هربًا من المحاكمات والاعتقالات.. مناورات وألاعيب "النهضة التونسية" تحريض على الاحتجاجات.. وتطالب بحوار وطني
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
احتجاجات الشباب والمرأة والمثقفين ضد "النهضة" هزت تصورات الإخوان وكسرت غرورهمالقيادي السابق في حركة "نداء تونس" بوجمعة الرميلي: «النهضة» تعاملت مع الوضع في بلادنا كأنها أفغانستان
بعد مرور ٤ أشهر على توقيف راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، وتقديمه للمحاكمة في عدة اتهامات أبرزها التآمر على الدولة، برفقة مجموعة من قيادات وأعضاء الحركة المتورطين في عدة قضايا على علاقة بالإرهاب والتطرف، فشلت محاولات حركة النهضة في الضغط على الحكومة لإطلاق سراح الغنوشي أو أي من القيادات الموقوفة، حيث عمل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان خارجيا على دعم الغنوشي ورفع نداءات واستغاثات من شخصيات إخوانية من مختلف البلاد لصناعة أي تأثير في القرار الدولي لكسب أي ضغوطات على الرئيس قيس سعيد وحكومته من أجل وقف تقديم أعضاء إخوان تونس إلى المحاكمات.
في السياق ذاته، دعا منذر الونيسي القائم بأعمال رئيس حركة النهضة في غياب الغنوشي إلى مؤتمر وطني لحركة النهضة يهدف إلى تقديم وجه جديد للحركة، كما يهدف إلى تقييم العملية السياسية خلال العشر سنوات التي حكمت فيها النهضة، كما دعا الونيسي رئيس الجمهورية إلى التعاطي مع حوار سياسي ومفاوضات بين الحركة وبين الرئيس للوصول إلى أرضية مشتركة، من أجل إطلاق سراح المعتقلين من أعضاء الحركة على ذمة قضايا تخل بالأمن العام في البلاد.
من ناحية؛ تدعو حركة النهضة إلى حوار وطني مع رئيس الجمهورية، وإلى مؤتمر للحركة يعيد تقييم وتجديد وجه الحركة، نلاحظ أن جبهة الخلاص الوطني، إحدى الأذرع السياسية لحركة النهضة، دعت إلى وقفة احتجاجية "تضامنيّة لمُساندة المُعتقلين السياسيّين وعائلاتهم وللمطالبة بإطلاق سراحهم وإيقاف المحاكمات السياسيّة في حقّهم أمام المسرح البلدي بالعاصمة".
يوم الخميس الماضي. بحسب بيان صادر عن الجبهة، التي خضع رئيسها السياسي التونسي أحمد نجيب الشابي، منتصف يونيو الماضي، للاستجواب أمام قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، الذي قرر الإبقاء على "الشابي" في حالة سراح في إطار التهمة الموجهة إليه المتعلقة بـ"التآمر على أمن الدولة التونسية".
وتدعو الجبهة إلى احتجاجات متكررة ولأسباب مختلفة، مرة لإسقاط رئيس الجمهورية، ومرة لرفض الدستور، ومرة لرفض الانتخابات التشريعية، ومؤخرا ضد المحاكمات التي وصفتها بالسياسية وأيضا بالجائرة، وذلك للهروب من الجرائم التي ظلت طوال عقد كامل مفتوحة أمام القضاء دون التوصل إلى أحكام أو متهمين فيها طالما ظلت حركة النهضة على رأس السلطة في تونس.
النهضة والتحالفات القديمة
تتبع حركة النهضة، وجماعتها الأم جماعة الإخوان الإرهابية، طريقة التحالف والاستضعاف والمشاركة مع الأحزاب والقوى السياسية الأقوى منها، أما طريقة الإقصاء والمغالبة والاستعلاء، وارتكاب الجرائم دون الخوف من رادع، فهو طريقتها الطبيعية عند السيطرة على السلطة، والتحرك من منطلق القوة، لذا فقد سارع منذر الونيسي إلى دعوة الأطراف السياسية لمشاركته في معارضة الرئيس، وتشكيل جبهة سياسية موحدة ضده، كي تتجنب النهضة الإخوانية أن تقف بمفردها ضد الرئيس، أما في موطن قوتها وفي عز استيلائها على البرلمان والسلطة التنفيذية معا فكانت تدير ظهرها للجميع.
