يمر المشهد الليبي بحالة من الركود والجمود السياسي المطولة نتيجة لما تمارسه الأطراف المحلية من تعنت ومناكفات سياسية وتصفية حسابات عطلت العملية الانتخابية وأفشلت أي تسوية سياسية دائمة.

وفي ظل حالة الفوضى والجمود الراهنة طُرحت عدة مبادرات سواء أممية أو محلية، ظاهرها فيه الرحمة والحل والانتخابات وباطنه فيه مجرد تبييض الوجوه والجعلجة بلا طحين من أجل فقط إثبات وجود.

ومن هذه المبادرات التي طرحت بشكل مفاجئ مبادرة المبعوثة الأممية بالإنابة لدى ليبيا والدبلوماسية الأميركية، ستيفاني خوري والتي جاءت بعد سلسلة لقاءات عقدتها مع عدة مسوؤلين وأطراف ليبية شرقا وغربا وجنوبا، وجلسات حوارية مع شباب وناشطين ومؤسسات مجتمع مدني.

بصوت عال وثقة كبيرة وقفت خوري أمام مجلس الأمن الدويل ودوله المنقسمة تجاه أزمة ليبيا وأعلنت مبادرتها التي تلخصت في مجموعة من البنود والمقترحات التي تفتقد للجداول الزمنية والآليات، ومن هذه البنود:

تشكيل لجنة فنية مكونة من خبراء ليبين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، وخيارات لكيفية الوصول للانتخابات في أقصر وقت ممكن بما في ذلك ما يتم من اقتراحه من ضمانات وتطمينات في إطار زمني، وستشمل اختصاصات هذه اللجنة أيضاً وضع خيارات لإطار واضح للحوكمة مع تحديد المحطات الرئيسية والأولويات لحكومة يتم تشكيلها بالتوافق.

وأكدت خوري أن هذا الحوار سيستهدف جميع شرائح المجتمع الليبي، بما في ذلك الأحزاب السياسية والنساء والشباب والمكونات الثقافية والقيادات المجتمعية.

وبعد إعلان المبادرة التي يبدو أن خوري أرسلتها لعدة دول قبل الكشف عنها، توالت ردود الفعل الدولية والمحلية بين مرحب وداعم ومتحفظ ومعترض، فقد رحبت سفارات دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بالمبادرة واعتبروها فرصة لإنهاء التفتت المؤسسي وتوحيد الحكومة وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، داعية الأطراف الليبية للانخراط في العملية الأممية بروح التوافق والامتناع عن أي مبادرات موازية.

وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي أثنى على المبادرة ودعا جميع الأطراف الليبية والدولية للانخراط بطريقة جدية ومسؤولة وبناءة فيها، وتجديد شرعية المؤسسات من خلال تمكين إقامة الانتخابات الوطنية.

محليا لاقت المبادرة ترحيب من المجلس الرئاسي الليبي لكن ترحيب مصحوب بتحفظ وتساؤلات عن آلية اختيار اللجنة وتمثيل الأقاليم الليبية وموقف المبادرة من الأجسام الحالية خاصة مجلسي النواب والدولة، في حين رفضها أعضاء في مجلس النواب الليبي واعتبروها محاولة لخلط الأوراق وإرباك المشهد وأن البعثة الأممية نفسها أصبحت معرقلة لللعملية الانتخابية، وفق وصفهم.

وبعد الطرح وردود الفعل عن المبادرة سادت حالة من الصمت حول الخطوة وصاحبتها حالة سكون من البعثة وجميع الأطراف، وكأن الجميع متربص ببعضه، وحتى كتابة هذا المقال لم تعلن البعثة الأممية عن البدء في تنفيذ بنود المبادرة واختيار اللجنة المقترحة.

وفي خطوة استباقية وبعد ساعات من إعلان مبادرة “خوري” رسميا، والتي فسرها البعض بأنها محاولة إزاحة مجلسي النواب والدولة من المشهد، اجتمع أعضاء من مجلس النواب والدولة في دولة المغرب وتوصلوا لاتفاق يشبه المبادرة أو خارطة الطريق، حيث اتفق الطرفان على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية تأسيساً على المادة 4 من الاتفاق السياسي المعتمد بقرار مجلس الأمن رقم 2259 لسنة 2015، وكذلك ضرورة التواصل مع بعثة الأمم المتحدة ومختلف الأطراف المحلية والدولية بشأن إنجاز الانتخابات، وكذلك تخصيص الموارد اللازمة للبدء في تنفيذ مشروع التعداد الوطني العام بهدف إزالة العوائق أمام تنفيذ الانتخابات.

وحسب مصادرنا المحلية والأممية، فإن هذه الخطوة سببت إرباكا للمبعوثة الأممية ومبادرتها، لذا رفضت خوري حضور هذا الاجتماع أو إرسال من ينوب عنه فيه لأنها اعتبرته مناكفة وضربة لمبادرتها لإعادة حالة الانقسام من جديد وعودة الصفقات بين “عقيلة صالح وخالد المشري”.

ولم تقف المبادرات حتى هنا، لكن في محاولة اثبات وجوده وربما ضرب المبادرتين، أطلق المجلس الأعلى للدولة التابع للمتنازع على رئاسته “محمد تكالة” مبادرة سياسية توافقية تهدف لحل الأزمة الراهنة من خلال دعوة الأحزاب السياسية الليبية ومؤسسات المجتمع المدني والنشطاء السياسيين لمناقشتها مع اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة والتوافق عليها وإحالتها للمجلس لاعتمادها.

