شهدت الساحة الإقليمية في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في التوترات بين جماعة الحوثيين في اليمن وإسرائيل، وهو تطور يلفت الانتباه نظرًا للمسافة الجغرافية الكبيرة بين الجانبين، حيث تفصل آلاف الكيلومترات من الأراضي بين اليمن وإسرائيل،  وعلى الرغم من هذه المسافة، إلا أن المواجهات بين الطرفين بدأت تتخذ أبعادًا غير مسبوقة، مما يعكس تغيرات استراتيجية في المنطقة وتأثيرات الصراع بين الأطراف المتعددة في الشرق الأوسط.

صواريخ الحوثيين واستهداف إسرائيل

بدأت المواجهات بين الحوثيين وإسرائيل تأخذ منحى أكثر تعقيدًا بعد أن أطلقت جماعة الحوثي صواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مما شكل صدمة كبيرة لأجهزة الأمن الإسرائيلية،  ورغم المسافة البعيدة بين اليمن وإسرائيل، فإن هذه الهجمات الصاروخية تشير إلى أن الحوثيين أصبحوا يشكلون تهديدًا إقليميًا يمكن أن يمتد إلى محيط إسرائيل بشكل غير مباشر، عبر حلفائهم الإقليميين وأسلحتهم المتطورة.

وتعتبر هذه الهجمات جزءًا من استراتيجيات الحوثيين لزيادة الضغط على إسرائيل، والتي تشهد تناميًا في قدرتها على تطوير تقنيات الهجوم باستخدام الأسلحة المتقدمة مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ طويلة المدى، كما أن هذه الهجمات تأتي في وقت حساس بالنسبة لإسرائيل، التي تواجه العديد من التحديات الأمنية على عدة جبهات في المنطقة، ما يجعلها في حالة تأهب دائم.

ردود فعل وحسابات استراتيجية

من جهتها، تعمل إسرائيل على تعزيز دفاعاتها الجوية بشكل متسارع لمواجهة هذه التهديدات الجديدة، والتي تضمنت أيضًا تهديدات من قبل جماعات مثل حزب الله وحماس،  وقد أوضح العديد من الخبراء العسكريين أن إسرائيل تحاول ردع الحوثيين بالاعتماد على قوة الردع الجوي والهجمات الموجهة، إلا أن الحوثيين أصبحوا يمتلكون قدرات صاروخية تشكل تحديًا كبيرًا للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

تصعيد متعمد أم استراتيجية لتحشيد الدعم؟

الجانب الحوثي، الذي يعاني من ضغوط شديدة على الأرض في اليمن جراء الحرب المستمرة مع التحالف العربي بقيادة السعودية، يراهن على تكثيف الهجمات ضد إسرائيل كوسيلة لتوسيع دائرة الصراع الإقليمي، ووفقًا للمراقبين، يهدف الحوثيون من خلال هذه الهجمات إلى إرسال رسالة سياسية للمجتمع الدولي، مفادها أنهم ليسوا مجرد لاعب محلي في اليمن، بل قوة إقليمية تسعى لفرض نفسها في معادلات الصراع في المنطقة.

الخبراء العسكريون يرون أن الحوثيين يعززون من قدراتهم العسكرية ويقومون بتطوير صواريخ وطائرات مسيرة تستطيع الوصول إلى أهداف بعيدة، بما في ذلك إسرائيل، و علاوة على ذلك، فإن الحوثيين يحاولون الاستفادة من الدعم الإقليمي من إيران وحلفائها، مما يجعل الصراع بين الجانبين ليس فقط محليًا بل مرتبطًا أيضًا بالتحالفات الإقليمية والدولية.

سقوط 9 شهداء جراء قصف الاحتلال منزلا شمال غزة

التأثيرات الإقليمية:

تعتبر التوترات بين الحوثيين وإسرائيل جزءًا من صورة أكبر للصراعات التي تزداد تعقيدًا في منطقة الشرق الأوسط. فالصراع بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، أصبح يؤثر بشكل متزايد على الديناميكيات الأمنية والسياسية في المنطقة، ويبدو أن هذه التوترات بين الحوثيين وإسرائيل قد تكون جزءًا من محاولات إيران وحلفائها في تعزيز نفوذهم في المنطقة، بما في ذلك دعم الحوثيين في اليمن.

من ناحية أخرى، فإن هذا التصعيد قد يشكل تحديًا كبيرًا للعديد من الدول العربية، خاصة تلك التي لها علاقات مع إسرائيل أو التي تسعى لتحقيق الاستقرار الإقليمي، فمن جهة، تدرك بعض الدول العربية خطورة تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة، ومن جهة أخرى، تشعر بالقلق من أن الصراعات الإقليمية قد تؤدي إلى مزيد من الانقسامات في العالم العربي.

