تقرير: تحوُّل كبير في وجهات النظر الأمريكية تجاه إسرائيل
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، سارعَ البيت الأبيض وحلفاؤه إلى تعطيل إجراء لمجلس الشيوخ يحظر إرسال 3 شحنات أسلحة إلى إسرائيل؛ وهي خطوة بالغة الحساسية، لأن هذا الإجراء كان إما بقيادة أعضاء مجلس الشيوخ المقربين من الرئيس جو بايدن أو برعايتهم، بمن فيهم السناتور بيرني ساندرز وكريس فان هولن.
هذه الإهانة المتكررة أججت مشاعر الديمقراطيين ضد نتانياهو
وصوّت 19 سيناتور لصالح جزء من اقتراح ساندرز، مما وجه رسالة غير مسبوقة من عدم الرضا عن سياسة بايدن في الشرق الأوسط من داخل حزبه نفسه.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يصوّت فيها الكونغرس على حظر مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، ولم يتمكن البيت الأبيض من إحباط ذلك. تحوّل جوهري في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية ووفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" أعدته ياسمين أبو طالب، تُبرز هذه الواقعة تحولاً جوهرياً في علاقات أمريكا مع إسرائيل، وهو تغيُّر بدأ منذ سنوات لكنه تصاعد بشكل كبير تحت مظلة إدارة بايدن بعد هجوم حماس على إسرائيل والغزو الإسرائيلي اللاحق لغزة. وساهم رد فعل بايدن في انقسام داخل حزبه، من المرجح أن يصبح جزءاً من إرثه، وإن كان إرثاً قد لا يرغب فيه، إذ إن السياسة المتعلقة بإسرائيل في أمريكا لن تكون على الأرجح كما كانت من قبل. جيل الناخبين الأمريكيين الأصغر
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن بروس ريدل، محلل تناولَ قضايا الشرق الأوسط تحت مظلة إدارات من كلا الحزبين، قوله: "لا ينظر جيل الناخبين الأمريكيين الأصغر سناً إلى إسرائيل على أنها الطرف المتضرر، وإنما الطرف الذي خلقَ هذا الوضع باحتلاله المستمر، وغياب أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية. الخلاصة هي أن سياسات الصراع العربي الإسرائيلي قد تغيرت الآن تغيراً كبيراً، وحدث ذلك على مرأى ومسمع من بايدن".
ولا يحمل الأمريكيون الأصغر سناً ذكريات شخصية عن الهولوكوست، أو عن تأسيس إسرائيل كدولة ذات طابع اشتراكي؛ ويعبّر كثيرون منهم عن تعاطف أكبر مع الفلسطينيين، الذين يرونهم يعانون تحت دولة استعمارية، بعد أن هُجِّرَ مئات الآلاف من منازلهم لأجل تأسيس إسرائيل.
وأمست الجالية اليهودية الأمريكية، بتوجهاتها الديمقراطية الليبرالية، أكثر انقساماً من أي وقت مضى حول دولة كانت ذات يوم مصدر فخر شبه عالمي لهم. ومع ذلك، تسارعت هذه التغيرات وترسخت خلال رئاسة بايدن.
Another sad part of the Biden legacy
Under Biden, a generational shift in U.S. views of Israelhttps://t.co/siFfi84rxS
ونقلت "واشنطن بوست" عن تومي فيتور، المتحدث السابق باسم الأمن القومي في البيت الأبيض خلال رئاسة باراك أوباما، قوله: "جزء من مشكلة بايدن يكمن في أنه يتمتع بخبرة عميقة جداً. فهو ما يزال يتحدث عن لقائه بغولدا مائير، وهذه نسخة من إسرائيل اختفت تماماً تقريباً الآن".
وأضاف هولن قائلاً: "هناك مجموعة كبيرة ومتزايدة [من الديمقراطيين] تؤمن بشراكة الولايات المتحدة مع إسرائيل، لكنها تؤمن بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى استخدام نفوذها بشكل أكثر فاعلية لضمان الامتثال للقانون الأمريكي".
وبين ليلة وضحاها، أصبحت غزة قضية حاسمة للتقدميين، الذين رأوا الفلسطينيين مجموعةً مهمشة وإسرائيل قوةً استعمارية، في تحولٍ جذري عن صورتها السابقة بين كثير من الأمريكيين بوصفها ميلاداً جديداً لشعب "مضطهد". ورغم أن كثيراً من القادة اليهود وقفوا إلى جوار إسرائيل، فقد بدأت أصوات آخرين تعلو بشكلٍ متزايد ضد حكومة نتانياهو، بدءاً من الحاخامات الليبراليين، وصولاً إلى السياسيين، أمثال ساندرز وشومر. القيم الأمريكية واليهودية وتجادل جماعات مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام" بأن النزعة العسكرية الإسرائيلية لا تتماشى مع القيم الأمريكية فحسب، بل مع القيم اليهودية أيضاً. وقد وَرَدَ على موقع الجماعة أنه "شأنها شأن أجيال من اليساريين اليهود قبلنا" تسعى جماعة "الصوت اليهودي من أجل السلام" إلى "الترويج لنسخة يهودية تتماشى مع التزاماتنا الروحية والأخلاقية"، بالتضامن مع "نضال الفلسطينيين من أجل الحرية".
