قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الخميس، إن قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، "يصف العلاقات مع روسيا بأنها طويلة الأمد واستراتيجية، ونحن نتفق معه في ذلك"، وأكد لافروف الذي سحبت بلاده القسم الأكبر من قواتها شرق الفرات ومن مدينة القامشلي في محافظة الحسكة؛ رفضه تقسيم سوريا وإضعافها.

تكتسب تصريحات لافروف قيمة كبرى كونها جاءت بعد يوم واحد من اندلاع احتجاجات وأعمال عنف في الساحل السوري ومدينة حمص، تقدمتها عناصر من النظام السابق، إذ جاء التصريحات لتؤكد دعم روسيا لاستقرار سوريا ووحدة أراضيها ورفضها لمحاولات ابتزاز الحكومة وإدارة العمليات في دمشق، خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا التي وضعت شرطا أساسيا للانفتاح على الحكم الجديد بقطع الصلة مع روسيا الاتحادية.



لافروف بذلك يكون قد اتخذ خطوات متقدمة بعد أسبوع واحد من تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد فيها وجود اتصالات بين موسكو ودمشق، مبديا استعداد روسيا للتعاون مع الحكم الجديد، وتوظيف إمكاناتها لتزيد سوريا بالمساعدات عبر ميناء طرطوس وقاعدة حميميم بالقرب من اللاذقية.

انسحاب القوات الروسية من شرق الفرات من زاوية اخرى مثّل قدم خطوة عملية نحو الاستقرار، إذ فتح الباب واسعا لحملة عسكرية ناجحة لإنهاء المشروع الانفصالي المدعوم أمريكيا شرق الفرات بعملية عسكرية وسياسية تعد لها الحكومة السورية الجديدة وبدعم تركي مباشر، خصوصا أن لافروف أبدى تفهمه لمخاوف تركية من نشاط حزب العمال؛ معتبرا إياها مصالح أمنية مشروعة "يجب ضمانها، ولكن بطريقة تُحافظ فيها سوريا على سيادتها وسلامة أراضيها ووحدتها"، وقال "إن القيادة التركية تدعم ذلك علناً ونحن ندعم ذلك". وهذا تطابق واضح في المواقف لم يتحقق مطلقا مع الولايات المتحدة التي تطابق موقفها مع الكيان الإسرائيلي الراغب بتمزيق سوريا وتحويلها إلى كنتونات تدار ذاتيا على نمط مشروع "قسد" الأمريكي في شرق الفرات.

فالمبادرات الروسية الإيجابية، قابلتها تحفظات وشروط أمريكية معقدة وطويلة للحكومة الجديدة تعيق رفع العقوبات وإعادة إعمار سوريا، رغم أن العقوبات ارتبطت بممارسات النظام السابق بقيادة بشار الأسد.

والأهم من ذلك أن أمريكا وفرت الغطاء للتحرك العسكري الإسرائيلي في الجنوب السوري والذي انتهك اتفاق فصل القوات للعام 1974 بشكل أمكنه من احتلال أراض داخل حوض اليرموك (غرب درعا) وفي ريف دمشق، إلى جانب سيطرة شبه كاملة على القنيطرة وقراها؛ في محاولة من الاحتلال لاستنساخ نموذج الإدارة الذاتية لمشروع "قسد" على كامل التراب السوري، وهي المحاولة التي قابلها رفض شعبي قوي من سكان المنطقة ووجهائها، مشعلا مواجهات مع قوات الاحتلال في العديد من القرى السورية.

المبادرات الروسية الإيجابية لدعم الحكومة السورية وتقديم رسائل إيجابية لدعم وحدة التراب السوري، وإبداء الرغبة بتقديم الدعم للحكم الجديد وتمهيد الطريق لعملياته العسكرية ضد انفصاليي قسد وحزب العمال الكردستاني، قابلها دوما جهد أمريكي لتعزيز قوات واشنطن في شرق الفرات بأكثر من ستين شاحنة وعشر طائرات محملة بالذخائر والأسلحة للقوات الانفصالية (قسد) بحجة تعزيز الحضور الأمريكي لمواجهة الإرهاب، ليبلغ تعداد القوات الأمريكية وعلى نحو مفاجئ أكثر من 2000 جندي أمريكي، في محاولة لإعاقة جهود الحكومة لتوحيد البلاد واستعادة ثرواتها المنهوبة من النفط والغاز.

