مدير مستشفى كمال عدوان: إسرائيل استخدمت روبوتات متفجرة دمرت المرافق
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
قال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان -اليوم الخميس- إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم روبوتات متفجرة في محيط المبنى الواقع في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة مما ألحق أضرارا كبيرة بمرافقه، وأدى لإصابة ممرض نتيجة اختراق شظية لإحدى غرف المستشفى.
وأضاف أبو صفية في بيان "للأسف، كانت الليلة الماضية أسوأ من التي سبقتها، فالروبوتات المتفجرة كانت قريبة جدا من المشفى، حيث كان واضحا أن كمية المتفجرات المستخدمة أكبر بكثير هذه المرة".
وأوضح أن "الشظايا الناتجة عن الانفجارات اخترقت المبنى، وضربت إحدى غرف المرضى، مما أسفر عن إصابة الممرض حسن الضابوس، بشكل مباشر، حيث تعرض لإصابة خطيرة في الرأس".
وأكد أبو صفية أن المستشفى يفتقر إلى الموارد اللازمة للتعامل بشكل كافٍ مع مثل هذه الحالات الخطيرة، وأضاف "نحن نبذل جهودا لنقل المرضى إلى مستشفيات أخرى، وآمل أن يتم نقل الممرض المصاب إلى مستشفى الأهلي المعمداني لإجراء عملية جراحية وتقديم الرعاية له".
وأشار إلى أن المستشفى لا يزال تحت تهديد الطائرات المسيّرة، وأن امرأة من الطاقم الطبي أصيبت بشظية في الرقبة جراء مقذوف ألقته مسيّرة لجيش الاحتلال، مشيرا إلى أن إصابتها متوسطة.
إعلان
مطالب بحماية دولية
وطالب أبو صفية بتوفير حماية دولية للنظام الصحي في قطاع غزة في ظل الإبادة التي يتعرض لها سكان القطاع المحاصر والاستهداف المستمر للمستشفيات.
وأوضح أن الانفجار الأخير، الذي وقع اليوم الخميس حوالي 4:30 صباحا بالتوقيت المحلي، دمر معظم مرافق المستشفى بما في ذلك الأبواب والنوافذ والحواجز الداخلية، وأخرج قسم العناية المركزة عن الخدمة تقريبا.
وقال أبو صفية إن هناك حوالي 75 مصابا في المستشفى حاليا، بالإضافة إلى مرافقيهم، و180 من الكوادر الطبية، موضحا أن إجمالي الأشخاص الموجودين داخل المستشفى المحاصر هو 350 شخصا.
وأشار إلى أن المستشفى يعاني نقصا حادا في الإمدادات الطبية والغذائية، ويواجه صعوبة في وصول الوفود الطبية إليه، وقال إن نقل الإمدادات من مناطق داخل المستشفى إلى حيث المرضى والمصابين يتم بحذر شديد بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.
جريمة حرب
في غضون ذلك، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اليوم إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم روبوتات متفجرة لاستهداف المدنيين والمرافق الحيوية في القطاع.
وأكد المكتب أن استخدام الاحتلال تكنولوجيا عسكرية متقدمة لاستهداف المدنيين يمثل جريمة حرب.
ويفرض جيش الاحتلال حصارا مشددا على شمال القطاع منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
هذا ما تريده إسرائيل من تطويق رفح وضمها للمنطقة العازلة
غزة- لا يشعر الشاب الفلسطيني مهند قشطة -أحد نشطاء مدينة رفح والنازح عنها- أن هناك عودة قريبة للمدينة، بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تطويقها وعزلها كليا عن باقي قطاع غزة عبر إنشاء "محور موراغ"، الذي يفصلها عن مدينة خان يونس المجاورة.
وأعلن جيش الاحتلال، السبت الماضي، استكماله فتح "محور موراغ"، وسبق ذلك ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، الأربعاء الماضي، أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس أراضي القطاع (تقدر مساحته بـ365 كيلو مترا مربعا) "للمنطقة الأمنية العازلة" التي يحظر على الفلسطينيين الوصول إليها.
ويترجم هذا التطور واقع رفح منذ اجتياح الاحتلال لها في 6 مايو/أيار 2024، وإجبار نحو 300 ألف من سكانها وزهاء مليون من النازحين فيها على إخلائها والنزوح عنها. ومنذ ذلك الحين، لم تشهد رفح، صغرى محافظات القطاع الخمس، أي فترات هدوء.
