أكَّد الدكتور نظير محمد عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- خلال كلمة فضيلته في ندوة دَور العقل في فهم صحيح الدين بجامعة قناة السويس، أن العقل في الإسلام لا يُعد مجرد أداة تفكير، بل هو الركيزة الأساسية لفهم صحيح الدين، وأن التكامل بين العقل والوحي هو السبيل الأوحد لِفَهم جوهر الإسلام بعيدًا عن التعصُّب أو التحريف.

مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بليبيا مفتي الجمهورية: اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها

وبيَّن المفتي على أنَّ العقل هو مناط التكليف وسبب الثواب والعقاب في الشريعة الإسلامية، موضحًا أن القرآن الكريم قد أَولى العقل مكانةً سامية في أكثر من موضع، حيث قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 9]، مؤكِّدًا أن العلم والفهم الصحيح لا يتأتى إلا من خلال توظيف العقل في قراءة النصوص الدينية والتأمل في معانيها، وقد تناولت الآياتُ القرآنية العقلَ في العديد من المواضع تصريحًا وتلميحًا، حيث وردت دعوات متعددة للمسلمين للاستخدام الأمثل للعقل كأداة لفهم الوحي، وتحقيق الأهداف التي أرسل من أجلها، كقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، في دعوة صريحة لاستخدام العقل في التأمُّل والتدبُّر؛ مما يعزز دَور العقل في بناء الوعي الديني الصحيح.

 

وأوضح المفتي أنَّ العقل في الإسلام ليس مجرد أداة إدراك، بل هو الوسيلة التي يُمكن من خلالها أن يصل الإنسان إلى معرفة معاني الوحي، مؤكِّدًا أن العقل الذي لا يُنير بنور الوحي يصبح كالنور الذي غطته السحب، في إشارة إلى ضرورة أن يتكامل العقل مع الوحي لتحقيق الفهم الأسمى للدين.

 

وأشار المفتي إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مقاصد عظيمة، منها: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، حيث ترتبط هذه المقاصد بشكل وثيق بالعقل، فالعقل هو الذي يحمي الدين من التحريف، وهو الذي يحقق العدالة بين الناس، وهو الذي يحفظ كرامة الإنسان في الحياة الدنيا ويضمن له فلاحه في الآخرة. وأوضح أن العقل الذي يَعي تمامًا مقاصد الشريعة هو القادر على حماية هذه المقاصد وصيانتها.

 

وفي كلمته، أكَّد مفتي الجمهورية أن الإسلام دعا العقل البشري إلى التأمل في الكون وأسراره، فالله تعالى يقول في سورة الذاريات: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، مُبيِّنًا أن الإسلام لم يُنزل الوحي ليُقيد العقل أو يُحجمه، بل جاء ليُحفز العقل إلى البحث والاستفهام والتفكير في الحقائق الكبرى للوجود.

 

كما شدَّد فضيلته على أن العقل ينبغي أن يكون مرشدًا للمسلم في مواجهة التحديات المعاصرة، وهو الذي يمكنه أن يُوازن بين النصوص الشرعية ومتغيرات العصر، بما يضمن استمرار تطبيق الشريعة في سياقات معاصرة دون أن تبتعد عن جوهرها. وقال: العقل الذي يستند إلى الوحي هو الذي يستطيع أن يواكب تطورات الحياة، دون أن يتأثر بالتحريفات التي قد تحدث في فهم الدين.

 

وفي ختام الندوة، دعا فضيلةُ المفتي الحضورَ إلى ضرورة أن يتمتَّع العقل المسلم بالقدرة على التمييز بين الحق والباطل، مشيرًا إلى أن العقل الذي يُنير بنور الوحي هو الذي يبني الأمم ويعزز قيم الإنسانية، كما أكد أن العلماء والمفكرين في الأمة الإسلامية يجب أن يكونوا حراسًا على هذه الحقيقة.

تأتي هذه الندوة في إطار الجهود المثمرة لدار الإفتاء المصرية في الجامعات والمؤسسات التربوية لنشر الفهم الصحيح للدين وتعزيز الوعي الوسطي بين الشباب.

كان في استقبال فضيلته فورَ وصوله، سعادة الأستاذ الدكتور ناصر سعيد مندور، رئيس الجامعة، ولفيف كبير من السادة النواب، والأساتذة، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة. وفي لفتة تقدير وعرفان قدَّم رئيسُ الجامعة درعَ التكريم لفضيلة مفتي الجمهورية؛ تقديرًا لدَوره الرائد في نشر الوعي الديني الوسطي ودعم مسيرة البناء الفكري المستنير بين الشباب، مؤكدًا ضرورة استمرار التعاون بين جامعة قناة السويس ودار الإفتاء المصرية لعقد المزيد من الفعاليات التوعوية الهادفة.

