عدنان الشامي

تتسارع الأحداث في المنطقة، لتتجلى معها حقيقة صراع قيمي يتجاوز الحدود، وفي هذا الإطار، يأتي الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على العدوّ الإسرائيلي كتحَرّك إيماني أصيل ونصرةً لقضية الأُمَّــة المركزية. هذا التحَرّك، الذي يختزل موقفًا نابعًا من عمق الإيمان بالمبادئ وارتباطا لا ينفصم بقضايا الشرف، يستدعي تحليل أبعاده وتداعياته في ضوء التطورات الراهنة.

القرار اليمني بفرض الحصار على السفن التابعة أَو المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي ليس إلا إعلانا عن توجّـه إنساني ومبدئي يتجاوز الحواجز التقليدية، مبرزًا اليمن كصوت صارخ بالحق في قلب هذا الصراع المحتدم، وبل يتوجّـه برسالة تحذيرية إلى كافة القوى الإقليمية والعالمية. هي دعوة للانضمام إلى معركة أوسع ضد الظلم والاحتلال، دعوة تتجاوز المحاور التقليدية وتكشف هشاشة التحالفات القائمة. هذه الرسالة اليمنية، التي تتجاوز البحار، تضع دولًا كثيرة أمام استحقاق أخلاقي ومبدئي: إما أن تظل صامتة في ظل ممارسات الاحتلال، أَو أن تتحَرّك بدور فاعل في دعم القضية الفلسطينية. كي تتخذ مواقف فعلية تترجم على أرض الواقع، عبر الانخراط في معركة استراتيجية قائمة على الضغط السياسي والاقتصادي، بدلاً من الاكتفاء بالشعارات.

يمثل الحصار اليمني على السفن الإسرائيلية عنصرًا من حرب هجينة تستهدف شل حركة الاقتصاد البحري على العدوّ الإسرائيلي. وتعطيل قدراته على الاستيراد والتصدير. ومنذ عام كامل، أعلن العدوّ خسائره المتراكمة جراء هذا الحصار، حَيثُ تعرضت السفن المرتبطة بإسرائيل للاستهداف المتكرّر، وأصبحت عاجزة عن التحايل أَو التخفي تحت أسماء شركات أُخرى. فقد باتت القوات البحرية اليمنية تمتلك قدرات متقدمة لملاحقة هذه السفن وكشف هويتها مهما حاولت التنكر أَو التخفي، بل حتى لو كانت مغمورة تحت البحار. هذا التفوق الاستخباراتي واللوجستي يضاعف من الخسائر ويصعّب على العدوّ تأمين وارداته الحصار بهذا الأُسلُـوب يعكس استخداما بارعًا لأدوات متداخلة تهدف إلى إضعاف العدوّ دون الدخول في مواجهات مباشرة.

وبفضل هذا الحصار، تعرض العدوّ الإسرائيلي لخسائر متصاعدة منذ عام كامل. السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني مُنعت من عبور البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي وحتى سيكون في البحر المتوسط، وأصبحت تواجه خطر الاستهداف المُستمرّ أينما وُجدت في مياه المنطقة. غير قادرة على التحَرّك بحرية، فكل مياه البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي أصبحت مناطق ملغومة بالنيران اليمنية. هذا التقييد فرض ضغوطًا خانقة على إسرائيل، مما دفع شركات الشحن البحري إلى إعادة حساباتها، خشية المخاطرة بنقل بضائع عبر هذه المسارات الحيوية، ورفع كلفة تأمين وارداتها عبر البحار، ما يعزز الضغط على الكيان ويجعله عرضةً لخسائر فادحة متزايدة مع مرور الوقت.