منطقة "حمراء"يقول قشطة للجزيرة نت "حتى خلال وقف إطلاق النار كانت رفح تتعرض لحرب خاصة بها، وظل الاحتلال يسيطر على محور فيلادلفيا مع مصر، ويمنع العودة لأكثر من نصف مساحة المدينة النازفة بالشهداء والجرحى".
وحسب معلومات "هآرتس"، التي أكدتها لاحقا بيانات عسكرية وتصريحات لوزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فإن مساحة المنطقة العازلة تبلغ 75 كيلومترا مربعا، وتقع بين محوري فيلادلفيا وموراغ، وتضم رفح والأحياء المجاورة لها.
إعلانوإزاء ذلك انتاب قشطة شعور بالحزن والصدمة، ولكنه لم يتفاجأ بما حل بمدينته، ويقول، "كان الاحتلال يخطط لأمر خبيث تجاه رفح منذ أن تحدى العالم كله واجتاحها عسكريا".
وبعد اندلاع الحرب عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان لرفح "وضعها الخاص" بوصف قشطة، "ولم تشهد فترة هدوء، ولم يعد إليها سكانها كباقي مناطق القطاع حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار".
كان قشطة مع أسرته الصغيرة المكونة من 6 أفراد ووالديه وأشقائه وأسرهم (35 فردا)، من بين كثيرين نزحوا عن رفح، ولم يعودوا إليها مطلقا، لوقوع مساكنهم -المدمرة كليا- ضمن مناطق يصنفها الاحتلال "حمراء"، متاخمة لمحور فيلادلفيا ويحظر دخولها.
ويقول قشطة "كل رفح الآن حمراء ومحتلة بالكامل، وأخشى أن لا تكون عودتنا إليها قريبة"، ويعتقد أن إسرائيل تريد استخدام احتلالها للمدينة وعزلها "كورقة ضغط" في المفاوضات مع المقاومة.
وإثر إعلان احتلال رفح، زعم الوزير كاتس أن الوصول لهذه المرحلة بمثابة "اللحظة الأخيرة لإزالة حماس، وإطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء الحرب". وهدد الغزيين بأنه "قريبا تتوسع عمليات الجيش وتتكثف بمعظم قطاع غزة، وستضطرون لإخلاء مناطق القتال".
ويجاهر أن ما يحدث برفح يندرج تحت "خطة تهجير الغزيين طواعية وفق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي نعمل على تحقيقها".
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان لها، إن ما يقوم به الاحتلال "لفرض أمر واقع في رفح، وتهجير سكانها قسرا، وضمها للمنطقة العازلة على الحدود مع مصر الشقيقة، يؤكد هدفه بعزل غزة بالكامل عن عمقها العربي".
واعتبرت الحركة أن ما يجري في رفح "تصعيد خطير وحرب إبادة، ومحاولة بائسة لتسجيل إنجاز عسكري بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية".
ويسمَع يوميا ومن مسافات بعيدة أصوات "انفجارات هائلة" بفعل نسف الاحتلال ما تبقى من منازل شمال رفح والقريبة من "محور موراغ" الممتد من السياج الأمني الإسرائيلي شرق المدينة وحتى ساحل البحر غربا.
إعلانوتقول النازحة الخمسينية أم يوسف مطر للجزيرة نت، إن الاحتلال دمر منزلها بمخيم الشابورة للاجئين خلال الاجتياح الأول للمدينة، ولم تتمكن وأسرتها (10 أفراد)، منذ مايو/أيار 2024 وبفعل خطورة الوضع، من العودة.
وتشاطر مطر الشاب قشطة، مشاعر الحزن والغضب إزاء ما تعرضت له رفح من تدمير ممنهج وواسع، انتهى باحتلالها وعزلها بالكامل عن القطاع.
وتضيف مطر التي تقيم وعائلتها بمدرسة في خان يونس "الاحتلال ينتقم من رفح وكأن له ثأرا معها، ويبدو من أصوات الانفجارات الضخمة التي نسمعها ليلا نهارا أنه لم يبق حجرا على آخر، وتحولت المدينة لأكوام من الركام والأنقاض".
وحتى بدء الاحتلال عمليته العسكرية الأخيرة، مطلع الشهر الجاري، كانت بلدية رفح تقدر نسبة الدمار بها بأكثر من 90%.
