لماذا سيحافظ ترامب على السياسة البايدينية تجاه روسيا؟
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
قال الفيلسوف والعالم السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما، في مقابلة مع صحيفة "لو بوان" الفرنسية، "إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيحلّ النزاع في أوكرانيا على حساب كييف".
وأشار فوكوياما إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب لا يحترم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، كما أنه لا يهتم بأوكرانيا. وفي وقت سابق، شدّد ترامب خلال تصريحات صحفية بأن على زيلينسكي الاستعداد للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا، مضيفًا أنه ما كان يجب السماح لكييف بضرب العمق الروسي، بصواريخ أميركية بعيدة المدى، كما أكد أنه قرار سيئ "يجب إعادة النظر فيه".
أخطأ فوكوياما قبل أكثر من عشرين عامًا عندما أخذته نشوة سقوط الاتحاد السوفياتي، ليصدر كتابًا بعنوان "نهاية التاريخ وانتصار الرجل الأخير"، الذي حاكى فيه مستقبل الشعوب ما بعد الشيوعية واعتبر فيه أنّ العالم مقبل على نصر نهائي للرجل الليبرالي.
لكن مع الصعود الصيني والروسي على وقع دعوة الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، لبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، تبدّلت أفكار فوكوياما، وأصبحت قراءته أكثر منطقية وواقعية.
لهذا أقدم الرجل على وضع كتاب آخر في عام 2015 تحت عنوان "الإسلام والحداثة والربيع العربي"، إذ أبدى من خلاله تراجعه عن أفكاره المتطرفة، منتقدًا بعض السياسات الأميركية في تعاطيها مع القضايا العالمية والعربية، فهل أخطأ فوكوياما بقراءته حول مصير الحرب الأوكرانية هذه المَرّة؟
إعلانما نطق به فوكوياما يستند إلى تصريحات للرئيس ترامب، التي أدلى بها في أكثر من مناسبة، وتعهد من خلالها بوقف الحرب في شرق أوروبا على قاعدة أن هذه الحرب لن تأتي بمكاسب إستراتيجية للولايات المتحدة.
هذا، وكان ترامب قد عبّر عن إعجابه بالرئيس بوتين، حيث تميّزت فترة ولايته الأولى بالتقارب مع روسيا، على عكس سياسة الرئيس جو بايدن الذي وضع من أولويات سياساته الخارجية احتواء الصعود الروسي عبر إدخالها في حرب استنزاف مع كييف.
يجب ألا يثق المتابع بما يصرّح به ترامب، ولا حتى بما يظهره من مشاعر تجاه الآخر، فهذا الرجل القادم من عالم المال والأعمال متشبّع بالفكر البراغماتي الذي يعتبر أن لا عداوة دائمة ولا صداقة مستمرة، فالتغيير تحدده المصالح ليس أكثر.
لهذا يُستنتج بأنه مهما غرّد ترامب خارج السرب، فإنّه لن يستطيع أخذ بلاده إلى عدائية مع الغرب الأوروبي، لا على صعيد تعليق عضوية بلاده في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولا الإقدام على ترك أوروبا تخوض غمار الحرب وحيدة مع روسيا؛ لأنّ ذلك سيعطي أفضلية مطلقة لنفط وغاز موسكو للإمساك بالسوق الأوروبي، وهذا ما لا يتناسب مع طموحات ترامب وإدارته الجديدة.
أظهر تحليل أجرته وكالة "نوفوستي" الروسية لبيانات المكتب الإحصائي Eurostat أن الاتحاد الأوروبي يحاول إيجاد موردين جدد للغاز؛ تحسبًا لمنع أوكرانيا من أن تبقى أراضيها بمثابة ترانزيت للغاز الروسي إلى أوروبا، حيث ينتهي الاتفاق الحالي بين البلدين لنقل الغاز الروسي في نهاية العام 2024، أي نهاية هذا الشهر.
تصاعدت التحليلات التي تعتبر أن جزءًا من إسقاط النظام السوري، يصبّ لصالح نقل الغاز العربي عبر تركيا إلى العمق الأوروبي، ليشكل طاقة بديلة عن الغاز الروسي. سيناريو ليس ببعيد عن الواقع، لا سيما أن هناك اهتمامًا أميركيًا – تركيًا لإنجاح مهمة الفصائل المعارضة التي تسلمت الحكم في البلاد، وتمثلت بالزيارات المكوكية للقادة والمسؤولين الأميركيين والأتراك إلى دمشق، وإصدار قرارات تصبّ في مصلحة استقرار البلد واستنهاضه من جديد.
إعلانإذ لا يمكن لأحد ألا يتوقف عند قرار المبعوثة الأميركية باربرا ليف التي زارت دمشق، إلغاءَ مكافأة العشرة ملايين دولار لكل من يعطي معلومات مهمة عن أحمد الشرع.
مشروع استجرار الغاز الطبيعي العربي إلى العمق الأوروبي قد يحتاج لسنوات، بينما حاجة الأوروبي للاستغناء عن الطاقة الروسية تحتاج لأيام فقط. لهذا ظهر سيناريو آخر، بدأ في الخروج إلى العلن مع اقتراب تسلُّم ترامب الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني القادم، وتمثّل بقاعدة الابتزاز التي يتفنن فيها الرئيس ترامب في دعوته الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي الذي قد يواجه رسومًا جمركية أميركية إضافية، إذا لم يبرم الأوروبي اتفاقًا لزيادة استيراد النفط والغاز الأميركيين.