وبعد الانتهاء من الندوة توجَّه فضيلةُ المفتي في إطار جهود فضيلته العلمية والدعوية لمناقشة رسالة ماجستير بمعهد الدراسات الأفروآسيوية بالجامعة حول "جهود الأزهر الشريف المجتمعية بين المصريين في فض المنازعات والخصومات الأهلية"، تناولت  الدَّور الرائد للأزهر الشريف في معالجة قضايا المجتمع المصري، وجهوده في تسوية النزاعات والخصومات الأهلية، إلى جانب دَوره الريادي في نشر قِيَم التسامح وصحيح الدين، وتعزيز الاستقرار المجتمعي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية مفتي العقل الإسلام مفتی الجمهوریة العقل الذی العقل فی أن العقل هو الذی الذی ی

إقرأ أيضاً:

رؤية مستقبلية عن تأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام

آخر تحديث: 3 فبراير 2025 - 9:52 ص بقلم:د.عبدالرزاق محمد الدليمي يُنتظر أن يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا عميقًا في وسائل الإعلام عبر تحسين إنتاج المحتوى، تخصيصه، وزيادة التفاعل مع الجمهور. ومع ذلك، فإن هذه التطورات سترافقها تحديات كبيرة تتعلق بالأخلاقيات، وحماية الخصوصية، وضمان الحقيقة والشفافية في الإعلام. من المهم أن يتم تبني الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام بشكل مدروس ومتوازن، بحيث يتم استغلال مزاياه مع الحرص على تعزيز مصداقية الإعلام واستقلاليته. ان تأثير الذكاء الاصطناعي (AI) على مستقبل الإعلام الرقمي، و كيفية تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وكيفية تأثيرها على صناعة الإعلام تذهب أيضًا بأتجاه الفوائد والتحديات التي يواجهها العاملون في وسائل الإعلام بسبب استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. أن تكنولوجيا المعلومات تساهم في تشكيل بيئة رقمية جديدة، حيث تبرز تطبيقات تعتمد على تكنلوجيا متطورة جدا مما يؤدي إلى ظهور مفاهيم وقيم جديدة في الإعلام. في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة، لذلك فأن توظيف استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام يفتح افاق من التطورات المهمة التي تسهم في تحسين جودة المحتوى وتبسيط العمليات الإنتاجية. إلا أن هذه التقنيات تثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات العامة واندماج الإعلام الإبداعي.أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تؤدي دورًا حاسمًا في تطوير صناعة الإعلام، وتحسين جودة المحتوى وسرعة إنتاجه. ومع ذلك، سيكون العنصر البشري هو المحرك الأساسي لهذه التقنيات، مع ضرورة وضع مواثيق أخلاقية جديدة تضمن توازن الإنسان والآلة في عملية الإنتاج الإعلامي. لذلك من الضرورة اهتمام الاعلاميين والمهنيين في مجال صناعة الإعلام واستيعابهم لتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى وتبسيط العمليات الإنتاجية.أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) من العوامل الأساسية التي تُعيد تشكيل العديد من الصناعات، ووسائل الإعلام ليست استثناءً. مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تشهد وسائل الإعلام تحولًا جذريًا في كيفية إنتاج وتوزيع واستهلاك الأخبار والمحتوى الإعلامي. يمكننا تصور عدة تأثيرات رئيسية لهذا التحول: 1. إنتاج المحتوى بشكل أسرع وأكثر دقة • التوليد التلقائي للمحتوى: الذكاء الاصطناعي يمكنه تسريع عملية كتابة الأخبار وتقارير الأحداث العاجلة، مثل الرياضة أو التقارير المالية. يمكن للأدوات مثل نظام التعلم الآلي تحليل البيانات وتوليد تقارير مختصرة بشكل فوري. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي كتابة تقارير اقتصادية بناءً على أرقام الأرباح أو حتى تحديث الأخبار في الوقت الفعلي. • الصحافة التنبؤية: مع القدرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم تحليلات مستقبلية أو توقعات بناءً على الأنماط التاريخية. هذا سيساعد الصحفيين في توفير محتوى أكثر استباقية، مثل التنبؤ بنتائج الانتخابات أو استراتيجيات الأعمال المستقبلية. 2. التخصيص العميق للمحتوى • التوصية الشخصية: منصات الإعلام ستستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى مُخصص لكل مستخدم بناءً على اهتماماته وسلوكياته السابقة. هذا سيشمل النصوص، الفيديوهات، والبودكاست. مع تطور خوارزميات التوصية، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم تجربة مستخدم فريدة تمامًا، مما يزيد من التفاعل والمشاركة. • الصحافة الموجهة للخصائص الفردية: بدلاً من الاعتماد على النشرات الإخبارية العامة، ستتمكن المؤسسات الإعلامية من تقديم أخبار موجهة تمامًا للأفراد استنادًا إلى اهتماماتهم وسلوكياتهم الإعلامية. 