عبد الله علي إبراهيم
(هذه كلمة أخرى من أيام مفاوضات نيفاشا عن شكواي المستديمة من أن سياستنا في طلاق بينونة مع الثقافة)
لو استعنا بعنوان مسرحية اشتهرت في الستينات عنوانها "سمك عسير الهضم" لقلنا أن ما يجري في نيفاشا منذ شهور هو "مفاوضات عسيرة الهضم". فهي مفاوضات صعبة جداً حتى أن حصائلها لا تخرج إلا في شكل حزم واحدة في إثر أخرى.
غير أن أصدق وصف ينطبق على جولات نيفاشا هو أنها مثل مذاكرة الدقائق الأخيرة لمن قضوا السنة الدراسية في شغل عن المسألة. فقد جربت مثل هذه المذاكرة بجامعة الخرطوم على أيام ولعي السياسي بالجبهة الديمقراطية واتحاد الطلاب. فقد كنت لا اتفرغ للمذاكرة فحسب في منعطف الامتحانات، بل لإعداد المحاضرات نفسها التي توفرت في وقتها المناسب للحاذقين من الطلاب. ففي حين يبدأ الطلاب بدفتر يذاكرونه أبدأ أنا من لا شيء بتاتاً. فقد كنت اكتب محاضراتي واذاكرها في الوقت نفسه. ولا أعرف أنني عانيت عسراً مثل عسر هذا الإعداد المزدوج. وكنت انتحي ركني من مكتبة جامعة الخرطوم لأعد محاضراتي رأساً من الكتب بعد أن فات علي سماعها وتدوينها من المحاضرين. ولا أذكر أنني استوحشت مثل تلك الوحشة أرتب نفسي للامتحانات. لم أذق مثلها في السجن، او الغربة، أو في مواضع أخرى.
ونيفاشا مثلي يوم يكرم المرء أو يهان. لم يسبقها تحضير، ولم تستعلم عن مفردات مسائلها في الوقت المناسب. حتي المحاضرين والخبراء (الأقانب) جاؤوا بهم لها وهي في قاعة الإمتحانات. وتساءلت هل كان لنيفاشا "هئية أركانحرب بحثية" تجمعت عندها حصيلة الخاطرات والاجتهادات والكتابات تغذي بها المفاوضات وتختصر مساقاتها وتلطف عسرها. فقد استعجبت مثلاً أن من ضمن ما ناقشته نيفاشا في ملف الثروة مبادئ ملكية الأرض. وتساءلت هل كان هذا بنداً خلافياً؟ ولماذا؟ وهل استوقف النائب الأول والعقيد واستغرق بعض وقتهما الغالي؟
لقد اراحتنا الحركة الشعبية وقالت أنها لم تتمخض عن مركز أبحاث منذ نشأتها. والواضح ما فاضح. أما الحكومة فلا عذر لها في الجلوس في نيفاشا علي طريقتي في الإعداد للامتحان. فقد أنشأت معهد الدراسات الإستراتيجية. وأخشى أن تكون مساهمته المؤكدة هي تحول مديره، السيد الخطيب، إلى ناطق رسمي للوفد الحكومي. ولم تستظل نيفاشا بعلم التجمع الوطني (أسمرا) لخلوه منه. فما خلق الله أعدى منه للفكر والرشد. فهو تنظيم الحضور عنده جسدي والمساهمة في أن يكون المرء بشخصه فيه أو لا يكون. أما عن مقررات أسمرا للقضايا المصيرية فلم يفتح الله عليها بحرف تدلي به في زحام الآراء في نيفاشا.