ونقلت معدة التقرير عن إيلان غولدنبرغ، المستشار السابق للسياسات في البيت الأبيض، قوله: إن الناس من كلا الجانبين في المجتمع اليهودي المنقسم قد رسَخَت مواقفهم على مدار العام الماضي. "فالمعسكر الأول كان بالفعل متشككاً في نتنياهو، ثم أصبح أكثر شكاً بسبب الحرب، ونأى أكثر عن هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية". الأمريكان من أصل عربي والتحوُّل الثقافي
وقلبت حرب غزة الموقف رأساً على عقب، لا سيما بين الأعضاء الأصغر سناً في المجتمع. فأصبح كثير من العرب والمسلمين يتحدثون صراحةً عن القضية الفلسطينية وارتدوا الكوفيات الفلسطينية، التي باتت رمزاً للتضامن مع القضية. ورأى نشطاء آخرون، بمن فيهم نشطاء من حركة "حياة السود مهمة"، أن الفلسطينيين ينتمون إلى فئة الملونين نفسها الذين تستهدفهم دولة بوليسية قاسية، فانضموا إلى القضية.
Under Biden, a generational shift in U.S. views of Israel https://t.co/W495cjcpRz
— Patrick Riccards (@Eduflack) December 24, 2024
وقال ريدل للصحيفة الأمريكية: "قد ننظر إلى عام 2024 ونقول إنه أول تصويت رئاسي في التاريخ ساعد فيه العرب على حسم النتيجة. لم يكن لتصويت العرب والمسلمين أهميةً في الانتخابات الأمريكية من قبل، لأنه كان دائماً ضئيلاً".
الاضطرابات تتسلل إلى الكونغرس
وبينما تمسك بايدن بنهجه التقليدي المتساهل تجاه إسرائيل، بدأت الاضطرابات خارج واشنطن تتسلل إلى قاعات الكونغرس. وكان ذلك يشبه مسار الاحتجاجات ضد حرب فيتنام في الستينيات، التي بدأت في الحرم الجامعي، ولكنها انتهت بحشد مناصرين لها في قاعتي مجلس النواب والشيوخ.
وقال أعضاء في مجلس الشيوخ ومسؤولون في البيت الأبيض إنهم شعروا بالإحباط عندما بادرت إدارة بايدن في عدة مناسبات إلى إصدار إعلان يبدو أنه مُصمَّم لتهدئة منتقدي إسرائيل.
الديمقراطيون وتحدي إسرائيل
وذكر ساندرز أن هذه الإهانة المتكررة أججت مشاعر الديمقراطيين ضد نتانياهو واستعدادهم لمعارضته علناً، مضيفاً: "كان هناك اعتراف متزايد بأن نتانياهو كان مشاركاً بهمةٍ في السياسة الأمريكية، إذ حاول أن يجعل بايدن يبدو ضعيفاً وغبياً، وأن يعرب عن تأييده لترامب".
وفي خضم المشهد السياسي المتغير، هناك عدد قليل من الشخصيات التي تجسد التحولات في أمريكا والجالية اليهودية والتحالف الديمقراطي أكثر من ساندرز الذي يكبر بايدن بعامٍ. لقد تطوع ساندرز، وهو اشتراكي ويهودي، في كيبوتس إسرائيلي في الستينات. وتذكَّرَ في المقابلة كيف كانت إسرائيل مختلفة آنذاك، مشيراً إلى رؤساء الوزراء الذين كانوا ما يزالون منخرطين في مفاوضات إقامة الدولة الفلسطينية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات عام على حرب غزة غزة وإسرائيل إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل عودة ترامب البیت الأبیض مجلس الشیوخ
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي: الحوثيون يقاومون الحملة الأمريكية بعناد رغم الخسائر والأضرار التي تلحق بهم (ترجمة خاصة)
أفاد تقرير أمريكي أن جماعة الحوثي في اليمن تقاوم بعناد الحملة التي تشنها الولايات المتحدة منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، رغم الخسائر والأضرار التي تلحق بهم.
وقال موقع "ذا ماريتايم إكزكيوتيف" في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن البيانات التي جمعتها عمليات التجارة البحرية البريطانية في دبي تشير إلى أن هجمات الحوثيين على السفن قد توقفت إلى حد كبير، وكان آخر حادث مُسجل محاولة هجوم على سفينة من قِبل قراصنة يُشتبه في أنهم قراصنة في 15 أبريل.
