قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق إن الحمد لله، والشكر له، ليسا مجرد كلمات تتردد على الألسن، بل هي منهج حياة شامل يربط بين القول والعمل، ويمتد ليصبح عادة ومنهجًا يعيش في الإنسان ويعيش به. هذه الفلسفة، التي أرشدنا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، تجمع بين الإيمان العميق بالله والعمل المستمر بالشكر له في السراء والضراء.

البداية: المعرفة والفهم

وجاء ذلك خلال خطبة جمعة سابقة لفضيلة المفتي أعاد نشرها اليوم في الجمعة الاخيرة لسنة  2024 عبر صفحنه الرسمية على موقع الفيسبوك موضحًا أن الحمد يبدأ بالمعرفة؛ أن تدرك قيمة النعم المحيطة بك، من الصحة، والرزق، والأسرة، والطبيعة من حولك. هذا الفهم العميق يقودك إلى الاعتراف بفضل الله وإحسانه. يقول الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾، إشارة واضحة إلى أهمية الذكر والشكر كأساس للتواصل مع الله.

الخطوة التالية: العمل

وأضاف جمعة أنه لا يقتصر الحمد على الشعور الداخلي، بل يتجلى في العمل. يقول الله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا...﴾، مؤكدًا أن الحمد يصبح فعلًا عمليًا حينما يتحول إلى تسبيح وتعظيم لله.

الاستمرارية: عادة لا تنقطع

وأشار جمعة إلى أن الحمد لكي يصبح عادة، فرض الله علينا تكراره في كل صلاة؛ حيث نقرأ في فاتحة الكتاب: ﴿الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. هذا التكرار اليومي يرسخ مفهوم الحمد كجزء لا يتجزأ من حياة المسلم، ليتحول إلى ممارسة دائمة.

منهج حياة: العيش في دائرة الحمد

وأكد جمعة أن الحمد لا يقتصر على اللحظات السعيدة فقط؛ فقد أرشدنا النبي ﷺ إلى حمد الله في كل حال. ففي السراء، يكون الحمد اعترافًا بفضل الله، وفي الضراء، يكون تسليمًا لقضائه. يقول النبي ﷺ: «الحمد لله على كل حال»، ليعلمنا الثبات في الشكر حتى في أصعب المواقف.

الحمد في المحن: بيت الحمد

واستشهدا جمعة بما روي عن النبي ﷺ أن الله سبحانه وتعالى يكرم عباده الحامدين حتى في أشد مصائبهم، مثل فقدان الولد. ففي الحديث الذي رواه الترمذي، إذا قال العبد: "الحمد لله" عند فقده ولده، يأمر الله ببناء بيت له في الجنة يُسمى "بيت الحمد".

دعوة إلى التأمل

واختتم جمعة خطبته أنه من المعرفة إلى العمل، ومن العادة إلى المنهج، يظل الحمد منهجًا جامعًا لحياة مليئة بالرضا والسكينة. دعونا نعيش هذا المنهج بكل تفاصيله، مستحضرين معاني الشكر في أقوالنا وأفعالنا، ليكون الحمد حياةً نعيشها ويعيش فينا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحمد الحمد لله بيت الحمد أن الحمد

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: كثير من الناس حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بعنفهم ينكرونها

قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف بشأن الرحمة التى وصف  الله سبحانه وتعالى وصف بها نبيَّه، انها عجيبة.

واستشهد بقوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، فالنبي صلى الله عليه وسلم انزل رحمة ليس للمسلمين فقط، ولا للسابقين دون اللاحقين، ولكن للعالَمين.

حقيقة الدين الإسلامي

واشار الى ان هذا الكلام يجعلنا نفهم حقيقة الدين، وأن حقيقة الدين ما دامت الرسالة قد بدأت بالرحمة، وأصرت عليها، وجعلتها البداية والنهاية، ووصفت مُبلِّغ هذه الرسالة بها، فهي إذن حقيقة الدين. يقول رسول الله ﷺ: «إنما أنا رحمةٌ مُهداةٌ»، أي: إن الله أهدى هذه الرحمة للبشرية.

إذن، لا بدّ أن نضع على أعيننا نظارةً مكوَّنةً من عدستين: الرحمن الرحيم. فما الذي نفعله بهذه النظارة؟ أول شيء، وقد افتقده كثير من الناس، هو قراءة النصوص. فعندما أقرأ النصوص، لا بد أن أقرؤها بنظارة "الرحمن الرحيم"، لا بنظارة "المنتقم الجبار"، ولا بنظارة "المتكبر الشديد".