إحدى التجارب القريبة، حكاها قبل أيام القيادي السابق في حركة "نداء تونس" بوجمعة الرميلي، في مقابلة له مع إذاعة "شمس إف إم" المحلية، الذي تحدث عن تحالف حزبه "نداء تونس" مع حركة النهضة بعد انتخابات ٢٠١٤ بعدما أثبت الحزب انتصارا كبيرا في الانتخابات التشريعية، وجاء منه رئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد.
وكان الجميع يحسد "نداء تونس" على وصولها كي يصبح الرئيس باجي قايد السبسي مع كتلتهم السياسية، ورئيس الحكومة، وقوتهم البرلمانية، لكنهم اضطروا للتحالف مع حركة النهضة، قائلا: إننا لم نصدق أن النهضة أصبحت تونسية وحركة مدنية، وكان تحالفنا أو تعاونا معها من باب مكره أخاك لا بطل، لأن انقسام الكتلة النيابية لنداء تونس أضعفنا.
واستعاد "الرميلي" تاريخ نشاطه السياسي في إيجاز قائلا: في فترة الرئيس بورقيبة اتجهت لليسار والحزب الشيوعي التونسي، وظللت معهم حتى العام ١٩٩٣، وكونا تكتلا سياسيا جديدا، ودخلنا في انتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٤ ضد الرئيس زين العابدين بن علي، وصنعنا اتجاها سياسيا مميزا.
وعن ميلاد حركة "نداء تونس"، أوضح "الرميلي" أن انتخابات عام ٢٠١١ هي التي خلقت "نداء تونس"، أردنا أن نكون وجها سياسيا جديدا، يريد الحفاظ على المكاسب التونسية ويضيف الهيا الديمقراطية والحريات، ونتضامن مع رؤية تونس التى نعرفها في التعليم وقضايا المرأة والنقابات والحريات وقيم الحداثة، لكننا فوجئنا بانتصار الإسلام السياسي في النهاية.
وقال "الرميلي"، إننا منذ البداية ومنذ الوصول إلى السلطة بدأت المشاكل وانقسام الكتلة الواحدة، وحركة النهضة بوصفه خصمًا سياسيًا استغل فرصة ضعفنا وانقسامنا.
وعن تواطؤ رئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد مع حركة النهضة، أكد الرميلي أن الشاهد كان رئيسا للحكومة وكي يستطيع تمرير قوانينه كان يقسم القرار مع حركة النهضة. وعلى الرغم من أن حزب تحيا تونس ويوسف الشاهد يصرون في كل المقابلات الصحفية أن النهضة لم تمارس عليهم أي ضغوطات أو تأثير، إلا أن هذا الكلام يخالف حسابات المنطق والعقل لأن النهضة كانت تسيطر على البرلمان بعد انقسام "نداء تونس".
ولا يستطيع أي نائب أن يمرر الخيط في الإبرة دون علم ومعرفة وموافقة حركة النهضة، لكننا اعتبرنا مثل هذه التصرفات التي سلكها الشاهد نوعًا من الارتداد عن مبادئ وقيم الحزب التي أنشئت من أجله. اعتبرناه نوعا من الخروج عن الخط المرسوم لنداء تونس منذ النجاح في الانتخابات عام ٢٠١٤.
تونس ليست أفغانستان
شرح "الرميلي" أن حركة النهضة الإخوانية كانت لا تزال تملك تصورات غريبة على المجتمع التونسي، ولكن المظاهرات التي وقفت ضدها من قبل الشعب التونسي نبهت الحركة إلى أنها حركة تتعامل داخل البلاد لا خارجها في أفغانستان. النهضة أخطأت في عنوان تونس، لا أعرف تحسب نفسها أين؟ أفغانستان أو باكستان!
