المواطنين اليمنيين في تظاهرة في العاصمة اليمنية صنعاء، طالبوا نظام الأسد بسرعة الإفراج عن الطالب اليمني رياض العميسي.
حينها، وعد القائم بأعمال السفير السوري في اليمن، سليمان عادل، المتضامنين مع العميسي بالإفراج عنه خلال أيام. ونفى السفير حينها وجود حكم بالإعدام ضده، لكن قبيلة العميسي هددت بمحاصرة السفارة السورية في صنعاء إن لم يستجب السفير السوري لمطالبها. ولم تنتهِ المظاهرة إلا بعد تدخل قوات الأمن اليمنية في ذلك الوقت.
بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2012، تداولت وسائل إعلام يمنية وعربية خبرًا مفاده أن “العميسي تم تحريره من أحد سجون النظام الأسدي من قبل الإدارة السورية الجديدة، وأن رياض خرج من سجن الأسد فاقدًا للذاكرة، ويُجرى حاليًا التواصل مع عائلته في محافظة حجة شمالي اليمن، بينما يعمل شباب يمنيون على الوصول إليه في الأراضي السورية”.
لكن تحريات “نون بوست” أكدت أن ذلك الشاب الذي ظهر في فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن العميسي.
وقال محمد العميسي، أحد أقارب رياض: “من في الصورة المتداولة ليس قريبنا”، مضيفًا في حديثه لـ “نون بوست”: “ما نزال نبحث عبر ناشطين سوريين عن قريبنا رياض، ولم نفقد الأمل”.
وكانت السلطات الأردنية قد نقلت الشخص الشبيه بالعميسي إلى الأردن وأجرت له فحص DNA، وتبين أنه ليس المواطن الأردني المفقود الذي كانت السلطات تبحث عنه.
فيما تناقلت وسائل إعلام أردنية وعربية تصريحًا صحفيًا لنضال البطاينة، وهو وزير أردني سابق رافق المعتقل الذي يشبه العميسي بعد وصوله الأردن، أشار فيه إلى أن السلطات الأردنية تلقت اتصالات ومراسلات من مواطني عدد من الدول العربية “يدّعون أو يعتقدون أن ذات الشخص الشبيه بالعميسي ابنهم”.
وأضاف: “إن المفرج عنه سيحظى بالرعاية الصحية في الأردن، ولن يُسلم لأي عائلة قبل إجراءات مطابقة الجينات الوراثية”.
يرى الصحفي السوري مصعب الياسين أن مصير الكثير من المعتقلين لدى سجون الأسد ما يزال يكتنفه الغموض، وأنه لم يخرج من السجون الأمنية سوى أعداد قليلة.
ويقول الياسين لـ “نون بوست”: “للأسف، مضت أيام طويلة على فتح السجون، وإذا كان هناك معتقل خرج ولم يُعرف طريقه، لابد بعد هذه الأيام أن يتم النشر عنه”.
الصحفي الياسين، الذي أجرى عددًا من المقابلات مع معتقلين سابقين، يعتبر من وجهة نظره أن كل معتقل لم يتم العثور عليه فهو في عداد الشهداء، لأن المقابر الجماعية في سوريا كبيرة، ولم يتم فتحها نظرًا لعدم وجود تقنيات وخبراء هناك. فبعض المقابر تشير إلى أنها تحوي 200 ألف شخص.
وأشار إلى أنه حصل على ثلاث شهادات متطابقة من سجن صيدنايا تؤكد أن كل أسبوعين يتم إعدام 35 شخصًا.
ختامًا، تبقى قضية المعتقلين اليمنيين في سجون نظام الأسد واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وألمًا بالنسبة للكثير من العائلات التي فقدت أبناءها في ظل الظروف القاسية والظلام الذي يحيط بمصيرهم.