3. تحسين الإنتاج الإعلامي وخلق المحتوى البصري • إنشاء الفيديو التلقائي: الذكاء الاصطناعي سيستطيع إنشاء محتوى فيديو باستخدام أدوات مثل Deepfake، مما يتيح إمكانية إنتاج مقاطع الفيديو بسرعة وبتكلفة أقل. قد يُستخدم في إنتاج محتوى إعلامي موجه للأخبار، أو حتى في الإعلانات التفاعلية. • التحسين البصري: الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين الصور والفيديوهات بشكل تلقائي عبر خوارزميات تعديل الصور، مثل إزالة الضوضاء، تحسين الألوان، أو حتى إضافة مؤثرات بصرية مبتكرة. 4. التحقق من المعلومات ومكافحة الأخبار المزيفة • التحقق التلقائي من الحقائق: تقنيات الذكاء الاصطناعي ستكون أساسية في مكافحة الأخبار المزيفة (Fake News). من خلال أدوات مثل خوارزميات التحقق من المعلومات، يمكن التحقق من صحة الأخبار والمعلومات المتداولة عبر الإنترنت بشكل أسرع وأكثر دقة. ستتمكن أنظمة الذكاء الاصطناعي من مقارنة الأخبار مع مصادر أخرى موثوقة والكشف عن المعلومات غير الصحيحة أو المضللة. • كشف الصور والفيديوهات المفبركة: الذكاء الاصطناعي سيمكن وسائل الإعلام من الكشف عن التلاعب بالصور والفيديوهات بسهولة، مما يعزز مصداقية الأخبار ويساعد في بناء ثقة أكبر مع الجمهور. 5. تحسين تجربة الجمهور ووسائل التواصل الاجتماعي • الردود التلقائية والبوتات الإعلامية: سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير بوتات قادرة على التفاعل مع الجمهور مباشرة، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أو في تطبيقات الأخبار. هذه البوتات يمكنها تقديم تحديثات فورية، الرد على الأسئلة، أو حتى إنشاء محتوى تفاعلي. • تحليل التفاعل والمشاركة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كيفية تفاعل الجمهور مع المحتوى الإعلامي، بما في ذلك تحديد المواضيع الأكثر جذبًا. هذه التحليلات يمكن أن تساعد المؤسسات الإعلامية على تحسين استراتيجيات المحتوى بشكل مستمر وتحديد الاتجاهات المستقبلية. 6. مستقبل الصحافة الاستقصائية • الأدوات المساعدة للصحافة الاستقصائية: من خلال الذكاء الاصطناعي، يمكن للصحفيين الاستفادة من أدوات التحليل الضخم للبيانات (Data Mining) لاكتشاف الأنماط المخفية أو المعلومات المفقودة في كميات ضخمة من البيانات. ستساعد هذه الأدوات في إتمام الصحافة الاستقصائية بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يساهم في الكشف عن قضايا كبيرة. • البحث الآلي عن الأدلة: يمكن للذكاء الاصطناعي البحث في سجلات البيانات الضخمة، التقارير الحكومية، أو حتى سجلات الشبكات الاجتماعية لاستخراج معلومات قد تكون مفيدة في التحقيقات الصحفية. 7. إنتاج المحتوى الصوتي والتفاعل مع الجمهور • البرامج الصوتية التلقائية: يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا إنتاج بودكاستات تلقائية بناءً على موضوعات معينة، مع إمكانية التفاعل مع الجمهور من خلال صوت اصطناعي يمتاز بالطبيعية والمرونة. • التفاعل الصوتي: عبر تقنيات مثل المساعدين الصوتيين، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز التفاعل بين الجمهور ووسائل الإعلام بطريقة جديدة، حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مع الأخبار عبر الصوت، والحصول على ملخصات دقيقة للأحداث المهمة. 8. التحديات والآثار الأخلاقية • الرقابة والتلاعب: مع زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، تبرز مخاوف من استخدام التقنيات للتلاعب بالمعلومات أو نشر رسائل مغلوطة عن عمد. سيكون من المهم وضع أطر قانونية وأخلاقية لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل شفاف ومسؤول. • فقدان الوظائف البشرية: قد تؤدي الأتمتة واستخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى إلى تقليص دور الصحفيين التقليديين في بعض المجالات، مما يثير مخاوف حول الوظائف في صناعة الإعلام.

مقالات مشابهة

  • لوموند: ترامب يثير صدمة عامة بحديثه عن السيطرة الأمريكية على غزة في تجاهل للتاريخ والواقع
  • وفاة نجل كمال الدين حسين نائب رئيس الجمهورية الأسبق.. والعزاء ببنها
  • معدة كتاب «الأطفال يسألون الإمام» لـ"البوابة نيوز": شيخ الأزهر أوضح مفهوم حقوق الإنسان الصحيح فى الإسلام
  • وفاة نجل كمال الدين حسين نائب رئيس الجمهورية الأسبق.. العزاء والجنازة ببنها 
  • أحمد بن سعيد: الشراكات العالمية ركيزة أساسية لتطوير القطاع الصحي
  • "صالون صفصافة الثقافي" يستضيف نقاشًا حول تاريخ التفاعل الأدبي العربي الأوكراني
  • بعد مقتل موميكا.. السجن لمتورط في حرق المصحف بالسويد
  • تنظيم الاتصالات: لا إلغاء للضرائب على الهواتف المستوردة
  • رؤية مستقبلية عن تأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام
  • تشييع نصر الله وصفي الدين في مدينة كميل شمعون الرياضية