الثقافة وتعزيز الوعي بالاستدامة
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
لاشك في أهمية الثقافة ضمن أساسيات الحياة، وأبجديات سلوك الفرد وتمثّله لنفسه والعالم، وكعنصر مؤسس للهوية الفردية والاجتماعية. ولهذا كان من أولويات جهود اليونسكو إدراج الثقافة ضمن جدول أعمالها الدولي للتنمية المستدامة، وذلك في سياق أهداف التنمية التي اعتمدتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2015.
رسالة توعوية
وفي هذا السياق قال الدكتور سيف راشد الجابري، رئيس اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب: إن الحديث عن مفهوم الثقافة حديث متصل بالتجديد لأن أوجه الثقافة مرنة ومتعددة بين الثوابت والمتغيرات، ونحن في زمن العولمة والتطور المادي والمعنوي، وخاصة أن الشبكة العنكبوتية أوجدت ثقافات مختلفة، هذا فضلاً عن سهولة انتقال البشر اليوم عبر العالم مما يزيد من سرعة تبادل مختلف صور الثقافة والمعرفة بين الناس في مختلف قارات العالم. ولذلك فإن للثقافة اليوم الكثير مما تستطيع تقديمه خدمة للاستدامة، بما في ذلك استدامة العمل الثقافي نفسه. وتابع الجابري: إن للثقافة رسالة توعوية، وهي وعاء عميق تجتمع فيه كافة أطياف المجتمع البشري بكل معتقداتهم وأعراقهم، وهي قادرة على تعظيم مختلف أوجه الالتقاء بين الناس، وجمعهم على مصالح مشتركة، وهي الخيار الأمثل في بناء المجتمع وسعادته وتلاقيه مع مختلف الشعوب. ونحن في الإمارات دولة التميز والإبداع الساعية إلى نشر قيم الثقافة والحوار الهادف والبناء والتسامح الفكري وقيم الحكمة، نعمل بمقتضى كل ذلك من خلال المشاركة الفاعلة وترسيخ ثقافة قبول الآخر والشراكة معه في كل ما من شأنه تحقيق التطلعات الإنسانية الجامعة.
وبدورها قالت الدكتورة فاطمة المعمري: تعدّ الاستدامة أحد أهم التحديات التي تواجهها البشرية في القرن الحادي والعشرين، وتشمل في إطارها الخارجي المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة وضمان تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية، لافتة إلى أن الثقافة من أهم العناصر التي يمكن أن تعزز الاستدامة، فعلى رغم أن البحث عن حلول تكنولوجية واقتصادية لتحقيق الاستدامة أمر ضروري، إلا أن الثقافة تلعب أيضاً دوراً أساسياً في تحقيق هذا الهدف، وذلك لأن أول ما يؤثر في وعي المجتمعات وفكرها هو الإنتاج الثقافي الإبداعي، ومن ثمّ فقد كان للثقافة دائماً دور محوري في توعية الجمهور وتغيير السلوك نحو اتخاذ قرارات أكثر استدامة.
وقالت المعمري: القصص والفنون والتراث يمكنها أن تغرس قيم التنوع الثقافي والاجتماعي مما يساهم في تعزيز التعايش والتفاهم البيئي والإنساني بين مجتمعات مختلفة. ومن خلال الاستراتيجيات الثقافية يمكننا أن نعمل على تطوير المفاهيم الاستدامية عن طريق الفن والأدب والفلسفة. وهذه المفاهيم يمكن أن تلهم حلاً جديداً لبعض التحديات البيئية والاقتصادية، وكذلك الحفاظ على الممتلكات الثقافية والتراثية.
مواكبة الاستدامة
من جانبها قالت الكاتبة نورة عبدالله الطنيجي: أصبحت الثقافة الآن تلعب دوراً مؤثراً في مواجهة مختلف تحديات العالم المُعاصر. فمشترك القيم والمعرفة هو النواة الحقيقية لثقافة الشعوب من مختلف البقاع والأوطان والأزمان، وعليه تندرج التنمية المعرفية والإدراك الثقافي في مواكبة الاستدامة وتحدياتها الآنية في ظل النهضة المعرفية الثقافية، وخصوصاً في الإمارات حيث نحقق أهداف الاستدامة وضمن منهجية الرؤى الحالية والمستقبلية. ويبرز هنا دور مَن يمكن أن نُطلق عليهم الجيل الواعد المُتعمّق في حُب الاستطلاع الاستشرافي لبعض التخصصات وموارد المعرفة مثل علم الفضاء، والتكنولوجيا الحديثة، والعالم الرقمي والأتمتة، وعالم الذكاء الاصطناعي وهو جيل ذو دور وحضور في مختلف مجالات المعرفة والثقافة المتجددة.
ومن هذا المنطلق، ينتظر العمل الثقافي دور محوري في كل ما يخدم المجتمع في مواكبة التنمية المستدامة وصناعة المستقبل، والإسهام في بناء إبداعات تعتمد على الأفكار المعنية بالاستدامة وخلق ثروة إبداعية ثقافية تتمحور حول الكتابة وبث الفنون المرئية عن التنمية المستدامة أو أساسيات الاستدامة وأهميتها في مختلف الميادين ولكل فئات المجتمع. ويبقى مجال الثقافة واسعاً ويمكن أن يشمل، في هذا المقام، العديد من المعاني والمرادفات المختلفة والمتنوعة سواء «ثقافة الاستدامة» أو «ثقافة التنمية المستدامة» أو «ثقافة جيل الطفرة التكنولوجية»، ولكن تبقى الثقافة في كل الأحوال أساس الوعي والاستلهام للوصول إلى التمكين الفكري للعلوم والمعارف والمهارات؛ ولذا فإن للثقافة دوراً منتظراً في كل هذا وفي مقدمته «الاستدامة».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الثقافة الاستدامة التنمیة المستدامة
إقرأ أيضاً:
غدًا.. غلق باب التقدم لـ "جائزة اليونسكو – اليابان للتعليم من أجل التنمية المستدامة
تُعلن اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة عن غلق باب التقدم لـ "جائزة اليونسكو – اليابان للتعليم من أجل التنمية المستدامة" لعام 2025، غدًا الجمعة الموافق 18 أبريل 2025.
تُمنح الجائزة، الممولة من حكومة اليابان، مرة واحدة كل عامين، وتتألف من ثلاث جوائز، تبلغ قيمة كل منها 50،000 دولار أمريكي، وتُكرّم المبادرات التعليمية التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وصرّح الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، بأن الجائزة تُجسد أهمية الاستثمار في التعليم كأداة فاعلة لتحقيق التنمية المستدامة، مشددًا على حرص الدولة المصرية على دعم المبادرات التعليمية المتميزة وتعزيز حضورها إقليميًّا ودوليًّا.
وأوضح د. أيمن فريد، مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، ورئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات، أن الجائزة تُمثل فرصة مهمة لإبراز التجارب التعليمية المصرية الرائدة على الساحة الدولية.
وأكدت الدكتورة هالة عبدالجواد، مساعد الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون اليونسكو، أن الجائزة تُشجع على التعليم التحويلي الذي يعالج أبعاد التنمية المستدامة بطريقة متكاملة، ويُقدم حلولًا مبتكرة قابلة للتكرار والتوسع.
للتعرف على تفاصيل الجائزة وآلية التقديم، يُرجى زيارة الرابط التالي:
https://www.unesco.org/en/prizes/education-sustainable-development
ويُرجى إرسال نسخة كاملة من المشروع المُقدم إلى اللجنة الوطنية المصرية عبر البريد الإلكتروني:
[email protected]
[email protected]