أحد قصور صنعاء التاريخية يتعرض للانهيار .. والسبب
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
وأطلق ناشطون ومتخصصون في علم الآثار في صنعاء نداء استغاثة بعد تهدّم أجزاء من سور قصر غمدان، أو ما يسمى بـ«قصر السلاح»، محذرين من انهيار القصر بما يمثله من قيمة تاريخية ومعنوية لليمنيين، إلى جانب الخطر الذي يتهدد سكان المنازل المجاورة للقصر.
وتسبب تقاعس وإهمال الانقلابيين الحوثيين ونهبهم مخصصات الهيئات المعنية بالحفاظ على الآثار والمتاحف والمدن التاريخية بتعرض العديد من المواقع والمعالم الأثرية للعبث والنهب والتدمير المنظم، ومنها قصر غمدان الذي يتعرض سوره الضخم حالياً للانهيار، باعتراف القيادات الانقلابية التي تدير هيئة الآثار في صنعاء.
وخلال الشهر الحالي زارت هذه القيادات قصر غمدان الواقع شرق العاصمة صنعاء، وأقرّت بوجود أضرار بالغة في القصر وأسواره ومكوناته ومرافقه المعمارية وفي المسجدين اللذين ما زالا قائمين في باحته، إلا أنها اكتفت بمناشدة رجال المال والأعمال تقديم المساعدة لإنقاذ القصر، وهو ما يتبعه الانقلابيون عادة في تنصل واضح من المسؤولية.
ونقلت صحيفة«الشرق الأوسط»،عن سكان في محيط القصر مبدين مخاوفهم الكبيرة من استمرار تهدم أجزاء من سور القصر وسقوط أحجار منه على مقربة من منازلهم؛ ما يُهدد حياتهم وسلامتهم وأطفالهم، خصوصاً في ظل استمرار هطول الأمطار، والتي يتوقع أن تتزايد خلال الأسابيع المقبلة.
مطالب بالصيانة:
من جهتها، أكدت المصادر المطلعة أن القصر الذي يعدّ مدينة متكاملة ويحوي مساحات كبيرة؛ يتعرض للإهمال والعبث والتخريب المتعمد، خصوصاً بعد تحويل الميليشيات الحوثية أجزاء كبيرة منه معسكراً تدريبياً ومخازن للسلاح، واستخدام بعض منشآته سجوناً وأقبية سرية للمعتقلين والمخفيين قسرياً.
ودعا السكان والعاملون في مجال الآثار في صنعاء المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، إلى تحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها في الضغط على حكومة الانقلاب غير المعترف بها للالتزام بترميم أسوار ومكونات وملحقات القصر الأثري وصيانته بشكل دوري، وإزالة الاعتداءات والاستحداثات التي ارتكبها الانقلابيون في باحاته.
وأوضحوا للصحيفة بأن غالبية الآثار اليمنية، لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين، وتواجه خطر الهدم والسرقة والنهب، محذرين من «فقدان مدينة صنعاء القديمة قيمتها ضمن مواقع التراث العالمي، بفعل ما تتعرض له منازلها وأسوارها وأسواقها من استهداف حوثي بالتشويه والهدم والعبث وطمس المعالم، وممارسات أخرى تستهدف روح المدينة وذاكرتها».
استهداف متعمد:
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، اتهمت تقارير محلية ودولية الانقلابيين الحوثيين بشنّ حرب وحشية منظمة استهدفت مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارةً بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف أو تحويلها مخازن أسلحة وثكنات عسكرية.
وكان مسؤولون في هيئة الحفاظ على المدن التاريخية الخاضعة للانقلاب، اتهموا في وقت سابق الميليشيات الحوثية بالوقوف خلف استهداف ما يزيد على 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً بالتدمير والنهب والقصف والتحويل ثكنات منذ انقلابها على السلطة أواخر عام 2014.
وأفاد المسؤولون في أحاديث سابقة بأن آلة التدمير والتفجير الحوثية ظهرت بشكل علني وواضح ضد الموروث اليمني، عقب الانقلاب، وأشار إلى وقوف إيران وراء ذلك، حيث ظهر أن «بصماتها واضحة، وهي مَن تقف خلف تلك الجرائم المرتكَبة بحق ذاكرة المجتمع اليمني والعربي على حد سواء». ويعدّ قصر غمدان الشهير في صنعاء من أهم الأماكن الأثرية التاريخية، حيث يتميز بروعة الهندسة المعمارية وبنائه من البوفير والجرانيت والمرمر ومواد أخرى، ويتكون من 20 طابقاً بين الطابق والآخر مسافة عشرة أقدام، ويبلغ ارتفاعه نحو 360 متراً، حسب مؤرخين. كما يعدّ قصر غمدان واحداً من أقدم القصور ومن عجائب الهندسة المعمارية اليمنية،
ويروى أن الملك سيف بن ذي يزن آخر ملوك الدولة الحميرية الذي حكم في القرن السادس الميلادي سكن فيه، وجاء ذكره في كتاب «الإكليل» للمؤرخ اليمني أبو محمد الحسن الهمداني، ووصفه الرحالة محمد القزويني بإحدى عجائب بلاد العرب. وتزايدت في السنوات الأخيرة، خلال فترة الانقلاب والحرب، أعمال سرقة وتهريب الآثار بشكل كبير إلى خارج البلاد، ونشطت عمليات بيع الآثار اليمنية في مزادات عالمية متخصصة حول العالم.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
كيف تصاعدت الهجمات الحوثية على إسرائيل؟
لسنوات، كان الحوثيون العدو الذي لم يكن معظم الإسرائيليين يعرفون عنه شيئاً.