وفقًا لبيانات الحكومة الأميركية، يشتري الاتحاد الأوروبي بالفعل الجزء الأكبر من صادرات النفط والغاز الأميركية. ولكن البيانات أكّدت على أنه لا تتوفر حاليًا أي كميات إضافية من الطاقة، ما لم ترفع الحكومة الأميركية من إنتاجها، أو على الأقل تعيد توجيه الكميات من آسيا – المستهلك الكبير الآخر لمنتجات الطاقة الأميركية – نحو أوروبا.
معضلة أميركية لا يمكن إلا التوقف عندها، لكنّ حلّها لن يكون بالأمر الصعب، خصوصًا بعد ما صرّح به ترامب في 9 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وذلك خلال مقابلة مع شبكة "CNBC" الأميركية، بأن إنتاج النفط سيكون من أولويات إدارته القادمة. وقال ترامب عندما سئل حول أولوياته خلال ولايته المقبلة: "سأركز على الحفر يا عزيزي… الحفر".
في قراءة هادئة لما قاله ترامب عن الحفر، يتبيّن جدّيته في دعوة شركات الطاقة الأميركية لتكثيف عمليات الحفر، لأنّها فرصة أميركا الحقيقية، قبل أن تقدم القارة العجوز على إيجاد البدائل، وهي التي تشتري الغاز والنفط الأميركيين بخمسة أضعاف أسعار السوق العالمية، كما صرّح، ذات مرّة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، معاتبًا الرئيس بايدن على هذا الأمر.
إعلانأمام حاجة الأميركي لتحسين وضع ميزانيته العامة، يتطلّب ذلك التركيز على إيجاد مداخيل جديدة، فإما أن تكون عبر زيادة الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية، وهذا قد يشكل أزمة لحليف أميركا الرئيسي وهو الأوروبي، أو أن يذهب الأخير إلى زيادة استيراده للطاقة الأميركية.
لهذا السبب، ولأسباب أخرى، لن تتوقف الحرب في أوكرانيا رغم وعود ترامب، كي لا يسمح بالمجال لمنافسة الطاقة الروسية من جديد للطاقة الأميركية، هذا ما قد يدفع ترامب للاستمرار على السياسة البايدنية تجاه روسيا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
قناة عبرية: هذا ما تتطلبه السيطرة الأميركية على قطاع غزة
قالت القناة 12 العبرية، اليوم الأربعاء، 05 فبراير 2025، إن السيطرة الأميركية على قطاع غزة تتطلب نشر آلاف الجنود الأمريكيين في منطقة حساسة، معرضة لتهديدات من حركة حماس والفصائل الفلسطينية.
وأضافت أن هذا الأمر سيؤدي إلى مقتل آلاف الجنود الأمريكيين، والعودة إلى عقود الحرب في الشرق الأوسط.
ووفقًا لمحللين، فإن السيطرة على قطاع غزة ستتطلب نشر قوة عسكرية كبيرة، مما سيعرّض الجنود الأمريكيين إلى هجمات مستمرة، وعمليات حرب عصابات، ومقاومة شعبية متصاعدة.
وأوضحت القناة العبرية أن خطة ترامب تثير معارضة واسعة النطاق في كلا الحزبين الأمريكيين. حيث يرى الديمقراطيون أنها انتهاك صارخ للقانون الدولي والتقاليد الأمريكية، كما وصفها السيناتور كريس ميرفي بأنها "مزحة مريضة".
وتابعت، "حتى داخل الحزب الجمهوري، ظهرت أصوات متحفظة بشأن الخطة. وقال السيناتور ليندسي غراهام، الحليف المقرب من ترامب، في تصريح نقلته وكالة أسوشيتد برس: "معظم سكان ولاية كارولينا الجنوبية ليسوا متحمسين لفكرة إرسال أمريكيين للسيطرة على غزة"، أما السيناتور كريس كونز، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، واصفًا الخطة بأنها "جنون مطلق"".
اقرأ أيضا/ ترامب يطرح خطة أميركية للسيطرة على غـزة وتهجير سكانها
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن أن الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وذلك خلال حديثه إلى الصحافيين في البيت الأبيض بعد إجرائه محادثات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، بشأن الحرب على غزة والصراع مع حركة حماس.
وقال ترامب للصحافيين خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وسنقوم بعمل هناك أيضا. سوف نمتلكها. وسنكون مسؤولين عن تفكيك كل القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى الخطيرة في هذا الموقع".
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية يديعوت: الجيش يعترف بتضخيم عدد شهداء قادة كتائب القسام ترامب : لا بديل أمام سكان قطاع غزة إلا مغادرته وفد إسرائيلي يتوجه الى الدوحة ولن يناقش المرحلة الثانية الأكثر قراءة حماس: نتوقع أن تكون المراحل المقبلة من المفاوضات معقدة وصعبة بالصور: الجبهة الديمقراطية تؤكد تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحقوقه بداية شهر رمضان 2025 في سلطنة عمان صحة غزة تنشر أحدث إحصائية لأعداد شهداء العدوان الإسرائيلي عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025