قصّة مروّعة من صيدنايا.. تعذيبٌ طال سائقاً على خط عمّان - بيروت
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
"معروف عن السجون والأفرع الأمنية في سورية بأن الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، لم أكن أحلم يوما بأنني سأخرج من السجن، على الأقل لن أخرج منه حيا أو هكذا ظننت".
بهذه الكلمات يروي الأردني إبراهيم سليم فريحات سائق السفريات بين عمان ودمشق وبيروت مرحلة اليأس الإحباط التي وصل إليها حين كان يقبع في الزنزانة عاريا، تنهشه أنياب الرطوبة والبرد، وتخز أنفه رائحة العفن، بينما يقضي حكما جائرا وقع عليه بعد اعتراف انتُزع منه بأشد الطرق الوحشية واللاإنسانية على الإطلاق.
بداية القصة تعود إلى الثالث والعشرين من آذار عام 2008 عندما كان إبراهيم على وشك الانطلاق من عمان باتجاه دمشق مع حمولته من الركاب.
يومها، طلب منه أحدهم أن يوصل أمانة إلى شخص آخر في دمشق، إذ من المألوف أن يرسل الناس الهدايا والطرود بين العواصم مع سائقي السفريات.
كانت الأمانة عبارة عن حقيبة أراد الشخص المرسِل أن تكون هدية لأحد أصدقائه، ولأن الحقيبة فاخرة وفارغة لم يتردد إبراهيم في حمل الأمانة كما طلب منه.
وصل إبراهيم إلى دمشق وأوصل ركابه بسلام، واتصل بصاحب الحقيبة وحدد معه مكاناً للتسليم. لم يكن يعلم أن هذه اللحظة ستغير حياته إلى الأبد. فور تسليمه الحقيبة، أحاط به مسلحان ووضعا مسدسيهما على ظهره قبل أن يقيدانه ويعصبان عينيه ويلقيانه في سيارتهما... وكانت تلك بداية رحلته نحو المجهول.
انتهى المطاف بإبراهيم في أحد الأفرع الأمنية السورية، والمعروف باسم فرع فلسطين، وهناك تبين له أن الحقيبة كانت تحتوي على رسالة حول معلومات عن الجيش السوري مخفية داخل بطانة الحقيبة.
واجه إبراهيم أساليب تعذيب قاسية، شملت الصعق الكهربائي، التعليق من اليدين لمدة يومين، والتجويع. لم تكن هذه الأساليب تهدف فقط إلى انتزاع اعترافات، بل أيضاً إلى كسر الروح الإنسانية. إبراهيم، الذي أقسم عدم معرفته بمحتوى الرسالة أو أي نشاط مخالف، وجد نفسه، وحيداً ومحاطاً بالشكوك والتهم.
لم يكن الألم الجسدي هو الجانب الوحيد من معاناة إبراهيم. في زنزانة انفرادية، كان يقضي أيامه محاطاً بالصمت والخوف، والشوق للأهل والأحباب.
وهكذا تحول إبراهيم من مواطن يتمتع بكل حقوقه إلى مجرد رقم فصار اسمه السجين رقم "31".
بعد تعذيب شديد، وقف إبراهيم أمام محكمة أمن الدولة العليا في سوريا، ووُجهت إليه تهم التخابر مع جهات معادية ونقل معلومات عسكرية، وحُكم عليه بالسجن لمدة تجاوزت العقدين.
لم تكن المحاكمة سوى إجراء شكلياً لتثبيت الحكم؛ حيث لم يتمكن إبراهيم من الدفاع عن نفسه، ونقل إلى مسلخ سوريا البشري "سجن صيدنايا".
وبينما هو غارق في اليأس في زنزانته التي قضى فيها نحو 17 عاما ضج السجن وعلت التكبيرات في جنباته، وكأنه يوم القيامة. رجال مسلحون يفتحون أبواب السجن وسط ذهول المساجين الذين راحوا يتدافعون لاستنشاق عبق الحرية بعد سنوات عجاف التهمت أجسادهم وأرواحهم.
"سقط نظام الأسد" تلك الكلمة التي ترددت في أجواء السجن وقوبلت بفرح عارم لا يقل نشوة عن نشوة الحرية.
بخطوات مترنحة، سار إبراهيم لمسافة تصل إلى 35 كيلو متراً حتى وصل إلى العاصمة دمشق وهناك التقى بمجموعة من الشباب الذين ساعدوه على العودة إلى الأردن، حيث التقى أخيراً بعائلته.