ستدخل نيفاشا التاريخ بوصفها المناسبة التي غابت عنها الثقافة واستفحل فيها الجشع والجشع المضاد حتي أعديا الآخرين في دارفور وكيان الشمال وآخرين. فالثقافة هي برهم الشفاء من التهاب الغرائز وتفاقمها. ولندرة الثقافة في نيفاشا سيخرج علينا وطن مصنوع من "مخامشة" لم تلطفها رؤى، أو يزينها عقل، أو تستحضر مستقبلاً لإلفة شعب السودان كله من غير فرز. سيخرج وطن سيكون كيه مثل كي الكاكي أو زيانة الشيب. وككيان خارج من لجنة في حالة مذاكرة سيخرج الوطن قبيحاً حتي إشعار آخر. فمن كراهة الأمريكان في اللجان ومنتوجاتها قالوا أن حيوان الموس (شين شنه شديدة) هو من تاليف إحدي اللجان. غير اننا شعب أفضل من قادتنا بمراحل كما قال المرحوم محمود محمد طه وسأاخذ موس نيفاشا ونزينه ونجمله غزالاً كالتي لنا . . . في المسالمة.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
انطلاق فعاليات مبادرة «النظافة ثقافة» من ممشي بورتوفيق التاريخي
شهد اللواء أ. ح طارق حامد الشاذلى، محافظ السويس، تدشين فعاليات مبادرة «النظافة ثقافة» والتي نظمتها مديرية التربية والتعليم بالتنسيق مع المدرسة اليابانية بالسويس، وبمشاركة عدد من مدارس المحافظة تحت شعار “النظافة حكاية والسويس بداية الحكاية”، بهدف غرس قيم النظافة والحفاظ على البيئة في نفوس الطلاب وأفراد المجتمع، وذلك في إطار رؤية المحافظة لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بالسلوكيات البيئية.
تأتي هذه المبادرة في إطار تعزيز الوعي البيئي بين الطلاب وغرس قيم النظافة والانتماء للوطن، بالتزامن مع احتفالات مصر بعيد الشرطة.
حضر تدشين المبادرة الدكتور عبد الله رمضان، نائب المحافظ، واللواء أحمد الإسكندراني، السكرتير العام للمحافظة، وعبد العال البدري، السكرتير العام المساعد، وسلمى الشاعر مستشار المحافظ للتعليم و النائب جمال عبيد عضو مجلس النواب و سيد حمدان نائب مدير مديرية التربية والتعليم، ورؤساء الأحياء و مديرى عدد من المدارس والقيادات التنفيذية بالمحافظة.
وفي كلمته بهذه المناسبة، قدم المحافظ التهنئة للشعب المصري بمناسبة عيد الشرطة، مشيرًا إلى أن هذا اليوم يحمل ذكرى خالدة لنضال رجال الشرطة البواسل ضد الاحتلال، حيث سطروا بدمائهم الطاهرة صفحات من الفخر والعزة لتاريخ مصر.
وقال المحافظ: إن هذا اليوم هو شهادة للعالم بأن المصري دائمًا يتسم بالعظمة والشجاعة، ويتصف بحبه لوطنه الذي لا يتزعزع.
وأضاف المحافظ: اليوم، نحن هنا لنحتفل بهذه المناسبة الوطنية العزيزة مع الجيل الصاعد، أبنائنا وأحفادنا، لنغرس في نفوسهم قيم الانتماء والاعتزاز بتاريخ وطنهم مشيراً أن مصر بها خير أجناد الأرض، الذين أظهروا دائمًا صبرًا وثباتًا في مواجهة التحديات. ونحن كمصريين، علينا جميعًا أن نبدع في مجالاتنا، وننفذ مهامنا على أكمل وجه، لأن هذا هو السبيل لتحقيق النهضة التي نستحقها.
وأشار المحافظ إلى أن مشاركة الطلاب في مبادرة «النظافة ثقافة» هي انعكاس حي لفخرهم بمدينتهم السويس الباسلة، قائلاً: اليوم، يقف أحفاد السوايسة أمامنا، أحفاد الأبطال الذين سطروا بطولات خالدة في تاريخ الوطن. يجب أن يفتخروا بمدينتهم وبأنفسهم، وأن يكونوا سفراء لهذه المبادرة التي تهدف إلى جعل النظافة جزءًا من ثقافة مجتمعنا.
تشمل فعاليات المبادرة عدة أنشطة متنوعة، ومطويات ولافتات توعوية حول أهمية النظافة والحفاظ على البيئة. كما تم تنظيم حملات تنظيف بمشاركة واسعة من الطلاب مما يعكس روح التعاون والتكاتف بينهم.