إتصال ميقاتي- الشرع جرى بعد سقوط النظام السابق وبو حبيب في سوريا بعد الاعياد
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
يستمر الاهتمام بملف العلاقات اللبنانية- السورية، وكان لافتا في هذا الصدد اعلان "تلفزيون سوريا" ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصل بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وأبلغه أنه "سيُوفد قريباً وفداً حكومياً رسمياً إلى دمشق للبدء بمعالجة الملفات".
كما نقل" ان ميقاتي والشرع أكدا "أهمية حل الأزمات العالقة وإعادة فتح السفارات بين الجانبين".
اوساط حكومية معنية اكدت" ان الرئيس ميقاتي اتصل بالشرع بعد سقوط النظام السابق في دمشق واوعز رئيس الحكومة الى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب باعادة فتح السفارة اللبنانية في سوريا التي كانت اغلقت بعد الاحداث هناك.كما اعطى رئيس الحكومة توجيهاته للأجهزة الأمنية اللبنانية للتعاون مع السلطة السورية الجديدة، وهذا ما ترجم على أرض الواقع منذ ذاك الحين وهو مستمر حتى هذه اللحظة".
وشددت الاوساط" على ان رئيس الحكومة كلف وزير الخارجية زيارة دمشق للبحث في العلاقات بين البلدين، وان الزيارة ستتم بعد الاعياد، في حين علما ان بو حبيب اكد في اتصال مع نظيره السوري أسعد حسن الشيباني " ان لبنان يتطلع إلى أفضل علاقات الجوار مع سوريا".
رئاسيا، لا يزال التفاؤل بأن تكون جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل، التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، منتجة ومثمرة خلافًا لسابقاتها الاستعراضية، وتفضي فعلاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ماثلاً في الأوساط السياسية، على الرغم من أنّه لم يترجم حتى الآن على أرض الواقع، حيث تبقى مواقف مختلف الكتل السياسية على حالها، وكأنّها تنتظر "ربع الساعة الأخير" من أجل فتح أبواب التوافق والتفاهم بصورة "جدّية".
وفي حين كان البعض يعتقد أنّ مناسبة عيد الميلاد قد تشكّل "فرصة" لنوع من الخرق، على هامش القداديس التي تعمّ المناطق، ولا سيما منها قدّاس بكركي، إلا أنّ أيّ تطوّر من هذا النوع لم يُرصَد.
هذا التفاؤل يبقى "مضبوطًا" بمعادلات لم تتقاطع حتى إثبات العكس، حتى إنّها لم تلتقِ بمنتصف الطريق، بدليل أنّ المعادلات السابقة لم تتغيّر بعد، بما في ذلك ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، الذي كان يُعتقَد أنّه سيسحب اسمه من السباق الرئاسي، ليفتح الباب أمام التوافق، فإذا به يعلن الاستمرار بترشيحه، نتيجة غياب التوافق على "بديل" واضح، ولو أنّ كثيرين قرأوا في إعلانه هذا "انسحابًا غير مباشر" لا يصل لمستوى الخسارة.
وإذا كان صحيحًا أنّ اللقاءات التي سُجّلت على هامش قداديس عيد الميلاد لم تُحدِث "الخرق المنتظر" الذي يمكن أن يمهّد الطريق لنوع من التوافق، فإنّ الصحيح أيضًا وفق ما تقول أوساط سياسية، هو أنّ البحث "الجدّي" لم يبدأ بعد، وهو قد لا يحصل عمليًا حتى مطلع العام المقبل، وذلك بعد أن تنقضي عطلة الأعياد، فيتم حينها "تفعيل" المبادرات المجمّدة، وهو ما يفسّر استمرار مختلف الأفرقاء بالمناورات ورفع الأسقف حتى الآن. المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الحکومة
إقرأ أيضاً:
تحت ظلال واشنطن.. أنظمة العمالة والانبطاح تنحر فلسطين وتبيع سوريا
يمانيون/ تقارير من قلب مجلسِ الأمن الدولي، وفي أول ظهورٍ علني لمسؤولٍ سوريٍّ رفيعٍ في واشنطن منذ سقوط النظام السابق، جاء التصريح الصاعق: “سوريا لن تمثِّلُ تهديدًا لأية دولة، بما فيها (إسرائيل)”.
هكذا صرّح أسعد الشيباني، وزير الخارجية في سلطة الأمر الواقع بقيادة أحمد الشرع (الجولاني)، في رسالةٍ لم تكن موجهةً للعالم بقدر ما كانت بلاغَ ولاء معلَن لمِظلة الاحتلال الأمريكي الصهيوني.