ضربة مقابل ضربة:

ومن جانبه، قال الخبير العسكري، العميد أيمن الروسان، إن المسافة بين إسرائيل واليمن تقدر بحوالي ألفي كيلومتر، ما يجعل تل أبيب تتعامل مع اليمن بشكل منفصل، بمعنى "ضربة مقابل ضربة"، نظراً لعدم امتلاكها معلومات استخباراتية كافية حول الوضع هناك.

سقوط شهيد واحد إثر قصف إسرائيلي على مخيم البريج بقطاع غزة

وفي تصريحات تليفزيونية، أضاف الروسان أن إسرائيل في الوقت الراهن تسابق الزمن وتستعد لتغيرات سياسية، خاصة مع احتمالية وصول ترامب إلى الحكم. وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسعى لإرسال رسالة ردع إلى محيطه الإقليمي، مفادها أنه يقاتل على جبهات متعددة ويحقق انتصارات، رغم أن الواقع يشير إلى أنه لا يواجه جيوشًا نظامية، بل يتصادم مع قوى غير نظامية مثل حزب الله وحماس والحوثيين.

وأشار الروسان إلى أن إسرائيل تسعى لتدمير الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون، والتي تُخزن في الكهوف،  كما لفت إلى أن الصواريخ التي يطلقها الحوثيون على إسرائيل تُشكل إحراجًا أمام الجبهة الداخلية الإسرائيلية، في وقت تسعى فيه تل أبيب إلى تقليص تأثير هذه الهجمات. وأضاف أنه من الواضح أن الحوثي قد حسم قراره بالتصعيد في هذا الاتجاه، ويعمل على تقديم الدعم لغزة ويحاول التأثير على القوات الإسرائيلية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صواريخ الحوثيين صواريخ الأراضي الإسرائيلية جماعة الحوثي هذه الهجمات فی المنطقة فی الیمن من جهة إلى أن

إقرأ أيضاً:

"التعاون الخليجي" يدعو إلى موقف أممي حازم إزاء ممارسات الحوثيين في اليمن

طالبت دول مجلس التعاون الخليجي، الجمعة، بموقف أممي حازم إزاء ممارسات الحوثيين التي تقوض جهود إحلال السلام في اليمن.

 

وأكد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيانه الختامي الصادر عن دورته الـثالثة والستون بعد المائة دعمه الكامل لجهود إحلال السلام في اليمن.

 

وجدد المجلس دعمه الكامل لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة فخامة الدكتور رشاد محمد العليمي، والكيانات المساندة له لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، والتوصل إلى حل سياسي شامل، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، بما يحفظ لليمن الشقيق سيادته ووحدته وسلامة أراضيه واستقلاله.

 

وشدد المجلس على أهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني.

 

ورحب البيان باستمرار الجهود المخلصة التي تبذلها المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والاتصالات القائمة مع كافة الأطراف اليمنية، لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق حل سياسي شامل ومُستدام في اليمن.

 

وجدد دعمه لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن هانز جروندبرج، للتوصل إلى الحل السياسي الشامل وفقاً للمرجعيات الثلاث، وأشاد المجلس بتمسك الحكومة اليمنية بتجديد الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن.

 

ودعا البيان الأطراف اليمنية إلى التنفيذ الكامل للالتزام بمجموعة التدابير التي توصلت إليها والتي أعلن عنها المبعوث الأممي في 23 ديسمبر 2023م، شاملة تنفيذ وقف إطلاق نار شامل يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.

 

وعبّر المجلس الوزاري عن القلق البالغ إزاء استمرار تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن.

 

وشدد على أهمية خفض التصعيد للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة واحترام حق الملاحة البحرية فيها، وفقاً لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.

 

وأدان مجلس التعاون الخليجي استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لليمن، وتهريب الخبراء العسكريين والأسلحة إلى ميليشيات الحوثي، في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن 2216 و 2231 و 2624.


مقالات مشابهة

  • هل ستندلع الحرب من جديد بين حماس وإسرائيل؟.. أستاذ علوم سياسية يكشف لـ «الأسبوع» مصير مفاوضات
  • جرائم الحوثيين في اليمن.. الطبيبة والمُسن ضحايا العنف والتجاوزات
  • أشرف سنجر: الخطة المصرية العربية لاقت قبولًا دوليًا .. وإسرائيل الوحيدة الرافضة
  • اليمن يدعو لتنفيذ قرارات حظر الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين
  • الحوثيون يمهلون إسرائيل 4 أيام لإدخال المساعدات إلى غزة
  • اليمن تطلب من إيران كف يدها عن دعم الحوثيين وتشدد على تطبيق حظر تدفق الأسلحة
  • الحوثيون يمنحون إسرائيل 4 أيام للعدول عن قرارها بمنع المساعدات عن غزة
  • متى تنتهي مهلة زعيم الحوثيين التي منحها لإدخال المساعدات إلى غزة؟
  • اليمن تؤكد على اهمية تنفيذ قرارات حظر تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين
  • "التعاون الخليجي" يدعو إلى موقف أممي حازم إزاء ممارسات الحوثيين في اليمن