سواليف:
2025-03-10@20:09:55 GMT

اضحكوا مع نظام بوتين الدولي الجديد!

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

اضحكوا مع نظام بوتين الدولي الجديد!

اضحكوا مع #نظام_بوتين_الدولي_الجديد!

د. #فيصل_القاسم

لو أحصينا التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير #بوتين منذ سنوات حتى الآن حول ضرورة إنشاء نظام دولي جديد، لربما تجاوزت المائة تصريح وربما أكثر، فهو لا يكل ولا يمل من المطالبة بتغيير النظام الدولي الذي ظهر بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية تسعينيات القرن الماضي.

ويعتقد بوتين أن تفكك النظام السوفياتي الذي نافس #أمريكا على قيادة العالم لحوالي نصف قرن من الزمان كان أكبر كارثة تحل بالأمة الروسية، لهذا لا بد من إحياء النفوذ الروسي ليعود منافساً قوياً لأمريكا وحلفائها الغربيين. لا شك أن من حق بوتين وغيره أن ينتقد النظام الدولي الحالي، فهو نظام طاغوتي وديكتاتوري بكل المقاييس، ويجب أن يتغير البارحة قبل اليوم، ولا بد أن تتغير معه أيضاً تركيبة مجلس الأمن الدولي الذي يحكم العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بديكتاتورية مقيتة. هل يعقل أن خمس دول كبرى تتحكم وتقرر مصير البشرية جمعاء؟ أليست هذه قمة الطغيان كما وصفها المفكر البريطاني الراحل توني بن؟
بعبارة أخرى، لا غبار أبداً على مطالبة بوتين بنظام دولي متعدد الأقطاب، لا بل إن من حق كل الأصوات المطالبة بتغيير هيكلية الأمم المتحدة وإضافة أعضاء جدد إلى مجلس الأمن ليكون أكثر تمثيلاً للبشرية وانعكاساً للتحولات الدولية، من حقها آن تستمر في المطالبة بتغيير النظام. لا أحد يختلف معها، لكن هل يريد بوتين فعلاً نظاماً دولياً متوازناً وعادلاً لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة لشعوب المعمورة؟ إن من يسمع تصريحات الرئيس الروسي المتكررة يأخذ الانطباع أن قلبه يتقطع على عذابات الشعوب المسحوقة، ولم يعد يطيق الطغيان الغربي والأمريكي تحديداً فوق رقاب أكثر من سبعة مليارات إنسان في عموم العالم. لكن هل يريد بوتين العدالة حقاً، أم إنه فقط يريد حصة أكبر من الكعكة الدولية كي يعيد بعض أمجاد الاتحاد السوفياتي البائد؟ من المعروف تاريخياً أن كل القوى التي وجدت لديها فائض قوة، حاولت دائماً تصديره إلى الخارج استعماراً واحتلالاً وغزواً وهيمنة وسيطرة على البلدان الضعيفة. وهذه حقيقة تنسحب على كل القوى التي سيطرت على الآخرين عبر التاريخ، بمن فيها المسلمون أنفسهم، الذين فقط غيروا تسمية الاستعمار إلى «غزوات»؟

هل يريد بوتين أن يقول لنا إن غزو أوكرانيا وتدميرها وتهجير الملايين من شعبها مبرر شرعي لإنشاء نظام دولي جديد، أم إنها غزوة استعمارية وحشية مثلها مثل كل الحروب الاستعمارية؟