تصريحٌ لا يُفهَمُ خارجَ سياق مشروع إقليمي يُدارُ من غرفٍ مظلمة، ويعاد تشكيلُه على جثث الشهداء وركام المدن؛ فالمنطقةُ اليومَ تشهدُ تحوّلًا جذريًّا في مفهومِ “العدوّ الحقيقي”، حَيثُ أصبحت المقاومةُ تُقمَعُ لا تُكرَّم، والجهاد يُجرَّمُ لا يُحتفَى به، باسم “الشروط الأمريكية” لرفع العقوبات، أَو بالأحرى: شروط الولاء والخنوع.
سوريا ما بعد السقوط.. مشروعٌ أمريكي على مقاس “إسرائيلي”:
في مشهدٍ لا يفسَّرُ إلا بميزانِ الخِيانة والارتهان، أطلَّ وزيرُ الخارجية السوري الجديد، “أسعد الشيباني”، ليعلن أن “سوريا لن تمثل تهديدًا لـ (إسرائيل)”، في تصريحٍ يُعد أول ثمرة علنية لحكم أحمد الشرع (الجولاني)، الرئيس الانتقالي لسوريا ما بعد الأسد.
هذا التصريح -وما سبقه من مواقفَ وتحَرّكاتٍ- يكشفُ عن مشروعٍ خطير يُرادُ له أن يُغطِّيَ المشهدَ السوريَّ والوطن العربي الكبير، قائمٍ على إعادة تأهيل أدوات الإرهاب المسلح ببدلات دبلوماسية، وإلحاق سوريا رسميًّا بمحور التطبيع.
هذه ليست مُجَـرّد مواقفَ سياسية، بل إرهاصات تحولات استراتيجية تقودُها واشنطن بتواطؤ تركي سعوديّ، ومجسَّات “تل أبيب” تعملُ ليلَ نهارَ على ضبط إيقاع المرحلة القادمة بما يخدُمُ أمنَها الاستيطاني ومشروعَها التوسعي.
فبعد أن أصبح أحمد الشرع الوجهَ “المدني” الجديدَ للمشهد السوري، ها هو الجولاني -الذي تقمص عباءة الرئيس- يُمنِّي النفسَ بلقاء مع ترامب بترتيبٍ سعوديٍّ، معلِنًا استعدادَه لـ “التطبيع الكامل مع الكيان الغاصب إذَا توفرت الشروط”.
لكن ما هذه الشروط؟ هل هي العدالة، أَو الحرية، أَو وقف العدوان على غزة؟ لا.. إنها ببساطة: قمع الفلسطينيين، اعتقال المقاومين، وإظهار حُسن النية للاحتلال الصهيوني.
وما بين سطور هذا التحول، يتجلَّى المشهدُ أن “الشرعَ” ووزيرَ خارجيته “يلعبان لُعبةً مزدوجة”، في محاولةٍ لتمريرِ مشروعهم دونَ صدمةٍ مفاجئة للشعب السوري المغلوب على أمره، عبر خطابٍ مموَّه حتى تكتملَ ترتيباتِ اللحظة الحاسمة.
الكيان الصهيوني على أبواب دمشق.. والخيانة ترتدي بدلةً رسمية:
ليس عبثًا أن يعادَ تأهيلُ الجولاني –أحد رموز الجماعات المسلحة سابقًا– ليكون رأس السلطة الانتقالية في سوريا؛ فالرجل لا يمثل مشروعًا وطنيًّا، بل خطة أمريكية مركَّبة لتحويل سوريا من قلعة مقاومة إلى ساحة نفوذ يتقاسمُها الوكلاء.
عودةُ دونالد ترامب إلى المشهد السياسي تعني أَيْـضًا عودةَ الرؤية النفعية التي ترى في التطبيع عربونَ ولاء يجب دفعُه مقدَّمًا، وفي تصريحٍ لافت، أشار ترامب إلى نيته “استكمالَ اتّفاقيات أبراهام”، واضعًا سوريا ضمنَ قائمة الدول المرشَّحة للحاق بالركب.
ووسط هذا المسعى، يتعهَّد محمد بن سلمان بتنسيق لقاء بين “الشرع وترامب” خلال فترة الزيارة القادمة، فيما يبدو أنه ترتيبٌ تتقاطع فيه مصالح التطبيع مع أهداف إخراج سوريا من الحصار، ولكن بثمن الوطن والسيادة.
وبينما تتغنَّى واشنطن بـ”توسيع اتّفاقيات أبراهام”، وتدفع أنظمتها الوظيفية إلى حظيرة التطبيع، يختلطُ المشهد السوري بأصوات تركية وسعوديّة وصهيونية، تتصارع على الغنائم، وتتصادم على التمثيل، غير أن هناك مَن حسم الأمر.
