موقع النيلين:
2024-12-28@05:10:25 GMT

أعاصير دبلوماسية

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

قبل أن ينتقل ماسمي بالربيع العربي إلى ضاحية مانهاتن بنيويورك ويلج بعواصفه السياسية قاعة مجلس الأمن الدائرية بمبنى الأمم المتحدة الزجاجي، كانت الأماسي والدعوات الاجتماعية التي ننظمها كسفراء عرب للمسامرة بعيداً عن ضغوط العمل حافلة بحكايات الأدب والثقافة التي كان يبتدرها سفير ليبيا عبد الرحمن شلقم المفتون بقصائد المتنبي ومعلقة طرفة بن العبد و قصيدته “ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً .

. ويأتيك بالأخبار من لم تزود”، قبل أن يتداخل صديقنا مندوب سوريا بشار الجعفرى سليل معرة النعمان ليردد بيتاً قريبا إلى نفسه أن “غير مُجدٍ في ملتي و اعتقادي .. نوح
باكٍ ولاترنم شاد” .. جالت بخاطري ذكرى تلك الأماسي والسفير بشار الجعفرى يعود للواجهة مجدداً فى أعقاب زلزال سوريا السياسي وسقوط النظام الذى لطالما وقف بشار مدافعاً عنه فأتته العاصفة السورية في موسكو ليرفع علمها الجديد على سارية السفارة السورية، هناك حيث كان سفيراً لدمشق بها، بعد أن شغل موقع نائب وزير الخارجية، ولينعي نظاماً قال إنه قد فشل في الدفاع عن نفسه ليثير مجدداً تباين الآراء بشأن موقفه بين قادح ومادح ..

ولا أدري إن كانت فلسفة المعري حاضرة أمامه وأن مايحدث في عالم السياسة نوح باك أو ترنم شادٍ شبيه فيه صوت النعي إذا قيس بصوت البشير فى كل ناد ..
أما صديقنا شلقم فقد أتته العاصفة مبكراً من قبل بعد أن أبدت له الأيام ماكان جاهلاً، على قول طرفة بن العبد في الخامس والعشرين من فبراير 2011 بمجلس الأمن عندما أسرف فى البكاء وذرف الدموع والتي سارع بان كي مون، الأمين العام، وسوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة لكفكفتها عنه وهو يطالب مجلس الأمن بالتدخل في ليبيا ضد نظام القذافي على النحو الذي فعله المجلس وفق قراريه 1970 و 1973، ولايزال الناس يتباينون في تفسير بكاء ودموع شلقم وهو ينعي زعيمه السابق قذافي الذى أنبأنا شلقم في إحدى أمسيات نيويورك أنه كان مفتوناً بترديد قصيدة عمرو بن كلثوم “.. إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدينا …. ملأنا البر حتى ضاق عنا وظهر البحر نملأه سفينا…. ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا”…

العواصف الدبلوماسية لا تقل ضراوة عن الأعاصير المدارية الحادة… فهل غنت تلكم الحمامة أم بكت على فرع غصنها المياد …..

السفير عبد المحمود عبد الحليم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

انهيار نظام البعث: دروس وعبر

عشرة أيام فقط احتاجتها المعارضة السورية المسلحة لكي تبسط سيطرتها على معظم الجغرافيا السورية، بدءا من حلب ثم حماة ثم دمشق ومدن الساحل.

ونستطيع أن نقول إن النظام سقط دون مواجهات عنيفة كانت متوقعة، ولهذا كانت الخسائر البشرية في حدها الأدنى في حلب كما في حماة ودمشق، وهرب عشرات الآلاف من جنود النظام أمام بضعة مئات من قوى فصائل الثورة.

كان الظن أن النظام يجمع قواته ليبدأ هجومه المضاد ولم يكن متصورا أن يكون الانهيار بهذه السرعة، حيث لا وجه للمقارنة بين قوات النظام وقوات المعارضة من حيث العدد ولا من حيث التسليح.

وحتى اللحظات الأخيرة قبل هروبه كان بشار يعتقد أن بقاءه مصلحة لجميع القوى في المنطقة باستثناء تركيا، فهو مصلحة روسية بعد أن جعل لها قاعدة بحرية في المتوسط وقاعدة جوية في حميميم، ومن خلال القاعدتين كانت روسيا تقوم بعملياتها في ليبيا ودول أفريقيا والشرق الأوسط، ومصلحة لإيران يتيح لها التواصل مع حزب الله في لبنان وعن طريقه تستطيع أن تحجم التهديدات الإسرائيلية.

