قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني إن القمة الثلاثية المنعقدة في منتجع كامب ديفيد بمثابة تدشين لتحالف دفاعي ونواة لناتو آسيوي جديد، يمكن أن تنضم له دول أخرى في مراحل مقبلة.

وأوضح أن هذا التحالف هو تحول نوعي في التوازنات الإستراتيجية بتلك المنطقة من شرقي آسيا، ويمكن في ظل التوترات والتشاحنات الحاصلة بين الصين والولايات المتحدة أن يؤدي إلى تصعيد جديد في تلك التوترات، ربما يؤدي إلى اندلاع مواجهة عالمية ثالثة.

وجاء حديث العناني خلال الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/8/18) لتأكيد واشنطن أن القمة الأميركية اليابانية الكورية الجنوبية المنعقدة في منتجع كامب ديفيد ليست موجهة ضد أي دولة، وأن هدفها تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين.

من جانبها دعت بكين في تعليقها على القمة، التي تعتبر الأولى من نوعها ويعتقد أنها ذات صلة بسياسة الصين وكوريا الشمالية، إلى عدم تحويل منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى ساحة منافسة جيوسياسية.

رسائل القمة

وتساءلت حلقة "ما وراء الخبر" عن الرسائل التي تريد قمة كامب ديفيد توجيهها، ومدى دقة حديث واشنطن عن أنها لا تستهدف دولة محددة، ومغزى الانزعاج الصيني من هذه القمة، ومدى نجاح الولايات المتحدة في تحييد الصين من حرب روسيا على أوكرانيا.

وفي حديثه لـ"ما وراء الخبر"، يرى العناني أنه رغم تأكيد واشنطن أن القمة ليست ضد أي دولة، فإن التحالف المرتقب سيستهدف احتواء الصين في ظل صعودها الاقتصادي والأمني، ثم ردع كوريا الشمالية وأنشطتها المهددة لليابان وكوريا الجنوبية.

وذهب كذلك إلى أنه تحالف ثلاثي ضد ما قد يظهر كتحالف مقابل يجمع الصين وروسيا وكوريا الشمالية، لافتا إلى أنه من الممكن أن تنضم دول أخرى لهذا التحالف كتايوان وماليزيا وربما أستراليا كذلك.

واعتبر العناني حديث بايدن عن استعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي عرضًا غير جاد ومجرد خطاب سبقه إليه رؤساء سابقون، مشيرا إلى أن لقاء الرئيس السابق دونالد ترامب مع الزعيم الكوري لم يسفر عن شيء، حيث استمرت كوريا الشمالية فيما تقوم به.

حقبة جديدة

بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكينز الدكتور إدوارد جوزيف إن هذه القمة تاريخية وتدشن لحقبة جديدة، معتبرا قبول اليابان وكوريا الجنوبية بالانضمام لهذا التحالف، رغم خلافاتهما السابقة، يعكس ثقة واضحة في الولايات المتحدة.

وأضاف، في حديثه لما وراء الخبر، أن هذه القمة تعكس كذلك فقدان البلدين الثقة في الصين، وهذا الأمر سيحدد الخطوات التالية والالتزامات التي ستحكم هذا التحالف ضد أي عدوان من دول خارجية.

وفي هذا السياق، يرى جوزيف أن الجميع يخشى الخطر الصيني، الذي دفع تلك الدول للبحث عن هذا التحالف للعمل على إيقاف عدم مسؤولية بكين إزاء العديد من الملفات وخاصة دعمها لكوريا الجنوبية وإساءتها للأقليات الدينية في بلدها.

في المقابل، يرى رئيس الجمعية الصينية للدراسات الدولية فيكتور غاو أن هذه القمة "خطوة خطيرة" أرسلت رسالة خاطئة للأطراف الأخرى، وأنها من شأنها أن تصعد التوترات الحاصلة، وجاءت في وقت كان الأولى بواشنطن أن تهتم فيه بتحدياتها الداخلية.

واعتبر، في حديثه لما وراء الخبر، أن هذا التوجه الأميركي يعني أن واشنطن تسعى لتحقيق أهدافها دون اكتراث لمصالح شعبها أو مصالح الشعوب الأخرى، مؤكدا أن بكين لن تواجه هذه القمة إلى بدعوة كل الأطراف للسعي إلى السلم بدل تشجيع الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ما وراء الخبر هذا التحالف کامب دیفید هذه القمة

إقرأ أيضاً:

بلومبيرغ: أميركا الجنوبية تتطلع إلى الصين بعد تجاهل واشنطن وأوروبا

قالت وكالة بلومبيرغ إنه وفي ظل التراجع الملحوظ للدعم الأميركي والأوروبي لاقتصادات أميركا الجنوبية، أصبحت الصين الوجهة الاقتصادية الأكثر جذبًا للمنطقة، حيث استثمرت بكثافة في مشاريع البنية التحتية والتجارة لتعزيز وجودها.

وكشف تقرير حديث نشرته الوكالة عن تفاصيل هذه الديناميكية المتغيرة، مشيرًا إلى دور الصين المتزايد في تحويل مسار التجارة والتنمية الاقتصادية في القارة الجنوبية.

يأتي هذا التحول الإستراتيجي في وقت يتبنى فيه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سياسات حمائية تهدد التبادل التجاري العالمي، مما دفع دول المنطقة إلى إعادة التفكير في شراكاتها الاقتصادية التقليدية.

مشروعات عملاقة

وأثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى بيرو للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك) (APEC)، افتتح ميناء تشانكاي الحديث بقيمة استثمارية تبلغ 1.3 مليار دولار.