استراتيجيًا، وضع اليمن بخطواته هذه حدًا لمغامرات العدوّ في البحر الأحمر وباب المندب، حَيثُ أغلق القائد القرآني هذه الممرات أمامهم وأشعل البحار بنيران الثورة والعدالة، ليمنعهم حتى من العبور بسلام. لم تكن هذه الخطوات متوقعة من طرف العدوّ، الذي فوجئ بالقدرة اليمنية على قلب موازين القوى والتحكم بمفاصل التجارة الدولية في تلك المناطق الاستر

يمثّل هذا الحصار خطوة استراتيجية لا تقتصر على الأبعاد العسكرية والاقتصادية، بل تهدف إلى إعادة تشكيل التحالفات في المنطقة. الرسالة التي ينقلها اليمن بهذا الحصار تُدرك جيِّدًا حجم تأثيرها على الرأي العام العربي والإسلامي، مشجعةً على تعزيز موجة تضامن بين مختلف القوى المعادية للاحتلال.

وعلى المستوى الاقتصادي، فإن الحصار يعزز من ضغوطه على الاقتصاد الإسرائيلي. شركات الشحن بدأت تفكر ألف مرة قبل المخاطرة في إرسال بضائع عبر البحر الأحمر، خشية من الخسائر المتزايدة. هذا الحصار بدأ يؤثر بشكل ملموس على الحركة التجارية الإسرائيلية، مما يجبرها على التراجع في استراتيجياتها البحرية. اقتصاد إسرائيل، الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة.

أما سياسيًّا، فإن هذا الحصار الذي تفرضه القوات اليمنية يضع إسرائيل في وضع محرج أمام العالم. إنها المرة الأولى التي تجد فيها إسرائيل نفسها محاصرة ليس فقط بالقوة العسكرية المباشرة، بل بأُسلُـوب مبتكر يعزلها عن طرقها الحيوية.

إن هذا الحصار يأتي استباقيًا قبل أن تتصاعد المواجهات الكبرى في المنطقة، ليضعف العدوّ في مراحل مبكرة ويعكس إرادَة قوية لتحدي هيمنة إسرائيل. فما كان للنظام الصهيوني أن يتوقع أن يأتي الهجوم عليه من مياه البحر، حَيثُ تحكم القوات اليمنية قبضتها على نقاط كانت تعتبرها مناطق مناعة استراتيجية. بهذا الأُسلُـوب، يعيد اليمن تعريف مفهوم الصراع في المنطقة، ويكسر هيمنة الاحتلال الإسرائيلي على مفاصل الاقتصاد الدولي، وستجبره على الخضوع.

ختامًا: اليمن يقود ثورة جديدة في قلب الصراع العربي الإسرائيلي.

ما يقوم به اليمن اليوم ليس مُجَـرّد عمل عسكري، بل هو إرادَة أُمَّـة قرّرت أن معركتها ضد إسرائيل ليست تقليدية. إنها معركة الحق في مواجهة الباطل، معركة الحرية في وجه الهيمنة، معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.

الحصار البحري الذي يفرضه اليمن ليس مُجَـرّد إجراء عسكري، بل رسالة قوية للعالم: أن الحق لا يُنتزع إلا بالإرادَة الثابتة والعزيمة الصادقة. إنها رسالة تثبت أن إرادَة الشعوب الحُرة تستطيع كسر طغيان المستبدين وتغيير موازين القوى لصالح العدالة والحرية وتضع العدوّ الإسرائيلي أمام خيارين لا ثالث لهما: الموت أَو العودة إلى مواطنه الأصلية.

إنها لحظة تاريخية تنطلق من اليمن لتضع إسرائيل أمام تحديات جديدة، تقرب الأُمَّــة من الحلم بتحقيق الحرية والاستقلال الكامل لأرض فلسطين ولكل المنطقة العربية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: البحر الأحمر هذا الحصار فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

ماليكي يقود دفاع البطائح أمام عجمان

 
علي معالي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة ميلوش يسعى لإنقاذ «الفرصة الأخيرة» للوصل أمام شباب الأهلي حاكم أم القيوين يستقبل المعزين في وفاة الشيخة حصة بنت حميد الشامسي


