لعنة الحرب تلاحق صيادي لبنان.. تحديات في قطاع يواجه الانهيار
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
نهض لبنان من حرب عنيفة ألقت بظلالها الثقيلة على كل مؤسساته وقطاعات اقتصاده لفترة قصيرة، لكنها تركت آثاراً عميقة لا يزال يشعر بها اللبنانيون في حياتهم اليومية، ويعيشون تبعاتها حتى اليوم.
تلك الحرب، التي كانت كالعاصفة المدمرة، أوقفت عجلة الحياة لفترة من الزمن، ولكنها لم تقتلع جذور الحياة من هذا البلد.
يظل صياد السمك، الذي يعايش البحر كل يوم، رمزاً للكفاح والصبر. هو الذي ينزل إلى البحر صباح كل يوم، متسلحاً بأدواته البسيطة، قلبه مليء بالأمل وعينيه تبحث عن فرص الرزق التي قد تأتيه من أعماق البحر. برغم كل التحديات التي فرضتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية، يبقى الصياد يحمل بين يديه حلمَ تأمين لقمة العيش له ولأسرته، وكل ما يطمح إليه هو شباك مليئة بالأسماك، تكفيه كي يعيش بكرامة، في مواجهة الحياة بكل صعوباتها. وصياد السمك في لبنان ليس مجرد عامل في قطاع اقتصادي، بل هو صورة من صور الإرادة والصمود. يواجه مصاعب البحر وظروف الحياة القاسية، لكنه لا يتخلى عن الأمل. هو مثل لبنان نفسه، بلد تحدى المحن وعاش رغم الأزمات، مصراً على النهوض مجدداً، مهما كانت التحديات. فكيف يعيش الصياد اليوم بعد هذه الحرب؟ في حديثنا مع نقيب صيادي الأسماك في صور، سامي رزق، كشف لـ"لبنان 24"، أنّه "بتاريخ 8 تشرين الأوّل 2023، توقفت أعمالنا لمدة تقارب الشهر، وعند استئنافنا العمل بعدها، كان ذلك بشكل محدود. بالطبع، تأثرنا بشكل كبير بتعطل نظام الـ "GPS"، الّذي يُعتبر من العناصر الأساسية في عملنا. فعند خروجنا للصيد، نستخدم الـ" GPS" لتحديد وجهتنا وأهدافنا. وعندما واجهنا التشويش على النظام، أصبح من المستحيل تحديد الأماكن بدقة. على سبيل المثال، عندما نضع الشباك أو الصنارة في منطقة معينة، لا نتمكن من العودة إليها في الليل لمتابعة الصيد. بالإضافة إلى ذلك، تعطلت أجهزة الرادار الخاصة بالمياه، مما شكل عائقاً كبيراً في أداء مهمتنا."
أضاف: "عقب تفجير أجهزة البيجر، توقفت أعمالنا بشكل كامل، حيث أغلقت المسامك ولم يعد هناك أي طلب على الأسماك، فتعطلت حركة العمل تماماً. ثمّ صدرت أوامر من قوات الاحتلال التي فرضت منع خروج أي زورق من الميناء. وفي تلك الفترة، كانت هناك فقط أربعة أو خمسة زوارق تعمل، مما أدى إلى حالة من الشلل التام في القطاع."
وعن حالة صيادي الأسماك بعد توقف الحرب، أشار رزق إلى أنّ: "اليوم، بعد حوالى شهر من استئناف العمل في ظل حالة وقف إطلاق النار، نواجه مشكلة جديدة، حيث أصبح السمك الّذي ننتجه يباع بنصف قيمته أو حتى أقل. في وقت تتزايد فيه أسعار معظم السلع في لبنان، نجد أن سعر السمك يواصل انخفاضه".
