كريمة أحداد: الرواية فنّ إعادة ترتيب الواقع
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
محمد نجيم (الرباط)
أخبار ذات صلة حميد النعيمي: علاقات أخوية وتاريخية بين الإمارات والمغرب مدرب الوداد يستنكر «حجارة» الجيش!بعد «بنات الصبار»، و«حلم تركي»، تعود الروائية المغربية كريمة أحداد لتطل على قراء العربية بعملها الروائي الجديد «المرأة الأخرى» والتي تقع في 472 صفحة.
تقول الكاتبة كريمة أحداد لـ «الاتحاد»، بمناسبة صدور هذا العمل: تحكي روايتي الجديدة قصّة شهرزاد، وهي امرأةٌ تعمل في دار نشر وتحلم أن تصبح كاتبة، لكنّ حياتَها تنقلبُ رأساً على عقب حين يتحوّل بحثها عن الحبّ إلى هوسٍ بحبيبة زوجها السابقة، فتنطلق في رحلة مُتعِبةٍ ومجنونة للتعرّف إليها.
تتبّع الرواية، على لسان شهرزاد، حيوات نساء أخريات أثّرن في حياتِها وشكّلن شخصيتها. من خلالهنّ، نكتشف حياة النساء بآلامها وانشغالاتِها. تروي شهرزاد حكايتَها وحكاياتهنّ بصدقٍ وجرأة، متناولة موضوعات شغف الكتابة، والعلاقات السامّة، والمطاردة على مواقع التواصل الاجتماعي، والفساد الثقافي، وتحرّر النساء، والمرض النفسي. لا تخافُ من أيّ شيءٍ وهي تحكي، كأنّ الحكي بالنسبة لها، على غرار شهرزاد «ألف ليلة وليلة» رديفٌ للخلاص. إنها تروي لتنجو من فشلها ومرضها وإحباطاتِها.
- وأسأل الروائية المغربية كريمة أحداد إذا كانت شهرزاد هي الشخصية الرئيسية في الرواية، فهل تحكي ما هو عالقٌ في ذاكرتك من قصص نساء اقتربتِ منهنّ ومِن حيواتهنّ؟ تجيب: على الروائي أن يكون ملاحِظاً جيداً، أن تكون له عينٌ دقيقة، وأن يراقِبَ العالم من حولِه بإحساس مرهف، حتى يتسنّى له التقاط الحياة في كلّ تلويناتِها وتحويلها إلى قصصٍ وكلِمات. هناك جملةٌ للروائي التركي الشهير أورهان باموق قالها حين سُئِل عن علاقتِه بكمال وهو بطل روايته «متحف البراءة»: (الرواية هي مهارة عرض الروائي مشاعره كأنها مشاعر الآخرين، وعرض مشاعر الآخرين كأنها مشاعره). أظنّ أنّ الكتابة الروائية، وخاصةً تلك التي تعتمد على الواقع، هي مرتبطةٌ بشكل وطيد بحياة الكاتب، ولا يُمكن، بأيّ شكل من الأشكال، معرفة أين تنتهي الوقائع الحقيقية وأين يبدأ الخيال. ثمّ لابدّ وأن تعلَق بذاكرتنا أشياء وأصواتٌ ووجوه وقصص، ولابدّ أن تخرج هذه الأشياء ونحن نكتب، حتى دون أن ندرِك ذلك أحياناً. إنّ الرواية هي فنّ إعادة ترتيب الواقع.
وتضيف: بدأتُ كتابة روايتي (المرأة الأخرى) في يونيو من العام 2022، بعدما غادرتُ باريس نحو إسطنبول لخوض مغامرةٍ مهنية جديدة. كنتُ أستيقظ يومياً في الساعة الخامسة أو السادسة وأكتُب حتى يحين موعد دوامي. أحياناً، كنتُ أكتب بعد العمل أيضاً، واستغرق ذلك سنة ونصف السنة من الكتابة وإعادة الكتابة ثم التحرير والتنقيح.
وجوه وذكريات
تقول كريمة أحداد: غادرتُ المغرب قبل حوالي ستّ سنوات لخوض مغامرةٍ إعلامية دولية، وحملتُ معي، بالطبع، كثيراً من الذكريات والوجوه والقصص، لكنّ الرابط بيني وبين بلدي لم ينقطِع، لأنني ما زلتُ أتعقّبُ الحياة هناك باهتمام، وأتتبّع تحوّلاتِها وقضاياها.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الرواية الرواية العربية قراءة الروايات المغرب
إقرأ أيضاً:
بين الواقع والأمنيات.. أولويات مسيحيي لبنان والمنطقة في عيد الميلاد
في ظروفٍ استثنائيّة، يحلّ عيد الميلاد المجيد هذا العام ليس على المسيحيّين في لبنان فحسب، بل في المنطقة بأسرها، حيث يشعر الكثيرون منهم أنّ وجودهم بات مهدَّدًا، في ظلّ الحروب المتنقّلة، من فلسطين بمختلف مناطقها، في غزة والضفة، من دون أن ننسى القدس مهد الديانات السماوية، إلى لبنان، حيث تستمرّ الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، الذي لم يرقَ بعد لمستوى وقف الحرب، المصنَّفة على أنّها الأقسى على الإطلاق.
وتسري الظروف "الاستثنائية" التي يحلّ فيها عيد الميلاد أيضًا، على سوريا، التي يعيش فيها المسيحيون، الذين يشكّلون ثاني أكثر الديانات انتشارًا بين السكان بعد الإسلام، حالة من الترقّب، وربما القلق والخوف على المصير، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، والهواجس التي قد تكون مشروعة من حكم جديد يمكن أن يتّخذ طابعًا "إسلاميًا"، رغم أنّ التصريحات التي تصدر عن القوى السياسية الجديدة تبدو "مطمئنة" للأقليات، وخصوصًا المسيحيين منهم.