هذه المبادرات والأصوات العالية تخرج هنا وهناك لكن الأزمة الليبية لم تراوح مكانها، والمواطن لازال يعيش في حالة غلاء كبيرة وغياب للأمن في كثير من المناطق وحكومات متمسكة بمناصبها ورافضة أي تغيير ناهيك عن عمليات الفساد اليومية التي يكشفها مكتب النائب العام ويصدر أوامر باعتقال مسؤولين وحبسهم لتورطهم في الفساد المالي والإداري، وحالة الانقسام التي ضربت بعض المؤسسات السيادية وآخرها ديوان المحاسبة.

كل ما سبق من صورة فوضوية وسوداوية يؤكد أن هذه المبادرات هي مجرد خطى لتبييض الوجه وذر الرماد في العيون لتظل الأزمة مستمرة ويطول عمرها وتظل الأطراف القابعة على قلب المشهد الليبي والمواطني الليبي منذ عشر سنوات أو أكثر مستمرة في مناصبها، فهم باختصار: لن يعقدوا أي انتخابات تفقدهم كراسييهم، وإن عقدوها بعد عمر طويل سيكون فقط بعد ضمان وجودهم في المرحلة القادمة لتكون الانتخابات مجرد تجديد لمددهم القانونية التي تجاوزوها جميعا شرقا وغربا وجنوبا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

أستبعاد 5 وكلاء إدارات تعليمية بالفيوم وتكليف وجوه جديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استبعد الدكتور احمد الانصاري محافظ الفيوم 5 من وكلاء الادارات التعليمية السبع، بعد انتهاء مدة تكليفهم، وكلف 5 زملاء جدد مع الإبقاء علي وكيلين من الحرس القديم، فقد شمل القرار الإبقاء علي كلا من عماد فكري وكيل إدارة طامية مع نقله إلي إدارة غرب الفيوم التعليمية، والإبقاء علي خالد سيد خالد وكيل إدارة إطسا التعليمية، مع نقله إلي ادارة طامية التعليمية.

 كما تم تكليف كل من ايرين يحيي وميلا لإدارة شرق الفيوم التعليمية، وعبدالحليم المالكي وكيلا لإدارة يوسف الصديق، ورمضان متولي وكيلا لإدارة  أبشواي، وسامية عبدالتواب وكيلا لادارة سنورس.


تفاصيل حركة تنقلات مديري الإدارات التعليمية


جدير بالذكر بأن محافظ الفيوم قد اعتمد حركة تكليفات جديدة لمديري إدارات الفيوم التعليمية، شملت تكليف مروة عبدالعزيز بإدارة غرب الفيوم التعليمية، ومحمد سعد بإدارة شرق، وعصام نعيمي بإدارة يوسف الصديق، ومحمد عبد القوي  مديرا لإدارة ابشواي التعليمية، محمد البطران مديرا لإدارة طامية، كما تم تكليف أحمد رياض سيف النصر بإدارة اطسا، ومصطفي مبارك بإدارة سنو س التعليمية.



رحلة مسابقة القيادات بين لجنة الفتوي ومحافظة الفيوم


يذكر أن وكيل وزارة التربية والتعليم السابق الدكتورة اماني قرني كانت قد أعلنت عن مسابقة بين العاملين بالتربية والتعليم لشغل وظيفة مدير إدارة  تعليمية، في شهر يونيو 2024، طبقا لقانون التعليم رقم 155 لسنة 2007، ويعد أن تم تشكيل لجنة القيادة حسب نص القانون، عقدت اللجنة عدة لقاءات للاختيار من بين المتقدمين الذين بلغ عددهم 64 متقدم.


حيث توالت الشكاوي لدي الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، تشكك في نزاهة المسابقة وعدم مطابقتها لنص قانون التعليم، فأحالها الي لجنة الفتوي بوزارة التربية والتعليم التي أقرت صحتها، ثم أحالت وكيل الوزارة الخالي الدكتور خالد قبيصي نفس المسابقة للجنة الفتوة للمرة الثانية لاستطلاع الرأي حول المتقدمين الذين تنتهي مدة خدمتهم 2025 بسبب الإحالة للمعاش، وتمت الموافقة عليها خلال الأسبوع الماضي.

ومع انتهاء التكليفات المؤقتة بتاريخ اليوم الخميس 28 فبراير أعلنت المديرية التكليفات السابقة.

مقالات مشابهة

  • خبيرة تركية تحذر من تبييض الأسنان
  • شفق نيوز تفكك أزمات ثالث أفقر محافظات العراق
  • أستبعاد 5 وكلاء إدارات تعليمية بالفيوم وتكليف وجوه جديدة
  • البعثة الأممية: تيته بحثت مع السفير الإيطالي إمكانات ليبيا الكبيرة لتحقيق الازدهار
  • يجمعنا مكان وتفرقنا أمكنة
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي حريص على التواصل مع كافة الأطراف الليبية لحل المشكلات
  • اللافي: المرحلة التي تمر بها ليبيا تتطلب رجالاً لا تهزهم العواصف
  • «هدية» يبحث مع سفير روسيا دور البعثة الأممية في إنهاء الأزمة الليبية
  • تيته تبحث مع السفير البريطاني دور المجتمع الدولي في ليبيا
  • مصطفى بكري: الأزمة الفلسطينية تواجه 3 أزمات