ويقول رئيس البلدية الدكتور أحمد الصوفي، للجزيرة نت، "لم تتوقف الحرب يوما على رفح"، ويضيف "حتى خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار واصل الاحتلال جرائم القتل والتدمير، والتي منعت عودة سكانها لأكثر من 60% من مساحتها الإجمالية".
وبفعل هذه الجرائم -يضيف الصوفي- فإن أقل من 30% فقط من سكان المدينة قرروا العودة لها، خلال وقف إطلاق النار، وأقاموا بمنازلهم المتضررة بالنصف الشمالي منها، أو بخيام مترامية ببعض المناطق هناك، حتى أعاد الاحتلال السيطرة عليها وإخلائها بالكامل ثانية وضمها للمنطقة العازلة.
وشدد الصوفي على أن "فرض الوقائع بالقوة لن يصنع شرعية ولن يحقق أمنا مستداما بل يزيد معاناة المدنيين ويزيد من عدم الاستقرار".
وقال إن "رفح تاريخ يمتد لخمسة آلاف عام، وجغرافيا تربط الشرق بالغرب، لقد مر عليها الرومان والفراعنة والآشوريون وكل المستعمرين، وذهب الجميع وبقيت رفح شامخة، بوابة صلاح الدين وطريق النصر، لن تمحوها يد المحتلين".
إعلان لماذا رفح؟من جهته، يضع مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة، احتلال رفح وضمها للمنطقة العازلة، في سياق ما يقول للجزيرة نت إنه "مشروع استعماري إحلالي قائم على التهجير القسري وتغيير معالم الجغرافيا والديموغرافيا بقطاع غزة".
كما أن ما يحدث برفح "يكشف بوضوح نوايا الاحتلال لفرض وقائع ميدانية تخدم أجندته التوسعية، ويؤكد مضيه في تنفيذ مخطط فصل قطاع غزة عن عمقه وإبقائه تحت حصار دائم، عبر السيطرة على المنطقة الحدودية الجنوبية بكاملها".
ويشكل ذلك -حسب الثوابتة- تهديدا مباشرا لنحو 300 ألف من سكان رفح، تقطعت بهم السبل، ويضيّق الاحتلال عليهم عبر دفعهم للمجهول، ويتعامل معهم "كأهداف متحركة" ويلاحقهم حتى في الخيام ومراكز الإيواء.
وحسب رأي الثوابتة فإن الاحتلال يعتبر رفح هدفا إستراتيجيا، لموقعها كبوابة حدودية جنوبية للقطاع، وتتمتع برمزية جغرافية وسياسية وإنسانية، ويسعى بالسيطرة عليها لتحقيق عدة أهداف، أبرزها:
خنق قطاع غزة نهائيا من خلال قطع التواصل البري مع العالم الخارجي، بالسيطرة على معبر رفح البري، الوحيد لنحو مليونين و400 ألف فلسطيني. التحكم بحركة الإمدادات والمساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، وبالتالي فرض شروطه الميدانية والسياسية على الفلسطينيين والمجتمع الدولي. فرض منطقة عازلة ممتدة على طول حدود القطاع، كخطوة نحو تنفيذ خطة فصل غزة بالكامل، وتكريس واقع التجويع والعزل والتهجير والحصار المستدام. تحقيق "نصر وهمي" أمام جمهوره الداخلي بعد فشله في تحقيق أهدافه المعلنة بالحرب، عبر تصوير السيطرة على رفح كإنجاز عسكري. ما يجري في رفح ليس مجرد تحرك عسكري، بل تنفيذ فعلي "لمخطط تهجيريّ واستيطاني" لكسر إرادة الفلسطينيين وعزيمتهم، وفرض "تسوية قسرية" تحت النار والحصار. إعلان وسيلة للضغطويتفق الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم مع الثوابتة في كثير مما ذهب إليه، ويقول للجزيرة نت، إن للتحرك الإسرائيلي الواسع في رفح أبعادا وأهدافا سياسية، مرتبطة بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وحتى الرؤية من اليوم التالي للحرب.
ولا يستبعد إبراهيم -وهو ابن عائلة لاجئة من قرية "برير" وأقامت في مخيم اللاجئين في رفح منذ عام 1948- أن تعيد إسرائيل ما فعلته برفح بمناطق أخرى وتعزلها لتقليص مساحة القطاع وزيادة الضغط على المدنيين بالقتل والتجويع، في مخطط تهجير لم يعد سرا، وتصرح به مستويات إسرائيلية سياسية وعسكرية رفيعة.