الصين أصبحت الشريك التجاري الأول للبرازيل متفوقة على الولايات المتحدة منذ عام 2009 (غيتي)

وتقول بلومبيرغ إن هذا الميناء يعد مثالًا للتكنولوجيا المتطورة التي تفتقر إليها الموانئ الأميركية، حيث يهدف إلى تقليص أوقات الشحن بنسبة كبيرة عبر توفير خط مباشر مع شنغهاي، مما يقلل تكاليف اللوجستيات بشكل كبير.

وفي البرازيل، تسعى الصين إلى إنشاء شبكة متكاملة من الطرق والسكك الحديدية التي يمكن أن تقلل زمن شحن السلع إلى الصين بمقدار 10 إلى 12 يومًا.

هذه المشروعات -وفق بلومبيرغ- تهدف إلى دعم التجارة الثنائية التي شهدت نموًا هائلًا على مدار العقد الماضي، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للبرازيل متفوقة على الولايات المتحدة منذ عام 2009.

وفي ولاية باهيا بالبرازيل، تعمل شركة "بي واي دي" الصينية على تحويل مصنع سيارات قديم تابع لشركة فورد إلى منشأة متطورة لإنتاج السيارات الكهربائية، وفق الوكالة.

ويُتوقع أن تلعب هذه الخطوة دورًا رئيسيًا في دعم التحول نحو التكنولوجيا النظيفة، وتعكس إستراتيجية الصين لتوسيع نفوذها في قطاع السيارات بالمنطقة.

الصين تعزز العولمة

وفي مواجهة تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 20% على الواردات من جميع الدول، تعمل الصين على تعزيز علاقاتها التجارية مع دول الجنوب العالمي.

وقال الرئيس الصيني أثناء زيارته: "تقسيم عالم مترابط هو خطوة إلى الوراء في التاريخ"، مؤكدًا التزام بكين بفتح أبوابها أمام التجارة الدولية.

تأتي هذه التصريحات في ظل سياسات ترامب الحمائية التي تعزز المخاوف من تراجع التجارة العالمية، مما يدفع دول جنوب أميركا إلى البحث عن شركاء أكثر استقرارًا، مثل الصين. ووفقًا لما ذكرته بلومبيرغ، فإن هذه التحولات تشير إلى تحول كبير في توجهات المنطقة الاقتصادية.

ميناء تشانكاي الصيني المفتتح حديثا في بيرو يعد مثالا للتكنولوجيا المتطورة التي تفتقر إليها الموانئ الأميركية (رويترز)

وتتجاوز بلومبيرغ البرازيل للحديث عن الأرجنتين، فعلى الرغم من تصريحات الرئيس الأرجنتيني اليميني الجديد خافيير ميلي، الذي وصف الصين بأنها "قاتل"، فإن الواقع الاقتصادي أجبره على تعزيز العلاقات التجارية مع بكين.

وفي خطوة لافتة، بدأت الأرجنتين هذا العام تصدير الذرة إلى الصين لأول مرة منذ 15 عامًا. ولم تُلغ الحكومة الأرجنتينية حتى الآن عقد الإيجار الصيني لمدة 50 عامًا لمحطة فضائية في باتاغونيا، وهي منشأة أثارت مخاوف أمنية لدى الولايات المتحدة.

تحديات مرتبطة بالاستثمارات الصينية

ورغم أن الاستثمارات الصينية تعزز البنية التحتية في دول أميركا الجنوبية، فإنها تأتي مع تحديات ملحوظة.

في الإكوادور على سبيل المثال، تسبب خلل في محطة كهرومائية تم إنشاؤها بتمويل صيني في انقطاع واسع للكهرباء، مما أثار تساؤلات حول جودة واستدامة هذه المشروعات.

وأشار تقرير بلومبيرغ إلى أن بعض المشروعات الصينية في الدول النامية تواجه مشكلات الديون أو تفشل في تحقيق الأهداف المرجوة، وهو ما يثير المخاوف بشأن الاعتماد الكبير على التمويل الصيني.

أبعاد جيوسياسية

ومن المتوقع أن تؤدي استثمارات الصين في أميركا الجنوبية إلى تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، خاصة مع تركيزها على تطوير البنية التحتية والمشروعات الضخمة.

وفي هذا السياق، قال فيليبي هيرنانديز، المحلل الاقتصادي في بلومبيرغ: "الصين أصبحت شريكًا رئيسيًا لدول مثل البرازيل والأرجنتين، لكن المكسيك ستواجه ضغوطًا أميركية لتقليل اعتمادها على بكين".

لكن ومع انشغال أوروبا بأزماتها الأمنية والسياسية وتراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة، تبدو الصين الشريك الأكثر جاذبية لدول القارة الجنوبية.

مقالات مشابهة

  • واشنطن: لم نشهد مشاركة كبيرة لقوات كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا
  • الرئيس السيسي يشارك في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل لتعزيز التعاون الدولي والتنمية المستدامة
  • بلومبيرغ: أميركا الجنوبية تتطلع إلى الصين بعد تجاهل واشنطن وأوروبا
  • هل تهدد الصين التحالف بين ترامب وماسك؟
  • كيف يشكل التحالف بين أمريكا وأوروبا ركيزة أساسية لمواجهة الصين؟
  • البنتاغون: تزايد التعاون بين موسكو وبكين وطهران سيجبر واشنطن على ردع عدة خصوم نوويين
  • لافروف: هناك محاولات لإفساد العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية
  • في لقاء حاسم: بايدن يضغط على الصين لتحجيم دعم كوريا الشمالية لروسيا
  • بايدن يحذر من التعاون الخطير بين روسيا وكوريا الشمالية
  • معلومات لا تعرفها عن الدهون الثلاثية.. وكيف تزيد نسبتها في الجسم ؟