الحملة ضد الحوثيين في اليمن ليست حتى الآن أحد أهداف الحرب
حالياً، تعمل الميليشيا المدعومة من إيران والتي تسيطر على جزء كبير من شمال اليمن، على بعد أكثر من ألف ميل من إسرائيل، على إبقائهم مستيقظين طوال الليل - حرفياً - بسلسلة من الهجمات على الأراضي الإسرائيلية.
ويقول المحللون إن إسرائيل تكافح من أجل وقفهم في مواجهة التحدي المتمثل في الافتقار إلى المعلومات الاستخباراتية الدقيقة حول مكان وجود قادة المجموعة ومخازن الأسلحة.
بعد أشهر من إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار المتفرقة نحو إسرائيل، صعد الحوثيون مؤخراً حملة ضد إسرائيل، وأطلقوا صواريخ باليستية تجاهها كل ليلة تقريباً على مدار الأسبوع الماضي.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن الميليشيا لم ترتدع حتى بعد أن نفذت طائرات الحرب الإسرائيلية يوم الخميس جولتها الرابعة والأكثر جرأة من الضربات الانتقامية في اليمن، مما أدى إلى تضرر المطار الدولي في العاصمة صنعاء والبنية التحتية الأخرى.
In the past, Israel’s radars suffered from a significant blind spot, unable to see beyond Mt. Hermon and parts of Lebanon from their position on Mt. Meron. Iran's low-flying drones exploited this weakness, infiltrating Israel time and time again. 3/7 pic.twitter.com/JHHa8BIHuC
— Naftali Hazony (@nhazony) December 9, 2024ثم أطلق الحوثيون صاروخاً باتجاه تل أبيب قبل فجر الجمعة وآخر حوالي الساعة الثانية صباحاً يوم السبت، مما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار. تم اعتراض كلا الصاروخين، لكن صفارات الإنذار أرسلت ملايين الأشخاص إلى الملاجئ.
وتذكر الصحيفة بأن الميليشيا صمدت رغم الضربات الأمريكية والبريطانية رداً على هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر. وهي الآن تظهر مرونة مماثلة في مواجهة إسرائيل.
وقال زوهار بالتي، المدير السابق للاستخبارات في الموساد، والمدير السابق للسياسة في وزارة الدفاع الإسرائيلية: "لدينا مشكلة". وأضاف أن إسرائيل، بمفردها، لا تملك "براءة اختراع" لحل المشكلة.
Syria’s Rebel Leader Is No Moderate by @adesnik @billroggio @WSJopinion @FDD https://t.co/ktIN15UYvE
— Juan Zarate (@JCZarate1) December 30, 2024ويقول الخبراء إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تضع اليمن على رأس أولوياتها قط ولم تبذل جهوداً في جمع المعلومات الاستخبارية عن الحوثيين على مر السنين.
ولفت بالتي إلى أن إسرائيل "كانت لديها الكثير من التحديات"، مستشهداً بإيران وبرنامجها النووي، ومسلحي حماس في غزة، وميليشيا حزب الله المدعومة من إيران في لبنان، ورأى أن "الأمر قد يستغرق أياماً أو أسابيع أو أشهراً، ولكن في النهاية ستمتلك إسرائيل المعلومات الاستخباراتية اللازمة".
وفي البداية، بدا التهديد الذي تواجهه إسرائيل من الحوثيين بعيداً مقارنة بالتهديد الذي تشكله حماس على حدودها الجنوبية وحزب الله على حدودها الشمالية. إذ تستغرق طائرات الحوثي الهجومية بدون طيار حوالي 10 ساعات للوصول إلى ميناء إيلات بجنوب إسرائيل. وغالباً ما يتم اعتراضها، وكذلك الصواريخ البالستية التي تمثل مصدر ازعاج أكثر من الخطر.
لكن طائرة بدون طيار أطلقها الحوثيون في يوليو (تموز) اتخذت مساراً مختلفاً، إذ فقد حلقت من الغرب فوق ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتهربت من دفاعات إسرائيل واصطدمت بمبنى سكني في تل أبيب، المركز التجاري للبلاد، مما أسفر عن مقتل رجل وإصابة العديد من الأشخاص الآخرين.
وردت إسرائيل في اليوم التالي بأول وابل من الغارات الجوية على اليمن، فقصفت ميناء الحديدة الحيوي على البحر الأحمر، والذي تسيطر عليه ميليشيا الحوثي.
واستمرت عمليات تبادل إطلاق النار عن بعد حتى مع تراجع المعارك المتعددة الأطراف التي تخوضها إسرائيل في المنطقة. فقد تضاءلت القدرات العسكرية لحماس بشكل كبير، ودخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ في أواخر نوفمبر(تشرين الثاني)، وسقطت حكومة الأسد في سوريا. ولكن الحوثيين بدأوا في تصعيد الهجمات على إسرائيل.
وأشار أساف أوريون، العميد الإسرائيلي المتقاعد والزميل الدولي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن الحملة ضد الحوثيين في اليمن ليست حتى الآن أحد أهداف الحرب التي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية منذ هجوم حماس العام الماضي.
وقال: "لا توجد حلول بسيطة للمشاكل المعقدة. في نهاية المطاف، هذه ليست مجرد مواجهة بين إسرائيل والحوثيين، بل هي جزء من صراع إقليمي ودولي".