ونوه انه يمكن لأي نص، وفي أي لغة، أن يُفهم بوجوهٍ مختلفة: في اللغة حقيقة ومجاز، في اللغة مشترك، في اللغة ترادف، وفي اللغة أساليب كالتقديم والتأخير، والحذف والإضافة، وهكذا. فإذا ما قرأنا، أمكن أن نؤوِّل النص؛ فهل نُؤوِّله في اتجاه الرحمة، أم نُؤوِّله في اتجاه مشرب التشدد والعنف؟

هذه مشكلة كبيرة نراها اليوم قد تغلغلت في مجتمعاتنا، بل في العالم كله، وأصبح هناك ما يحلو للبعض أن يسميهم المتطرفين، وكثير في الغرب يسمِّيهم اليمين المتطرف، لكنه في الحقيقة مشربٌ واحد، وهو أنه نزع نظارة الرحمة في قراءته لكل شيء، وأول هذا الشيء هو النص الذي يُقدِّسه ويُكرمه، ويريد أن يجعله مرجعًا له.

علي جمعة: 95% من العلماء الكبار اتفقوا مع منهج الإمام الأشعريعلي جمعة: الإمام الأشعري كان رائدا في فهم النصوص الشرعية وربطها بالواقععلي جمعة: من أراد النجاح فليطلبه بالله.. والتوكل عليه سر الطمأنينة وتحقيق المقاصدعلي جمعة: الإيمان بنور الله وكتابه يخرج الإنسان من ظلمات الدنيا ويهديه إلى سبل السلام

واستطرد قائلا: فنحن ندعو الناس أجمعين إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص؛ فالنصوص قابلة للفهم، وإذا ما سلكنا بها مسلك الرحمة، لا نجد بينها وبين نصوصٍ أخرى أيَّ تعارُض، ولا بينها وبين الواقع، ولا بينها وبين المصالح، ولا بينها وبين الفطرة. في حين أننا إذا سلكنا بها مسلك التشدد ومشرب العنف، فإننا نجدها سريعًا ما تصطدم بالواقع، وبالمصالح، بمصالحي الشخصية ومصالح الآخرين.

والنبي ﷺ يقول في هذا: «لا ضررَ ولا ضِرارَ»؛ أي: لا تضرَّ نفسك ولا تضرَّ غيرك. بل تصطدم هذه القراءة المتشددة بالمآل؛ فلكل شيء مستقبلٌ، وقد تصطدم معه. وتصطدم بسُنن الله؛ {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}. وتصطدم مع فطرة الإنسان، واستقرار الناس.

وذكر انه من العجب العُجاب أن كثيرًا من الناس، حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بتشددهم وعنفهم، فإنهم يُنكِرون النصوص، وكأنها هي السبب في البلاء! والحقيقة أن النصوص بريئة؛ لأنه يمكن أن تُقرأ بالرحمة. وإذا لم تُقرأ بالرحمة، فإن المعيب هو القارئ، لا المقروء.

وحين يُصرّ البعض على أن المقروء هو الخطأ، فإنهم يُعطون مبررًا زائدًا للمتطرفين أن يتطرفوا، وللمتشددين أن يتشددوا. في حين أننا لو أحسنّا علاجهم بدعوتهم إلى ارتداء نظارة الرحمة التي يرونها بأعينهم ويتغافلون عنها في البداية، وفي النهاية، وفي الوسط، وفي الصفة، وفي كل شيء، فإننا قد نصل إلى قلوبهم.

ويكون تعاملنا معهم أيضًا بالرحمة، رغم أنهم أعلنوا عدم الرحمة. نحن نريد الرحمة حتى لأولئك الذين لم يريدوا لأنفسهم، ولا للناس، الرحمة.

مقالات مشابهة

  • سلاح حزب الله إلى دائرة الضوء
  • هل تُقبل الصدقة من مال مصدره حرام؟.. الإفتاء توضح الفرق بين التصدّق وتبرئة الذمّة
  • هل النبي محمد ولد في 22 أبريل؟.. اعرف القول الراجح عند العلماء
  • محمود مهنا: دعوة الرئيس السيسي لتحويل المساجد لمراكز علمية تجسد سنة النبي محمد
  • كيف يفتح الاستغفار والصلاة على النبي أبواب البركة والرزق؟.. الإفتاء توضح
  • دعاء البركة في المال والرزق.. ردده الآن
  • كيف تحصن نفسك قبل النوم كما فعل النبي؟.. آيات وأذكار تحميك من الأذى
  • علي جمعة: كثير من الناس حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بعنفهم ينكرونها
  • مساجد الجمهورية تصدح بالصلاة على سيدنا النبي احتفاءً وتجديدًا للمحبة والولاء
  • علي جمعة: من أراد النجاح فليطلبه بالله.. والتوكل عليه سر الطمأنينة وتحقيق المقاصد