وأضاف "يزعم الحوثيون أنهم هاجموا حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس هاري إس ترومان (CVN-75) في البحر الأحمر، لكن يبدو أن البحرية الأمريكية لم تُلاحظ ذلك. مع ذلك، استمرت هجمات الحوثيين الصاروخية الباليستية على إسرائيل من حين لآخر".
وبحسب الموقع فإن الاستنتاج الوحيد المُؤكد في الوقت الحالي هو أن قدرات الحوثيين الصاروخية والطائرات المُسيّرة قد تراجعت، ولكن استئناف الهجمات على السفن قد يستمر.
يُشير الرأي السائد لدى الخبراء -حسب التقرير- إلى أن حملة جوية ضد الحوثيين لن تُضعف عزيمتهم الراسخة على القتال، إذ يُقاوم الحوثيون بعناد الخسائر والأضرار التي تُلحق بهم.
ولفت إلى أن هذه الانطباعات تعزز الحشود الكبيرة التي يتمكن الحوثيون من حشدها للتظاهرات السياسية، كما حدث في صنعاء في 18 أبريل.
وبشأن محاولات الحوثيين لوصف الضربات الأمريكية بأنها هجوم عشوائي على المدنيين، يقول الموقع الأمريكي إنها لم تُؤخذ على محمل الجد. سُجّلت إحدى أكبر حوادث قتل المدنيين في 20 أبريل، عندما تعرّض سوق الفروة في صنعاء القديمة لقصف صاروخي معيب، ليس من قِبل القيادة المركزية الأمريكية، بل من قِبل صاروخ حوثي مضاد للطائرات. ودحضت صور الحوثيين للمشهد محاولة وصف غارة على مستودع أسلحة في مبنى قيد الإنشاء في صعدة بأنها هجوم على عيادة لعلاج السرطان.
وطبقا للتقرير في المجمل، لم تُحدث الغارات الجوية الأمريكية تصاعدًا في الدعم لقيادة الحوثيين، ولا ثورةً شعبيةً لهم. يعتقد خصومهم اليمنيون أن الضغط يتزايد على الحوثيين، لكنهم لم يصلوا بعد إلى نقطة تحول.
في 24 أبريل/نيسان، كان رئيس المجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، لا يزال يتحدث عن "مؤشرات واعدة على تحول في ميزان القوى" و"وحدة متنامية بين الفصائل المناهضة للحوثيين".
يقول التقرير "يبدو أن مخططي حملة القيادة المركزية الأمريكية يتفقون مع هذا التقييم. في الوقت الحالي، تُركز الضربات على قيادة الحوثيين، والبنية التحتية للصواريخ والطائرات المسيرة، ومصادر الإيرادات، والكوادر الفنية.
وقال "لا تُظهر بيانات الضربات من معهد دراسات الحرب وجمعها @VleckieHond حتى الآن أي تركيز على مواقع الحوثيين في الخطوط الأمامية، لا سيما في مأرب وحول الحديدة، حيث ستحتاج القوات الحكومية إلى اختراقها لاستعادة مناطق رئيسية استولى عليها الحوثيون".
لكن في غضون ذلك، يستمر إلحاق أضرار تراكمية. وبينما يستمر هذا الضغط على الحوثيين ويتزايد، لا تُبدي القيادة المركزية الأمريكية أي إشارة إلى نية لتقليص هجومها، على الرغم من استنزاف مخزونات الذخائر وطائرات MQ-9 Reapers. وفق التقرير.
يضيف التقرير"هكذا، تتجه الحملة نحو صراع إرادات، ويبدو أن الحوثيين هم الأضعف. على الرغم من سمعتهم بالصمود، فقد رضخ الحوثيون في الماضي للضغوط - ولكن فقط عندما هددهم خصومهم اليمنيون بخسارة الأراضي".
وخلص التقرير إلى القول "أما بالنسبة لعناد الحوثيين السياسي، فينبغي أن نتذكر أن الفصيل الملكي بقيادة الإمام محمد البدر في حرب اليمن الأهلية في ستينيات القرن الماضي انبثق من معقل الشيعة في صعدة، التي تُعدّ الآن معقل الحوثيين، وقد قبلوا في تلك الأيام الدعم العسكري من البريطانيين، بالإضافة إلى عمليات إسقاط الأسلحة العرضية من الإسرائيليين. وإذا أُريدَ القضاء نهائيًا على التهديد الموجه للشحن البحري، وهو ما ينعكس في تقييمات المخاطر وردود أفعال المجتمع البحري، فسيظل من الضروري إحداث تغيير سياسي جوهري في تفكير الحوثيين".