وكان بشار يعلم أن بقاءه مصلحة إسرائيلية ولطالما أعلن المسئولون الصهاينة ذلك، بل وأعلن بشار إبان المرحلة الاولى من ثورات الربيع العربي أن انهيار نظامه ومجيء نظام إسلامي في سوريا لن يكون في مصلحة الكيان. وكان متأكدا أن بقاءه مصلحة للأنظمة العربية التي وقف معظم قادتها في قطار التطبيع وقادوا الثورة المضادة، وربطوا بين بقائهم في السلطة وتفانيهم في خدمة الكيان الصهيوني.

ولهذا ذكرت التقارير أن الأسد ظل متعلقا بالأمل أن تتدخل روسيا وإيران وربما بعض الأنظمة العربية وتمنع انهياره، حتى قبل هروبه بساعات.

إن دروس هذا الانهيار السريع لواحد من أعتى الأنظمة وأكثرها بطشا كثيرة وتحتاج إلى الرصد والتحليل من كل من يريد التغيير، ولذكر بعض هذه الدروس باختصار شديد نقول:

الدرس الأول: أن أنظمة القمع والبطش والفساد هي أنظمة ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن نفسها مهما تجبرت، وصدق الكذوب بشار الجعفري عندما قال: إن النظام سقط باختصار لأنه لم يكن هناك نظام وإنما منظومة للفساد. وهذا يفسر الهلع الذي أصاب قادة الانقلابات والثورات المضادة في المنطقة.

الثاني: أن الحلفاء الخارجيين لهذه الأنظمة ليس عندهم مشكلة في التخلي عنها إذا صارت عبئا عليهم أو كانت عقبة أمام مصالحهم.

الثالث: أهمية الدور التركي في معركة رد العدوان، وواضح أن تركيا كانت جزءا منها من البداية فهي التي قامت بحماية فصائل الثورة في إدلب باتفاقياتها مع روسيا وإيران، وكان مطلوبا منها من خلال هذه الاتفاقيات محاربة هيئة تحرير الشام ولكنها لم تفعل، بل أنهت الخلافات والنزاعات العسكرية بين الفصائل والتي كانت مستمرة حتى العام الماضي، ثم كان دورها مع روسيا وإيران وإقناعهما بأن حقبة الأسد قد انتهت.

وكان الدور الأهم لتركيا في عملية الخداع الاستراتيجي وطلب أردوغان اللقاء بالأسد وحل الخلافات بين الدولتين، ومن خلال موقفه في حرب غزة، حيث كان متهما بالتقصير مع طوفان الأقصى ولم يتحرك إلا متأخرا، لكنه فقد دعم جزء من حاضنته الانتخابية الإسلامية في تركيا بسبب ذلك وفقد بلديتي أنقرة وإسطنبول. كان هو يعمل لما يستطيع أن يحققه استراتيجيا، وهو درس لكل من يعمل في السياسة أن تقوم بواجبك في حدود ما تملك من أوراق على أن تعمل لكسب المزيد منها في المستقبل، وأن تُعلي الهدف الاستراتيجي على المؤقت.

كذلك كان دوره مهما في كف أذى دول الثورة المضادة بعد ما وثق علاقاته بها ودخل معها في مشروعات عسكرية من قبيل تصنيع الأسلحة والمسيّرات.

الرابع: إن على قوى التغيير أن تكون على علم بأذرع انظمة الفساد في كل المجالات السياسية والإعلامية والاقتصادية والقضائية والأمنية بحيث لا تعطيها المجال للعبث والعودة من جديد، وهي أذرع تجيد التلون وتركها خيانة للدماء التي اريقت وتهديد للإنجازات التي تحققت.

أما الخامس فهو دراسة مشاكل الوطن ووضع الحلول الممكنة والبدء بما يؤثر على حياة الناس، وعدم التردد والانتظار، وتجهيز الكفاءات المؤهلة والقادرة على العمل.

أخيرا فإن الثورة السورية مضى عليها أسبوعان وأمامها تحديات كثيرة، ولكن الآمال في نجاحها تتعزز كل يوم ولا شك أنها ستكون ملهمة لكل الأحرار في عالمنا العربي لتكون بداية لمرحلة جديدة من التحرر والاستقلال.

مقالات مشابهة

  • علاقات بشار التي قضت عليه
  • انهيار نظام البعث: دروس وعبر
  • دخل إلى بيروت.. مفاجأة عن رفعت عمّ بشار الأسد!
  • تعز.. مظاهرة تندد بجرائم الحرب والإبادة الإسرائيلية في غزة
  • أسماء الأسد تحتضر.. تفاصيل حالتها الصحية
  • دمشق تحت الضوء... زيارات دبلوماسية متسارعة تفتح آفاق مرحلة جديدة لسوريا
  • بشار الأسد استغل خوف العلويين
  • نيويورك تايمز : كاريزما فوزي لقجع جعلت من الكرة المغربية دبلوماسية قائمة بذاتها
  • رسائل دبلوماسية والسفارات مغلقة: تصريحات قلقة صادرة من إيران وسوريا