يفتقد البطائح جهود المدافع ديني بورخيس للإيقاف، بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثالثة، في مباراة فريقه أمام النصر، ضمن «الجولة 18»، والتي انتهت لمصلحة «الراقي» بهدف، وجعلت الفريق يسير في طريقه نحو الأمان النسبي بالبقاء في دوري أدنوك للمحترفين.
ويعتبر غياب بورخيس لاعب الرأس الأخضر مؤثراً في دفاع البطائح قبل مباراة السبت المقبل أمام عجمان في «الجولة 20» على استاد خالد بن محمد بالشارقة، ويبحث فيها فرهاد مجيدي مدرب الفريق عن الانتصار على «البرتقالي»، حتى يقفز «الراقي» إلى «النقطة 22»، ليبتعد خطوة أخرى مهمة عن منطقة الخطر.
ومن المنتظر في ظل غياب بورخيس أن يحل بدلاً منه لاعب الوسط الإيفواري أورليش ماليكي، حيث استفاد به أكثر من مدرب قبل قدوم مجيدي لمهمة تدريب البطائح، ولدى ماليكي قدرات دفاعية جيدة تجعله يقدم مستوى متميزاً في مركز قلب الدفاع، خاصة أنه في حال عودته للدفاع تاركاً الوسط، هناك أكثر من لاعب يمكنه القيام بدوره، ومنهم عزيز جانييف.
عبّر حمدان الشامسي، مدير الكرة بنادي البطائح عن تفاؤله بالفترة المقبلة، مؤكداً قدرات لاعبيه العالية، بعد العطاء المتميز، خلال المباريات الأربع التي خاضها «الراقي» مؤخراً، مشيداً في الوقت نفسه بالدعم القوي من إدارة النادي للجهازين الفني والإداري بالفريق، واللاعبين أيضاً.
قال حمدان الشامسي: «مباراة النصر الأخيرة، وحصد 3 نقاط على ملعب المنافس دافع كبير لنا قبل مواجهة عجمان، وأمام «العميد» كانت الأخطاء قليلة، ونجحنا في خطف فوز مهم في توقيت صعب، خاصة أن النصر هو الآخر عندما حقق الفوز في ملعبنا بالدور الأول، حدث ذلك في الدقيقة 97، والنتيجة، وقتها تشير إلى التعادل 3-3، لكنه خطف هدفاً في الوقت القاتل، وبالتالي، فإن فوزنا الأخير بهدف محمد جمعة، بمثابة رد اعتبار لفريقنا».
وكان الفريق حصل على راحة أول أيام عيد الفطر، ثم انتظم في تدريبات مكثفة في اليوم التالي، بوجود جميع اللاعبين، أملاً في الخروج بنتيجة إيجابية أمام عجمان، وقوة البطائح الهجومية الضاربة حاضرة بأكثر من لاعب يملك قدرات خاصة، ومنهم أناتولي أبانج، وبيليه وألفارو دي أوليفيرا.

مقالات مشابهة

  • مصر تتجه لإبرام صفقة عسكرية كبرى في سلاح استراتيجي وسط توتر متزايد مع إسرائيل
  • للمرة الثالثة.. القوات المسلحة اليمنية تستهدف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان
  • حيازة السلاح النووي: خيار استراتيجي أم تعبير عن الخوف؟
  • آل هورفورد يقود سلتيكس لفوزه التاسع تواليا بدوري السلة
  • ماليكي يقود دفاع البطائح أمام عجمان
  • اشتباكات عنيفة بين قوات الحكومة اليمنية والحوثيين جنوب اليمن
  • الجالية اليمنية في برلين تندد بالعدوان الأمريكي على اليمن
  • وقفة احتجاجية للجالية اليمنية أمام السفارة الأمريكية في برلين
  • أستاذ علاقات دولية: الدور المصري حجر عثرة أمام مخططات إسرائيل في المنطقة
  • حماس: المقاومة وسلاحها مسألة وجودية.. ونتنياهو يقود المنطقة للدمار