تركيا –كما يؤكّـد ترامب– هي الوكيل الأجدر، والشريك العقائدي للجماعات المسلحة، والوجه المقبول لأمريكا وللداخل الشعبي في المشهد السوري، أما السعوديّة، فتلعب دور المهرِّب السياسي الذي ينسِّقُ اللقاءاتِ بين التائبين الجدد للهيكل الصهيوني.
لكن اللُّعبة أعقدُ مما تبدو، فـ”إسرائيل الكبرى” لا تحتمل وكلاءَ مختلفين، والمجرم نتنياهو الذي يرقُبُ التمدُّدَ التركي في الشمال السوري بدعمٍ أمريكي، لا يرى في هذا التموضع إلا تهديدًا استراتيجيًّا لمشروعه؛ ما ينذر بصدامٍ غير مباشر –وربما مباشر– على الساحة السورية.
الخِذلان العربي الإسلامي.. حين تُذبَحُ غزةُ في صمت الحلفاء:
وسط هذا الانهيار المتسارع، تغيب غزة عن المشهد السياسي العربي والإسلامي الإقليمي، إلا حين تُستخدَمُ ورقةً لتبرئة الخيانة، وبينما يتقاتل الوكلاء على تمثيل المشروع الأمريكي الصهيوني في سوريا، تُذبح غزة كُـلّ يوم على مرأى من أنظمة فقدت شرفَ النصرة وشجاعة الموقف.
بعضُ الأنظمة العربية، التي تجاهر بعدائها لإيران أَو للمقاومة عُمُـومًا، تجنِّدُ نفسَها وإعلامها لقتل الروح الفلسطينية بالوكالة، وتبث سموم التمزيق والتفرقة والفتنة فيما تغسل عارَها في حفلات الترفيه، ومهرجانات التطبيع، أَو محاربة “فلول النظام السابق” كما في سوريا الجديدة.
أما جيش الاحتلال الصهيوني، فيواصل الزحف ويقضمُ كُـلَّ يوم جزءًا من الأرض والشرف السوري، ويطرُقُ أبوابَ دمشق بصمت؛ لأَنَّ الطريق ممهدة؛ ولأن “السلطةَ” تلهو بجولاتها الدبلوماسية؛ فهي من تؤكّـد أنها لا تمثِّلُ تهديدًا للكيان؛ ما يعني أن الكَيانَ أَيْـضًا لا يمثِّلُ تهديدًا لها حتى ولو دخل إلى دمشق.
وفيما الصراعُ على تمثيلِ الدور الأمريكي في سوريا لا يقتصرُ على الشرع والأنظمة المطبِّعة، بل يمتدُّ ليشملَ الوكلاءَ الإقليميين المتنافسين، يترسَّخُ مشهدٌ قادمٌ من التصعيد، تتداخل فيه سيناريوهات حروب الوكالة، حَيثُ لكُلِّ طرف طموحاتُه الاستعمارية، وكلهم يتاجرون بالأرض السورية ويقايضونها في مزاد الدم.
تحوُّلاتٌ خطيرة.. لكنها ليست قدرًا:
في ضوء هذه الوقائع، يمكن القول إنّ المنطقة مقبلة على مرحلةٍ أكثر خطورة وتعقيدًا؛ فالأنظمة العميلة –وإن بدت قويةً– تعيشُ على الأوكسجين الأمريكي، ومشروعها غيرُ قادر على الصمود طويلًا أمام الوعي المتصاعد، والمقاومة المتجددة.
سوريا ليست للبيع، وفلسطين ليست ورقة تفاوض، والأيّام القادمة –رغم كُـلّ التنازلات– ستشهد ارتدادَ هذه الخيانات إلى صدور أصحابها؛ لأَنَّ الحق لا يموت، والمقاومة لا تُهزم إلا إذَا قرّر أصحابُها الانبطاح.
هذه ليست نهايةَ الحكاية، ورغم هذا السواد؛ فَــإنَّ المشروع الأمريكي لن يصمد طويلًا على أنقاض الشعوب الحرة، فالسلطات التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية، ورضعت الولاءَ من أعداء الأُمَّــة، لا يمكنُ أن تمثِّلَ إرادَةَ الجماهير.
وسوريا –التي تترنَّحُ اليومَ– ستنهَضُ من جديد؛ لأَنَّ روحَ المقاومة لا تُغتال؛ ولأنَّ مَن تآمروا عليها وعلى فلسطين، سيأكلهم التاريخُ عاجلًا أم آجلًا؛ ولأنها معركة وعي وصمود، وميزان الحق بدأ يميلُ من جديد نحوَ الشعوبِ التي لم تنكسر، ولم تتخلَّ، ولن تفرِّط.
نقلا عن المسيرة نت