وسط هذه الظروف، تشكّل مناسبة عيد الميلاد فرصة للصلاة، وذلك للتأمّل بواقع يبدو "صعبًا" ليس فقط للمسيحيّين في المنطقة، بل لأبنائها بصورة عامة، في ظلّ المخاطر الكبرى التي تحيط بمختلف دولها، بين الأطماع الإسرائيلية التي لا تنتهي، والأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزّمة، كما تشكّل أيضًا فرصة للتفاؤل بمستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا، فهل يجوز الأمل بأن "تنتصر" الأمنيات هذه المرّة، وتتغلّب على الواقع الصعب؟!
مسيحيو المنطقة.. هواجس "مشروعة"
ليس جديدًا الحديث عن هواجس المسيحيّين في المنطقة، ربطًا بالمخاوف الدائمة على مصير الأقليات فيها، وهي مخاوف لطالما أحاطت بالكثير من الأحداث، بدءًا من المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، ومخطط تهويد القدس مهد السيد المسيح، وصولاً إلى الحروب المتنقّلة والمستمرّة منذ عقود، وقد هجّرت شرائح واسعة من المسيحيين من فلسطين والعراق وسوريا ولبنان، ولو بقي الأخير محوريًا، بوصفه يضمّ العدد الأكبر من المسيحيّين في المنطقة.
ويتحدّث العارفون عن أسباب عدّة دفعت المسيحيين إلى الهجرة، رغم "التنوّع" الذي لا مبالغة في القول إنه مصدر "غنى" للمنطقة، بكلّ ما للكلمة من معنى، بينها الواقع الأمنيّ المترهّل، والذي كان المسيحيون من أبرز وأهمّ ضحاياه، ولكن أيضًا الواقع الاقتصادي والاجتماعي، من دون أن ننسى الواقع السياسي الذي لا يقلّ شأنًا، في ظلّ شعور الكثير من المسيحيين بتراجع دورهم ونفوذهم، بالتوازي مع تراجع أعدادهم في أكثر من مكان.
ولعلّ هذا بالتحديد ما دفع إلى أن تتحوّل سوريا تحديدًا إلى "قبلة الأنظار" في عيد الميلاد لهذا العام، على وقع الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها في الأيام الأخيرة، منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وصعود "هيئة تحرير الشام"، التي يخشى كثيرون أن يأتي حكمها، الذي يعتبر كثيرون أنه ذا صبغة "إسلامية"، على حساب المسيحيين، ولو أنّ التصريحات لا تعكس ذلك حتى الآن، بما في ذلك طريقة التعامل مع حادثة إحراق شجرة عيد الميلاد.
مسيحيو لبنان.. "أولوية الأولويات"
وإذا كانت هواجس المسيحيين في سوريا "مشروعة"، وهي التي تشهد مرحلة انتقالية استثنائية وغير مسبوقة سيُبنى عليها الكثير، في تحديد طبيعة الحكم القادم الذي سيكون له انعكاساته على السوريين بصورة عامة، بما في ذلك المسيحيين منهم، وكذلك في فلسطين هي "مشروعة" بالنظر إلى الأطماع والمخططات الإسرائيلية التي لا تنتهي، فإنّ واقع المسيحيين في لبنان يبدو بدوره مثيرًا للاهتمام، خصوصًا بعد حربٍ إسرائيلية مدمّرة، لم تنتهِ فصولاً بعد.
وبالحديث عن واقع المسيحيين في لبنان، لا بدّ أن يُستحضَر الاستحقاق الرئاسيّ، الذي يشكّل "جرحًا" للمسيحيّين في كامل المنطقة، ولا سيما أنّ المنصب المسيحي الأول لا يزال شاغرًا، منذ أكثر من عامين كاملين، في ظلّ انقسامٍ مسيحيّ انعكس بقوة على موقع الرئاسة، ما أدّى إلى خلل في انتظام المؤسسات الدستورية، أدّى إلى انتقال "العدوى" إلى مواقع مسيحية أخرى، كحاكمية مصرف لبنان، وقيادة الجيش، وإن بقيت للموارنة بسلاح التمديد.
وفي عيد الميلاد، يتطلّع المسيحيون في لبنان إلى ملء الفراغ الرئاسي مطلع العام الجديد، مع تحديد جلسة انتخابية في التاسع من كانون الثاني المقبل، يؤمَل أن تعيد "الهيبة" لموقع الرئاسة، بعيدًا عن المشهد "الاستعراضي" للجلسات السابقة، علمًا أنّ الأجواء المحيطة بها توحي بجدّية لم تكن ملموسة سابقًا، وإن لم تترجَم حتى الآن تفاهمًا أو توافقًا فعليًا بين القوى السياسية، التي تبقى على "تصلّبها" حتى إثبات العكس.
يختلف المسيحيون في لبنان حول الكثير من العناوين في السياسة وغيرها، من بينها ربما مفهوم "الحياد" الذي أعاد البطريرك الماروني بشارة الراعي الحديث عنه في رسالة الميلاد، والذي تختلف تفسيراته بين فريق وآخر. لكن ما لا ينبغي أن يختلفوا عليه بأيّ شكل من الأشكال، يبقى ما يرتبط بتثبيت حضورهم في المنطقة على كلّ المستويات، ولعلّ "مفتاح" ذلك يبقى في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، اليوم قبل الغد! المصدر: خاص "لبنان 24"