تابع: "على سبيل المثال، كيلو سمك اللقز الذي كنا نبيعه بمليوني ليرة أصبح سعره 700 ألف ليرة فقط، وسمكة السلطان التي كانت تباع بمليوني ليرة تراجع سعرها إلى 500 ألف ليرة. في الواقع، معظم الأصناف الأخرى أصبحت تباع بأقل من نصف سعرها المعتاد." وأوضح رزق أن "السبب في ذلك يعود إلى أنّه لا يوجد طلب على الأسماك في الوقت الراهن. ونحن نعتمد أساساً على المطاعم والحركة الاقتصادية التي توقفت بشكل شبه كامل، ولقد أصبحنا تقريباً لمدة عام بدون أي دخل ثابت. والمشكلة تكمن في أن أدوات الصيد التي نشتريها لا تزال بأسعار مرتفعة، مما يزيد من الأعباء المالية على الصيادين. هذا الوضع أجبر العديد من الصيادين على التوقف عن الخروج للعمل، إذ يخرجون مرة واحدة ثم يعودون للقيام بإصلاح شباكهم دون أن يحققوا أي أرباح تكفي لتغطية تكلفة إصلاح الشبك".
وإعتبر أنّ "هذه الحرب أتت بتداعيات مختلفة، حيث لم يتم النظر إلى وضع الصيادين بشكل جاد. على عكس عام 2006، حين قدمت الهيئة العليا للإغاثة دعماً لنا استمر لمدة شهرين، وفي عام 1995،حين قام مجلس الجنوب بتوفير معاشات لنا استمرت لمدة ستة إلى سبعة أشهر".
وأكّد أن الخسارة الأكبر أتت في الأشهر الّتي يكسب فيها الصياد بشكل كبير، قائلاً: "عادةً ما نعمل في شهري تشرين الأول والثاني بشكل مكثف استعداداً لموسم الشتاء، إلا أن هذا العام لم نتمكن بعد من تجهيز "المونة" أي البضائع التي يمكننا بيعها في الشتاء، فمع قدوم الشتاء الّذي يحمل العواصف والأمطار، بات من المستحيل أن نتمكن من الذهاب إلى العمل".
أما بالنسبة للأضرار التي لحقت بالصيد، فقد كشف رزق عن "أن القوارب التي توقفت لفترات طويلة بحاجة إلى صيانة تكلف ما بين 200 و 300 دولار، ولا نملك اليوم القدرة على إجراء هذه الصيانة".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: صفقة التبادل تسير بشكل صحيح والعودة إلى الحرب مستبعدة (فيديو)
علّق الدكتور سهيل دياب، أستاذ العلوم السياسية، على البيان الصادر عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الذي اتهم الجيش الإسرائيلي بالتباطؤ في تنفيذ عملية تسليم الأسرى الفلسطينيين وفتح الشوارع أمام النازحين في غزة، قائلا: «هذه المحاولات من قبل إسرائيل تهدف إلى «تنغيص» فرحة الفلسطينيين بإتمام الصفقة».
وأكد دياب، خلال مداخلة لقناة «القاهرة الإخبارية»، أن إسرائيل أغلقت شارع صلاح الدين، ما أدى إلى تعطيل عملية عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة، لافتا إلى أن إسرائيل كانت تسعى إلى إيجاد معوقات أمام الصفقة، لكنها في النهاية ستضطر إلى فتح الشوارع كما كان مقررا.
وأشار إلى أنه رغم هذه المعوقات، فستسير الصفقة بشكل صحيح، والعودة إلى الحرب أصبحت أبعد من أي وقت مضى.
وفيما يخص التصريحات غير الرسمية حول العودة إلى الحرب في غزة، أشار دياب إلى أن هذه التصريحات قد تكون من قبل عناصر متطرفة في الحكومة الإسرائيلية، ولكن الرأي العام الإسرائيلي، كما أظهرت استطلاعات الرأي، يميل إلى تأييد وقف الحرب بنسبة 78%.
أما عن التصعيد المحتمل في الضفة الغربية، فقد أوضح دياب أن الضفة الغربية ستظل «مشتعلة» طالما لم تبدأ المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية من الصفقة.
اقرأ أيضاًالبيت الأبيض يلغي قرار تعليق إرسال قنابل تزن 2000 رطل لإسرائيل
الاحتلال يعتقل شقيق الأسير المحرر أشرف الزغير
الأسرى الفلسطينيون المبعدون يغادرون معبر رفح باتجاه القاهرة