ولفت "الرميلي" إلى أن تحرك المجتمع التونسي من شباب ومثقفين ونضال المرأة، كل هذا جعل حركة النهضة تفيق وتعرف أنها في تونس. بمعنى أن الاحتجاجات كسرت استعلاء الحركة الإخوانية وهزت تصوراتها السياسية المغلوطة عن تونس.
وأضاف "الرميلي"، أنه بعد انتخابات ٢٠١٤ وانتصار نداء تونس في الانتخابات وتشكيل الحكومة، دون أن يضموا أي فرد من النهضة، خرج ثلاثة وقالوا سنسقط هذه الحكومة وهم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة وحمة الهمامي وياسين إبراهيم.
وفي رأيي أن الرئيس التونسي يستطيع أن يحكم بأريحية لو كانت الأغلبية البرلمانية من حزبه، ولكن عندما تنقسم الكتلة الداعمة للرئيس وتضعف وتظهر قوة الخصم الذي هو حركة النهضة يصبح الرئيس معزولا وضعيفا أيضا، بل ومسيطرا عليه من قبل النهضة، وهذا ما حدث مع الرئيس باجي قايد السبسي بعدما ضعف حزب "نداء تونس" عقب الانقسامات على نفسه التي استغلها الخصم.
وأكد أن الحزب كان جديدا ولم يكن من الصلابة والمتانة أن يتحمل المسئولية والصدمات، لذلك عندما تعرض لها مباشرة بعد انتصاره في الانتخابات انهار بسرعة وأعطى فرصة لحركة النهضة بالصعود مجددا والسيطرة على الحكم بسرعة، وندمنا على ذلك، بل حاولنا إصلاح الانقسامات لكنها باءت بالفشل.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
مناورات سياسية حول وقف إطلاق النار في لبنان
بغداد اليوم - متابعة
تشهد الأزمة اللبنانية-الإسرائيلية تحولات متسارعة، حيث تدور مفاوضات مكثفة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفي قلب هذه المفاوضات، تبرز ورقة أمريكية تحمل مقترحات لوقف إطلاق النار، أثارت جدلاً واسعاً حول بنودها وتداعياتها على الساحة اللبنانية.
وتتركز الجهود الدولية على تنفيذ القرار الأممي 1701، إلا أن هناك محاولات لإدخال تعديلات جديدة على هذا القرار، مستندة إلى قرارات أممية سابقة مثل القرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح حزب الله، وهذه المناورات تعكس صراع النفوذ بين الدول الكبرى في المنطقة، حيث تسعى كل دولة لتحقيق أهدافها الخاصة.
مخاوف لبنانية
يثير هذا الوضع مخاوف لبنانية من أن يتم استغلال الأزمة لتمرير أجندات خارجية على حساب السيادة اللبنانية، فالبنود المطروحة في المقترح الأمريكي، والتي تشمل رقابة دولية مشددة على تنفيذ القرار 1701 ومنح إسرائيل حق التدخل، تتعارض مع الرؤية اللبنانية التي ترى في هذا القرار آلية لحفظ الأمن والاستقرار في جنوب لبنان.
ويؤكد المحللون السياسيون أن القضية اللبنانية تتجاوز حدود الصراع العسكري، لتشمل أبعاداً سياسية واقتصادية معقدة، فحزب الله، المدعوم من إيران، يعتبر نفسه جزءًا من محور المقاومة، ويرفض أي مساس بسلاحه، في المقابل، تسعى إسرائيل إلى تقويض نفوذ حزب الله في لبنان، وفرض شروطها على أي اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتواجه عملية التفاوض العديد من العقبات، أبرزها التباين الكبير في وجهات النظر بين الأطراف المعنية. فبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة، فإن إسرائيل وحزب الله يسعيان لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
المصدر: وكالات