ختاما.. المبادرات الروسية الإيجابية تضغط على أعصاب الولايات المتحدة وتهدد نفوذها من خلال توفير بدائل للحكومة السورية الجديدة، والتعاون معها لمحاصرة بؤر الفوضى لتحقيق الاستقرار، خصوصا أنها تملك قدرة كبيرة على المساهمة في كبج جماح الفوضى في الساحل السوري ومناطق سيطرة النظام وإيران سابقا، وذلك خلافا لأمريكا والكيان الإسرائيلي اللذين يسعيان لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار ووحدة سوريا. فروسيا باتت ورقة رابحة في المعادلة الجديدة، والأفضل أن تقتدي بها إيران مستقبلا وأن تتجاوز غضبها الذي لم يعد مبررا وأن توقف تصريحاتها الحائرة التي لا تعد مفيدة في تطوير علاقات صحية مع دمشق وسوريا الجديدة.

x.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا العلاقات روسيا إيران إيران سوريا امريكا روسيا علاقات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك اقتصاد من هنا وهناك سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شرق الفرات

إقرأ أيضاً:

تقرير: توجه داخل إدارة ترامب لـ"طرد" القوات الروسية من سوريا

كشفت صحيفة "ذا هيل"، الإثنين، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبحث سبل التعامل مع الوجود العسكري الروسي في سوريا، وما إذا كان ينبغي مطالبة سلطات دمشق الجديدة بطرد قوات موسكو من القواعد البحرية والجوية في البلاد.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن عقوبات واشنطن المفروضة على سوريا تمنح الولايات المتحدة نفوذا كبيرا للتأثير على الحكومة الجديدة في دمشق، برئاسة أحمد الشرع.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة، قولها إن "مسؤولين في إدارة ترامب قدموا الشهر الماضي لممثلي الشرع قائمة شروط لرفع العقوبات تدريجيا، ليس منها طرد القوات الروسية من سوريا".

لكن المصادر أضافت أن "هناك نقاشا داخليا واسعا داخل الإدارة بشأن الموقف الذي يجب اتخاذه من القاعدة الروسية. تمت مناقشة الأمر داخل وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وكان هناك ضغط من بعض المسؤولين داخل الإدارة لإزالة القاعدة الروسية".

وتابعت المصادر أن طرد القوات الروسية "ليس من بين المطالب المفروضة على السوريين مقابل رفع العقوبات".

وقال النائب جو ويلسون (جمهوري من ساوث كارولينا) لصحيفة "ذا هيل": "آمل أن تبذل كل الجهود لإزالة القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وكذلك قاعدة حميميم الجوية التي تحتفظ بها روسيا في سوريا".

أما السيناتور الجمهوري جيم ريش رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فقد قال إن "انحراف دمشق عن روسيا وشركائها، الصين وإيران وكوريا الشمالية، سيكون مفيدا للولايات المتحدة"، متابعا: "إذا كنا نريد ذلك، وهم يريدون ذلك، فعلينا أن نحاول تحقيقه".

وقال ريش إنه لا يزال في "وضع الترقب" بشأن ما إذا كان يمكن الوثوق بالسلطات الجديدة في دمشق، لكنه أشار إلى أن تخفيفا جزئيا للعقوبات ممكن.

وأوضح: "أعتقد أنه ينبغي تعليق بعض العقوبات، كي يتمكنوا من البدء في إعادة بناء بلادهم. يجب أن نمنحهم هذه الفرصة، لكنني لا أزال أراقب لأرى إلى أين يتجه هذا البلد".

كما دعا النائب الجمهوري بات فالون، عضو لجنة الاستخبارات ولجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، الشهر الماضي إلى طرد روسيا من سوريا.

وقال عبر منصة "إكس": "إذا أردنا سلاما دائما في أوكرانيا فلا يمكننا السماح لروسيا بالاستفادة من الفوضى في سوريا والاحتفاظ بالسيطرة على قواعدها. الوجود الروسي في سوريا يصب في مصلحة وكلاء إيران الإرهابيين الذين يسعون لزعزعة استقرار المنطقة وتقويض المصالح الأمنية الأميركية".

مقالات مشابهة

  • الكرملين: روسيا ترحب بالاتصالات الأمريكية الإيرانية
  • ‏المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: نأمل بأن تكون المحادثات ذكية وتحقق مصالح الشعب الإيراني
  • تقرير: توجه داخل إدارة ترامب لـ"طرد" القوات الروسية من سوريا
  • هل ستطالب واشنطن الحكومة السورية بإزالة القواعد الروسية؟
  • حيدر الملا يعلق حول المفاوضات الأمريكية - الإيرانية
  • العثمانية الجديدة على المحك السوري
  • الحكومة السورية تنفي توقف تبادل الأسرى مع قسد
  • الجالية السورية في ألمانيا تنظم مظاهرة أمام السفارة الأمريكية في برلين تنديداً باستمرار العقوبات الظالمة على سوريا
  • تعثر تبادل المعتقلين بين الحكومة السورية وقسد
  • "قسد" تنسحب من حلب إلى شرق الفرات ضمن اتفاق مع الحكومة السورية