إبراهيم اليوم بات بين أهله، لكنه يعيش مع ذكريات محفورة على جدران ذاكرته كتلك النقوش التي وجدت على جدران زنازين سجن صيدنايا. (الحرة)
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بيروت تحكي قصة 7 مدن لم ترو من قبل
وقد كشفت حلقة (2025/1/29) من برنامج "رحلة" التي تبث على منصة "الجزيرة 360" عن وجه جديد لهذه المدينة العريقة.
ولتوزيع المهام اعتمد فريق البرنامج المكون من سمية جمال بلقيس وابن حتوتة طريقة جديدة، حيث يقوم كل عضو باستكشاف المدينة من خلال حاسة مختلفة، وذلك عبر رمي زهر خاص يحدد لكل منهم الحاسة التي سيعتمد عليها في رحلته الاستكشافية.
وبدأت الرحلة بالطقس اللبناني التقليدي المتمثل في تناول القهوة مع صوت فيروز، أو المناقيش الطازجة، وأحيانا كليهما معا.
وفي شارع الجميزة التاريخي، استكشف الفريق الدرج الشهير الذي يعد مركزا ثقافيا نابضا بالحياة، حيث تقام الفعاليات الفنية والثقافية المتنوعة، ويعكس هذا المكان المزيج الفريد بين التراث المعماري القديم والحياة العصرية النابضة.
وفي ساحة الشهداء، توقف الفريق عند النصب التذكاري الذي يخلد ذكرى الشهداء الـ14 الذين أعدمهم جمال باشا السفاح عام 1916.
ويحمل المكان في تفاصيله آثار الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، بينما يقف المسجد والكنيسة المتجاوران شاهدين على روح التعايش في المدينة.
وفي شارع السرسق، استعرض الفريق تاريخ القصور العريقة التي كانت تميز المنطقة، والتي تحول معظمها إلى مبانٍ حديثة، باستثناء قصر سرسق الذي تحول إلى متحف، وقصر اللجنة، وقصر المسلخ.
إعلانوفي "بيت بيروت"، المعروف سابقا بمبنى بركات، شاهد الفريق معرضا فنيا بعنوان "ألو بيروت" يوثق ذكريات الحرب الأهلية، وتضمن المعرض أعمالا فنية مؤثرة تروي قصصا إنسانية من تلك الفترة، منها قصة امرأة حامل تعرضت للقنص.
فلافل صهيون
وفي محطة غذائية مميزة، زار الفريق محل "فلافل صهيون" العريق، الذي يعود تاريخه إلى ثلاثينيات القرن الماضي، حيث تعرفوا على أسرار الوصفة التقليدية التي تتوارثها العائلة عبر الأجيال.
وفي منطقة عين المريسة، استكشف الفريق حياة الصيادين التقليدية على كورنيش بيروت الشهير، قبل الوصول إلى صخرة الروشة، أحد أشهر المعالم السياحية في المدينة.
وفي الجانب الإنساني، توجه الفريق إلى مخيم برج البراجنة، حيث التقوا بمجموعة من النساء اللاتي يعملن في مسرح المخيم.
وكشف اللقاء عن احتياجات المسرح للمعدات الأساسية مثل الإضاءة والميكروفونات، مما دفع الفريق للمساهمة في توفير هذه الاحتياجات.
وفي لقاء مؤثر مع نساء المخيم، كشفت المشاركات عن تجاربهن مع الفقدان والغياب، وكيف أصبح المسرح وسيلة للتعبير عن معاناتهن وآمالهن، وتحدثت إحدى المشاركات، وهي أخت لـ3 شهداء، عن كيف ساعدها المسرح في التعامل مع ألم الفقد والتشتت.
وأظهر البرنامج كيف تحافظ بيروت على هويتها الثقافية المتعددة رغم كل التحديات، من خلال مزيج فريد من المعالم التاريخية والنشاطات الثقافية والمبادرات الإنسانية، وكشفت الحلقة عن وجه إنساني للمدينة يتجاوز صورتها السياحية المعتادة.
وعكست التجربة كيف تجمع بيروت بين ذاكرة الماضي وتحديات الحاضر، حيث تتعايش آثار الحرب مع مظاهر النهضة الثقافية والفنية، وكيف تحافظ المدينة على روح التضامن والتكافل الاجتماعي رغم كل الظروف الصعبة.
29/1/2025