مقالات ذات صلة خطر الغلو في الصالحين 2023/08/18

لا ننسى أن كل القوى الاستعمارية تاريخياً رفعت شعارات «براقة» لتبرير غزواتها، فالمستعمر الغربي مثلاً رفع شعار «عبء الرجل الأبيض» واعتبر بموجبه كل احتلالاته ونهبه لثروات الشعوب الأخرى واجباً إنسانياً لتحضير الشعوب المتخلفة. ولا ننسى أن نابليون دخل مصر وهو يحمل نسخة من القرآن الكريم ليضحك بها على المصريين، لكن أكاذيبه انكشفت سريعاً عندما داست حوافر خيوله أرض الأزهر الشريف عند أول مقاومة شعبية للغزاة الفرنسيين.
هل يختلف الغزو الروسي عن الغزو الأوروبي؟ إن من ينظر إلى الغزوات والاحتلالات والوحشية الروسية منذ سنوات في أكثر من مكان في العالم سيجد بسهولة أن شهاب الدين أسوأ من أخيه، كي لا نستخدم العبارة الأصلية للمثل الرائج. بعبارة أخرى، هل يختلف الدب الروسي عن الوحوش الاستعمارية الغربية، أم إنه مثلها، إن لم يكن أسوأ في الهمجية والنهب والسلب وسحق شعوب العالم. قد يقدم النظام الروسي البوتيني ألف سبب وسبب لتدمير الشيشان وتسويتها بالأرض وضمهاً إلى الاتحاد الروسي بالحديد والنار. وقد يعتبر احتلال جزيرة القرم حقاً شرعياً، وغزو جورجيا من قبل ضرورة استراتيجية روسية، لكن كيف يختلف هذا الأسلوب الاستعماري الحقير عن الأساليب الغربية القذرة المعروفة؟ كل القوى الاستعمارية عبر التاريخ غلفت غزواتها بمبررات جميلة، كما أسلفنا، بينما في الواقع كانت احتلالاً صارخاً وعدواناً آثماً على البلدان والشعوب الأخرى. هل يريد بوتين أن يقول لنا إن غزو أوكرانيا وتدميرها وتهجير الملايين من شعبها مبرر شرعي لإنشاء نظام دولي جديد، أم إنها غزوة استعمارية وحشية مثلها مثل كل الحروب الاستعمارية التي قرأناها في كتب التاريخ منذ قرون وقرون؟ كيف يتحدث بوتين عن نظام دولي أكثر عدلاً وتوازناً وهو يسحق ملايين البشر في أوكرانيا وسوريا؟ على من يضحك هذا الطاغية المجرم؟ من يريد أن يحررنا من الهيمنة الغربية لا يفعل بالشعوب أكثر مما فعل الكاوبوي الأمريكي أو المستعمر الأوروبي؟ أليست كل حروب بوتين وغزاوته منذ أن بدأ يحاول استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي الساقط هي حروب استعمارية همجية؟ هل هو يواجه الغرب لصناعة نظام دولي جديد يخدم البشرية كلها، أم يريد أن يقتطع من حصة الغرب في الهيمنة والتسلط ليسمّن امبراطوريته الاستعمارية الروسية الصاعدة؟
ماذا تستفيد القارة الأفريقية المبتلية بالاستعمار الأوروبي منذ قرون عندما تدخلها عصابات المرتزقة الروسية وتبدأ بالتحريض على القوى الأوروبية وتنفيذ الانقلابات لصالح الكرملين؟ هل هذا تحرير للشعوب من النير الاستعماري الغربي، أم هو استعمار جديد بصبغة روسية؟ هل يريدنا بوتين أن نصدق أنه ذهب إلى النيجر لتحرير الشعب هناك من الاستعمار الفرنسي، أم ليسحب البساط من تحت أرجل فرنسا كي يحل محلها في النهب والسلب والإجرام؟ لا ندافع هنا مطلقاً عن الاستعمار الغربي لأفريقيا أو غيرها، لكن ماذا تستفيد الشعوب المسحوقة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من التغلغل الروسي هنا وهناك سوى استبدال مستعمر بآخر؟
قلها بالفم الملآن يا بوتين: إنك لا تريد نظاماً متعدد الأقطاب، بل نظاماً متعدد الوحوش والطغاة.

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: فيصل القاسم بوتين أمريكا کل القوى بوتین أن

إقرأ أيضاً:

أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.

فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا. ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.

تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.

مخاطر منتظرة

مع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.

مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.

رد أوروبا

بدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟

إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.

عالم منقسم

قد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.

ضرورة التأمل

ويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.

إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.

*الجارديان

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي من التدخل في سوريا.. من لا يريد الشرع سيحصل على أردوغان
  • السلطات السورية تلغي أكثر من 5 ملايين قرار منع سفر من عهد النظام السابق
  • أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة
  • أرسنال يريد الانتقام من «اليونايتد» بعد «المعركة الأخيرة»!
  • الثلاثاء .."المخططات الاستعمارية من التقسيم إلى مشروع ترامب ومحاولات التهجير" بنقابة الصحفيين
  • أنشيلوتي: ريال مدريد يريد الاستمرار في القتال من أجل لقب الدوري
  • «المخططات الاستعمارية من التقسيم إلى مشروع ترامب ومحاولات التهجير».. ندوة بنقابة الصحفيين
  • ايران تدعو لموقف إسلامي موحد لمنع المؤامرة الاستعمارية بفلسطين
  • ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب مع أوكرانيا
  • ما يريد الشعب سماعه عن الترابي دوره في إشعال حرب دارفور